مجدى زكريا
الحوار المتمدن-العدد: 3905 - 2012 / 11 / 8 - 20:21
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
قد تتسلل خيبات الامل الى اى علاقة زوجية حتى لو كان الشاب والشابة على انسجام تام فى فترة التودد. ولكن كيف يمكن لاثنين بدا انهما خلقا واحدهما للاخر قبل تبادل نذور الزواج ان يتغيرا كليا بعد الزواج.
يقول الكتاب المقدس ان المتزوجين يعانون ضيقا. وغالبا ما يساهم النقص البشرى فى هذا الضيق. وبالاضافة الى ذلك, قد يقصر احد رفيقى الزواج او كلاهما فى تطبيق مبادئ الكتاب المقدس. لكن فى بعض الاحيان, يكون للرجل او المرأة توقعات كبيرة غير منطقية عندما يتزوجان. فى هذه الحال, يمكن ان يؤدى سوء الفهم الى مشاكل خطيرة.
على غرار معظم المتزوجين, لابد انه كان لديك توقعات عديدة ترغب ان تتحقق فى زواجك. فتوقف هنيهة وتأمل فى نوع الحياة الذى تأمل فيه. هل ترى ان زواجك بعيد كل البعد عن الصورة التى تخيلتها ؟ فى هذا الحال, لا تستنتج انه لا يمكنك حل المشاكل التى تواجهها. فتطبيق مبادئ الكتاب المقدس يساعدك على تقويم الامور. ولكن بادئ ذى بدء, يستحسن ان نفحص بعض التوقعات التى كانت لديك قبل الزواج.
على سبيل المثال, لربما ظننت ىان الحياة الزوجية هى حياة ملؤها السعادة والهناء, تماما كما تصورها القصص الخيالية. او ربما خيل اليك انك ستقضى معظم الاوقات مع رفيق زواجك او انكما ستحلان خلافاتكما بكل سلاسة ونضج. وككثيرين غيرك ربما اعتقدت ان الزواج يلغى الحاجة الى ضبط النفس فى المسائل الجنسية. ولكن بما ان كل هذه التوقعات الشائعة هى غير واقعية, يصاب البعض بخيبة امل فى زواجهم.
بالاضافة الى ذلك, قد يتوقع البعض ان يكون الزواج مفتاح السعادة. الا ان هذا التفكير غير واقعى. فمما لا شك فيه ان ايجاد شريك حياة يمكن ان يكون مصدر فرح كبير. ولكن هل من المنطقى التوقع ان يكون الزواج العصا السحرية التى نزيل بها كل الخلافات ؟ ان كل من يعتقد ذلك يصحى فجأة من اوهامه لينصدم بالواقع المرير.
ليست كل التوقعات يعيدة عن الواقع, فبعضها نابع من رغبات منطقية وسليمة. لكن ثمة توقعات تؤدى الى المشاكل. يقول احد مشيرى الزواج : " الاحظ ان رفيقى الزواج يغضبان واحدهما على الاخر لأن احدهما لديه رغبة ان تتحقق فى حين يكون رفيقه غافلا عن وجود هذه الرغبة من الاساس ". ولفهم كيف يمكن ان يحدث ذلك, تأمل فى المشهد التالى, تتزوج مارى بدايفيد الذى يعيش مئات الكيلومترات بعيدا عن مسقط رأسها. قبل الزواج, ادركت مارى ان الانتقال الى منطقة جديدة سيشكل تحديا لها, وخصوصا انها خجولة بطبعها. لكنها كانت متأكدة ان دايفيد سيساعدها على التكيف. فتتوقع, مثلا, ان يبقى الى جانبها ويساعدها ان تتعرف بأصحابه. لكن ذلك لا يحصل, اذ ان دايفيد استغرق فى الحديث مع اصدقائه الكثر, تاركا مارى بمفردها, فتشعر بأن دايفيد يهملها, لا بل يتخلى عنها. وتتساءل " كيف يمكن ان يكون عديم الاحساس الى هذا الحد ؟
فهل توقعات مارى غير منطقية ؟ كلا, فجل ما تريده ان يساعدها زوجها على التكيف مع محيطها الجديد. فهى خجولة وتشعر بالارتباك حين تلتقى عددا كبيرا من الاشخاص للمرة الاولى. لكن المشكلة هى انها لم تفصح قط عن مشاعرها لدايفيد. ولذلك لا يدرك معاناة زوجته. فماذا يحدث لو استمر الوضع على حاله ؟ يمكن ان يتفاقم استياؤها, ومع مرور الوقت قد تشعر ان زوجها لا يبالى بمشاعرها على الاطلاق.
لربما شعرت انت ايضا بالخيبة والاحباط عندما لم يلب رفيق زواجك حاجاتك. فماذا يمكنك ان تفعل ؟
ان التوقعات التى لا تتحقق يمكن ان تصيبك فعلا بخيبة امل. رغم ذلك يمكنك ان تنجح فى مواجهة هذا الوضع. فاذا شعرت ان ما تتوقعه لا يتحقفق رغم انه منطقى, فناقش المسألة مع رفيق زواجك.
حاول ان تختار الوقت والمكان المناسبين وكذلك الكلمات المناسبة لتعبر عما يقلقك. تكلم بهدوء واحترام. تذكر ان هدفك ليس اتهام رفيق زواجك انما اعلامه بمشاعرك.
ولكن لماذا عليك ان ىتقوم بذلك اصلا ؟ ألا ينبغى ان يدرك رفيق الزواج المتعاطف حاجاتك من تلقاء نفسه ؟ كل ما فى الامر هو ان رفيق زواجك ربما ينظر الى الامور من وجهة نظر تختلف عن وجهة نظرك. ولكن ان اوضحت له مشاعرك فقد يسره ان يأخذها بعين الاعتبار. والافصاح عن رغباتك وحاجاتك لا يدل ان زواجك فاشل, او ان رفيق زواجك عديم الاحساس. لذلك لا تتردد فى مناقشة المسائل معه. مثلا, فى الوضع المذكور انفا, يمكن ان تقول مارى لدايفيد " انا اشعر بالارتباك حين ألتقى عددا كبيرا من الناس. فما رأيك ان تساعدنى لأتعرف بالجميع الى ان اعتاد محيطى الجديد ؟ ".
والان تأمل من المسألة من زاوية اخرى, لنفترض ان رفيق زواجك اقترب منك ليخبرك بأنه يتألم لأنك لا تحقق له احد توقعاته المعقولة والمنطقية. اذا حدث ذلك, فأصغ له. ولا تحاول ان تتخذ موقفا دفاعيا, بل كن سريعا الى الاستماع بطيئا فى التكلم, بطيئا فى السخط. كما ينصح الكتاب المقدس.
يمكنك ان ىتنجح فى ذلك اذا تخيلت نفسك مكان رفيق زواجك. يقول الكتاب المقدس " ايها الازواج ابقوا ساكنين معهن ( زوجاتكم ) بحسب المعرفة ". او حين تنقلها ترجمة اخرى " انتم ايها الازواج يجب ان تحاولوا فهم الزوجات اللواتى تعيشون معهن ". بطرس الاولى 3 عدد 7. طبعا, على الزوجات ان يبذلن ايضا الجهد نفسه عند التعامل مع ازواجهن.
تذكر انك مهما كنت على انسجام مع رفيق زواجك, فانتما لا تنظران الى كل المسائل بالمنظار نفسه. (هناك شرح لهذه النقطة نهاية المقال ) وهذا امر جيد, اذ ان النظر للمسائل من وجهة نظر شخص اخر امر مفيد. وحين بدأتما حياتكما الزوجية كانا لكل منكما توقعاته النابعة من ثقافته وخلفيته العائلية. نتيجة لذلك, قد تكونان واقعين فى غرام واحدكما الاخر وفى نفس الوقت مختلفين بشأن بعض التوقعات.
مثلا, قد تعرفان كلاكما مبدأ الكتاب المقدس عن الرئاسة الزوجية. ( افسس 5 عدد 22 و 23 ) ولكن كيف ستمارسان انتما بالتحديد هذا المبدأ, وكيف ستعرب الزوجة عن الخضوع ؟ هل يوجهكما مبدأ الكتاب المقدس هذا, وهل تبذلان جهدا حقيقيا لاتباعه ؟
قد تكون لديكما ايضا وجهات نظر مختلف حول القضايا الحياتية التى تواجهكما كل يوم. فمن الذى سيهتم بأعمال منزلية معينة ؟ كم من الوقت ينبغى صرفه مع الاقرباء, ومتى ؟ وكيف يظهر رفيقا الزواج ان يضعا زواجهما فى المقام الاول ؟ اما فى المسائل المالية, فمن السهل الوقوع فى الدين. لذلك من الحكمة ان يكون المرء اقتصاديا. ولكن ماذا يعنى بالتحديد ان يكون المرء اقتصاديا ؟ من المفيد ان يناقش رفيقا الزواج هذه المسائل بصراحة واحترام.
ان التواصل يؤدى الى تعزيز العلاقة السلمية بينكما. حتى ولو لم تتمكنا من تحقيق كل التوقعات حتى الان. كما انه سيساعدكما على تطبيق نصيحة الرسول بولس بشكل افضل " استمروا متحملين بعضكم بعضا ومسامحين بعضكم بعضا ان كان لأحد سبب للتشكى من اخر ". - كولوسى 3 عدد 13.
سيكون المقال القادم عن مبدأ الرئاسة " الرجل رأس المرأة " واهميته بالنسبة لنجاح الزواج وفائدته للعائلة ككل.
ما يمكنك فعله الان
- راجع توقعاتك مجددا. هل هى واقعية ؟ هل ما تتوقعه من رفيق زواجك يتخطى المعقول.
- حاول ان تعدل توقعاتك غير المنطقية. مثلا, بدل ان تقول " لن نختلف ابدا, صمم على حل خلافاتكما بسلام.
- ناقشا توقعاتكما, فالصراحة المتبادلة هى خطوة اساسية لكى تعرفا كيف يمكنكما الاعراب عن المحبة والاحترام واحدكما مع الاخر.
المنظر نفسه بمنظارين مختلفين
" تخيلوا حشدا من السياح ينظرون الى منظر طبيعى رائع. فرغم ان الفريق بكامله يشاهد المنظر نفسه, يراه كل شخص بصورة مختلفة. ولماذا ؟ لأن لكل فرد وجهة نظر مختلفة. فلا يقف شخصان فى الموقع نفسه تماما. وفضلا عن ذلك, لا يركز كل شخص على القسم نفسه من المنظر. فكل شخص يجد ان ناحية مختلفة هى جذابة على نحو خصوصى. ويصح الامر نفسه ضمن الزواج. فحتى عندما يكونان منسجمين جدا, لا يشترك الرفيقان تماما فى وجهة النظر نفسها من الامور . . . يشمل الاتصال الجهد لمزج تلك الاختلافات فى علاقة جسد واحد. وهذا يتطلب كسب الوقت للتكلم ".
#مجدى_زكريا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
