أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (1)















المزيد.....

المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (1)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 3868 - 2012 / 10 / 2 - 14:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توطئة

إن احدى مفارقات الثورة العربية الحالية او ما أطلق عليه تسمية الربيع العربي تقوم في كمية ونوعية المواقف منها، بما في ذلك من جانب أولئك الذين يؤيدون الثورة من حيث معتقداتهم الأولية ومزاجهم الفردي والاجتماعي. بحيث نقف أمام كم هائل من المتناقضات في رؤية طبيعة ومجرى الأحداث. فإذا كان الانطباع والمزاج الأولي يبدو هائجا ومتحمسا ومتحزبا لها، فان مجراها اللاحق وبعض "نهاياتها" الأولية أخذت تثير الأسى والحزن والموقف المعارض والمناهض. بل ودفع البعض، بما في ذلك من يتصف بتراث علمي رصين ورزين إلى أن لا يجد فيها، بسبب "انتصار الإسلام السياسي" أكثر من "مؤامرة" كولونيالية جديدة. وذلك لأن "الإسلام السياسي" من حيث الأصل والجذور هو نتاج مؤامرة بريطانية قام بوضع أسسها النظرية مستشرق او مستشرقان بريطانيان!!
هذه الرؤية وأمثالها العديدة تشير أولا وقبل كل شيء إلى حالة الهبوط المنهجي إلى مستوى الصحافة العادية والركيكة في موقفها من ظاهرة تتميز بتعقيد هائل. والقضية هنا ليست فقط في أن "الإسلام السياسي" هو ظاهرة اعقد بكثير مما احتوته كل الدراسات التي كتبت عنه في مجرى قرن من الزمن وليس عقدا او عقدين. وذلك لأنه ظاهرة كونية وتاريخية كبرى تندرج ضمن ما ادعوه بالصيرورة الجديدة للمركزية الإسلامية الحديثة.
أن سبب هذا الهبوط في الرؤية والتفسير يقوم في تغليب مزاج التأويل على الأحداث وتغليب المواقف الأيديولوجية الصرف منها. وليس مصادفة أن يلتقي "اليمين" و"اليسار" من حيث الجوهر في الموقف من إشكاليات "الربيع العربي". بمعنى إنهما كلاهما لا يريان ماهية وحقيقة الثورة العربية بوصفها انتقالا بنيويا كبيرا، رغم تشوه بعض ملامحها الظاهرية، من نفسية الزمن إلى فكرة التاريخ.
وفيما لو جرى وضع هذه الفكرة ضمن سياقها التاريخي، فإنها تعني، أن إشكالية الربيع الحالي المثيرة للجدل، تقوم في كونه الخطوة الأولية الضرورية في المسار السليم للتاريخ العربي الحديث. ومن ثم لا علاقة لها "بالحقيقة الأيديولوجية"، أي بأشباح الأهواء، بل بالوقائع الفعلية الكبرى، بوصفها حقائق المنطق التاريخي. وذلك لأن مشكلة التاريخ العربي الحديث تقوم في انه لم يكن تاريخا فعليا، بل زمنا ساريا في بنية تقليدية لم تعمل إلا على إعادة إنتاج نفسها. وذلك لأنها كانت منذ بداية الدولة الحديثة، أي المتحررة من نير العثمانية والخاضعة للهيمنة الكولونيالية الانجلو - فرنسية ، مقلوبة على رأسها. الأمر الذي جعل من تاريخ الصيرورة العربية الحديثة زمنا تائها في أفلاك الهيمنة الأجنبية والتقليد الأهوج لمنجزاتها وحالتها التاريخية. من هنا صعود الفكرة الليبرالية ثم الاشتراكية ثم القومية ثم الإسلامية في الوعي الاجتماعي والسياسي العربي، بينما يفترض منطق التاريخ الفعلي، بوصفها تطورا تلقائيا السير بصورة معاكسة تماما ومرتبة بما يتطابق مع حقيقة التراكم التاريخي في العلم والعمل، أي الارتقاء من الرؤية الدينية إلى القومية، ومنهما إلى الليبرالية فالاجتماعية (الاشتراكية). وضمن هذا السياق والرؤية يمكن النظر إلى "انتصار" التيارات الإسلامية بأنها الخطوة السليمة والضرورية للمسار التاريخي الطبيعي. بمعنى أنها الخطوة الأولية الضرورية في المسار السليم للتاريخ العربي الحديث. ومن ثم النظر إليها باعتبارها الواقعة التاريخية الفعلية الكبرى، أي بوصفها جزء من حقائق المنطق التاريخي، وليس نتيجة او برهانا على "حقائق" الفكرة الدينية.
أن مشكلة اليسار المنهجية بهذا الصدد توصله إلى انه لا يرى في نهاية "ثورة الربيع العربي" غير "يمين"، بينما لا يرى فيها "اليمين" غير نموذج صالح و"صراط مستقيم" مؤيدان لعقيدته الدينية! ذلك يعني أن كل منهما يرى بعين واحدة والجمع بينهما محال. كما انه لا معنى للجمع بينهما، لأنهما نقيضان هما عين الحول في البصر والبصيرة! وذلك لأن هاجس الحقيقة الكامن في رؤية الوقائع والحقائق كما هي تقوم في رؤية ما يجري من خلال الجمع بين متناقضات الواقع الفعلية القائمة، وليس رغبات وتصورات الجسد الأيديولوجي وأصنامه الصغيرة الفاعلة في مقولات ومفاهيم وقيم "اليسار" و"اليمين" على السواء.
كل ذلك يجعل من الضروري أولوية وجوهرية السؤال التالي: ما هي الصيغة العقلانية والدقيقة المتعلقة بحد وحقيقة ما يجري؟ وبالتالي كيف يمكن فهم حقيقة ما يجري عبر جمع الأضداد فيها، أي رؤية النظام في الفوضى، والانسجام في الهوس، والمعنى في العبث، والغاية في الوسائل، والمستقبل في الحاضر، والزمن في التاريخ؟
من هنا فان مهمة هذا البحث، وبالتالي مجموع حلقاته تشكل من حيث المنهج رؤية فلسفية لمسار الثورة العربية وغايتها. وكل ما فيها يتجه ويهدف إلى كشف طبيعة ونوعية مسار الثنائيات المتضادة لليأس والبأس، والقنوط والأمل وأشباهها المتنوعة في كل ميادين ومستويات الوجود الفعلي للعرب المعاصرين، أي كل ما أضعه بمعايير الفكرة الفلسفية عن وحدة الزمن والتاريخ، بوصفها أيضا الأسلوب الضروري للخروج من مضيق المتناقضات العقائدية والرؤية النفسية وأشباح الأهواء وخرافات الأيديولوجيات المحنطة!
***

أن الأحداث التاريخية الجسام عادة ما تختزل الأمور العظام في عبارات مقتضبة، كما لو أنها تريد تكثيف معاناة اليأس والكسل في أصوات غاضبة هي عين البأس والأمل. تماما كما تولول النساء وتزغرد زمن الأتراح والأفراح، أي رغبتها في قول كل ما ينبغي قوله في أصوات لا معنى فيها لغير البهجة والأنين! ومن الممكن رؤية هذه الحالة في تلك الكلمات الغاضبة والجميلة التي دوت على ألسنة الجموع البشرية في ميادين المواجهة الكبرى ضد السلطة في عواصم عربية عديدة لا عصمة فيها لغير التسلط والاستبداد. فقد اكتفت هذه الجموع بعبارة مقتضبة واحدة وهي "الشعب يريد إسقاط النظام!". بحيث تحولت إلى بداية ونهاية وترديد الأغنية الجديدة التي تتكاثف فيها رؤية العقل ووجدان الضمير. ليس ذلك فحسب، بل وتحولت إلى أغنية العرب الكبرى! وللمرة الأولى في تاريخ العرب الحديث لم يعد يجري الحديث عن ثورة مصرية وسورية وبحرينية وعراقية وتونسية ويمنية وجزائرية وسودانية وما إلى ذلك، بل عن "ثورة عربية" و"ربيع عربي"، أي كلّ جامع. الأمر الذي يشير إلى نهاية الزمن الجزئي وبداية التاريخ العربي الموحد. وهي عملية معقدة وشائكة ومتناقضة وطويلة، شأن كل حدث تاريخي تلقائي هائل وبنيوي من حيث مساعيه ورغباته وغاياته.
فالتجارب التاريخية للأمم بشكل عام وتجارب التاريخ السياسي العربي الحديث بشكل خاص تبرهن على أن زمن الاستبداد هو سراب وغبار. مما يعطي لنا إمكانية القول، بان معاصرة المستقبل وتحقيق مكوناتها في الدولة الشرعية والمجتمع المدني والنظام الديمقراطي الاجتماعي هي ضمانة الحل الفعلي لإشكالية السلطة والدولة، والزمن والتاريخ. ولا يعني هذا الحل في الواقع سوى ضرورة تحويل فكرة السلطة والسلطان إلى فكرة الدولة الشرعية، وفكرة الزمن الساري إلى التاريخ المتراكم في وعي الذات القومي. حينذاك سوف لن نكون بحاجة إلى تأمل السبيكة السيئة لزمن السلطة وأشكالها المتنوعة في "العهد البائد" و"الحقبة السالفة" و"العقود المظلمة". حينذاك يصبح الزمن زمننا نحن، أي مسارنا في التاريخ الفعلي بوصفنا قوة مستقبلية.
للسلطة زمن متناه، يقوم في كونها عرضة للتغير والتبدل والزوال. كما أن للزمن سلطة غير متناهية، يقوم في كونه تيار الوجود نفسه. وهي أمور بديهية من وجهة نظر المنطق، لكنها معضلة من وجهة نظر التاريخ والسياسة. من هنا فان المهمة تقوم في حل هذه المعضلة من خلال جعل السلطة والزمن تيارا واحدا في صنع المستقبل، أي تحويلهما إلى تاريخ الدولة والأمة استنادا إلى ما يمكن دعوته بثقافة الإجماع الضروري على أولويات أو مرجعيات قومية متسامية.
وعموما يمكننا الحديث بهذا الصدد عن نوعين من المرجعيات الكبرى، الأولى وتنتمي إلى مرتبة المرجعيات الثقافية المتسامية، والثانية إلى مرتبة المرجعيات التاريخية العملية. والأولى تتراكم في مجرى صيرورة الثقافة ومنظومة القيم النظرية والعملية، والثانية تتعلق بكيفية حل الإشكاليات الكبرى المتعلقة بفكرة الدولة والأمة (المجتمع). والأولى ما زالت كامنة في تراث العرب الثقافي دون أن تتحول إلى واقع له إجماعه الفكري القادر على بلورة حدود ومنظومة وعي الذات القومي والثقافي. والثانية لم تتكامل بعد في منظومات نظرية تتمثل التجارب التاريخية الحديثة (القومية والعالمية)، كما أنها لم تحصل على قبول معقول بمعايير الإجماع السياسي لأولويات وحدود المصالح الاجتماعية والوطنية والقومية الكبرى.
أن انعدام او ضعف إدراك هذه المرجعيات وقيمتها النظرية والعملية يؤدي بالضرورة إلى نتيجة واحدة ومتكررة ألا وهي تكرار الأحداث والزمن. فالخروج على منطق الأولويات أو المرجعيات الكبرى للإجماع الوطني والقومي يؤدي بالضرورة إلى تنشيط مختلف أصناف وأشكال ومستويات الهمجية. ويترتب على ذلك بالضرورة تنشيط نفسية وذهنية العداء والعنف المتبادل، وبالتالي السقوط في وحل الانحطاط وهوة الموت. ومن الممكن العثور على آثار ضعف وخلل فاعلية المرجعيات التاريخية العملية (السياسية) في تنوع وتعمق و"حذاقة" الاختلاف واحتراف الاحتراب بين الدول العربية ونخبها، بما في ذلك الثقافية والاجتماعية. ولعل قضية الصراع الطائفي المستفحلة مع بلوغ حالة الاحتراب الداخلي ذروته (وهي بداية صحة مستقبلية رغم طابعها المؤلم)، وانفراط الإجماع حتى حول قضية فلسطين، باعتبارها قضية وجود قومي ثقافي وليست حدودا جغرافية، احد مظاهر ضعف وخلل هذه المرجعيات.
وقد حدد هذا بدوره طبيعة النقص الجوهري في العالم العربي المعاصر، والقائم في فقدانه للمعاصرة الذاتية. وبالتالي، فانه مازال مفتقدا للقوة القادرة على توحيد الأبعاد القومية الجوهرية ومنظومة البديل الاجتماعي السياسي الحر. والقيمة التاريخية الكبرى للثورة العربية ومجرياتها الحالية (منذ عام2011) وأشكالها وتناقضاتها تقوم من حيث صيغها الأولية وأساليبها، في كونها الحدث الفريد الذي يحتوي في الواقع على كل المكونات الجوهرية لتأسيس البدائل العقلانية والإنسانية في العالم العربي. فالعالم العربي، عالم هائل وتراث عظيم. وفي الوقت نفسه واقع بائس وبدائي. وما بين هذين القطبين المتناقضين تندلع شرارة البدائل الكبرى. ولا بدائل كبرى واقعية وعقلانية قادرة على ردم هذه التناقض أو الهوة أو الخلاف بين إمكانيات هائلة وتراث عظيم من جهة، وواقع بائس وبدائي من جهة أخرى، غير إرساء الدولة الحديثة ونظامها السياسي الشرعي والديمقراطي. فهي المقدمة الضرورية للانتعاش القومي والاجتماعي. ومن ثم مقدمة الصعود العربي الجديد.
وشأن كل عملية تاريخية كبرى عادة ما يتداخل فيها الوهم والخيال مع الحصافة والتعقل الرزين. ولا غرابة في الأمر. فالحياة خليط هائل لا ينتظم إلا بمتناقضاته! وينطبق هذا بالقدر نفسه على حياة الأمم. إذ لا تنتظم متناقضاتها إلا عبر إرجاعها إلى حقائقها الأولية، أي أولوية الحياة العاقلة والمحكومة بما كان أسلافنا يدعوه بالعقل الفعال. فهي المقدمة الضرورية لجعل فكرة الاحتمال الواقعي والعقلاني أسلوب الحياة نفسها. وبالتالي، فان حقيقة اللحظة التأسيسية الحالية بالنسبة للعالم العربي تعادل من حيث الأسلوب والمعنى مضمون العقل الفعال، أي العقل التاريخي للأمة من اجل تذليل زمن الخراب والضياع والتخلف!
ولا يعني ذلك من الناحية السياسية سوى العمل من اجل تحويل الزمن إلى تيار التاريخ الحديث (المعاصرة والحداثة) وليس إلى مجرد الانهماك الدائم من اجل ترميم العلاقة الخربة بين السلطة والمجتمع. فالتجربة التاريخية للعالم العربي في مجرى القرن العشرين كله تجعل من الضروري الإجماع الملزم للحركات الاجتماعية والسياسية على مبادئ عملية بالنسبة لبناء مكونات المعاصرة الذاتية المبدعة. والمقصود بهذا الإجماع هو ما أشرت إليه أعلاه عن قيمة المرجعيات التاريخية العملية. لاسيما وأنها مرجعيات تاريخية يمكن بلورتها من خلال الاعتماد أيضا على إعادة النظر النقدية في تراث المرجعيات المتسامية من خلال استلهام قوتها ونموذجها المجرد بالنسبة لحل إشكاليات المعاصرة والمستقبل. وهذا بدوره مرتبط بتجانس الرؤية السياسية واشتراكها ضمن حدود عامة مثل الإقرار بفكرة الدولة الشرعية، والنظام الديمقراطي، والمجتمع المدني، وسيادة القانون وحقوق المواطنة، أي كل ما يجعل من السلطة أداة إدارية خاضعة لعقد اجتماعي ووطني وقومي عام. فهي المقدمة الضرورية لتكامل المبادئ الكبرى أو المرجعيات العامة القادرة على تربية إجماع عقلاني وواقعي وإنساني النزعة في مواجهة الإشكاليات الكبرى للمجتمع والدولة والأمة. ولا يمكن بلوغ ذلك دون تلقائية التطور التاريخي للمجتمع والدولة والثقافة القومية، التي تذلل لاهوت التخلف الكامن في بنية الوعي العربي وذهنيته الثقافية الحالية.
أما الصيغة العملية المباشرة لها فتقوم في جعل الاقتصاد الديناميكي، والنظام الاجتماعي العادل، والثقافة الإنسانية الراقية، والعلم المتنور والتكنولوجيا الرفيعة، والتربية العقلانية الشاملة، منظومة مبادئ متكاملة بالنسبة لوعي السياسي والقومي. فهو الأسلوب الوحيد القادر على تذليل الضعف البنيوي للعالم العربي. كما انه الأسلوب الضروري لبلوغ البدائل العقلانية والإنسانية الفعلية. ولا يعني ذلك بالنسبة للعالم العربي المعاصر سوى بناء أسس التاريخ الذاتي، أي التاريخ الذي ينفي الاغتراب والافتراق الفعلي بين المجتمع والدولة، أي بين التاريخ ووعي الذات. وهي المسئولية المشتركة للدولة والمجتمع بقدر متكافئ.
فقد ظلت أهرامات مصر الوحيدة الشاهدة على "عجائب الدنيا السبع"، تماما كما بقيت مكة الوحيدة الشاهدة على "معجزة" التحدي والصبر في إرساء أسس البدائل الكبرى. ومن ثم تحولها إلى ارض القبلة الروحية والجسدية، أي الأرض التي تشتاق إليها شفاه الروح والجسد! وليس في هذه الصورة الرمزية ما يلزمنا بقبول ما فيها كما هي. لكنها تلزمنا من حيث المعنى الكامن فيها بوصفها إشارة على تحدي النفس ومواجهتها بصبر الحكمة المرّة، باعتباره أسلوب الإرادة الحية في فطم نفسها من ثدي العبودية والخنوع أمام أصنامها الجديدة.
وليست الثورة العربية الحالية سوى الصورة الأولية لهذه الحالة التي قلبت للمرة الأولى على امتداد مائة عام، وقبلها قرون من الغيبوبة والظلام، ميزان العلاقة الضرورية بين الزمن والتاريخ. ومن ثم وضع النفس أمام الامتحان الأعقد للمستقبل، أي العيش بمعاييره ومتطلباته. وبالتالي لا معجزة للعرب الآن سوى تذليل العجز القائم في سيطرة الزمن واضمحلال التاريخ عبر إعادة الاعتبار للكينونة الاجتماعية وتنشيطها صوب تكاملها الذاتي بوصفه مشروعا مستقبليا. بمعنى العيش بمعايير الحداثة ومنافسة الأمم في صنع البدائل الكبرى. وذلك لان العالم العربي لا يمكنه الآن الافتخار بأي شيء من هذا القبيل. وافتخاره الوحيد هو ظهور قدرة التحدي والمواجهة لأصلف الأنظمة الدكتاتورية الخربة في العصر الحديث! وبما أنها "دكتاتورياتنا"، أي جزء من خرابنا المادي والمعنوي، فان مهمة تذليلها من اجل الانطلاق في عوالم الحرية غير المتناهية هي خيارنا أو اختيارنا الوحيد للبرهنة على إننا أمة حية، وأن المستقبل الإنساني الحضاري الذي جرى وضع أسسه ومدارسه الأولية هنا قبل ألوف السنين هو ليس وهما بل حقيقة فعلية. بمعنى انه يلزمنا بما فيه! وهو الشيء الوحيد الذي لا خيار فيه بوصفه اختيارا واختبارا أبديا!
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعلام المسلمين في روسيا (3)
- أعلام المسلمين في روسيا (2)
- أعلام المسلمين في روسيا
- الاستشراق والاستعراب الروسي (6-6)
- الاستشراق والاستعراب الروسي (5- 6)
- الاستشراق والاستعراب الروسي (4-6)
- الاستشراق والاستعراب الروسي (3-6)
- الاستشراق والاستعراب الروسي (2- 6)
- الاستشراق والاستعراب الروسي (1-6)
- منهج الشهرستاني في الموقف من الأديان
- النقد الظاهري للدين النصراني عند ابن حزم
- النقد الظاهري للدين اليهودي عند ابن حزم
- النقد الاشعري للأديان في الثقافة الإسلامية
- النقد المعتزلي للأديان في الثقافة الإسلامية
- التقاليد الإسلامية العامة في نقد الأديان
- نقد الأديان والبحث عن الوحدانية في الثقافة الإسلامية
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (2-2)
- فلسفة الإيمان عند الغزالي (1-2)
- منهج الشهرستاني في تقييم وتصنيف الفرق الإسلامية
- المنهج الجدلي لابن حزم في تصنيف وتقييم الفرق الإسلامية


المزيد.....




- ما هي الامتيازات التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية بعد قرار ...
- بقيمة 400 مليون دولار.. واشنطن تعتزم الإعلان عن حزمة مساعدات ...
- البنتاغون يوعز إلى جميع الأفراد العسكريين الأمريكيين بمغادرة ...
- مصر.. نجيب ساويرس يرد على تدوينة أكاديمي إماراتي حول مطار دب ...
- الإمارات.. تأجيل جلسة الحكم في قضية -تنظيم العدالة والكرامة ...
- وسائل إعلام: فرنسا زودت أوكرانيا بصواريخ -SCALP- هي في نهاية ...
- مدفيديف يصف كاميرون بالبريطاني -الموحل ذي الوجهين-
- ناشطتان بيئيتان تهاجمان تحاولان إتلاف نسخة من -ماغنا كارتا- ...
- -لعنة الهجرة-.. مهاجرون عائدون إلى كوت ديفوار بين الخيبة وال ...
- معجم الانتخابات الأوروبية ومصطلحاتها الأكثر شيوعا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - المصير التاريخي لثورة الربيع العربي (1)