أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - عمر بن الخطاب : تفكيك شفرة العدالة..؟















المزيد.....

عمر بن الخطاب : تفكيك شفرة العدالة..؟


طلال شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 3851 - 2012 / 9 / 15 - 17:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



اثار مسلسل عمر بن الخطاب التلفزيوني الاهتمام والاعجاب من قبل فئات متفاوتة الاعتقاد والوعي من المشاهدين والنقاد في حصيلته جاء متناغماً مع الصورة الوجدانية المعهودة عند جمهرة واسعة من المسلمين التي ترى في عمر بن الخطاب رمزاً من رموز العدل في الاسلام كحاكم عادل ومؤسس كبير للسلطة الاسلامية الاولى ( دولة الخلفاء الراشدين) ولم يتوان احد المشاركين الرئيسيين في كتابة نص المسلسل التلفزيوني المذكور والمشرفين علية (المبشر الاسلامي) المصري عمرو خالد من القول والتصريح تفاخراً وتحدياً بأن سيرة عمر وعدله واراءه واقواله لايمكن مقارنتها حتى بأنضج وارقى وثيقة انسانية معاصرة تبنتها الانسانية الى حد الان بوصفها قمة في الكمال والعدل الانساني وبخاصة مايتعلق ويتصل بتلك المقولة الشهيرة المنسوبة الى الخليفة عمر والمقرونة برؤيته وسيرته العادلة كما يسعتذبها الحس الاسلامي السلفي: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا: ولايبدو رأي المبشر عمرو خالد مقطوع السياق وغريباً، فهذه الرؤية متواترة ومعتبرة. فشخصية عمر بن الخطاب وسيرة الخلفاء الراشدين عموماً تحظى بمنزلة استثنائية من التوقير والتقديس فائقة البعد، وفترة حكمهم هي السيرة الانصع والاعدل في تاريخ المسلمين بعد النبي محمد كما يرونها ويقدمونها ...المقالة هذه غير معنية بشخصية عمر ودوره كمؤسس وشخصية محورية في تاريخ الاسلام الا فيما يخص مفهوم العدل والحق والحرية والانصاف في عهده كوعي وثقافة وتطبيق .
في مقاييس الفكر الاسلامي المعتاد ظلت القراءة النمطية في تناول ومعالجة موضوعة العدل كمفهوم قيمي وسلوكي، مضطربة حين تتصدى وتتواجه ومضمون هذه القضية الشائكة والمعقدة. فهذه القراءة غالباً ماتتوارى خلف اختزالات وتأويلات واحكام جاهزة مؤطرة في سياق طهراني وبأنتقائية وتفسير قاطع، استناداً الى مرجعية سماوية ونص مقدس دون ان يكون هذا المقياس الاسلامي قادرا على الوفاء بمقتضيات النص أوحل تأويلاته، كأدراك متوازن للقيمة التأسيسية لشروط بناء ألمرتكزات التطبيقية للعدالة والحق في فهم وأستيعاب الاهمية الحاسمة لدور العوامل التاريخية الموضوعية، بعمقها وتـاثيرها المحددة لمستويات ومستلزمات الاطر ألتشريعية للعدل والمساواة والحرية كمنظومات مركبة تتجاوز سجايا وأصالة ألزعيم اوألنبي اوألخليفة او ألملك ولاتتعلق بأرادته المفتوحة الا بدور وسياق جزئي ... فالعدالة في صيرورتها التاريخية هي جزء لايتجزاً من ظروف ومراحل رقي وأدراك وتطورالبشر حضارياً ومعرفياً وأنسانياً بوصفها قيماً ومثل ومبادئ ومرتكزات واليات ومؤسسات وقوانين وانتاج مادي وفير وهي الحق الذي ينبغي أن يناله كل انسان بتوازن محسوس ومساواة... لااريد هنا التوسع في عرض الرؤى الفلسفية المتباينة في فهم وتفسير العدل والحق الابما يفيد غرض هذه المقالة.. لقد فات الاسلامويين أو تجاهلوه ان العدل رؤية. ووسيلة وهدف، وتطبيق يتم عبر نظام مؤسساتي معقد يتعذر بناءه في تلك الظروف التاريخية المتلاطمة، وبالتالي عملياً ومنطقياً لايمكن الحديث بواقعية وفخر وأنسجام عن مقولة عمر بن الخطاب وعدله: متى استعبدتم الناس الذين ولدتهم امهاتهم احرارا:واسواق مكة والمدينة وغيرها مكتضة بعشرات الالاف من المسترقين. أطفالاً ونساءً ورجالاً من منكودي الحظ الذين اقتلعوا من ديارهم المستباحة عنوة وهم يباعون بلاكرامة ولاادنى حق كالبهائم لايعرفون لغة مستعبديهم ولاعاداتهم ولامناخ الديار التي جلبوا اليها قسراً بحجة انهم كفار وغنائم، والذي استعبدهم يحمل تفويضاً الهياً بالغزو والنهب والقتل والاغتصاب كل هذا حدث في عهد عمر بن الخطاب وحكمه وهو المبادر الى غزو البلدان المجاورة ونهبها دون أن يحظ ناسها برأفة ورحمة من لدن العهد الجديد، والامثلة كثيرة ومروية في اكثر من مصدر تاريخي و جل الفقهاء لايخجلون من ذكرها، وهذا من المفارقات الرهيبة التي يجري تبرير وقائعها أو تأويل فهمها اوفلسفتها عقائدياً، في افتراق واضح بين الادعاء والتطبيق دون ندم أوحياء في تقويم وسرد تلك الاحداث أثناء حكم عمر بن الخطاب ،الذي تعامل مع العدل والحق برؤية انتقائية كما في هذه القضية الانفة الذكر وغيرها... الخليفة عمر بن الخطاب كغيره من الحكام لم يدرك قانونية العلاقة الجدلية بين مكونات العدالة ولم يتأمل بعمق اهم مبادءها على الاطلاق وهو الحق. والحرية. والمساواة. التي تعني في المقام الاول عدم ظلم الانسان وقهره واستعباده تحت اية حجة كانت أومسوغ عقائدي وان من اسس ومنطلقات هذه المبادئ السامية. احترام الانسان وتوقيره، وذلك باحترام فكره، خصوصياته، اختلافه، حفظ كرامته وانسانيته، عرضه، وماله، فهل استطاع الخليفة عمر النفاذ الى عمق هذه المبادئ بأدراك صافي متجاوزاً استحكامات التطور والعقيدة اللتان تقيدان موقفه.. فهل منع مثلاً التسري بالسبيات واغتصابهن بتسويغ شرعي اسلامي..؟ أواقتنع حقاً بتساوي الناس الذين ولدتهم امهاتهم احرارا في المنزلة الاجتماعية طبعاً ..لا.. .... في التقييم الاسلامي المذهبي السائد فأن عمر بن الخطاب لم يكن حاكماً نمطياً كملك اوامبراطور أوسلطان مطلق، بل كان خليفة لرسول الله يحكم بشرع الله ورسوله ،وهذا القطع يصنع اشكالية ومأزق ادراكي للفكر الاسلاموي الذي يصر على تنزيه حاكم يخضع لقوانين وثقافةعصره بوضعه قسراً في دائرة السلوك العقائدي المثالي الطاهر، كحاكم بأمر الله وهذا من شأنه ان يستلب من عمر اية ميزة استثنائية معتبرة تنسب اليه باعتباره حاكماً (الهياً)انتهكت في زمنه حقوق الانسان بشكل مروع وفي هذه الحالة يتحمل مسؤوليتها بشكل مباشر بوصفه المسؤول الاول ، وهذا ليس في صالح المثال السلفي الاسلامي قطعاً ، مما يضع عمر وحكمه في بودقة استحقاقات أنسانية مركبة تدينه وتستهجنه بحجج وحيثيات مضافة .. ان النقد التاريخي ينظر الى هذه المسألة وسواها من زاوية اخرى في ضوء تلك الظروف القائمة انذاك بوصفها موضوعاً تاريخياً صرفاً متعلقاً بفترة وقوانين وسيرة معتادة لملوك جبابرة وحكام مطلقون، غير ان هذا التحليل ليس مقبولاً فالفكر الاسلاموي وفقه يرفضان مثل هذه الرؤية ويستبعدانها، فالقضية تتعلق بعصر ذهبي مقدس يريدون فرضه على العقول قسراً وتقديمه كنموذج ينبغي الاحتذاء به وهو جزء من منظومة متكاملة تجعل من الاسلام هوالعدل والامل والخلاص وسواه منبوذ وقاصر ماضياً. وحاضراً. ومستقبلاً.،فهذه المنظومة دائماً وابداً تصر على تقديم بديلها النموذجي الجاهز الذي يبز كل القوانين والتشريعات الانسانية الوضعية في كل مجال وهم يبتغون فرضه بتجييش تعبوي يصادر النزعة الوجدانية لميول ألناس المقهورين بواسطة شعارات براقة واستهابة عقائدية كالعدل الاسلامي. والاسلام هو الحل. وحكم الشريعة. في اصرار جامح لايحمل مقومات نجاحه كبديل عملي في عالم يحتاج الى اكثر من رؤية وتغيير متواصلين.. وفي عناد متواصل يصر هذا الفكر على اظهار سيرة عمر بن الخطاب والخلفاء الراشدين في صلب هذه الرؤية العقائدية كنموذج مرتجى، والمسلمون عموماً يصدقون مثل هذه الادعاءات ويقبلونها دون تدقيق أوشك. عمر بن الخطاب في السياق التاريخ حاكم شبه مطلق مثل غيره لايمكنه تجاوز قوانين عصره انطلاقاً من رغبة اونية نبيلة تحددها ارداته الصادقة لان الامر في المحصلة يتقاطع نشوزاً مع نشوء نظام يقوم على العدل والمساواة والحرية في ظل سيادة شرعية القوة وثقافة الغزو والنهب وتدني انتاجية العمل حيث الفقر والتخلف الثقافي والمعرفي والانساني يسود بقاع كثيرة من المعمورة والجزيرة العربية بالذات، ناهيك عن اقتران تلك العوامل بمشروع عقائدي سياسي هو الاسلام...عمر بن الخطاب في الواقع العملي تصرف في اغلب الاحيان كزعيم قبلي شهم مستلهماً قيم الاسلام الدين الجديد ورسالته الواعدة الذي منح الجزيرة العربية وقبائلها زخماً وقوة للتوسع والغزو عبر عقيدة روحية ومادية لايرى عمرفي تداعياتها المختلفة مايناقض مبادئ دينه او يخل بها، فهو قائد لمشروع سياسي جديد يتعذر تثبيته وتوسيعه بقفازات بيضاء وحس مرهف. التحولات الكبيرة التي جرت في عهد الخليفةعمربن الخطاب نتيجة لغزو بلدان مجاورة غنية ادى الى انقلاب اجتماعي اقتصادي وفرز طبقي حاد في الجزيرة العربية والبلدان المحتلة بين اصحاب المشروع واقطابه وجماهيره ومحاربيه جراء تدفق الاموال والعبيد كيد عاملة رخيصة والاستحواذ على الاراضي الزراعية الكبيرة في هذه البلدان والسيطرة على الطرق التجارية، مما جعل تلك الحروب والغزوات ثقافة وقيم تقوم وتتواصل باسم الاسلام (كجهاد مقدس) في منظومة تشريعية متقنة كعنوان ومضمون يسير ويشرف على هذه (ألتجارة) ألرائجة وألمربحة... هذه الغزوات في تفاعلاتها المختلفة شكلت انعطافاً اقتصاديا حاسما اغتنى في ظله كبار الصحابة والتابعين وزعماء القبائل وفي مقدمتها قبيلة قريش وبيوتاتها التجارية، بعد ان كان الفقرالمدقع والجوع والعوز والفقر ظاهرة قائمة بقوة في شبه الجزيرة العربية، وبمجرد حدوث مثل هذه التحولات الهائلة فذلك يعني انقسام للمجتمع وظهور الظلم والتفاوت الاجتماعي ليس كوقائع وممارسات فقط، بل كقوانين واعراف جديدة تدستر لظروف اقتصادية واجتماعية وفكرية قادمة تعتمل في بنية (المجتمع الاسلامي القبلي) ممهدٌة الطريق نحو ظهور كيان امبراطوري وراثي واضح المعالم في الشام وهذا ماحدث بعد مقتل الخليفة الراشدي الرابع علي بن ابي طالب وتأسيس دولة الامويين عام 661 م لوصول سلطة الخلافة كمشروع سياسي اقتصادي الى نهايته. عمر بن الخطاب وغيره لم يتقدما خطوة واحدة نوعية بأتجاه فهم مكانة الانسان ولم يفهما القيمة الفعلية للبشر ككائنات حرة بالطريقة التي نفهمها وندركها الان، فالناس عند عمربن الخطاب طبقات عليا، وسفلى. اشراف، احرار. وعبيد. انساب ومقامات..فروق ومسافات بين ألحرة.. وألامة، بين المسلم..والمسلم وبينه والذمي ناهيك عن الكافر ألمهدور الدم، وهذا ليس سياقاً ونسقاً غريباً اذا ماعرفنا ان الله الرحمن العادل شرع في بينات كتابه القران واياته المحكمة بما يتوافق وينسجم مع رؤى عمر ومواقفه بمانصه : ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخرياً: سورة الزخرف الاية 32 أو الاية 71 من سورة النحل: (والله فضل بعضكم على بعض بالرزق: أن هذا الايحاء ، ، وهذا المنطوق وهذه الثقافة الالهية بحد ذاتها تجعل من فكرة العدالة والحق والمساواة عند عمر وسواه غيرمستوفية لشروط بناءها كمنظومة فعالة بأدني تطبيقاتها لاصطدامها بجملة من التحديات والموانع، بدءاً بطبيعة الاقتصاد ومصادره وقوانينه، ومقتضيات السلطة والحكم وظروف العصر الذي يعيشون به معززة بأرادة الله سبحانه. الاسلام كمثل وقيم ووصايا وتشريعات لم يخترق قوانين عصره في هذا المجال الا بحالات جزئية محدودة رغم وجود ومضات ومواقف انسانية لفقه وفقهاء. وأخيار.وثوار. من المسلمين وما يحويه الكتاب المقدس القران من وصايا ومثل تحث على الانصاف وادانة للظلم. بيد ان ذلك لم يمنع الاتجاه الرئيسي للتطور من صنع تراكماته المادية والفكرية التي شكلت تأثيراتها خصوصاً في منعطفات حاسمة من حكم عمر بن الخطاب سواءً كانت برضاه او بدونها في ذلك المنعطف الحاسم الذي مهد السبيل لصناعة الجبابرة والمستبدين والطغاة ومحض لسفك دماء المسلمين وقهرهم من مختلف الملل والشعوب وبخاصة الفقراء والضعفاء اكثرمن خصوم الاسلام المفترضين الذين أصبحوا اما وقوداً للحرب والفتوحات اومسترقين يطحنون تحت وطاًة الضرائب والاتاوات والسخرة التي تفرض عليهم . قد يقول قائل ان ذلك يخالف روح الاسلام واسسه، لاتبدو الحجة نابتة ومقنعة فالذين يطبقون الاسلام هم بشر وليسوا بملائكة خارقين ولايوجد سبيل اخر لانتقاء اولئك المسلمون الاطهار الذين سيطبقون مثل الاسلام وتشريعاته النقية بمعيار نموذجي منشود عندما يحكمون، عموماً لم يأت التاريخ بمثل يمكن الركون اليه والاحتذاء به ،فالامر يتعلق في النهاية بنشوء نظام اقتصادي اجتماعي يفرض استحقاقاته وألزاميته فظهور تلك الاقطاعيات السياسية والعسكرية في البلدان المفتوحة يؤدي الى تضارب المصالح والصراع على المال والسلطة ضف الى ذلك الحاجات المتنامية لتلبية متطلبات السلطان وحاشيته وجيوشه لسد جشعها ومصروفاتها المفتوحة الذي يمثل ذلك انفلاتاً ونهباً لايمكن ان يقوم ويتواصل الا بوجود الظلم والاستغلال والسلب والغزو.... في مثل هذه الظروف لايتاح ابداً قيام تطبيقات منصفة اومتوازنة حتى بأدنى درجاتها تستلهم روح العدل والحق والانصاف كما هو مسطر في الاهابات الوعظية والوعيد الاخروي بجهنم في بعض ايات القران اوالسنة النبوية أو في رؤى الفقه والفقهاء الاسلاميين مهما كانت الزاميتها. ان مجرد تجوال الخليفة عمر بن الخطاب في الاسواق وهو يحمل درته يضرب هذا ويحاسب ذاك ليقيم الانصاف هو عمل بدائي في تطبيق العدل وتعبير عن حالة ابوية رعوية تتلائم وذاك العصر وماذا مثلاً عن الاسواق التي لم يراقبها اويتجول فيها الخليفة ....؟ كل ذلك الفعل النبيل وسواه يندرج في نطاق مرحلة انتقالية جديدة تتجاوز بعض محاور (الحق الطبيعي) المفتوح الى تنظيم اخر ارقى في فهم العدل والحق في تطبيقاته من خلال مشروع سياسي جديد هو الاسلام أستناداً الى مثله وتعاليمه.. أن تصحيح الاخطاء والخروقات وانصاف المظلومين ومحاربة الظلم وأقامة العدل في ذلك الزمان هي قضية اشكالية وعصية على الحل ومن الصعب حلها بتلك الرؤى والادوات البدائية، وهي كما اسلفت فوق قدرة مصلح اوملك عادل اوشهامة امير اوسلطان بسب قوانين التطور والسياق العقائدي الذي يتحكم في ثقافة تلك المجتمعات وقادتها.. في العصر الحديث لاتخلو وقائعه من ظلم وانتهاكات وجرائم يندى لها الجبين، بيد أن الاعتراض أوتصحيح الخطاً اورفع الظلم او محاسبة المسؤولين، متاح نسبياً فهنالك قانون دولي، وراي عام ، واعلام ومفكرين وهيئات عالمية مقترن بنضوج انساني ومعرفي وثورة مواصلات مرئية ومسموعة تتيح تغطية اية واقعة بالصورة والصوت. في عصرنا الحالي لم يعد مفهوم وثقافة (الحاكم العادل) قائمة الا في المجتمعات التي تعاني من عدم النضج والتطور أما لغياب الموسسة الديمقراطية والقانونية للدولة أوجود تكوينات فرعية مؤثرة كالطائفة. القبيلة. المرجعية الدينية... التي من شأنها أعاقة بناء فهم قانوني موحد للعدالة والحق والانصاف في التطبيق. الدول المتقدمة وضعت سياقات واليات قانونية ومعيارية متطورة، فحلت الكفاءة. والنزاهة. والسيرة المهنية. وصناديق الاقتراع والبرنامج الانتخابي محل فكرة وثقافة الحاكم العادل الذي يفترش الارض لينام عليها اويأكل ارخص الطعام أويقوم بجولات مفاجئة لضبط المخالفين والمقصرين.أن هذا الطراز من الحكام لم يعد ضرورياً ولاملائماً لمتطلبات العصر والتطور.. فهناك مؤسسات وقوانين ومرجعيات مدنية وصحافة تتكفل بمراقبة وحماية الحقوق وتحقيق الانصاف ونشر العدل وأرساء التكافل الاجتماعي ونشر الوعي الانساني والحقوقي بين المواطنين والقدرة على محاسبة المسؤولين. الذهنية الاسلامية وفكرها لم يتخط .. ثقافة الاسوة الحسنة.. التي تستعير رمزية السلف الصالح في سلوكها واقوالها واحكامها كنماذج وايقونات امل وخلاص تفترش حياتنا ومستقبلنا لتقرر مصائرنا سواء برغبتنا اوبدونها دون ان تنجح ولو لمرة واحدة في تقديم نموذج يحل مشكلة أو ينصف مظلوم او يبني تطوراً أو ينشأ صرحاً معرفياً مؤثراً سوى الاستغراق في افق الاوهام وتخدير العقل وتعطيل التفكير. لقد جاء في الميثاق العالمي لحقوق الانسان الصادر عام 1948 وديباجته التي تفوح بطيب الانسانية ومشاعرالمحبة والتوقير والتوازن، والتي هي منطلقاً نبيلاً وطريقاً زاهياً نحو الاعتراف والاقرار بتساوي البشر بغض النظر عن مكانتهم وجنسهم وقوميتهم، ودينهم ، ومذهبهم، في منطوق راقي ونبيل يعلن ويقول: يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلاً وضميراً وينبغي عليهم معاملة بعضهم بعضاً بروح الاخاء: أن قيم العدل والحق والانصاف ومثل الانسانية الحرة في تجلياتها المختلفة هي دين البشرية الحضاري لانها في غنى عن المرجعيات المقدسة. والاسوة الحسنة. والعقاب والثواب وغير خاضعة لنظام الحسنة التي تمحي الف سيئة، فهذه القيم تسير بالبشرية نحو غاياتها النبيلة بغض النظر عن اختلاف الناس والعقبات التي تعترضها وهي تمنع اي انتهاك لحقوق الانسان مهما كانت تجلياته ودوافعه، فلايمكن في الوقت الحاضر ان يستعبد الانسان ويباع باسواق النخاسة، كما كان يجري في العصور الذهبية المزعومة، وبالتالي لايمكن للسيد عمرو خالد وغيره ان يتبجح بمقولة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احراراً: رغم مثاليتها ونبلها النظري في تجاوز ماهو واقع انذاك من ظلم واستعباد وقسوة ومهانة تعرض لها كلا الجنسين ومن مختلف الشعوب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب والعهود التي تلته. ان الرقي الانساني والحضاري وبناء المرؤة تحت ظل المؤسسات والقوانين في دولة المواطنة والحرية، هو الضمانة بترقية الانسان وحفظ كرامته كجزء جوهري ورئيسي من الرسالة الانسانية النبيلة في صيرورتها ورقيها نحو المسقبل الوضاء...
طلال شاكر كاتب عراقي



#طلال_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجمع العربي لنصرة القضية الكردية.. وصناعة الاوهام..
- الاحزاب الشيوعية وازمة التعاقب القيادي ..؟
- العراق. والعراقيون. أزمة القيم والتكوين..؟
- خارطة طريق طائفية : وراء موقف المالكي من الانتفاضة السورية.. ...
- القادة الأكراد يستغفلون شعبهم...؟
- صدر الدين القبانچي.. بين أزمة المنطوق الديني ولسان التضليل . ...
- تباً لبرلمان نائبه حسن العلوي.. وسحقاً لجمهورية رئيسها جلال ...
- المالكي.. أما خروج متحضر..أو أمارة حجارة
- دروس من مظاهرات25 شباط ومغزى رعب المالكي منها...؟
- مستعمرة العبيد في الناصرية...؟!
- المالكي...وثمن كرسي الوزارة..؟
- شهر رمضان..بين سطحية الفهم... وغلو الاعتقاد..؟
- رمضان: شهراً للتبذير. والاسراف. والتخلف..؟
- مناقشة لبحث الدكتور عبد الخالق حسين عن دور الطائفية في تاريخ ...
- سكان معسكر أشرف: بين المقايضة السياسية.. والحل الانساني العا ...
- فدائيي صدام: وغرائب الموت في معسكر بسمايا..شهادة طبيب..؟
- في ضوء انتخابات 2010 الحزب الشيوعي العراقي: امام تحديات مركب ...
- الحوار المتمدن: في مقدمة المواقع الاعلامية..وبعد..!
- العربي.. يتلوى.. بين سياط... الأفتراءات ... وطعن ألاقلام.... ...
- البعثيون.. والعرب السنة.. في أشكالية تبادل الولاء...؟!


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلال شاكر - عمر بن الخطاب : تفكيك شفرة العدالة..؟