أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - حول مرض درويش ولحظاته الأخيرة !














المزيد.....

حول مرض درويش ولحظاته الأخيرة !


جابر حسين

الحوار المتمدن-العدد: 3815 - 2012 / 8 / 10 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


-----------------------
ناشدها الحياة :
" علي مهلك ،
انتظريني إلي أن تجف الثمالة في قدحي !" .

لربما كان يتلفت حوله بين الحين والأخر ليري أن كان نجح في تضليل الموت ، وفي نفس الوقت وفي كل الأوقات كان درويش يواصل ، باصرار راسخ وتكثيف فذ ، ممارسة مهنته الوحيدة في الحياة : كتابة القصائد ! العام 2007 كان قد أجري مراجعات طبية عديدة في بيروت وباريس ، يومذاك ، أدرك بيقين كامل أنه أمام خيارات صعبة وأدرك أكثر حرج حالته الصحية ! كان قد سبق له أن أجري جراحة كبيرة للقلب في باريس بعد أن عاني إنتفاخا وتمددا في القسم الأسفل من الشريان الأبهر ( الأورطي ) ...
أجري الطبيب الفرنسي جان ميشيل كورمييه ، أكبر جراحي الشرايين في فرنسا وطاقمه بنجاح عملية كبيرة للشاعر لإزالة الجزء المصاب وإستبداله . ولكن بعد العملية ، وخلال فترة استيقاظه من التخدير ، حدثت مضاعفات تناثر خلالها الكولسترول الموجود بنسب عالية وغير عادية علي جدران شرايين الشاعر نحو الساقين ، محدثا عدة جلطات . فلجأ الأطباء إلي وقف عملية الإستيقاظ ، وإلي تنويمه إصطناعيا ، وجعلوا الرئة والكلي تعمل علي أجهزة لعدة أيام ، عملوا خلالها علي المراقبة والحد من تأثير الجلطات إلي أن أستعاد عافيته ! خلال المراجعات الطبية لحالته العام 2007 ، أكد له الطبيب الفرنسي حرج وضعه الصحي . كان هناك إنتفاخ وتمدد في القسم العلوي من الشريان الأبهر ، والأرقام والبيانات كانت مقلقة للغاية ، وتقترب من الخطوط الحمراء : خطوط الموت ! وبسبب من الصداقة والمودة الإنسانية التي نشأت وتعمقت بين الطبيب الفرنسي والشاعر ، فقد حذره بوضوح كثير بأنه يحمل في صدره لغما قد ينفجر في أي لحظة !
في مستشفي هيوستن بصحراء تكساس ، يوم الثلاثاء أجريت للشاعر عملية قسطرة . كان في حالة اعياء علي سريره بعد العملية ، لكن الأخبار كانت مطمئنة : " لم يفرقع الكلوسترول ولم يتناثر "! هنالك شريانان رئيسيان مغلقان بنسبة كبيرة ، لكن هنالك شرايين أخري صغيرة أخذت تتفتح وتعوض عمل الشريانان ، الأمر مطمئن إذن ! ثم أصدر الطبيب قراره : أن القلب جاهز لاجراء العملية الكبيرة غدا !
عندما أبلغه أكرم هنيه أن الياس خوري أتصل من بيروت مبتهجا وسيذهب ليحتفل بنجاح القسطرة ، قال له الشاعر من بين اعيائه : " قل له أن يؤجل الأحتفال إلي ما بعد عملية الغد " ! في المساء كان الشاعر مسكونا بهواجس الخوف من العملية الكبيرة . كانوا يطمئنونه ، أنه أجتاز القسطرة بنجاح ولم ينفجر الكولسترول ، وأنه في أفضل مستشفي في العالم ، وفي رعاية أفضل أطباء العالم أيضا ... قال الشاعر لهم : " القسطرة كانت ذبابة في صحن طعامي ، أما عملية الغد فشئ آخر !" . وعندما قال له أكرم مطمئنا : " ستمر بسلام ، ويمكنك بعدها أن تكتب قصيدة جديدة بعنوان ذبابة في صحراء تكساس " ، دوت ضحكته العميقة في أرجاء الغرفة ، كانت تلك ضحكته الأخيرة !
صباح الأربعاء، يوم العملية ، كان متعبا إذ لم ينم ليلته جيدا . خلع نظارته وساعته وناولهما لعلي حليلة ، وتحرك به موكب الأطباء والممرضين صوب غرفة العملية ، كان مرافقاه ، أكرم هنية وعلي حليلة يرافقانه ، في المنطقة المحظور دخولها لغير الكادر الطبي المرافق توقف الركب قليلا ، خاطب الشاعر صديقاه : " خلص ، بكفي لحد هون " ، تلك كانت كلماته الأخيرة !
الأخبار الأولية للعملية ، كانت أيضا مطمئنة . فقد نفذت في وقت قصير نسبيا ، وعملية إزالة الجزء المصاب وإستبداله تمت في زمن قياسي لا يتجاوز 22 دقيقة فقط مما يقلل من احتمال تعرضه للخطر .
صباح الخميس كان محمود لا يحرك أطرافه ، وكان هنالك إحتمال أن يكون ذلك بسبب من التخدير . أمام الغرفة 24 /غرفته في قسم العناية المكثفة ، كانت جمهرة من الأطباء ، الشاعر يحرك أحد أطرافه . ولتحفيزه أدخلوا إليه أكرم وعلي ، نادياه : " محمود ... محمود " ، فتح عينيه وتطلع إليهما دون أن يحرك رأسه! كان يجب الإنتظار 24 ساعة لمعرفة مدي نجاح العملية وامكانية سلامة الشاعر ! في الظهيرة كانت هناك حاجة لأجراء عملية لإستئصال " القولون " بعد أن أصيب بزخات عديدة من الكولسترول ! بعد الظهر أعلن طبيب الأعصاب : لقد تناثرت زخات الكولسترول وتسببت ببعض الجلطات في الدماغ ، وبعض مناطق أخري من جسم الشاعر ! يااااااه ، بداية العطب ! أستطرد الطبيب ، بعض خلايا الدماغ أصيبت ، وبقية أخري منها لا يزال يعمل وأن نسبة النجاح لا تتجاوز 10% !!!!!
يوم الجمعة كان طويلا طويلا علي الشاعر ، لكنه لم يكن ليشعر بالألم ، ولم يكن أيضا في حالة موت سريري ... لم يكن – علي الأرجح – يسمع لمن كانوا يحادثونه ، الوضع أصبح صعبا ، صعبا جدا ، والأطباء بذلوا ما فوق طاقتهم ! صباح السبت نقل محمود مرة أخري إلي غرفة العمليات . كانت أخبارا مخيفة تأتي : زخات الكولسترول المتناثرة قد ضربت معظم أجهزة الجسم ، ولم يكن هناك الكثير مما يمكن عمله إلا بعمليات إستئصال جديدة ليست بذات نفع ولا جدوي ... تم تشغيل الأجهزة لتقوم بعمل أجهزة الجسم التي تعطلت أو تكاد !
ثم أنتشر – قبل الوفاة – خبر موت الشاعر ، بثته في العالم " الجزيرة " التي تلهث صوب المال والمصالح والسبق الزائف ! كانت الوفاة مساء السبت عند الساعة 35 : 9 ، توقف قلب الشاعر ...
صعق العالم كله لموت الشاعر ، أكبر وأجمل شعراء العرب علي مر تاريخهم ، مات درويش !



#جابر_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مطبخها !
- أطلت !
- في مديح السوسنة !
- مطر كالقبل !
- الموت الغامض لعاشق النجوم !
- سألتني عن الشعر !
- من أولوس إلي مبارك الصادق ... !
- حبها ... !
- ذاكرة الأصابع !
- سقوط المثقف ، وهل تخلي سعدي عن الثورة ؟
- صباحها ... !
- الخونة ، حكاية مدام لافارج !
- ديشاب ، الكائن الشعري ... !
- إليها ، الجسورة في الثورة الراهنة !
- نمشي معا ... !
- أشتهيها... فتمطر !
- سوسنتي !
- أنثي هي الحياة ... !
- صباحاتي سوسنية !
- الديمقراطية في الحزب الشيوعي السوداني ، أختيار - الخطيب - يد ...


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جابر حسين - حول مرض درويش ولحظاته الأخيرة !