أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - الرواية التجريبية ، والخطاب القصصي النسوي ـ أدب نجلا علي نموذجاً















المزيد.....



الرواية التجريبية ، والخطاب القصصي النسوي ـ أدب نجلا علي نموذجاً


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 1167 - 2005 / 4 / 14 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


(نص المحاضرة التي ألقيت في مبنى فرع اتحاد الكتاب العرب في طرطوس بتاريخ السبت 9/4/2005)

القصة فن من فنون الكتابة، و"الفن ـ كما يكتب الأب لونغي منذ عام 1885م ـ هو في جوهره، التعبير الحسي عن الجمال اللامادي، فما أن يغدو الأدب كلاماً أدبياً، وما أن ينبثق من كل الملكات التي تفعل فعلها بصورة متعاضدة، وبانسجام فيما بينها، حتى يكون جميلاً، إما بجمال موضوعه، أو على الأقل بجمال الروح التي يعبر عنها.." ويقول الأب جول فيريست: "إننا نطلق تسمية الأعمال الأدبية.. على تلك الأعمال التي تتميز بقوة الفكر، وتنظيم الأفكار، وبحركة العاطفة، وأناقة التعبير الكلامي."(2) فإلى أي مدى استطاعت الأديبة نجلا أن تقدم أدباً وفناً متميزاً..
ولدت الأديبة نجلا في طرطوس في أسرة مكونة من أخ وحيد، وثلاث بنات، في أسرة لم تعرف الاستقرار، تركت أجواؤها أثراً على الحالة والبنية النفسية للكاتبة، وزاد في موقفها الخاص من الجنس الآخر موقف الأخ غير المنصف، من وجهة نظرها، تجاه أخواته الإناث..
حصلت على شهادة من معهد اللغة العربية، ومارست مهنة تعليم اللغة العربية في مدارس طرطوس، ثم انتقلت إلى العمل الوظيفي في مديرية التربية، وكان لها نشاط في منظمات الشبيبة، والطلائع.. ولقد ترك عملها مع الأطفال صدىً وأثراً في نفسها، انعكس ذلك في كثير من القصائد والمسرحيات والقصص التي كتبتها للأطفال، وفي تشجيعها لكثير من الأطفال والشباب على الكتابة..
حصلت على سبع جوائز من هيئات ثقافية عريقة في الدول العربية التالية: الكويت ـ الإمارات ـ السعودية ـ الأردن ـ مصر ـ تونس. كما حصلت على 23 ثلاث وعشرين جائزة من منظمات وهيئات في سوريا.
طرقت مختلف صنوف الأدب: القصة القصيرة، الشعر، المسرحية، والرواية.. فأصدرت ثلاث مجموعات قصصية هي: السيرك ـ الجنازة ـ الخط الحديدي. وكتبت مسرحية (قاطع التذاكر) التي مثلتها فرقة المسرح القومي بحلب، في نيسان ـ أيار (أبريل ـ مايو) 2004، ومسرحية (المطر) للأطفال ـ قيد التمثيل، في مسرح العائلة والطفل. وأصدرت (الجاحظ ـ سيرة قصصية للأطفال).. ولها كتاب "دور الكويت في خدمة الثقافة العربية".
وفي الشعر نشرت العديد من القصائد في الدوريات المحلية والعربية، ولها قيد الطباعة (النصف الآخر ـ شعر للأطفال)، و(رحيل النورس نيسان ـ قصص للأطفال).
وفي عام 2001 كتبت رواية تحت عنوان "شحنة شجن".
تبدأ مجموعتها القصصية الأولى (السيرك) بـ (حوار على ضوء سيجارة) التي كتبتها عام 1993 وهي أقرب إلى المقالة، في الأدب الساخر: تعالج بشيء من الفكاهة المرة مصير الشباب العاطل عن العمل.. اعتمدت الأديبة أسلوب السرد غير المباشر.. بأسلوب جذاب تتجاور فيه التقريرية مع الحكاية: "الحق ليس عليك، إنما على بلدية العاصمة التي لم تكن على درجة من الأريحية تخولها أن تجود بخدماتها على زقاقكم الشعبي المسكين هذا، لا ماء، لا كهرباء.. ولا حتى حاوية قمامة"ص7
وفي قصة (أورام) تتحدث بأسلوب بسيط شيق ولغة عادية عن الصراع الذي نشب "بين صهرنا المصاب بورم في رأسه، وعّمنا المصاب بورم في بطنه وفي جيبه أيضاً".ص19 ومع تطور الزمن والحياة يتحول النقيض إلى ضده بعد نجاح الصهر مادياً باستغلاله ورم الرأس، بكتابة رواية ناجحة؛ فـ "تخف الأورام في رأسه.. وتنتقل إلى بطنه بالتدرج.. يبيع كتبه.. تتسع علاقاته الاجتماعية.. يتزوج من أخريات.."ص23
تحاول الشخصية الرئيسية في قصة (تقارير) تقمص حياة البطلة والقديسة الفرنسية جان دارك(3)..استخدمت الكاتبة كلمة تقارير بمعناها الإيجابي، على الرغم من أنّ القارئ الملتاع من آثار التقارير السلبي يذهب خياله بعيداً عمّا تقصده الكاتبة.. وهو البحث عن الحقيقة، وعن أساليب (التجويع لغرض الاعتراف) أو عن العلاقة بين (الطغاة والمظاليم) وتدوينها لـ (يتداولها العامة بينهم بالخفاء، وإذ يقرؤونها... فإنّها تعيد خلقهم بطريقة مغايرة للمألوف)ص33 وعلى الرغم مما تعانيه من ويل بسبب الكتابة فإنّها تدعو في وصيتها إلى الاستمرار بالبحث والكتابة مهما كان الثمن: "فليكتب الأصدقاء من بعدي مسوداتهم بحبر الرب الذي لا ينفد، وإن نفد الحبر فليكتبوا بدموعهم ودمائهم.."ص34
في (السيرك) طفل قروي يتيم الأب جائع شبه عار، يعاني مع ذويه من الفقر والحرمان وظلم زوج أمه الذي ما إن "زرع نفسه على عتبة بابنا وسدّ بكفيه العريضتين منفذ النور، فأغرق الكوخ وأغرق معه حياتنا بالعتمة الأبدية."ص38 يشاهد هذا الطفل مصادفة، في المنزل الذي تخدم فيه أمه الغرباء في المدينة برنامجاً تلفزيونياً" يعرض نقلاً مباشراً لعروض سيرك عالمي جوال مليء بالمغامرات والعجائب والبدع والطرائف.."ص37 فيتعلق بالسيرك، الذي يصبح هدف حياته، بل حياته كلها.. المليئة بالتعب والظلم والقهر.. وتحل فرقة روسية لعروض السيرك.. يغامر بفصله من عمله ويذهب لتحقيق حلمه.. ما أن يرى العروض عن قرب حتى يتبخر الحلم.. يهزأ من نفسه ومن تلك الجموع المخدوعة "أرقب بذهول المخدوعين، ووجوم المغفلين.."ص38 فالسيرك يلازمه في كل لحظة من لحظات الحياة التي يعيشها مع الآخرين، وهم يحلمون برؤية السيرك..
بحث عن الحرية بعيداً عن "قانون جبرية الترقيم، وحتمية الظلال".ص 48 نتعرف عليه في (المرصد) لأنّ الظلال "تمسخ الأجسام وتشوه الملامح.. حتى ليبدو الجميع ـ الناس والأشياء ـ نسخاً مكررة لنموذج واحد أعيد توليده". والخوف من الظلال... يؤصل عقدة الخوف..ص48
تقوم الشخصية المحورية بمحاولات لتتخلص من ظلها دون جدوى.. "المرة الثانية عكفت على تنمية حاسة البصر، ومهارات التحديق والتأمل.. في محاولة جادة لمحو ظلي..ص50 أخيراً ابتلع جسدي طيفه وانطفأ ظليّ.. ص51 الآن أستطيع أن أفعل ما أريد وأشتهي دون مراقبة الظلال ومطاردة الأطياف.. أقيم مرصداً على قمة الجبل... أراقب الجميع عن بعد في مدينة الازدحام الصامت.ص52 لم يعوزني كبير عناء كي أقف على أسباب صمت هؤلاء الناس، لأنّها أساساً جزءٌ من أسباب صمتي أنا قبل أن أتخلص من لعنة ظلي.. فهؤلاء الناس مصابون بوسواس الخوف من ظلالهم ومن ظلال غيرهم، وهم موتورو الأعصاب، منشغلون على الدوام بمراقبة تحركات بعضهم... وهذا بدوره يكفل إلغاء الأحاديث، وتقنين الكلام، والحوار، لانشغال الناس أبداً في أعمال الرصد والترقب.ص53
وفي لحظة معينة يكتشف الراوي في مرصده كيف تُمسك الأطراف الأربعة لكل شخص بخيط.. وتهيأ له أنّ ثمة أيد أو خيالات أكف تقوم بتحريك الأطراف والأعضاء بواسطة الخيوط إياها، وفي اتجاهات متقاطعة متصالبة تجعل احتمالات التصادم بين الأشخاص حتمية.. ويباغت بقوة خفية تهاجمه وترمي مرصده في القاع.. "ما أغباني، إذا اعتقدت أنني يمكن أن أكون شخصاً بلا ظل، في مدينة كلها ظلال بظلال وأرقام لا حصر لها ولا معنى".ص58 لولا أننا لا نعرف بجلاء الانتماء السياسي للكاتبة وولاءها المطلق، لقلنا إنّها تنتقد هيمنة أجهزة المخابرات، من خلال مختلف الأدوات، بما في ذلك المخبرين، في ظل هيمنة حالة الطوارئ والقوانين والأحكام العرفية، التي تكبل البلاد والعباد، وتيبس الزرع وتجفف الضرع، وتعيق التطور الحر السليم للمجتمع والمواطن، حسب زعمنا..
لقد حاولت الكاتبة في مجموعتي (السيرك) و(الخط الحديدي) الغوص في الذات الإنسانية، وفي الواقع الموضوعي لحياة إنساننا المقهور، وذلك بفضل إحساسها العميق بالمعاناة، والتوق للتحرر من شرنقة المرارة والحزن الذي يثلم النفس والوجود، فقدمت موضوعها بأسلوب جذاب يقترن بقدرة على التشويق.. مع وجود بعض القصص التي تشبه الخاطرة أو حكاية كتبت بلغة عادية، وأسلوب بسيط مباشر.. حبذا لو زُينت تلك القصص بالشاعرية التي تتميز بها الكاتبة.. وأغنت الجوانب الداخلية لشخصياتها بالخبرة والتجربة.. سعياً لتحقيق البهجة والتعلم في آن واحد، وهما غرض الأدب كما يقول الشاعر الروماني هوراس..
* * *
في قصص (الجنازة) التي كتبتها في الأعوام: 1996 – 1997 – 1998 تعالج مواضيع الحياة الواقعية، وتطرق مستوىً فنياً جديداً مع ارتقائها بالمستوى الفكري للقص.. وتحاول الولوج في أعماق النفس الإنسانية.. وتفيض ملكتها النفسية المكللة بعبق الحزن، وإرادة التحرر من كل ما يكبلها في الواقع الموضوعي، وفي أعماق النفس.. تفيض بلوحات مليئة بالمشاعر الصادقة.. فتبحث في (الرجل والعقرب) في مكنونات النفس التي تعتز بذاتها، وتحاول إثبات وجودها وقدراتها بالنأي عن الجماعة... وعواقب انفصال الفرد عن الجماعة...
نرى أنّه لم يكن مفيداً ولا ضرورياً إقحام (إشكالية العلاقة بين الآباء والأبناء) في هذه القصة بعبارة مقتضبة ومباشرة والمرور عليها مرور الكرام.. يمكن معالجة هذه المسألة في سياق القصة دون أن طرحها مباشرة لتشغل فكر القارئ وتخرجه عن سياق تلقي القصة..
وتكثف في (حيره) كماً هائلاً من القلق الإنساني الداخلي "أنا مضطرب بالفطرة، غاوي نكد ومشاكسة".ص34 ربما ينجم ذلك عن انعكاس المعاناة الداخلية والموضوعية العنيفة التي تعيشها الكاتبة.. وتحاول تفريغ شحنات الشجن العاصفة التي تكبلها وتهز أعصابها وخلاياها ولاشعورها.. أما قصة (رقاص الساعة) فتبحث في الزواج غير المتكافئ.. على الرغم من وجود بعض الأحكام المسبقة في القصة كـ "مقابلة الرجال لمساحات الود، التي تبدر عن النساء بالخيبة.." فإننا عندما نقرأها نعاني مع الزوجة ونتضامن معها.. أي إنّ القاصة تجهد لتكون قصصها القصيرة "هي الفأس الحادة في الأدب ـ كما تقول مارجريت أتوود ـ التي تكسر البحر المتجمد لعزلتنا الفردية، باستخدام الأدوات التصويرية المكثفة جداً".(4)
"بدأ الطبيب الصموت يعتقد أنّ الفرج هبط عليه من السماء بزواجه من ماريا..ص44
انزج في العمل بعصامية.. يجري كل شيء بدقة.. تبحث (الزوجة) عن رأس خيط يقودهما إلى حوار حول شيء غير محدد سلفاً.. يجيب بهمهمة أو يوجز بصيغة حادة..ص45
يمضغ طعامه بحيوانية.. يستحم ويخلد إلى النوم..ص45 رأسٌ جاثمٌ فوق مخدة على بعد ذراع من رأسها.. تتصور بداخله صندوقاً خشبياً..ص46 "حياة لا تطاق".. تفكر بالطلاق..
ثم تقرر ماريا أن تفسح بينها وبين زوجها مساحة جديدة للود، وبذلك ترجئ طلاقها..
قررت إعداد مفاجأة للزوج.. أعدت مائدة مميزة يتوسطها قالب (كاتو) فاخر احتفالاً بمناسبة عزيزة عليهما..
حدثت الصدمة حين حضر زوج ماريا مع أصحاب جلسوا إلى العشاء..
لم يكلف نفسه عناء إبداء الدهشة لوجود قالب فاخر وسط المائدة.. انصرف الزوج والضيوف..
(مساحة الود) تضيق حول عنق ماريا ص51
تنتظر وتفكر في مساحات الود التي تفسحها دوماً مع غيرها بمبادرات خلاقة دون أن تنتهي إلاّ إلى قذفها في حضن الخيبة.. ص52 كان بالإمكان إنهاء القصة هنا..
بإضافة كلمتي (مع غيرها) يستطيع القارئ أن يرى الكاتبة تقتحم النص لتفصح عن ذاتها، وعن مساحات الود التي تقدمها ولا تنال منها إلاّ الخيبة.. وكأنّ القصة بمجملها تحولت هنا إلى رسالة تود الكاتبة إيصالها إلى شخص ما.. والله أعلم..
... إننا نلمس جهد الكاتبة وتوقها لأن تجعل من قصصها حقائق ملموسة، محددة، وحقيقية.. وهي تحاول مع تقديمها المتعة، التدخل، بشكل غير مباشر، في حياتنا الخاصة لنعيشها بشكل أفضل.. وكأنّها تجاري من يقول "أنا أقرأ من أجل المتعة"، "وتلك هي اللحظة التي بها أتعلم كثيراً، تعليماً غير مقصود". والتعلم في الأدب، ليس تعلماً لا محسوساً، أو غير مقصود، فحسب، بل تعلماً شاملاً أيضاً، حيث يتعلم القارئ من خلال شمولية إنسانية الأدب.. التي تملك قوة تأثير علينا بشكل أكبر مما تقوم به المناقشة الفكرية أو الأخلاقية المحضة.(5)‏
يؤكد نقاد القصة القصيرة أهمية الشكل "كنوع شعري أساسي في النثر السردي فهو يخلق حالة تجلي في شعور راق وتفكير راق وحساسية راقية، "تعظم النفس التي لا يمكن أن تكون خالدة"... كما استعار جيمس جويس المصطلح اللاهوتي "الصعود المتألق" ـ الذي استخدم في زمن المسيحية الأول للدلالة على تجلي الإله في العالم المادي ـ كمهمة أساسية للقصة القصيرة، لتصوير بعض المشاهد أو الأحداث الدنيوية في مثل هذا الأسلوب الذي يكشف المعنى العميق والخفي للأشياء الموصوفة. وقد أوضح رائد التجربة الأرجنتيني خوليو كورتازار الفكرة ذاتها عندما بين أنه في الوقت الذي يبدو أن القصة القصيرة تركز على موضوع ما، فإن القصة الدالة تشير إلى "الخاصية الغامضة لشيء مضيء يقع في ما وراءها"، وأضاف كورتازار:‏ "تكون أي قصة ذات مغزى عندما تمزق قيودها بتفجير الطاقة الروحية التي تضيء فجأة الأشياء البعيدة وراء تلك الأشياء الصغيرة وأحياناً وراء أخبار الندرة الساذجة".‏ وفي هذا السياق يمكن إضافة قول أيزاك باشيفيز سينغر "الأدب ذاكرة الإنسانية". وفن القصة القصيرة وجد ليبين إنسانية أمور لا يمكن نسيانها.(6)‏
من الضروري أن يسأل كل كاتب قصة نفسه: إلى أي مدى استطاع أن يحقق تلك الرؤى التي تغني قصصه، وترفعها إلى مستويات فنية راقية.
سعت الأديبة نجلا أحمد علي إلى التعويض عن شحوب ألق اللغة الشاعرية في بعض القصص بإيراد صور حميمية، أحياناً، "أنام سحابة النهار، وأساهر الليل حتى مطلع الفجر." السيرك.ص28 وباستخدام تعابير مجلجلة، أحياناً أخرى، تعكس معاناة ضاغطة عميقة، تقود إلى الحقد على العالم، في حالات محددة: "أيها العالم الموبوء بالأحقاد... المزروع بألغام الضغائن. كم أحبك الآن"(السيرك ص42).. وتطغى على قصصها الهموم الاجتماعية والنفسية.. وتبقى قصصها حبلى بالأفكار والهموم، وكأنّها تحاول أن تقحم ذهن المتلقي في معالجة همومها، التي هي همومه أيضاً.. وكأن الذهنَ موضوعٌ وأداة تلهو الكاتبة به، وتعد تحفيزه وتفعيله غاية من غاياتها..

في الرواية:
من المعروف أنّ الرواية الأوروبية ولدت في مرحلة تحطيم القيم الروحية والاجتماعية والأخلاقية العائدة للقرون الوسطى، وتشكل قيم أخرى جديدة مع الانتقال إلى العصر البرجوازي.. وكان لوحدة أنماط العقائد التي كونت الوعي الفني في أوربا، دوراً رئيساً في وحدة التقاليد الروائية الأوروبية.. ولما كانت شمولية الرواية وانتشارها الواسع يرتبط بمدى تفاعل الخصوصية المحلية مع عمومية الروح الإنسانية فيها، فقد نشأت الرواية العالمية التي تتميز بشخصية لها صفات محلية تاريخية وجغرافية واجتماعية وإنسانية تتقاطع مع الصفات العالمية... هكذا اكتسب العديد من الروايات الأوربية والروسية صفة العالمية، مع العلم أنّ ولادة الرواية الكلاسيكية الروسية ترافقت مع دخول المجتمع الروسي في مرحلة التجديد الروحي والاجتماعي، المترافق مع نسمات الفكر التنويري العالمي الجديد... وتطورت النظرة إلى الرواية من كونها تكتب للقبض على الحقيقة والواقع والتأثير فيه، إلى الاتفاق على أنّها شكلٌ مفتوح، يتعامل معه الروائي دون ادعائه امتلاك الحقيقة، أو استقلاله التام عن الآخرين.. وهكذا أخذ روائيو كل بلد يتأثرون بما يكتبه كتاب البلدان الأخرى، فكتبت الروايات المحلية ذات الانتشار العالمي لاحقاً مع وعي الأشكال والمستويات والبنى التي وصلتها الرواية عند الشعوب الأخرى.. وأصبحت الرواية العالمية ملكاً للإنسانية جمعاء.. وأصبح المتلقي يقارن أية رواية يقرأها مع روائع الأدب العالمي..
أما الرواية العربية التي استفادت من التجارب العالمية التي سبقتها، فقد ولدت في عصر انهيار العالم الاستعماري بشكله القديم، عصر إعادة بناء العالم على أسس جديدة، عصر الاحتدام الهائل للتناقضات، وأخذت تنمو وتتطور في عصر انهيار الأنظمة الشمولية التي عجزت عن تلبية ومواكبة متطلبات الحياة.
أوردت هذه المقدمة لأبين أن من واجب أي كاتب يتنطح لمسألة كتابة الرواية أن يكون ملماً بالموروث العالمي وبالمدارس التي سبقته، وبمعطيات ومتطلبات العصر الذي يعيش فيه، وأن يعي أشكال الرواية والمستويات التي وصلت إليها عند الأمم الأخرى، والبحر الواسع من النتاج الروائي العالمي، كيلا يضيع جهده كما يتناثر الرذاذ من ارتطام موج البحر على صخور الواقع المتغير باستمرار..
* * *
نشرت الأديبة نجلا أحمد علي رواية تحت عنوان "شحنة شجن" تمتاز بلغة شاعرية، ومحاولاتها الخوض في التجريب الروائي..
بطلة الرواية مريم فتاة يتيمة الأب، فراشة حائمة كلها انشغال.. يجذبها البئر، وهو قنديل جله اشتعال. يراودها انبهار الضوء حلماً.. وتقع في البئر..
الأم تهدد.. إما أن تنقذوا مريم أو ألحق بها ومعي مهرة الشيخ "مبارك".ص11 ...
رجل غريب ينقذ مريم ويختفي.. قالوا : ـ البنت مسحورة وإلاّ ما نجت...ص21
كبرت مريم ووصمة عارها لاصقة بتربة المهيدي...ص23
تعرفنا الكاتبة ً على: الماوردي رجل ضالع في السحر، فاضح للستر..ص26
وقيل في الرجل الكثير.. لذا: وجب على الكل أن يتجنبوا الاقتراب من سياج مملكته. ص30
أمر وحيد من أمور دنياها أجادته الصبية: الرعي.ص39
(ذات يوم) داهمها الفيضان وأخذها الطوفان.. مع قطيع من البهائم..ص47
.. هطل المطر غزيراً ..اشتدت الريح.. فقدت حارسها الأمين.. خفت المطر.. أتاها العواء.. إنه ذئب.. انقذفت البنت كشظية فاتكة تدحرجت على الصخر.. أبصرت درباً ممهدة صاعدة، فجعلت تركض والعواء يقتفي أثرها.. لمحت شبحاً فارعاً.. يشتعل بنور سماوي هائل هابطٍ إليها.. وعلى طلق الرصاص.. سقطت.ص51
أفاقت على وشوشات وهمس، وملمس خشن لراحتين تبدلان الكمادات على جبينها.. إنّه رجل.. من لحم ودم.ص51
ـ أريد أن أرجع.
ـ لن ترحلي قبل ذهاب الحمى.ص54
أحست بغلالة من السكينة تدثرها. ولأول مرة تصعّد نظراً في وجه الرجل.. وتشعر بمسحة أمان تبذرها يد الرجل الجائلة على جِلدها وتودعها مسامها، فيذوب صقيع القلب.ص58
ـ لي إزار عزيز أضعته.. وثوبك مصنوع من قماش الإزار ذاته! (قال الرجل)
أدركت مطالع الحي.. اندفع الأولاد في كل ناحية يذيعون النبأ: مريومة عادت.ص71
ضبط أهالي المبروكة الفتاة تؤوب إلى حيها بلباس غير الذي خرجت به من بينهم ذات سفرة لها بالماشية.ص78
تغيرت مريومة.. عرفت أحلام اليقظة وما تبثه من رعش في الأعضاء.. وحين تعثّر على فمها السؤال: ما الحب؟! اشرأب الجذع، وبسق.. وصارت مريومة شجرة ياسمين..
تتعرف الأم على الماوردي من خلال قصة الإزار.. وتنبئ ابنتها أنّه هو من أنقذها من البئر..
قرر أهل الحي مهاجمة الماوردي طمعاً في رزقه.. تطير الفتاة إليه لتنبئه بنواياهم..
في العراك، يأسر أحدهم.. ويهدد بذبحه إن لم يتراجعوا..
يتراجعون..
(قرر الماوردي الترحال) صعّد في داره وحواشيها ناراً هائلة.. سار بأهله إلى جهة يعلمها الله..ص97
رسخ في ظن البائسة أنّ الماوردي قضى محترقاً بين أركان بيته..ص99
ابتليت الصبية بفقدان البصر.. الصبية تنتحر..
تلون الكاتبة النص بشتى صنوف البيان: السجع والمرادفات، ونستطيع القول من محاسن هذه الرواية أن لغتها لغة شاعرية تمتزج بلغة الحكايا الأسطورية المزينة بطيف حكايا ألف ليلة وليلة، التي تأثرت الكاتبة بها أيما تأثير..
إذا حاولنا تسليط الضوء على الجانب التجريبي عند الكاتبة لوجدناه جلياً في الأسلوب: عندما تقحم الكاتبة في النص أسلوب سرد الأساطير.. وتعتمد أسلوب السيرة في التعريف بشخص ابن نجمان الماوردي..ص24 ولا يخلو النص في بعض مقاطعه من الفزلكة كالحوار بين اللغة والكاتب، والاتكاء على ألف ليلة وليلة.. فيجد المتلقي نفسه غريباً بينهما، وتخرجه أحياناً من طوره.. وقبل التفصيل في محاولات الكاتبة التجريبية من المفيد التطرق إلى مسألة التجريب والتجديد في الأدب، وتعرية الاتجاهات التي تدعو إلى تهديم الأدب بدعوى التجريب، مع التنويه إلى ضرورة وأهمية التجريب الإبداعي..

الرواية التجريبية:
تعرفنا على الظروف التي ظهرت فيها الرواية في أوربا.. ومن المفيد التمعن في تلك الظروف التي نشأت فيها المحاولات الأولى لتجديد الرواية، والتأسيس لما يسمى بالرواية التجريبية..
من المعروف أنّ كلمة تجريب من تجربة، وهي ما يقوم به العلماء من اختبارات في المخابر العلمية، أي إنّها ترتبط أصلاً بالعلوم الطبيعية.. ويعيد النقاد فضل إدخال مصطلح التجريب في الأدب إلى إميل زولا "فهو الذي جمع عام 1880 عدة نصوص نظرية بشأن الرواية في المستقبل وطبق أول طريقة في التجريب واستخدم الكلمة -المفتاح- التي سبق لكلود بيرنارد أن استخدمها ولكنها مطبقة هذه المرة علي ظواهر ليست طبيعية بل فنية وذلك في كتابة (الرواية التجريبية)"(7).
وهناك من يرى أنّ علامات تجديد الرواية ظهرت في أعمال فوضوية تعتمد التجريب أساساً، بدأت مع فقدان الكاتب الثقة بمؤسسات المجتمع التي أخذت تطغى وتفرض هيمنتها على الإنسان الفرد.. مما دفع الكاتب للتحرر من قيود المجتمع، والبحث عن هوية مستقلة لها طابع فني لا تقيدها تقاليد المجتمع وعاداته.. وتعمق هذا التيار مع ازدياد حدة الأزمة الروحية التي أخذت تخنق الإنسان في العصر الحديث، وسعت للتعبير عن نزوعاته المختلفة، وأعماقه وخفاياه الباطنية المكبوتة المستترة المظلمة، ومزاجه الحائر القلق، وتأثرت بالنظريات السيكولوجية الجديدة المبنية على معطيات المدرسة الفرويدية في مطلع القرن العشرين. كما يبين النقاد أنّ هذا التيار نشأ على المستوى الأخلاقي والروحي على يد فرانتس كافكا "الذي حاول التعبير عن أزمة البطل الروحية، وهو يعيش صراعاً طاحناً في مواجهة العالم المادي البشع الذي يحيل البطل ببساطة إلى صرصار، وينصب للبطولة محكمة وقضاة، تحول البطل إلى شكل خال من أية معالم إنسانية، وقد رصد كافكا هذا التحول في رواياته (المسخ - القصر - القضية) التي تتسم بأجواء خيالية مثل الكوابيس، تصور إحباط الرجل العادي ويأسه في دوامة البيروقراطية الحكومية. وتزامن ذلك مع محاولات مارسيل بروست في تقنية الكتابة بوصفها أحلام يقظة شاعرية، وفي حفريات الذاكرة وتفتيت الزمن الروائي، فانتثرت الوقائع إلى دقائق صغيرة، وتم الاستغراق في الوصف واحاطة الزمن الماضي بأطر جديدة متبلورة مشعة، واستخدم جيمس جويس في إنجلترا تيار الوعي للتعبير عـن الرؤى والمشاعر والذكريات التي تفيض بها عقول شخصياته كما في روايته ذات الزمن المكـثف (يوليسيز) حيث انهيار القيم الشخصية، وتفاهة النشاط الإنساني في الحياة المعاصرة، وكذلك التركيز على اليومي العابث اللاهي الحزين والمؤلم. وقد كتبت فرجينيا وولف بالتقنية نفسها مع استخدام الرمزية بأسلوب شاعري مؤكدة هشاشة العلاقات الإنسانية في خضم القيم الاجتماعية المنهارة، كما في روايتها (الفنار) 1927"(8) .
وكما يقول الدكتور محمد شاهين "ظلت قضية الواقعية قائمة، ولكنها أخذت بعداً مغايراً.. فبدلاً أن كانت بعداً خارجياً وهو ما يحدث في الطبيعة، في الكون، في التاريخ ..الخ، أصبحت بعداً داخلياً.وهكذا تحول السرد من حوادث تتسلسل زمنياً إلى مشاعر تنبثق دون إعداد مسبق، ومن داخل النفس البشرية. وأصبحت الرواية عند فرجينيا وولف وجيمز جويس وغيرهم تتكون في غالبها من تداعيات تنطلق من اللاشعور متجاوزة تقاليد الحبكة والقصة إلى الأحلام والمخاوف والآمال الفردية التي تتموج داخل النفس البشرية. ولم تعد الرواية ثيمات مألوفة عن الحب والمأساة والملهاة.. بل أصبحت استكشافاً لخبايا النفس التي لم تطرق من قبل، وغوصاً في أعماقها بحثاً عن حقيقة أعمق من الحقيقة الخارجية للحوادث، والأشياء والظواهر المألوفة للحس الخارجي. باختصار أصبح جل اهتمام الكاتب بالشخصية بدلاً من الحدث، وهذه هي أهم علامة في تطور الرواية."(9)
أما روايات سارتر وكامو ، فقد جاءت كتعبير عن الرؤية الفلسفية الوجودية التي تقول بعبثية الحياة والدور المحوري لذات الإنسان الذي عليه أن يختار أسلوب حياته بنفسه وعلى مسؤوليته..
وازداد رواج التجريبية في بلدان أوربا الغربية منذ أواسط ستينات القرن الماضي، وبشكل عام منذ عام 1968م، وترافقت مع التمرد اليساري على الرأسمالية... وما عرف بمذهب "الطليعة الجديدة"...
يبين بعض النقاد أنّ مذهب الطليعيين الجدد المشوش والموهوم والمشوب بالتهور يلعب دوراً تهديمياً في الأدب. فقد دعا هذا المذهب إلى مزاوجة المذهب العقلي الشكلي مع المذهب اللاعقلاني، وإنشاء الفن الذي يعني الانغلاق في مجال "الممارسة اللغوية"، واستبدال نقد المجتمع بنقد اللغة. إنّ هذه المغالاة المالارمية (نسبة إلى مالارميه الذي فجر وبقوة مسألة ماهية الأدب) تكشف بشكل أو بآخر عن صمتٍ وغيابٍ عميقين يفسران إلى حد كبير أزمة مفهوم الأدب التي تتجلى من خلال طرح مسألة اللغة والتفكير النقدي حول إمكانية نشوء اللغة، وشروط وجودها وآلية عملها... لقد أصبح من دواعي فخر الكاتب أن تكون أعماله مستعصية الفهم على القارئ، وأن يكتب من أجل أن لا يقرأ. لقد كان "النص" تظاهرة لرفض الكاتب للتحليل والاستيضاح والتعميم.. وانتشرت تلك "النصوص" التي تصلح لمونولوج من التمثيلية المسرحية "تدنيس الجمهور" لـ ب. هاندكه: أنتم قرود، أنتم بدون أهل، أنتم جائعون، أنتم متمردون، أنتم أوباش، أنتم مدنسو الأوكار الخاصة...الخ(10)
من كل ما تقدم يتبين أنّ التجريب بشكل عام، بما فيه الفني، يتعلق بمستوى وأفق التحولات الاجتماعية والمعرفية والتكنولوجية وهو ضروري لرؤية المستقبل. وستتوسع الآفاق أمام التجريب في عصر المعلوماتية في ثنايا العالم الافتراضي الذي تخلقه دروب مجرات المعلومات.. ستحل مرحلة يتحد فيها ذهن ومخيلة المبدع مع الكومبيوتر، ويتلاقى فيها الواقع المادي مع المثل والخيال، ويكتسب فيها المبدع والمتلقي إمكانية الغوص في أعماق وزوايا النفس البشرية والروح اللامتناهية، وينتج فناً خالداً.
إذا قاد التجريب إلى ابتكار أساليب وأشكال جمالية جديدة راقية في التعبير الفني فإنّه يرتقي إلى شكل ومستوى من أشكال ومستويات الإبداع .. وضع الدكتور صلاح فضل "تصنيفا لمفاصل التجريب الروائي في الرواية العربية ضمن ثلاث دوائر متمايزة أكثر الأحيان، لكنها متداخلة أيضاً، وهي:
1 ـ ابتكار عوالم متخيلة جديدة، ليست مألوفة في حياتنا العادية، ولا طرأت في السرديات السابقة، عوالم خلقت منطقها الداخلي، وبلورت جمالياتها الخاصة.
2 ـ توظيف تقنيات فنية محدثة تتصل بطريقة تقديم العالم المتخيل وتحديد منظوره، كتقنية تيار الوعي أو تعدد الأصوات أو المونتاج السينمائي.
3 ـ اكتشاف مستويات لغوية في التعبير تتجاوز نطاق المألوف في الإبداع السائد، عبر تعليقات نصية متشابكة ومتراسلة مع توظيف لغة التراث السردي أو الشعري أو دارج اللهجة وأنواع الخطاب الأخرى".(11)

فإلى أي مدى استطاعت الأديبة نجلا أحمد علي أن تفلح في التجريب والتجديد القصصي والروائي؟
لكل رواية، ولكل كاتب رواية، لغته وأسلوبه الخاص.. وفي كل رواية شيء جديد والشيء الجديد نسبياً في "شحنة شجن" هو اللغة والأسلوب.. تزين الكاتبة روايتها بالأسطورة، وتتداخل الرؤية بالأسطورة دون أن تبتلعها الأسطورة.. وتصر الكاتبة على التمسك بالتراث الملحي دون أن تفقد شخصياتها الصفات الإنسانية العامة.. وينطبق نسبياً عليها بعض الخصائص الواردة أعلاه في التجريب والحداثة ويتجلى ذلك في محاولة مزاوجة الأسطورة بالواقع، والعناية باللفظ، وفي محاولتها طرق "مستويات لغوية في التعبير تتجاوز نطاق المألوف في الإبداع السائد، عبر تعليقات نصية متشابكة ومتراسلة مع توظيف لغة التراث السردي" في روايتها..
في اللغة: اهتمت الكاتبة بجماليات الخطاب، من خلال استخدامها الجميل للغة لدرجة المبالغة أحياناً.. والكاتبة متمكنة من اللغة بشكل جيد، قلما تجد خطأ نحوياً لولا بعض الأخطاء المطبعية التي استرعت انتباهي مثل: ( لم يجدي) "الجنازة" ص21 (ِلَم يصيبُنا) "الجنازة" ص33 تدنو من الفراش بشعر منفوش شائب، وعينان ضيقتان كشطبي قلم. "شحنة شجن" ص52(عينين ضيقتين).. كما استخدمت الكاتبة كلمة طيلة للتعبير عن مدى استمرار الزمن ويفضل استخدام كلمة طوال (أبد الدهر)، لأنّ الطيلة: العمر (يقال: أطال الله طيلته، ولا يقال أطال الله طواله).. وكان من المفضل مراعاة علامات التنقيط خاصة في الرواية.. مع التنويه إلى مسألة قد تكون سقطت سهواً من قبل الكاتبة، وهي استبدالها كلمة "مهرة" التي وردت في البداية بـ "ناقة" في الفصول الأخيرة من "شحنة شجن".. ومن المفضل مجاراة مستوى اللغة لطبيعة ومستوى الشخصيات.. ومن حق المتلقي أن يتساءل على سبيل المثال، من أين اللغة الموغلة في الفصحى لراعية: احتجت: ـ إنهم رعاع بلا رحمة ص89. يا أمة الله. من تكون الغرقى؟
(قد يكون سبب ذلك السرعة والحالة النفسية التي كتبت فيها الرواية)
هذا لا يمنع رؤية اللغة الشاعرية المتميزة في الرواية، تلك اللغة الغنية بالمفردات وبالبيان، والمتجاورة مع لغة الحكايا والأساطير: "البئر قنديل جله اشتعال. ومريم فراشة حائمة كلها انشغال، يراودها انبهار الضوء حلماً.." "ويصيح عابر: وقعت بنت.. وقعت بنت"..ص10 "يتلاشى الصوت وتهمد الحركة".
في الأسلوب: نستطيع القول أنّ الكاتبة في أسلوبها التجديدي، تحاول كسر القوالب الجامدة لكتابة القصة، فتدخل في النص حوارات وتداعيات لا تتعلق مباشرة بالأحداث الرئيسية فيه، ويوقعها ذلك في الفزلكة أحياناً، مثلاً: في ص44ـ 47 فصول تجليات العشق التي عقدتها شهرزاد.. وربما كان ذلك يشي عن فيض المشاعر الجياشة المحبوسة في حناياها.. إلاّ أن هذه الفصول التي قد تخرج القارئ عن طوره ـ بخروج الكاتبة عن التسلسل المتعارف عليه منطقياً في السرد ـ ليست طاغية على النص.. والكاتبة تجيد فن جذب المتلقي بأسلوب فاتن آسر جميل مزين بأفكار طيبة غنية وهي تتحدث عن (النساء ومظاهر الامتلاء) فتزين النص بأنغام عذبة وزخرفات رسامة ماهرة وصيادة لألئ نفيسة، ورؤى جنية نورانية: امتلأت امرأة بالحنان فصارت أماً، وامتلأت امرأة بالإيمان فصارت راهبة، وامتلأت امرأة بالغواية فصارت مومساً.. وامتلأت امرأة بالشر فصارت أفعى، وامتلأت امرأة بالموسيقى فصارت مغنية، وامتلأت امرأة بالإيقاع فصارت راقصة، وامتلأت امرأة بالحب، فماذا صارت برأيكم؟
ـ صارت إلهاً..ص32
في الزمان: هناك أكثر من مسألة يمكن مناقشتها مع الكاتبة، المسألة الأولى التي ترد في أكثر من مكان وهي تحميل الزمن مسؤولية عيوبنا ونواقصنا، وهي ثقافة إلقاء اللوم والتبعات على الآخر، سواء القدر أو العدو أو الزمن، وهي ثقافة تربينا عليها لأجيال طويلة.. (كان زماناً تعطل عنده الزمان لجهالة ناسه وسفاهتهم، وظلامة أهله وقساوتهم.)ص36 وفي هذا الخصوص نقول: الزمان لا يتعطل، يحل الركود: عندما لا تستجيب البنية الاقتصادية الاجتماعية لمتطلبات التطور.. العيب ليس في الزمان بل في صانعي المرحلة التاريخية.. الزمن لا يمكن أن يكون مخصياً، بل من يعيشون فيه يمكن أن يكونوا مخصيين.. أما المسألة الثانية فهي مسألة توظيف الكاتبة للزمن في النص، فقد كان توظيفاً سلساً عادياً.. وعلى الرغم من أنّ تصرفات بعض الشخصيات، وأسلوب الحكاية يوحي بزمن بعيد.. فإنّ التحليل النفسي للمواضيع المطروقة يوحي بالزمن المعاصر.. من المفيد تجديد التقنيات القصصية باستمرار، ومنها حسن اللعب مع الزمن، وحسن استثمار ما أطلق عليه النقاد: التناوب، التناوب المتزامن، الارتجاع، التضمين، الاستباق..
في الموضوع وعلاقة الكاتبة بالرجل:
لقد أصبح من المعروف والمتعارف عليه أنّ من أهم المبادئ الأساسية لتطور الرواية "مبدأ التوغل العميق في الحياة الداخلية للذات الإنسانية".. ومع الاتفاق مع الرأي القائل بأنّ "مقتل الروائي العربي إنما يكمن في أنّه قد نصب نفسه كخبير في قضايا المجتمع، أي حاول أن يكون عالم اجتماع بدلاً من أن يكون فناناً"(12).. فإنّه لا بد من التنويه إلى أنّ القصة والرواية أصبحت عملاً فكرياً وفنياً يتطلب جهداً خاصاً من الكاتب.. فقد تأثرت بكل منجزات وعلوم العصر بما في ذلك علم النفس والفلسفة.. كاتب القصة ليس عالم رياضيات ولا عالم اقتصاد أو اجتماع.. لكن عليه أن يكون ملماً بالمبادئ الأساسية للفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع.. لكم حزّ في نفسي، على سبيل المثال، قراءة نص أدبي لأحد الكتاب الذين تثير رؤيتهم الفكرية التساؤل عندما يضع، على سبيل المثال، المعارضين السياسيين في صف واحد مع اللصوص والقتلة والمجرمين والخارجين عن القانون، ويجمعهم جميعاً في فئة واحدة.. في الوقت الذي تنظر فيه البشرية المتحضرة وعلم الاجتماع المعاصر إلى المعارضة كعنوان للأوطان، يرتبط مستقبلها وسلامة تطورها بحضورها السليم..
عندما يحاول الروائي أو القاص أن يبحث في العلاقة التي تربط الذات بالمجتمع، عليه أن يكون ملماً بألف باء علم الاجتماع، وعلم النفس..
من محاسن أدب نجلا أحمد علي أن الإنسان وهمومه الاجتماعية والنفسية يشكلان ركناً أساسياً من أركانه.. ويلمس المتلقي إصرار الكاتبة الصادق على معالجة القضايا الاجتماعية التي تقف عثرة أمام تألق وتطور إنسانية الإنسان.. لكنّ القارئ يلمس في ثنايا بعض النصوص تأكيد موضوعة العداء بين الرجل والمرأة، مما يؤدي إلى استشفاف موقف عدائي من الرجل كامن في لاشعور الكاتبة.. يتجلى ذلك أحياناً في تقويل الرجال أقوالاً ضد النساء: "حين بدأت أعمم كرهي على النساء، كنت مدفوعاً بدافع الحقد على حواء، إذ نمي إلي أنّها المسؤولة عن وجود ذلك المثلث العظمي الناتئ في أعناق الرجال".السيرك ص41 أو في عبارات مباشرة: "أعلن الكاتب عنوان سيرته:(عن الرجال وغرائب الأحوال)" شحنة شجن ص24 .. "ولما لم تلقَ الفتاة مجيباً ينجدها، ولا سمعت جواباً يثلجها، وجوبهت بالصد والبغض، والتمنع والاستهجان، وعَت محنتها.. فآثرت وحيدة ـ اجترار خيبتها، وحقن عذاباتها بالصمت، وإخراس نداءات الجسد السرية، مهما طفح الكيل وعظم الويل". شحنة شجن ص8 " أو في إصدار أحكام مباشرة قريبة إلى العامية المتخلفة.. "وهل خلقت النساء إلاّ للحيل" (رقاص الساعة) ص48 بالتأكيد خلقت لأمور أسمى.
وهنا تجدني أختلف مع الأديب وليد معماري في قوله بأنّ نجلا علي "استطاعت السيطرة على "أناها" الأنثوية ونفيها خارج عملية القص وبالتالي تخلصت من أهم المآخذ على القصة النسائية وهي "البوح العاطفي الذي يصل إلى تخوم الرومانسية"".
جاء في كتاب "الخطاب القصصي النسوي ـ نماذج من سورية" للدكتورة ماجدة حمود أنّ استخدام مصطلح الأدب النسوي ليس إشادة أو عزلاً، وإنما انطلاق من أنّ الأدب يبدأ من "نبض المعاناة الخاصة"، وهذا يتجلى في اللغة بكل ما تعنيه من تشكيل جمالي يؤسس بنية اللغة، أي خصوصية المعاناة / التجربة، تفضي إلى خصوصية الخطاب / جماليات خاصة.. وإذا كان لنا أن نرى إلى المعاناة / التجربة / ما قبل النص نجد أنّ جنس الكاتب يمثل عنصراً من عناصرها، أي يمثل عنصراً من عناصر التجربة وليس العناصر كلها، ومن هذه العناصر: الموهبة، الثقافة، المهنة، المنظور الإيديولوجي، شروط الحياة.. فكثير من المزوقات في اللغة تعود إلى المهنة.. كما لخصت بريجيت لوغار بعض الخصائص العامة التي تشيع في أدب النساء: الجنس، إدراك الجسد، التجربة الحياتية، اللغة.. ويتمثل نبض معاناة المرأة في النص في كونها كائناً مضطهداً مغبوناً مقهوراً... فالنصوص التي تكتبها الأديبات كثيراً ما تطغى فيها لغة البوح والاعتراف، ونرجسية الغبن والقهر، والتوتر والقلق إزاء الرجل متعدد الأقنعة.. تكشف لغتها الشعرية أعماق المرأة المضطربة في مواجهتها لهموم عالم مضطهد وزمن قاهر..(13) قد نجد بعض هذه الخصائص، أو معظمها في الأدب القصصي عند الرجال.. لكن حميميتها وطغيانها أكثر ما يتجلى في الأدب النسوي.. والأديبة نجلا علي لم تكن بعيدة عن ذلك.. تصور المرأة أحياناً كملاك.. كما تتألق اللغة عند وصف المرأة ومعاناتها.. فتجدها أحياناً تحاول تفريغ شحنات الحزن والشجن المكتوم والمخزن في اللاشعور: "تبلدت البنت، خبا بريق الحياة في ناظريها، انسحب لونها من بشرتها، ففارقتها نضارة الأحياء وبضاضة أجسام الشباب، وانخطف حماسها من قبل ميعاده، وحيويتها قبل ميقاتها، فخارت عزيمتها، وبردت استجابتها، ووهنت ردات فعلها، وغدت أقرب إلى الكهولة"..شحنة شجن ص38 وتجدها أحياناً أخرى تتدخل في النص للتعبير عن خلجات وعواطف داخلية كامنة.. فقد كان بإمكانها أن تنهي "شحنة شجن" عند قتل مريم لنفسها.. لكنّها أصرت على التعبير عمّا في حناياها وإيصال رسالتها النسائية إلى من يهمه أمرها: "البنت منحوسة.. بل مشمولة بضر في أصل ذاتها.. المرأة معمورة بالحب.. لولا حلوله بها حول الدم في العرق.. ما أزهقت روحها.. المرأة عاشقة بلا ريب.. مقدودة لفراق الحبيب..المرأة مشحونة بشجن..
لو صبرت حد انقضاء الشحنة.. أو وجدت سبيلاً لتفريغها.. أو اهتدت للذي يخفف عنها تبعات الصدم ولواحق التلقي.
لو لقيت دريئة غير ذاتها، ومصداً في غير شخصها لما ماتت المرأة". شحنة شجن ص102
مع تمناتي لأدبنا بالسمو أكثر في تعمقه بقضايا الصراع ومعالجة التناقضات بعمق أكبر، مع بذل كثير من الجهد والحفر المعرفي، والتعب أكثر على الموضوع والنهايات، وإكساء الشخصيات الأبعاد المتنوعة لتصبح ذات محتو رصين، ولتبتعد عن السطحية واليأس، وتغتني حياتها بالصراع الداخلي والخارجي بما يجعل من وجودها تجربة جذابة ذات قيمة.. أرى ضرورة التروي في نشر مخطوطات الروايات.. وعدم قرن الكتابة دائماً بغرض المشاركة في المسابقات.. ومن المفيد التعامل مع التجريب والبحث عن الجديد كوسيلة من وسائل الإبداع دون أن تكون صدىً للتحولات التي تطرأ على الأدب عند الآخرين ، بما في ذلك في الغرب، بل كنتاج طبيعي ومستوى جديد في ثقافتنا العربية. لقد اعتمد العرب طويلاً على الآخرين، وحان الوقت لكي يقدموا مساهمتهم في رفد الأدب العالمي بالاستفادة من موروثهم وما اكتسبوه من معارف وخبرات..

أستطيع القول إنّ الأديبة نجلا أحمد علي استطاعت تجاوز الكثير من النواقص في القص، بالتقليل من الثرثرة واللغو، والابتعاد عن طغيان الايدولوجيا، وعن الأسلوب الصحفي، وباقترابها من اللغة الشاعرية، واستطاعت أن تكون فنانة مسكونة بجنية نورانية قادرة على الفيض بالكثير من الحب والجمال الجذاب.. وهي تحترق ليتدفق هذا الفيض والتوق إلى الإبداع كوسيلة لمجابهة الاضطهاد والقهر الذي يكبلنا ويكبلها والمرأة العربية.. وأعتقد أنّها تحتاج، وتستحق أن نقف إلى جانبها وإلى جانب جميع أديباتنا المبدعات لاغناء أدبنا وحياتنا، ليزداد وجودنا جمالاً..
طرطوس 8 آذار / مارس (عيد المرأة العالمي) 2005 المهندس شاهر أحمد نصر
[email protected]
الهوامش
ــــــ
(1) الرواية التجريبية: عمل روائي يعتمد على رؤية ووعي جديدين عند روائي له مفهومه الخاص بكتابة الرواية.
التجريب الروائي: هو فعل متميز داخل مفهوم الرواية السائد، يعكس الكاتب من خلاله ذوقه الشخصي، وإبداعه الخاص في الكتابة، أو التصوير أو اختيار الموضوع..
(2) أزمة مفهوم الأدب في فرنسا في القرن العشرين ـ ألبير ليونار ـ ص232 لمزيد من المعلومات انظر: بين الواقعية والواقعية الجديدة في الأدب الأمريكي اللاتيني المعاصر ـ يونس كامل ديب ـ إصدار دار السوسن ـ دمشق 2004
(3) جان دارك (1412 – 1431) التي ساعدت الملك شارل7 وردت الإنكليز عن حصار أورليان 1429. قبض عليها وأحرقت في روان. وخلدت عملية حرقها في لوحات من القرن الخامس عشر.
(4) (5) (6) فن القصة القصيرة ـ دانا غيويا ـ ترجمة.فضيلة يزل ـ الأسبوع الأدبي ـ دمشق ـ العدد / 943 / تاريخ 2/5/ 2005
(7) (8) د. صلاح فضل ـ في إشكالية التجديد الروائي ـ مهرجان القرين الحادي عشر في الكويت ـ موقع:
http://www.kuwaitculture.org/alqurain2004/news4.htm
(9) د. محمد شاهين ـ آفاق الرواية (البنية والمؤثرات) ـ دراسة. اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق 2001 ص9
(10) لمزيد من المعلومات انظر: بين الواقعية والواقعية الجديدة في الأدب الأمريكي اللاتيني المعاصر ـ يونس كامل ديب ـ إصدار دار السوسن ـ دمشق 2004 ص29
(11) د. صلاح فضل ـ في إشكالية التجديد الروائي ـ مهرجان القرين الحادي عشر في الكويت ـ موقع:
http://www.kuwaitculture.org/alqurain2004/news4.htm
(12) محمد أسامة العبد ـ الرؤية النقدية.. من الذاتية إلى الموضوعية عند الناقد يوسف اليوسف
الأسبوع الأدبي ـ دمشق 10/4/2004
(13) د. عبد المجيد زراقط ـ حول كتاب "الخطاب القصصي النسوي ـ نماذج من سورية" للدكتورة ماجدة حمود ـ الأسبوع الأدبي ـ العدد 1425 تاريخ 11/1/2004



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الترجمة في نشر الفكر التنويري في عصر النهضة
- لن ينقذ الوطن إلاّ صوت العقل
- كيف أصبح شيخ الأدب في البلاد شيوعياً؟
- سحر السحر
- إنهم يخافون المصطلحات، إنّهم يخافون المستقبل
- رفيق بهاء الدين الحريري، يا من سرت على درب المسيح، سلام عليك
- نهاية الصهيونية
- تحية وتهنئة إلى الشعب العراقي
- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية خطوة إلى الأمام ونظرة ف ...
- أحلام التغيير بعقلية وأدوات قديمة ـ قراءة نقدية في مشروع برن ...
- لأسباب مبدئية
- عشر وصايا إلى فقراء سوريا
- الحوار المتمدن عنوان المستقبل الحضاري
- وديعة رابين والتزام بيريز ونتنياهو وباراك بها في مذكرات بيل ...
- القفزة النوعية في أدب أمريكا اللاتينية جديرة بالتمعن
- قراءة نقدية في الوثيقة التأسيسية الثالثة للجان إحياء المجتمع ...
- هل من مُنقذ لكتاب شيخ الأدب في سوريا -عبد المعين الملوحي في ...
- لماذا البعثيون كما الشيوعيين لا يقبلون النصح؟
- أخطار قمع المعارضة، وأثر ذلك في انهيار الدول
- ثورة أكتوبر قيامة المظلومين


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - الرواية التجريبية ، والخطاب القصصي النسوي ـ أدب نجلا علي نموذجاً