أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - عوع.. آني أرجع للعراق ؟!















المزيد.....

عوع.. آني أرجع للعراق ؟!


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 21:08
المحور: كتابات ساخرة
    


أمة أضحكت الأمم
عوع.. آني أرجع للعراق؟! (حديث عن الجوازات وما تجيزه)


-لا أعتقد بأن العيش في بلد كالعراق يعد في حد ذاته امتيازاً تحسدنا عليه أي من شعوب العالم الأخرى!
ليس هذا رأيي الشخصي، لكنه الرأي الذي يمكن استشفافه بسهولة من حال بعض (بعض كثير طبعا؛ فنحن نتحدث هنا عن الملايين) من إخوتنا العراقيين "السابقين" الذين يسيلون مدامع صفحات الانترنت بمعلقات الحنين الى العراق والتغني بأمجاده والاستعداد للتضحية من أجل وحدة ترابه والوقوف ضد كل المؤامرات الداخلية والخارجية القادمة من السعودية وإيران وإسرائيل وسوريا والأردن وتركيا وقطر والكويت وأمريكا وروسيا وبريطانيا والكرد والعرب السنة والصفويين والشروك والروافض والوهابيين والسلفيين وحزب الله والتركمان والصليبيين الخ..(كل حسب ذوقه ووجهة نظره في اختيار الأعداء الأشد ضررا وفتكا)

لكن هؤلاء البعض "المأجورين إن شاء الله" ما أن يدخلوا مطارات العالم حتى يمدوا أيديهم الى جيوبهم ليخرجوا (بحركة كلها فخر واعتزاز وإباء وشمم) جوازات سفرهم الأجنبية "المعدلّة" ويلقوا من زوايا أعينهم نظرة عابرة (تمتزج فيها الشماتة بالإشفاق والتعالي بالتأسف) الى "المكاريد" المناكيد من أصحاب الجوازات العراقية الواقفين في طوابير جانبية طويلة يلقون فيها كل ما يخطر على البال من صنوف الفظاظة والإذلال.
لو كان للعيون ألسنة لرأيتهم يخرجونها لهم (كما كنا نفعل ونحن صغار عندما نريد ان نسخر من أحد أو نغيضه) ولسان عينهم (أعني لسان حالهم) يقول:
-أنظروا الينا.. نحن لسنا مثلكم.. نحن بشر.. أوادم.. وجوازاتنا أمريكية وأوربية واسترالية!

حدثني بهذا أكثر من صديق وقريب من زبائن المطارات العالمية، ورأيت ما يؤكده بأم عيني في إحدى المطارات المحلية:
في سفرة داخلية نادرة بالطائرة جلس قربي مثقف "متكنط" اخبرني أنه قدم الى العراق في زيارة خاطفة للاطمئنان على من تبقى من أهله بعد 30 عاما من الغربة. خلال الساعة والنصف التي استغرقتها الرحلة قدم لي هذا المغترب الواسع الثقافة والإطلاع حزمة رائعة من التحليلات وحلول حلحلة الأزمات التي تعصف بالبلاد والعباد حتى قلت مع نفسي: ليت الله حبانا ببضع عشرات من هؤلاء الأذكياء المخلصين الغيورين الذين سينقلوننا –بإذن الواحد الأحد- الى مصاف الدول المتقدمة في غمضة عين!
لكن الغريب أننا فور أن وصلنا الى المطار الجنوبي حتى أسرع بالانفصال عن جماعتنا وكأنه يتخلص من "خركة مسح" متهرئة والانضمام الى طابور "شايليه بالصلوات" يضم مجموعة صغيرة من الأشقاء الصينيين وشقيقة دانماركية مسترجلة لا أدري ما الذي جاء بها الى هذا المكان! ليغادر الشباك بعد ثوانٍ وقد أكمل كل الإجراءات وهو يبتسم ابتسامة ذات معنى (كمن يودع مشبوها لا يريد لأحد أن يراه معه) ملوحاً لي بجوازه السويدي.. أما أنا فقد رددت عليه بأحسن منها وظللت (لا أدري كم من الوقت) راسما على وجهي تلك الابتسامة البلهاء حتى أيقظني منها شرطي أسمر ذو كرش عظيم وهو يرجو كالشاتم أو يهيب كالمؤدِب في حشد "الأوغاد" المزدحم حول شباك آخر: بالسرة.. بالسرة.. بلا خربطة!

ليس عيباً أن يهاجر المرء من بلاده، وخصوصاً من بلاد كالعراق اضطر ويضطر فيها الكثيرون الى الفرار بما تبقى من أعمارهم هربا من الموت والعذاب والاضطهاد والقسوة وشظف العيش. وليس عاراً أن يتابع المرء أخبار وأحوال بلاده السابقة. وليس جريمة أن يعبر المرء عن رأيه ورؤيته بخصوصها أو أن يشعر بالحنين اليها والأسى عليها. العيب في ازدواج الشخصية الذي يعيشه هذا (البعض) بين رغبتهم التي لا يستطيعون مقاومتها في التنظير والتحليل واقتراح الحلول التي "ما تخرّش المايّة" لأوضاع بلادهم "السابقة" وبين استنكافهم عن الاحتكاك المباشر بها والترفع عن الانتساب الحقيقي الواقعي المعاش اليها. انهم مثل أطباء استشاريين لا يحبون أن يوسخوا أيديهم بالاقتراب من هذه الأجساد التي ينهشها القمل والجوع ومياه المجاري الطافحة، ولا يعملون الا بطريقة التخاطب عن بعد (تليباثي). وعندما تقول لهم: حسنا، تفضلوا أيها السادة بالعودة الى بلادكم أو تشريفها بالمكوث فيها سنتين أو ثلاث على الأقل لتعالجوا أمراضها وتعمروها وتدللوها وترفعوها وتهشتكوها وتبشتكوها، يصيحون مستنكرين:
-عوع! آني أرجع للجيفة والوساخة والفوضى والتخلف والهمجية. آني شغلتي أشغل دماغي وأقدملكم الحلول، بس من بره لبرّه. مو زين دا أتنازل وأضحي بوقتي الثمين من أجل التفكير بكم؟

وهكذا يا صديقي الاستشاري الناجح: إذا كنت مصرا على الاعتقاد بان الانتماء الى العراق ما زال أمرا يستحق الفخر فأنا أزعم بأنني (رغم جهلي الفاضح وعجزي عن اقتراح الحلول) يجب أن أملك حصة لا بأس بها من هذا الفخر (وهي طبعا حصة غير قابلة للمقايضة مع الامتيازات التي تمنحها باقي الأوطان لمواطنيها) أي أنني حتى اللحظة ما زلت أحتفظ بعدد مناسب من نقاط التسجيل سواء في مشاعري أو في انغماسي (حتى الشراسيف) في أوجاع هذا الانتماء المرضي وعواقبه الدموية أو في وجودي الفيزيائي فيه (فأنا كما تعرف لم أغادر هذه البلاد يوماً رغم دنوي من أواسط الخمسينات من عمري) أما إذا عرج الحديث على جوازات السفر فها هو جوازي نظيفاً لامعاً غير مختوم بأية فيزا دخول أو "طمغة" خروج من أو الى أي بلد شقيق أو صديق أو عشيق!

نعم يا عزيزي: أنا أكثر عراقية حتى إشعار آخر.. لم أخرج من العراق، ولا أنوي الخروج منه الا إذا خرج هو مني بطريقة ما.. كأن أصحو يوماً من النوم لأجد نفسي مواطنا في دولة أخرى جديدة أبدأ معها من الصفر الرحلة الشاقة للبحث عن المواطنة الكريمة. وهي رحلة كثيرا ما تكون بالنسبة لمواطن بسيط فقير هامشي لا حول له ولا قوة في بلاد الشرق السعيدة، رحلة شاقة أو خطيرة أو عبثية !

ماذا؟ هل أجفلت من جملتي الأخيرة؟
لا عليك يا عزيزي. لن تكون هذه نهاية العالم. أنه –لو حصل- لن يعدو تعديلاً عادياً في الجغرافية السياسية للعالم الذي شهد وسوف يشهد المئات من هذه السوابق، رغم أنه يكون أحياناً تغييراً مؤلماً عاطفياً وقد تسيل فيه الدماء إذا ركب فيه طرف واحد على الأقل رأسه!
نعيم يا صديقي. كثير من الأخوة الذين يعيشون في بيت واحد يضطرون أحيانا الى الانفصال عن البيت الكبير القديم حاملين معهم زوجاتهم وجوازاتهم وأطفالهم وقلاقيلهم وزعاماتهم ووزاراتهم السيادية والخدمية!

لا تخش شيئاً يا صديقي.. إنه –إن حدث- سيكون مجرد تغيير في جوازات السفر.. المهم أن نظل أصدقاء!
وحتى ذلك الوقت لن أقول يوماً، لا جاداً ولا مداعباً: عوع.. آني أعيش بالعراق؟!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شخير أوديسيوس - شعر
- لا.. لستُ هو! - شعر
- أمة أضحكت الأمم - مو انته مثقف وتفتهم
- ترنيمة جنائزية للسنة - شيللي
- حديث مع مستشار
- اركض يا بابا - شعر
- أغنية الراعي البراغماتي الفصيح
- أحذية - قصة قصيرة جدا
- هي.. وهي - قصة قصيرة جداً
- يوم قتل الخليفة-قصة قصيرة جداً
- رسالة الى صديق
- أغنية الوكيل الأمني-شعر
- أغنية الزنديق الأثيني-شعر
- أغنية للاستراحة بين الفصول
- الجحيم المقدس-شعر ماجد الحيدر
- حكاية عراقية للنوم-قصة قصيرة جدا
- من أجل مجلة أطفال كوردستانية باللغة العربية
- تحقيق - شعر
- الثورة المعلوماتية.. تاريخها.. واقعها.. آفاقها
- عبد السادة البصري- للحقيقة وجوه كثيرة-عن مجموعة ناجون بالمصا ...


المزيد.....




- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...
- التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - عوع.. آني أرجع للعراق ؟!