أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل كاظم العضاض - حول إلغاء البطاقة التموينية؟














المزيد.....

حول إلغاء البطاقة التموينية؟


كامل كاظم العضاض

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 01:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



في النظم الإقتصادية المستقرة والعاملة على وفق أسس إقتصادية وإجتماعية عقلانية وسليمة، لا تقوم الحاجة الى توزيع الطعام المجاني أو المدعوم جزئيا لجعله رخيصا وبسعر يناسب دخول الشرائح الفقيرة في المجتمع. قد يتم اللجؤ الى هذه الحالة عند إنزلاق الحكومة والبلاد الى حروب، او عند حصول كوارث جسيمة، عندها سيكون إتخاذ إجراء، مثل تزويد أصحاب الدخول الواطئة ببطاقات تسمى "تموينية"، لغرض تعويضهم عن إرتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية، مثل اللحوم والرز والطحين والزيوت، وغيرها، مبررا بسبب حصول تضخم هائل يولد، عادةَ، إرتفاعا حادا بالأسعار، وخصوصا للمواد أو السلع الغذائية الأساسية. ولكن، تبني مثل هذا الإجراء يكون في الأصل مؤقتا، أي لحين معالجة حالة التضخم الهائل، ولحين وضع سياسات كافية لجعل الأسعار متناسبة، نسبيا، مع دخول الأفراد، حسب قدراتهم الشرائية. إلا أن ما حصل في العراق من حروب وحصار طويل، قد طال كثيرا، إذ إمتد من ثمانينات القرن الماضي، عندما تورط النظام السابق في حرب دامية مع الجارة إيران، إستمرت لثمان سنوات، تبعتها حربان مدمرتان، الأولى أبان غزو الكويت الطائش في عام 1990، والثانية في عام 2003، عندما غزت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراق. هذه الحروب أدت الى تدمير البنى الإرتكازية للإقتصاد العراقي، وهدمت النشاطات الإنتاجية في الزراعة والصناعة، وحتى في الخدمات، مما أدى، بطبيعة الحال، الى زيادة الفقر والبطالة، فتم الإعتماد على البطاقة التموينية، طوال هذه المدة. ولحسن الحظ، لعب قطاع النفط الإستخراجي دورا أساسيا في تمويل هذه البطاقة التموينية التي شملت أكثر من ربع السكان، على الرغم من عدم كفاءة التوزيع ورداءة نوعية السلع الغذائية الموزعة على السكان.
في ظل الظروف التي سادت خلال اكثر من عقدين، قبل سقوط النظام السابق، لم يكن بالإمكان معالجة الفقر والبطالة، وإعادة إعمار البلاد وزيادة الإستثمار للنهوض في النشاطات الإنتاجية والخدمية، غير النفطية، ولمعالجة البطالة الواسعة، مما جعل الإعتماد على البطاقة التموينية كبيرا، وكانها بطاقة نجاة أو تحوط ضد حصول مجاعات وثورات شعبية! ولكن الأمر كان يبدو مختلفا بعد سقوط النظام السابق في عام 2003، حيث قد مضى ما يقرب من عقد من الزمن حتى الآن، واصبحت العائدات النفطية تصل الى أكثر من مئة مليار لعام 2011 وحده. وتعاقبت قوى سياسية تتداعى لبناء العراق الديمقراطي المزدهر، على الرغم من صراعاتها الفئوية والتحاصصية والطائفية، ولكن، في أضعف الإيمان، كان يمكن تنشيط النشاطات والقطاعات الإنتاجية وخصوصا في الزراعة والصناعة التحويلية غير النفطية، وبما يؤدي الى زيادة المعروض السلعي من الإنتاج المحلي، وإمتصاص البطالة ورفع مستويات الدخول. وكل ذلك، بما يمّكن السكان، وخصوصا ذوي الدخول الواطئة من الإعتماد على قدراتهم الشرائية لإقتناء السلع والخدمات التي تتناسب معها، وبدون الإعتماد على بطاقة تموينية، تقدم لهم أصنافا بائسة من السلع القليلة او المتضاءلة، فضلا عن هدر كراماتهم.
ولكن شيئا من هذا لم يحصل، فسياسات الباب المخلوع تماما أمام تدفق الإستيرادات من مناشئ عديدة، بدون أية حماية أو في الأقل، تمكين إقتصادي ومالي ولوجستي لحماية صناعات الإنتاج السلعي المحلية، فقد مورست حتى سياسات إغراق ضد الصناعات العراقية المحلية التي كانت ولا تزال تكابد من عدم وجود بنى إرتكازية كافية ولا سياسات إئتمنانية ولا دعم لوجستي ومالي وضريبي، كما كانت قد عانت من دمارات الحروب السابقة، ومن هجرة العقول الصناعية في القطاع الخاص. وحينما لا توضع سياست تنموية، بدون فساد، لمعالجة تنمية صناعات الإنتاج المحلي، كيف يمكن إتخاذ قرار لإلغاء البطاقة التموينية؟ وتعويضها بمبلغ نقدي ضئيل لا يتجاوز الخمسة وعشرين ألف دينار؟ ماذا ستفعل العوائل الفقيرة بهذا المبلغ؟، هل يكفي لشراء سلعهم الأساسية والتي ستكون مستوردة بمعظمها، لإن الإنتاج المحلي لا يزال ميتا؟ كما أن هذه السياسة ستمعن في إبقاء الإقتصاد العراقي ريعيا، أي يستخدم عوائد النفط المصدر من أجل الإستهلاك المباشر وغير الكفؤ، وليس من أجل الإستثمار الإستراتيجي، بهدف بناء صناعات محلية دائمة، لمقابلة صناعة نفطية إستخراجية ناضبة!
نخلص من كل ما تقدم الى جملة من النتائج الموجزة، كالآتي:
1. نعم إن سياسة البطاقة التموينية يجب أن تنتهي، فهي بالأصل إجراء طارئ ومؤقت، ولكن يجب أن يتم ذلك بشروط مسبقة، منها تحقيق نهوض شامل في القطاع الإنتاجي المحلي.
2. في غياب السياسات اللازمة لزيادة المعروض المحلي من الإنتاج الوطني، سيوضع الإقتصاد العراقي رهينةَ لمصالح التجارة الدولية، وعرضة لإزماتها المالية والإقتصادية!
3. أن التعويض بمبلغ نقدي ضئيل لأكثر من ربع السكان في العراق، ممن هم دون خط الفقر وبمحاذاته، سوف لن يسد رمقهم، لاسيما وإن تجار المفرد سيزيدون أسعار سلعهم الغذائية الاساسية أضعاف مضاعفة.
4. الأخطر من كل هذا، إن هذه السياسة، بدلا من أن تتصدى لمشاكل العراق التنموية، وفي مقدمتها حالة الإقتصاد الريعي التابع للتجارة الدولية، فإنها بالعكس تماما، تؤدي الى زيادة تحكّم هيمنة الإقتصاد الريعي على النشاطات الإقتصادية الكلية في البلاد.
5. نعتقد ان العقلانية تقتضي أن تراجع الحكومة العراقية الحالية قرارها هذا، وتعيد دراسته ضمن منظور تنموي إستراتيجي وطني.



#كامل_كاظم_العضاض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسات النفطية التي يجب أن يطالب بها التيار الديمقراطي في ...
- الحق معرفة, بدونها يتلطى الباطل
- هل في قلب السواهي دواهي؟
- أصبح الفساد، مقرونا بالفشل، طاغيا في العراق
- عراقيون، هذا هو خيارنا- سوف لن نخدع لمرة رابعة
- حسابات المصالح في محاولات إزاحة المالكي من منصبه
- الديمقراطية -التوافقية- في الميزان
- أجوبة على أسئلة الملف الخاص بتطور تركيب الطبقة العاملة
- بلا عنوان
- ;كيف يمكن أن تُنتزع وتُنتهك مضامين النظام الديمقراطي؟
- المرأة نصفنا الآخر
- هل من سبيل لإصلاح العملية السياسية في العراق؟
- هل هناك تحوّل في الرأي العام العراقي؟
- كيف نفسر الأحداث المحبطة الجارية الآن في العراق؟
- قطوفٌ من الحياة
- كلام عن الديمقراطية بين التهجم والحوار
- متى وكيف يكون النظام في العراق ديموقراطيا؟
- دور القوى اليسارية والتقدمية في ما يسمى بثورات الربيع العربي ...
- لماذا نعبد العنوان ولا ندرك الجوهر؟
- تعليق على مقالة السيد فرج موسى عن إستمرار الحالة الريعية في ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل كاظم العضاض - حول إلغاء البطاقة التموينية؟