أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان طالب - الدولة والسلم الأهلي *















المزيد.....

الدولة والسلم الأهلي *


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 18:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدولة بمفهومها السياسي والأمني تعتبر أهم عناصر السلم الأهلي، وبغيابها أو تغيير أولوياتها تتحول لتكون خطر عليه وعنصرا من عناصر تهديده بل ودماره خلال مراحل متلاحقة،
تعريف :
السلم الأهلي هو حالة الوئام والتعايش المدني بين مكونات مجتمع ما تسود من خلاله عوامل التفاهم والتوافق بين الأفراد والمجموعات المتآلفة حول انتماءات متباينة جمعها شعور عام بنبذ العنف وميل مؤطر نحو حل النزاعات سلميا وقلب التنافس والخصام لمشهد من إثراء المجتمع ورفعة أفراده
الوضع السوري المتأزم يهدد السلم الأهلي :
قامت السلطة الحاكمة في سوريا خلال عقود أربع باستبدال مفاهيم الوطن والوطنية والمواطنة بقيم سلبية تمجد الفرد وتختصر الدولة والمجتمع بشخص الزعيم القائد الأبدي الذي تزول الدولة السورية بانتهاء حكمه كما صرح بذلك منذ أيام السيد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري حيث قال بأن سوريا ستزول بزوال حكم الرئيس بشار الأسد وليس ذلك التصريح مجرد كلام ملقى على عواهنه بل هو قناعة راسخة بالصميم في آليات ووسائط عمل الحكومة السورية الحالية وإعلامها الرسمي وشبه الرسمي، وكما يتسق خطاب المنافحين السوريين والإقليميين والعرب عن النظام السوري مع تلك المقولة الرابطة بين نظام حكم قائم وبين دولة تاريخية عريقة قامت قبل وجود النظام بعقود مديدة وأنشأت تجربة ثرية في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع فالدولة السورية برزت إلى الوجود في العقد الثاني من القرن الماضي وتحديدا عام 1919 وفي السابع من آذار 1920، انعقد في سورية المؤتمر السوري العام الذي أعلن استقلال سورية العربية ونادى بفيصل ملكاً عليها، ونصب الأمير فيصل ملكاً على سورية العظمى ولتظهر دولة سورية إلى الوجود بإعلان الملك فيصل دولة سوريا الكبرى وتعينه ملكا عليها وعرفت تلك التجربة السياسية جمعية تأسيسية دستورية وضعت أساسا حداثيا متقدما لمشروع دستور مدني غير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط، ولعل الأخطر من ذلك تحويل الربط بين حاكم ما أو سلطة بعينها وبين الخراب والدمار والفناء، فشعارات مثل الأسد أو لا أحد ، الأسد أو نحرق البلد ، الأسد إلى الأبد، والتي تنتشر في وسط العاصمة دمشق وعلى جدران عريضة في ساحة عرنوس الشهيرة وفي أماكن عدة من شوارع وأحياء دمشق، لا تترك مجالا للشك بإعلاء قيمة سلبية تختصر كينونة ووجود الدولة والشعب بشخص الحاكم وأبدية حكمه ضاربة عرض الحائط بكل معاني ومفاهيم الوطن والوطنية والمواطنة والديمقراطية والسلم الأهلي والتعايش الاجتماعي عرض الحائط . إن هذا المنطق وذلك التفكير يرهق الوطن والمواطن ويؤدي إلى خنق السلم الأهلي وقهر المجتمع المدني وتسعير حس الذاتية وغياب مقولة الشعب في غياهب مقولة القائد الخالد . وعليه فعندما تعلن شعارات الوحدة الوطنية ويمارس اختزال الدولة والشعب في رجل واحد فأنت تهيئ لاختراق السلم الأهلي وإبقاء التماسك الاجتماعي مقرون بوجود القوة السلطوية القاهرة وتصل بعدها لقناعة بأن زوال الشخص يعني زوال الدولة ، هذا المنطق متعارض مع أبسط معاني الوجود الطبيعي للدول والمجتمعات ، حيث هو متسق مع غياب ثقافة التعاون والتآخي والتشارك وبروز ثقافة المجتمع الرعوي المستلب لإرادة وإمكانات المجتمع بشرط تمكن قوة سلطوية قاهرة من الهيمنة الكلية والإحكام المطلق على الأفراد والجماعات.
هذا خطاب تجاوزته الأمم والشعوب منذ قرون عدة ، فهو خطاب رجعي ماضوي مقيت لا يعترف بحضارة ولا بتاريخ بلد عريق امتدت حضارة مدنه لآلاف السنين.
في مفارقة عجيبة تلقي ضوء على ما آل إليه حال سوريا في ظل مقولة الزعيم الخالد أو لا أحد، أجرت محطة تلفزيونية سورية شهيرة بتأييدها المطلق والكلي للنظام تحقيقا ميدانيا في ذكرى الجلاء عن سوريا وكان السؤال من كان يحكم سوريا في أول عيد جلاء : لم يعرف العشرات من السوريين الإجابة الصحيحة وكانت أجوبة الغالبية العظمى مدعاة للضحك ، إنها سياسية اختزال الوطن بعهد أو زعيم، أمام تلك الواقعة يذكر تاريخ سوريا أن أول احتفال بعيد الجلاء كان بتاريخ 17-4-1946 في ساحة المرجة بالعاصمة دمشق، ترأسه الرئيس السوري الراحل شكري القوتلي بحضور زعماء الثورة السورية الكبرى ، ورئيس الوزراء وزير الدفاع المرحوم السيد سعد الله الجابري
أن غياب المجتمع المدني وانسحاب الجماهير من المشاركة السياسية في إطار خطة محكمة هادفة إلى ترسيخ السيطرة الكلية على الدولة والمجتمع، وتركز على إبقاء السلطة الأمينة مرجعية وحيدة للحفاظ على السلم الأهلي فيما من جهة أخرى تأجج الانتماءات الطائفية بفعل تطورات الحرب في سوريا وتداخل الأجندات الإقليمية في أدوات الصراع بين السوريين ، تحقق معادلة إبقاء الاحتقان الأهلي نارا تحت الرماد بالتوازي مع قوة قاهرة مهيمنة على المجتمع .
لقد شهدت المناطق السورية المشتملة على تنوع طائفي خلال الثورة السورية توترات حادة تحولت في عديد المرات إلى مصادمات بين الطوائف السورية وكل ذلك بفعل الصراع الدائر بجنبات التراب السوري واختلاط الأفكار الطائفية بالخيارات الوطنية كما ساهمت السياسات والمخططات السلطوية التي حرضت أبناء الوطن الواحد على بعضهم البعض بتأجيج الدوافع الغير وطنية ، فمن حالات الخطف المتبادل إلى عمليات القتل الطائفي التي حصلت بتدخل من عناصر غير سورية وخاصة تلك التي أتت من لبنان والعراق لنصرة النظام بدوافع مذهبية، كما لا يخلو الأمر من عمليات مشابهة قامت بها عناصر غير منضبطة جاءت أيضا من خارج الحدود السورية للجهاد ونصرة الشعب ولكن بنسب تقل عما اقترفه رجال يمثلون النظام وجماعات تحالفت لنصرته، كل تلك العناصر الداخلية والخارجية تهدد السلم الأهلي وتطيح بالتوافق الوطني السوري، وتزيد من حدة الاحتقان والتوتر المحرض على الاقتتال والثأر والانتقام.
إن التفهم العميق والواقعي لطبيعة الاختلاط الطائفي والمذهبي في محافظات وبلدات سورية يجعلنا ندرك الطرق المثلى للحفاظ على السلم الأهلي ، ولا يكمن الاكتفاء بالحديث عن العموميات أو الشعارات الطنانة ، إذ لا بد من الوقوف على أسباب المشكلة وعلاجها من منظور الوطن للجميع وللجميع حق الاعتراف بوجودهم واحترام معتقداتهم وكذلك حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية وفقا للقوانين والأعراف والتقاليد التي يتوافق عليها السوريون جميعا دون إقصاء أو تمييز. كما ينبغي أن توضع البيانات التي تصدر عن رجال دين وعلماء شريعة موضع التنفيذ وأن تأخذ طريقها في حيز الفعل والتطبيق إذ أن الاكتفاء بعقد المؤتمرات والاجتماعات وإنشاء مجالس للسلم الأهلي وإصدار البيانات والتصريحات لن يكون قادرا على وأد الفتنة ومنع الاحتراب والحفاظ على السلم الأهلي. ما لم تعلو قيم الوطن وتزدهر مفاهيم الرابطة الوطنية والانتماء الوطني، وتوضع موضع التطبيق مصطلحات المواطنة والمساواة والعدالة الانتقالية، وتعمل المؤسسات الحكومية والاقتصادية على إقامة الأمن الاجتماعي لتحصين المواطن وتأمين أمنه وسلمه وحياته الفردية وصيانة ارتباطاته الوجدانية والجغرافية.
* هذا البحث هو استكمال لموضوعنا السابق عن السلم الأهلي والأمن الاجتماعي



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ودور شبكات الأمان
- المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية 5 من 5
- دور المجتمع المدني في الثورة السورية والمرحلة الانتقالية 4 م ...
- سوريا كساحة لتصفية الحسابات وممر للمشاريع السياسية والطائفية ...
- الأفكار الانفصالية وكيفية الحفاظ على وحدة التراب السوري 2 من ...
- عامان على الثورة السورية : مراجعات وعلاجات 1 من 5
- في مفهوم الدولة المدنية بين الإسلام السياسي والعلمانية
- حماية سوريا
- افتقار الخطاب الرسمي السوري للعقلانية
- الثورة تواجه عيوب الديمقراطية
- الطائفية في ميزان العقل الفحص الفلسفي للطائفية
- العدالة الانتقالية خطاب الانتقالية والتحول الديمقراطي *
- مونولوج إيراني روسي ، طهران والحوار الوطني السوري
- فائض القوة والإرهاب الثوري 2 من2
- الجيش الإسلامي الحر في سوريا 1 من 2
- فوق سحابات هاربة
- إشكالية الحرية في ظل الإسلام السياسي 2 من 2
- إشكالية القيم والمفاهيم في ثورات الربيع العربي1 من 2
- الإسلام السياسي والانتقال من المعارضة إلى الحكم
- الثورة السورية والمأزق الأخلاقي


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احسان طالب - الدولة والسلم الأهلي *