أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - التعصّبات هادمة لبنيان العالم الإنساني















المزيد.....

التعصّبات هادمة لبنيان العالم الإنساني


راندا شوقى الحمامصى

الحوار المتمدن-العدد: 3803 - 2012 / 7 / 29 - 20:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"يا أبناء الإنسان هل عرفتم لم خلقناكم من تراب واحد لئلا يفتخر أحدٌ على أحد وتفكروا في كل حين في خلق أنفسكم إذاً ينبغي كما خلقناكم من شيء واحد أن تكونوا كنفس واحدة بحيث تمشون على رجل واحدة وتأكلون من فمٍ واحد وتسكنون في أرضٍ واحدة وحتى تظهر من كينوناتكم وأعمالكم وأقوالكم آيات التوحيد وجواهر التجريد هذا نصحي عليكم يا ملأ الأنوار فانتصحوا منه لتجدوا ثمرات القدس من شجر عزٍّ منيع". (بهاء الله-الكلمات المكنونة)

بتعمقنا في هذه الكلمات يمرّ بخاطري شريط من تاريخ البشرية يقطر دماً في كثير من أجزائه بفعل الحروب المدمرة والمنازعات والمشاحنات والحروب الاهلية والاقليمية وبعث العداء والكراهية في النفوس بين فئات المجتمع وتوارثها من جيل إلى جيل. فلو استعرضنا جذور هذه الآفة الهادمة للبنيان الانساني لوجدناها نابعة من التعصبات بأنواعها.
من الواضح أن بعثة الأنبياء لم تكن تهدف إلا لغرض توحيد كلمة البشر وجمع شملهم وربطهم بعرى المحبة والتعاون والاتفاق لتستقيم أحوال المجتمع البشري وتستحكم أسس السعادة والرفاه للجميع. بيد أنه من المعلوم وياللأسف أن كثيراً ما أسيٴ فهم التعاليم السماوية والنصائح المشفقة الربانية التي جاء بها أولئك الانبياء، فظهرت بين تابعيهم ومروّجي عقائدهم البدع المخالفة والتعاليم الباطلة والاوهام السقيمة وبالتالي ألوان من التعصبات المميتة الشنيعة كالتعصبات الجنسية أو العرقية، والتعصبات الوطنية والطبقية واللونية واللغوية وجرى الجميع وراء الاطماع المادية بروح التفوق والاستعلاء ونشأت الاطماع الاستعمارية ووقعت الحروب الطاحنة لأجل امتلاك الأراضي والتوسع الاقليمي على حساب الأمم الضعيفة والشعوب المتأخرة، واشتدت روح العداء والبغضاء بين الأمم والشعوب، وباتت الحروب تجر الحروب ولكن على مقياس أوسع وأوسع وتهدد الجنس البشري بالفناء والدمار في عاقبة الأمر. فالتعاليم البهائية ترمي إلى محو التعصبات كافة لأنها هادمة لبنيان العالم الانساني وكيانه، جالبة لشقائه وتعاسته وبلائه، ولن تسود الراحة والاطمئنان ولن يستقر الصلح والسلام بين الأنام ما لم تُنبذ تلك التعصبات المهلكة نبذاً تاماً ويعامل الناس بعضهم بعضاً بنهاية المحبة والعدل والإخاء مؤمنين بمبدأ وحدة البشر، وأن لا فضل لإنسان على إنسان إلا على قدر عمله وخدمته لعالم الإنسان"(ملخص المبادئ البهائية"، الطبعة الرابعة، سنة 1997، ص57-58 )
وما التعصبات إلا أفكار ومعتقدات نسلّم بصحتها ونتخذها أساساً لأحكامنا، مع رفض أي دليل يثبت خطأها أو غلوّها، وعلى هذا تكون التعصبات جهالة من مخلّفات العصبية القبلية. وأكثر ما يعتمد عليه التعصب هو التمسك بالمألوف وخشية الجديد لمجرد أن قبوله يتطلب تعديلاً في القيم والمعايير التي نبني عليها أحكامنا. فالتعصب نوع من الهروب، ورفض لمواجهة الواقع. بهذا المعنى، التعصب أيا كان، جنسياً أو عنصرياً أو سياسياً أو عرقياً أو مذهبياً، هو شرّ يقوّض أركان الحق ويفسد المعرفة، بقدر ما يدعّم قوى الظلم ويزيد سيطرة الجهل. وبقدر ما للمرء من تعصب يضيق نطاق تفكيره وتنعدم حريته في الحكم الصحيح. ولولا هذه التعصبات لما عرف الناس كثيراً من الحروب والاضطهادات والانقسامات. ولا زال هذا الداء ينخر في هيكل المجتمع الانساني ويسبب الحزازات والاحقاد التي تفصم عُرى المحبة والوداد. إن البهائية بإصرارها على ضرورة القضاء على التعصب، إنما تحرّر الانسان من نقيصة مستحكمة، وتبرز دوره في إحقاق الحق وأهمية تحلّيه بخصال العدل والنزاهة والانصاف. (من كتيب "الدين البهائي" - الصادر عن الجامعة البهائية العالمية عام 1994م
ويحدثنا حضرة عبدالبهاء(مركز العهد والميثاق في العقيدة البهائية) عما ابتليت به البشرية من حروب فتاكة بسبب التعصب الديني بقوله:
منذ أوّل تاريخ البشريّة إلى يومنا هذا كفر أتباع الأديان المختلفة في العالم بعضهم بعضاً ونسب بعضهم الباطل إلى البعض الآخر، وأخيراً قام بعضهم بمعاداة البعض الآخر بكلّ وسائل الجّفاء والبعاد. لاحظوا تاريخ الحروب الدّينيّة تروا أنّ الحروب الصليبيّة كانت إحدى هذه الحروب العظيمة... وكانت الحرب سجالاً مدّة قرنين بين شدّة وضعف، إلى أنْ رَحَلَ أصحاب تلك المذاهب الأوروبيّة عن الشّرق، وتركوا البلاد خراباً يباباً كما تترك النّيران أكوام الرّماد، ورجعوا إلى بلادهم، فشاهدوا أممهم في منتهى الفوضى والاضطراب والهياج. وخلاصة القول سمّيت هذه الحروب الصّليبيّة بالحروب المقدّسة، وكانت هناك حروب دينيّة كثيرة أخرى. فقد كان للمذهب البروتستانتي 900 ألف شهيد نتيجة النّزاع والاختلاف بين المذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي، وكم من أرواح أزهقت في السّجون، وكم من الأسرى عوملوا بقسوة لا هوادة فيها ولا شفقة. وكان كلّ ذلك يجري باسم الدّين. فعندما طلع حضرة بهاءالله من أفق الشّرق طلوع الشّمس المنيرة للآفاق أعلن بشارة وحدة العالم الإنساني، وخاطب عموم البشر متفضّلاً: "كلّكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد. فالشّجرة شجرة واحدة لا شجرتان رحمانيّة وشيطانيّة، لذا يجب أنْ يعامل بعضنا البعض الآخر بمنتهى المحبّة، فلا تعتبر طائفة طائفة أخرى شيطاناً، بل يجب علينا أنْ نؤمنَ أنّ جميع البشر عبيد الله وكلّ ما في الأمر أنّ بعضهم غافلون تجب تربيتهم، وبعضهم جهلاء يجب تعليمهم، وبعضهم أطفال تجب تربيتهم حتّى يصلوا مرحلة البلوغ. فهم مرضى فسدت أخلاقهم، ولا بُدّ من معالجتهم حتّى تتطهّر أخلاقهم. والمريض لا تجوز عداوته بسبب مرضه، وكذلك لا يجوز الابتعاد عن الطّفل بسبب طفولته، ولا يجوز احتقار الجّاهل بسبب جهله، بل تجب معالجته وتربيته وتـنشئته بمنتهى المحبّة، ويجب أنْ نبذلَ الجّهد حتّى يرتاح البشر في ظلّ الله، ويعيشوا في منتهى الرّاحة والاطمئنان والسّرور الموفور." - مترجم عن مجلة "نجمة الغرب"، المجلد الثامن، ص 76

... والعقيدة البهائيّة القائلة بوحدة الجنس البشري تضرب بمعولها على جذور عامل آخر من عوامل الحروب وهو التّعصب العنصري، فقد اعتبر عنصر من العناصر البشريّة نفسه متفوّقاً على العناصر الأخرى، وآمن جرياً على قانون "بقاء الأنسب" بأنّ تفوّقه هذا يمنحه حقّ استغلال الشّعوب الضّعيفة بل حقّ إبادتها. وقد اسودّت كثير من صفحات تاريخ العالم بشواهد وأمثلة تطبيق هذا المبدأ تطبيقاً قاسياً لا مروءة فيه. أمّا وجهة النّظر البهائيّة فتقول إنّ النّاس من أي عنصر كانوا متساوون في قيمتهم أمام الله، وكلّهم يمتلكون من المَلَكات الفطريّة البديعة ما يحتاج إلى تربية تتـناسب وتطوّرهم، وإنّ كلّ عنصر يستطيع أنْ يلعب دوراً، فيزيد حياة الجّامعة البشريّة غنى وكمالاً. فيقول حضرة عبدالبهاء:
أمّا التّعصب الجنسي فهذا وَهْمٌ من الأوهام. لأنّ الله خلق البشر جميعهم. وكلّنا جنس واحد. وليست في الوجود أبداً من حدود، ولم تتعيّن بين الأراضي ثغور. ولا تتعلّق قطعة من الأرض بأمّة أكثر من تعلّقها بأمّة أخرى وجميع الأجناس البشريّة واحدة لدى الله، لا امتياز بينها. إذاً فلماذا يجب أنْ يخترعَ الإنسان تعصّباً كهذا التّعصب؟ أفهل يجوز لسبب وهميّ أنْ نتـنازعَ ونتحاربَ؟ فلِمَ يخلق الله البشر؟ أمن أجل أنْ يهلك بعضهم بعضاً. وانّ لجميع الأجناس والملل والطّوائف والقبائل نصيب من فيض عناية الأب السماوي. ويمتاز البشر بعضهم عن بعض في الأخلاق وفي الفضائل وفي الإيمان وفي إطاعة شريعة الله، فبعضهم كالمشاعل مشتعلون وبعضهم كالنّجوم الدرهرهة في سماء الإنسانيّة ساطعون. والنّفوس الّتي تحب العالم الإنسانيّ ممتازة سامية، سواء أكانت سوداء أم صفراء أم بيضاء أم من أيّة ملّة أو عنصر وهي مقرّبة إلى الله. (مترجم عن كتاب "خطابات عبدالبهاء" الفارسية، المجلد الاول، ص161-162)
أمّا التّعصب السّياسي أو الوطني فلا يقلّ ضرراً ووبالاً عن التّعصب العنصري. وقد حان الوقت الّذي فيه تندمج الوطنيّة القوميّة في وطنيّة أوسع منها حين يكون العالم كلّه وطناً لها. ويقول حضرة بهاءالله في "لوح الدّنيا" ما ترجمته:
ولقد قيل سابقاً ’حبّ الوطن من الإيمان‘، ونطق لسان العظمة في يوم الظّهور:
ليس الفخر لمن يحبّ الوطن بل لمن يحب العالم.

فعلّم طيور الأفئدة بهذه الكلمات العاليات طيراناً جديداً، ومحا التحديد والتقليد من الكتاب.



#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرية في الاعتقاد
- التعصُّب نار تحرق العالم
- العدل الإلهي
- الإسراء والمعراج من منطلق العقيدة البهائية
- السلام يا أهل الأديان
- إنقاذ العالم بالعرض الإلهي لا بالنهج السياسي
- الوحدة البشرية هى حجر الزاوية في النظم البديع لحضرة بهاءالله ...
- الخدمة والتضحية من أجل وحدة العالم الإنساني
- البعد الروحاني للوحدة الإنسانية من منظور روحاني
- الوحدة والتكامُل الإنساني
- تأملاتنا الروحانية
- نبذ التعصبات الجاهلية
- عصر ذهبي تنتظره الإنسانية
- غروب وشروق
- المساواة بين المرأة والرجل
- الاتحاد في المجتمع
- بعضٍ من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- بعض من الحقائق الأساسية عن البهائية ومبادئها تَدَارُكًا لما ...
- مصيرُ وقَدَرُ العالمِ الإنساني
- الجامعةُ المتحدةُ للعالم الإنساني2-2


المزيد.....




- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان
- الشريعة والحياة في رمضان- مفهوم الأمة.. عناصر القوة وأدوات ا ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راندا شوقى الحمامصى - التعصّبات هادمة لبنيان العالم الإنساني