أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماهو مصدر الاخلاق؟














المزيد.....

ماهو مصدر الاخلاق؟


بسام البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 00:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما الذي يحفز الإنسان لفعل الخير وتجنب الشر إذا كان لايعتقد بوجود حياة أبدية خالدة يطمع بها بعد الموت؟ ما الذي يمنع الإنسان من اغتصاب أمهُ أو أختهُ و أبنته إذا كان لايؤمن بأن فعل هذا من المحرمات الدينية التي ستقذفهُ في نار السعير الابدي؟ ما الذي يجعل الإنسان أميناً في عملهُ لايرتشي ولايسرق ولايستغل موقعهُ الوظيفي لمصالحهِ الخاصة؟ اليست هي الاديان من جائت بمبادئ الأخلاق وعلمتنا أن لانزني ولانسرق ولانكذب ولانرتشي؟ اليس الله هو المصدر الاول والاخير للأخلاق والعدل والمساواة؟ ومن دون الله فأن الإنسان يعيش في غابة بلاقانون يأكل كبيرها فيها صغيرها؟

السؤآل الأول الذي يجب أن نجد إجابة عليه هو, ماهي الأخلاق وماهو مصدرها؟ إذا كانت الأخلاق مصدرها الله والأديان, فأن معنى أن علينا إعادة بناء مفهومنا للأخلاق و كل القيم الإنسانية. لكن, هل حقيقة أن الإنسان المؤمن بالله هو ذو خلق رفيع أكثر من الإنسان الذي يؤمن بإله آخر أو لايؤمن بأي إله؟ هل الإنسان المؤمن بدين معين هو إنسان خلوق أكثر من الإنسان في أي دين آخر أو ممن بلادين في أي مكان في العالم؟ نظرة بسيطة للعالم من حولنا تجعلنا ندرك الإجابة الواضحة عن هذا التساؤل. معرفتنا بحجم التدهور الاجتماعي والاقتصادي والاخلاقي في المجتمعات التي تعاني من ظاهرة التدين وحجم التطور الانساني في المجتمعات التي شفيت من هستريا التدين تجعلنا ندرك بوضوح بأن التدين أو عدم التدين لاعلاقة مباشرة لهُ بالأخلاق التي يتحلى بها الإنسان. بل أن التدين قد يؤدي لأنهيار المنظومة الاخلاقية للمجتمعات المتدينة لأنهُ يربطها بحقبة زمنية محددة تجعل من الأخلاق بضاعة فاسدة لاتصلح الا للتظاهر بها فقط.

لكن إذا لم تكن للأخلاق علاقة بالدين أو الله او الكتب المقدسة, فماهو مصدر الأخلاق وماهو تعريفنا للأخلاق أساساً؟ هل أهتمام الغوريلا بطفلها الرضيع يعتبر من الأخلاق (الحيوانية) القويمة وهل دفاع أنثى الطيور عن أعشاشها يعتبر خلقاً رفيعاً كذلك؟ في تجربة فكرية بسيطة نستطيع أن نحصل على الإجابة الصحيحة. لنفترض أن أنثى الطيور لم تهتم بعشها ماذا سيحدث؟ لن تفقس بيوضها أبداً, وبهذه الطريقة سينتهي ويموت هذا النوع من الطيور ولن يبقى سوى تلك الانواع التي تدافع عن أعشاشها بأستماته وكأنها تدافع عن نفسها. الآن لنعيد تطبيق المثال أعلاه على المجتمعات الإنسانية. ماذا سيحدث لو بدأنا بقتل وسرقة وأغتصاب بعضنا البعض؟ هل بالإمكان لمجتمع أن يعيش ويستمر بمثل هذه الفوضى والعنف؟ هل كان لهُ أن يكون مجتمعاً بالاساس؟ اليس المجتمع شكل من أشكال العائلة الصغيرة والتي توسعت بمرور الزمن؟ وهل يمكن أن تقوم أي عائلة إذا كان أفرادها لايمتلكون أي شكل من أشكال النظام الاساسي للتكاتف والذي يحفظ بقائهم وبقاء العائلة والمجتمع الموجودة فيه؟

في الطبيعة كانت ولازالت هناك حالات أدت وقد تؤدي فعلاً لأنقراض أجناس متعددة عندما بدأت هذه الاجناس ولأسباب مختلفة بالتصرف بطريقة تجعلها تقضي على جنسها (أنتحار الحيتان أو صنع الإنسان للقنبلة النووية على سبيل المثال). هذه التصرفات المضرة والتي نستطيع أن نصفها بأنعدام الاخلاق هي نفس الاسباب التي تتسبب في أنهيار مجتمعات كاملة اليوم مثل المجتمعات العربية على سبيل المثال لا الحصر.

في الشرق الاوسط وبعد أن أعتنق المجتمع فكرة أن الجنس هو مقياس الاخلاق, تكثفت هذه الفكرة على مر الاجيال فأزداد مستوى الانحلال الاخلاقي الذي تعاني منهُ المجتمعات على كافة الاصعدة. فاصبح الكذب والسخرية والعنصرية واللامساواة والرشوة والاحتقار للآخرين من السمات الملازمة للمجتمع في الشرق الاوسط. مجرد الابتعاد عن الهدف الاساسي من نشوء الاخلاق وهو الحفاظ على النوع يؤدي الى أنهيار وخراب المجتمع أخلاقياً والذي بدوره يؤدي لأنهياره على كافة المستويات الاخرى , وهذا بالضبط مايحدث في الشرق الاوسط اليوم وهذا هو سر الإبادة التي تعانيها شعوب مثل العراق و سوريا.

يتضح من أعلاه أن منشأ الاخلاق هو منشأ طبيعي بحت هدفهُ الحفاظ على النوع وأستمرار بقاء الفرد وتحقيق فائدة شخصية غير مباشرة من خلال الفائدة العامة المباشرة. أما وجود نصائح أخلاقية في الاديان التي ظهرت على مر العصور من عمر البشرية فهذا لا يعني أن الاديان مصدر الاخلاق. ولايعني بأن البشرية عاشت في فوضى عارمة حتى ظهور الاديان. بل نشوء الأديان جاء في مجتمعات وصلت مرحلة من النظام الداخلي وأحتاجت الى بوصلة تنظم هذه المسيرة الأخلاقية فتم أختراع الدين لتثبيت الاتجاه الاجتماعي فيها بكونهُ أتجاه مقدس.

أخيراً فأن السؤآل الذي يطرح نفسهُ وبشدة هو, ماهو مستوى الإنسان الاخلاقي الذي يحتاج لدين كامل يأتيه من السماء كي يعرف بأن أغتصاب طفلة عمرها تسعة سنين هو تصرف غير أخلاقي؟ إذا كنا نحتاج لكتاب وآلهة وأنبياء كي يشرحوا لنا بأن ممارسة جنس المحارم والسبي نساء البلدان المجاورة وغزوهم واستعبادهم وقتل الإنسان هو شئ خاطئ فنحن بكل بساطة كائنات أي أخلاق, بل ماسوى وحوش بشرية نعتقد أن الدين هو المانع الوحيد الذي يمنعنا من ممارسة رذائلنا التي تراودنا في خيالاتنا. وإذا كان هذا الوحش موجوداً داخل أي إنسان فلن ينفع لا الدين ولا القوانين بالقضاء عليه, والشرق الاوسط خير مثال على ذلك.



#بسام_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نعرف بأن الله غير موجود؟
- أعظم أسرار الدول العظمى وكيف تبنى هذه الدول
- ماهو سر أرتفاع نسبة الانتحار بين الملحدين؟
- جميعنا ملحدين... جميعنا مؤمنين
- ماهو الفرق بين الإخوان في مصر والقاعدة في العراق؟
- هل ترى عقلك أيها الملحد؟
- محاكمة الله بتهمة الاساءة للأديان
- هكذا مات الله
- الدليل ليس عداء للأديان بل أحتراماً للإنسان
- ليسقط الله و ليحيا الإنسان
- ماهي الغاية من وجود الله؟
- سقوط الدكتاتوريات وسطوع نجم الله
- الله يسكن في السماء أما الإنسان فيسكن حيث يريد
- نهاية بشار الاسد وتحرير سوريا
- المجاز طوق نجاة المؤمن عندما يغرق
- قبلتُ تحدي الله فهل يقبل هو التحدي؟
- الخوف من الموت يجعلنا نؤمن بالله
- لماذا قطعت رأس أمي؟
- هل يستحق الله العبادة؟
- عبثية ميلان كونديرا الرائعة


المزيد.....




- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- عالم أزهري: الجنة ليست حكرا على ديانة أو طائفة..انشغلوا بأنف ...
- يهود متطرفون من الحريديم يرفضون إنهاء إعفائهم من الخدمة العس ...
- الحشاشين والإخوان.. كيف أصبح القتل عقيدة؟
- -أعلام نازية وخطاب معاد لليهود-.. بايدن يوجه اتهامات خطيرة ل ...
- ما هي أبرز الأحداث التي أدت للتوتر في باحات المسجد الأقصى؟
- توماس فريدمان: نتنياهو أسوأ زعيم في التاريخ اليهودي
- مسلسل الست وهيبة.. ضجة في العراق ومطالب بوقفه بسبب-الإساءة ل ...
- إذا كان لطف الله يشمل جميع مخلوقاته.. فأين اللطف بأهل غزة؟ ش ...
- -بيحاولوا يزنقوك بأسئلة جانبية-.. باسم يوسف يتحدث عن تفاصيل ...


المزيد.....

- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد
- التجليات الأخلاقية في الفلسفة الكانطية: الواجب بوصفه قانونا ... / علي أسعد وطفة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بسام البغدادي - ماهو مصدر الاخلاق؟