أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - المنظّرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي















المزيد.....

المنظّرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3870 - 2012 / 10 / 4 - 21:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


رغم إن الشيعة من الناحية النظرية هي مذهب متفرع من المحمدية، إلا أنها كواقع تعامل كطائفة، وكل وسائل الإعلام العربية والتصريحات السياسية تتعامل معها كطائفة مثل الصراع أو النزاع الطائفي أو الحرب الطائفية، السياسة الطائفية، المحاصصة الطائفية، الأحزاب الطائفية، عندما يدور الحديث عن السنة والشيعة أو بين إيران والسعودية، وهذا ما يجعل الشيعة أشبه بدين داخل دين، لأنها المذهب الذي يختلف في الأسس المتفق عليها في بقيت المذاهب الأربعة (الحنفية، المالكية، الشافعية، الحنبلية) حول حياة (محمد عبد الله) مؤسس الإسلام، ومكانة أصحابه وتولي الخلافة من بعد وفاته، لأنهم يعتقدون أن (محمد عبد الله) كان ينوي تسليم السلطة إلى ابن عمه (علي بن أبي طالب) بأمر من الله، وانه تم خيانة هذا الأمر الرباني من قِبل أصحابه المقربين بعد وفاته وظلوا يحاربون أحفاده ويغتالوهم واحدا تلو الآخر، ما جعل الشيعة تقرأ التاريخ الإسلامي برمته من هذه الواقعة المفترضة، وتميز الأتباع من الخصوم من خلالها، وما زاد الطين بله هو القمع الوحشي للتمرد المسلح الذي قاده (حسين علي بن أبي طالب) ضد سلطة (يزيد ابن معاوية) ما جعل الشيعة تتخذ من تلك الحادثة السياسية نقطة القطيعة مع المذاهب الأخرى التي حسبوها على السلطة، لكن الناس فيما بعد لم تتأثر بتمرد (حسين علي) وإنما بشخصه وتحويل هذا التمرد إلى شعارات وكلام ومتاجره بدمه، فنرى طقوس تمجيده تتمحور على البكاء ولطم الصدر، وضرب الظهر بالسلاسل، وشق الرأس بالسكين، والمشي لزيارة ضريحه، وتمثيل المعركة بمبالغة في البطولة والتأسي على الخسارة، مصورين إنها كانت ثورة دينية وليست سياسية، وهذا عبادة شخصه بعيدا عن موقفه السياسي المتمرد على السلطة؟ والإنسان بدون المواقف لا قيمة تاريخية له بالمرة.
لكن ما الذي جعل الناس تستلب قضية (حسين علي) السياسية إلى طقوس جمعية لا قيمة لها ولا علاقة لها بتمرده سوى ترديد الشعارات ونواح وضرب الجسد دون أن تؤثر على الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟. إن شخصنه القضية السياسية في (حسين علي) وأحفاده هو من ابتكار المنظرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي لفكرة الدم المقدس المنحدر من (محمد عبد الله) هذا الدم المتوارث يورث القدسية للأحفاد حصرا بأشخاصهم لا بأفعالهم، وهذا الذي شخصن قضية (حسين علي) به، وبأحفاده بدون أن يخوضوا أي تمرد أو تحدي للسلطات كما فعل جدهم، بل التزموا مبدأ السكوت والصمت ضد السلطة الظالمة كما يعتبرونها، ومع ذلك أصبحوا مقدسين لمجرد توارثهم للدم المقدس؟ وهذا سر شيوع عبادة الفرد عند المجتمعات الشيعية التقليدية كما في العراق وإيران، فحتى الذي لم يتفقه بالدين ولكنه يحمل هذا الدم المقدس يسمى (سيد) فلان، وله غالبا مكانه خاصة من الاحترام، وينسب له في بعض الأحيان معجزات أو قدرات خارقة كأن يشفي المرضى، ويستجاب الدعاء، ويبلي الخصوم بالكوارث، ويشار إليه (جده رسول الله) وحين يرتكب الأخطاء أو الشرور كأي إنسان، يتعجب الناس عليه كيف يرتكب هذه الأخطاء وهو سيد، وكأنه ليس إنسان! فبدل أن يُقيم الأشخاص بمواقفهم أصبحوا يقيّمون بأشخاصهم فقط، وهذا يعني توحد مواقفهم بأشخاصهم وليس بأفعالهم؟ ما دام يسري في عروقهم الدم المقدس، وهذا ما يعمل عليه المهندسون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي الذي يرتكز على ستراتيجيات سياسية هي، توارث الدم المقدس، صناعة العدو وتضخيمه، الفرقة الناجية، الاختلاف والقطيعة، فالدم المقدس كما قلت هو من ورث القدسية للأحفاد بأشخاصهم، ومهد لمبدأ (العصمة) و (ولاية الإمام) الربانية، وصناعة العدو وتضخيمه، هذه الإستراتيجية هدفها فرض قانون طوارئ اعتقادي لجعل الناس في حالة استنفار وتطرف فكري واعتقادي، ونفير طائفي عام حفاظا على معتقدهم المهدد بالبقاء لأنهم في حالة حرب، فتلغى كل إشكال الحوار والتسامح والمشاركة والتعدد والاختلاف الفكري، لأنهم نظرائهم أعداء، ويجب إسقاط الانتماء الديني والوطني والإنساني عنهم، لتخوينهم وتكفيرهم، لهذا لا ينبغي التشبه بهم، والزواج منهم، ومعاشرتهم لأنهم ضالين وكفره ومن هنا يأتي القتل المقدس من أجل الحقيقة الربانية؟ ويجب أن يضخم العدو الذي يواصل الدسائس والمؤامرات والفتن للقضاء عليهم، حتى يستمر قانون الطوارئ ألاعتقادي في حالة الحرب الدائمة، لهذا تركز القنوات الفضائية والمحلية وخطب المنابر للفكر الشيعي التقليدي على الخطر الوهابي والسلفي والسني وعن دسائسهم ومؤامراتهم بالتاريخ والحاضر والمستقبل؟، ثم تأتي ستراتيجية الفرقة الناجية، التي تصورهم أنهم المنصورين من الله، وحزب الرب، لأن الله معهم، وهم مع الحق وخصومهم مع الباطل، والعالم كله سيخضع لهم ولنظريتهم السياسية بعد ظهور المنقذ الذي سيحكم الأرض كما تتضمن أسطورتهم، أما ستراتيجية الاختلاف والقطيعة هي الحلقة المكملة للحلقات السابقة لتميز الإتباع من الخصوم، وليكون دالة على انتمائهم وهويتهم، ابتدأ من الطقوس والعبادة ثم الأسماء والأزياء والمناسبات الدينية وقراءة التاريخ ونظرية الحكم الخ لتصبح ثنائية جماعتنا وجماعتهم، هم ونحن، بالتالي تكوين نسق ثقافي شبه مستقل داخل الأمة، لهذا تتكون مناطق ذات أغلبية من طائفة واحده يتميزون بعادات وتقاليد تخصهم، والذي ينتقل من مذهبه لمذهبهم يُستقبل بسرور كأنه دخل إلى دين جديد بعدما كان ضالا ويقاطع من أهله أو أصدقائه أو تصبح علاقته متوترة بهم باعتباره ارتد؟.
إن هذا التضخم النرجسي العابر للقارات لطائفة تعتبر أقلية بالنسبة للمسلمين هو رد فعل على هذه الحقيقة معوض بهذه الأسطورة النرجسية التي تحقق إشباعا مرضيا جماعيا، وتضخيم العدو هو أيضا تضخيم للذات، فخصمي شرس وقوي لأني أنا قوي وشرس، ولأني مع الحق والرب فهو مع الباطل والشيطان. ويخيل لي أن الفكر الشيعي التقليدي برمته رد فعل على كونه أقلية تتعرض للتهميش من الماضي حتى الحاضر من أغلبية سنية، لهذا جعلوا من مذهبهم هويتهم تتقدم على الانتماء العربي، فنراهم يتعاطفون مع إيران والبحرين والنظام السوري لكونهم شيعة (وإن كان نظام بشار الأسد علماني)، ولهذا نرى هذا التضخيم المبالغ به لشخصياتهم المقدسة كمكانتهم عند الله التي تفوق الأنبياء السابقين، ومكانتهم بالإسلام بل وفي العالم كله، وعلمهم الشامل العابر للزمن والقارات الذي سبق العلم المعاصر، انتهاء بالمنقذ (المهدي) الذي سيحكم العالم بالقوة ويقيم العدل والدولة العالمية الشيعية (ولاية الإمام)!! ولهذا نرى تعليق صور شخصياتهم المقدسة الأموات والأحياء على البيارق والجدران والساحات، وتسمية أطفالهم ومناطقهم ومحلاّتهم بأسماء هذه الشخصيات، وتمثيل مسرحيات شعبية بالعراء (تشابيه) لمعركة (حسين علي)، واللطم الجماعي بضرب الصدر باليد، والظهر بالسلاسل، وحز الرأس بالسكين أو السيف، وترديد أشعار بكائية لمذهبهم.
يَعتبر الفكر الشيعي التقليدي إن خلافة (علي بن أبي طالب) وفقه ذريته وأخلاقهم هي نهاية التاريخ، لكن بما أن هذه الشخصيات هي فوق إنسانية ولا يمكن بلوغ مراتبها مطلقا، لكونها معصومة ومقدسة، تصبح تجربتهم هي تجربة غير صالحة للبشر، لأنها خارج الإنسانية، وهذا ما يبرر عدم تجسيد هذا النموذج المثالي إلى الآن، ويبرر الاستبداد والتطرف في الفكر الشيعي التقليدي.
ومن الطبيعي أن منظرين هذا الفكر السياسي يحاربون الفكر الشيعي التقدمي غير التكفيري ويتهمونهم بالكفر مثل، محمد القبانجي، حسين فضل الله، وعبد الكريم سروش، محمد تقي المدرسي، ضياء الشكرجي، وحسن العلوي، وغيرهم من المنظرين التقدميين للفكر الشيعي. وهذا النقد ذاته ينطبق على المنظرون السياسيون للفكر السني المتطرف الذي تمثله قناة (صفا) و(بيان) و (وصال)، والفكر الوهابي والتكفيري الذي بدوره يحارب الفكر السني التقدمي الذي يمثله، محمد عبده، محمد اراكون، حامد أبو زيد، فرج فوده (الذي اغتيل على يد متطرفين إسلاميين)، وغيرهم. وهذا النقد لا يشمل الناس العوام لأنهم ضحية المنظرون السياسيون الذين يلقنوهم بوسائل الإعلام والمساجد والكتب والأكاذيب والإشاعات.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة عزيز علي
- الإسلام بين خطاب الحداثة والسلفية
- الإستبداد المقدس
- خاتمة كتاب (تأملات في الأديان السياسية)
- جدار المرحاض الحر
- بين مقتدى الصدر وصدام حسين
- فلسفة الخطأ الإنساني
- تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي
- من ذاكرتي بين عهدين
- حقيقة انتمائي
- السياسة في نظرية الحق الشعبي
- صورة المرأة الثنائية في المجتمع العربي
- أربع قصائد سياسية
- فلسفة الحب الأسطورية في المجتمع العربي
- أسطورة الشيطان ونظرية المؤامرة
- التحولات المُعاصرة للمقدس في الغرب
- التطور العلمي والانتخاب الحضاري
- غاية الإنسان ؟
- ملاحظات حول الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب
- ما هو الإسلام الحق؟


المزيد.....




- بوتين يؤدي اليمين لولاية خامسة في حكم روسيا: لا نرفض الحوار ...
- لافروف يؤكد مع نظيره السعودي ضرورة توحيد الجهود لحل الصراعات ...
- 1.5 ألف جندي ومدرعات غربية ومستودعات وقود.. الدفاع الروسية ت ...
- وسائل إعلام: -حزب الله- أطلق 6 مسيرات مفخخة من لبنان باتجاه ...
- يوم عالمي بلا حمية غذائية.. شهادات لأعوام في جحيم الهواجس ال ...
- ماذا نعرف عن -رفح-- المعبر والمدينة؟
- وزيرة الخارجية الألمانية تضيع ركلة ترجيح أمام فيجي
- -جدار الموت-.. اقتراح مثير لسلامة رواد القمر
- لحظة دخول بوتين إلى قصر الكرملين الكبير لأداء اليمن الدستوري ...
- معارك حسمت الحرب الوطنية العظمى


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - المنظّرون السياسيون للفكر الشيعي التقليدي