أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - مذابح بورما .. هل هي حقيقية ؟!













المزيد.....

مذابح بورما .. هل هي حقيقية ؟!


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3790 - 2012 / 7 / 16 - 21:43
المحور: حقوق الانسان
    


يتداول الكثيرون على مواقع الفيسبوك ومنذ أشهر عدة صورا لمذابح مروعة، يقولون أنها بحق المسلمين في بورما، وفي ذيل كل صورة طلبٌ لنشرها وتعميمها، مع تعليقات متنوعة تنادي بالثأر للضحايا، ووقف أعمال التطهير العرقي، وإدانة حكومة بورما وشعبها البوذي .. شخصيا لم أتفاعل مع هذه الحملة الدعائية الموجهة، لسبب واحد بسيط هو أنني لم أصدقها؛ وقد أثارت في نفسي العديد من التساؤلات، وانتظرت كثيرا حتى أتبين الحقيقة، قبل أن أعلق عليها.

قد تكون هناك في إقليم ميانمار أحداث شغب، أو أعمال عدوانية ذات طابع عرقي أو طائفي، أو صراع على السلطة، أو مطالب شعبية جوبهت بالقمع والتنكيل ... وهذه تحدث كل يوم، وفي مختلف بقاع العالم، وعادة يتم تغطيتها إعلاميا، ويتجاوب معها المجتمع الدولي بصورة أو بأخرى. لكن من الصعب التسليم بأن مذابح مروعة تجري بحق المسلمين هناك، وقد تجاوز عدد القتلى الخمسين ألف، ومنهم من يقول المائة ألف .. ولم تقم أي وكالة أنباء محترمة بنقل أي خبر عن هذه المذابح المزعومة !! وكل المعلومات التي بحوزتنا مصدرها مجهول، وهي غير موجودة إلا على شبكة الإنترنت وصفحات الفيسبوك، وحتى الصور المنشورة، يُلاحظ أن مصدرها الإنترنت، ولم أجد صورة واحدة موقعة باسم مصورها، أو باسم وكالة أنباء معروفة، وهي صور غير واضحة، ومجتزأة. وبعد البحث تبين أنها التقطت لأحداث أخرى جرت بعيدا عن بورما، منها صور لزلزال هاييتي، أو لكوارث حصلت في الصين وغيرها.

المعلقين على الصور يلعنون المحطات الفضائية ووكالات الأخبار والصحف والصحافيين على تقصيرهم، أو على تواطئهم مع عمليات التعتيم الإعلامي، ويتهمون الغرب (أمريكا، ومنهم من يتهم الصهيونية) بأنهم السبب في هذا التعتيم، وإخفاء الحقيقة عن الناس !! ولكن هل من المعقول أن أمريكا قادرة على منع كل صحافيي العالم من تغطية خبر بهذا الحجم ؟! ولماذا سيهتم الغرب بتقديم الغطاء للحكومة البورمية وتشجيعها على ارتكاب هذه المجازر ؟ وهل فقد العالم فضوله لمعرفة الأخبار ؟ وهل فقد كل صحافيو العالم أمانتهم المهنية ؟ بل وفقدوا طموحهم في الحصول على سبق صحفي ؟! علما بأن جميع المجازر وحتى الأحداث الصغيرة الأخرى يتم نقلها للعالم فور حصولها. فلماذا ستكون بورما استثناء عن القاعدة ؟!

وما حدث في بورما باختصار، أن أصل الصراع هناك عرقي أكثر منه طائفي، وهو محصور في ولاية اسمها "راكين"، بين مسلمين من أصول بنغالية يطلق عليهم "الروهينجا" يتركزون في الشمال، وبوذيين من عرقية "الراكين" يسكنون جنوب الإقليم، وحدث أن قام ثلاثة مواطنين من الروهينجا باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، فقام البوذيون بالثأر لها بقتل عشرة من المسلمين، فاندلعت أعمال شغب عنيفة متبادلة، أدت لمقتل ما يقارب خمسين شخصا من الطرفين، بالإضافة لحرق بيوت ومساجد ومعابد بوذية، ما دعى الحكومة لإعلان حالة الطوارئ لتطويق الأحداث.

وفي خلفية المشهد يظهر أن مسلمي الإقليم (الروهينجا) وعددهم نحو 800 ألف مواطن محرومون من حقوق المواطنة، ومضطهدون وممنوعين من السفر، وتتعامل الحكومة معهم كلاجئين، وهم يحاولون الهجرة إلى بنغلادش منذ زمن، لكن الحكومة البنغالية ترفض استقبالهم. خلافا لبقية مسلمي بورما الذين يزيد عددهم عن الستة ملايين، ويتمتعون بحقوق كاملة، ويتعايشون بسلام مع بقية الطوائف.

والحقيقة أن حال الروهينجا لا يختلف شيئا عن كثير من الشرائح الاجتماعية والإثنية في البلاد العربية، والذين يسمونهم "البدون"، فضلا عن الأقليات التي يتهددها خطر الانقراض، بالإضافة لمئات الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين قتلوا ظلما في حروب طائفية جرت رحاها في البلدان العربية، والأولى أن يتم التركيز على مثل هذه الظواهر التي تعد فضيحة إنسانية على جبين الحكومات العربية وكل القوى الطائفية.

ونحن طبعا، ضد اضطهاد أي إنسان، أو تعذيبه أو حرمانه من حقوقه، وندين بأشد العبارات قتل أي إنسان مهما كانت ديانته أو عرقه. لكن تضخيم المأساة التي حصلت في ميانمار يدل على أن هناك من يريد صرف الأنظار عن قضايانا الحقيقية، وتشتيت الجهود بعيدا عنها، والتعتيم على ما يحدث في المنطقة، وكأنهم يريدون لنا أن ننسى أن فلسطين ما زالت محتلة، وأن شعب سوريا يُذبح، وأن العراق بات كومة أنقاض، والسودان تم تقسيمه، وأمريكا تعربد في المنطقة بلا حسيب، وأن مشروع الربيع العربي موشك على الفشل ..

ومع ذلك، فهذا لا يعني أنه لا توجد مشكلة في بورما، أو أنها انتهت تماما، فالمستقبل يحمل كل الاحتمالات، ولكن ما كشفته قصة بورما، أن هناك من يسعى دوما لخلق حروب افتراضية، الأعداء فيها افتراضيون، وهم عادة بعيدون، وأسهل منالا من العدو الحقيقي القريب منا جدا. والحقيقة المؤسفة الأخرى التي كشفتها أن مجتمعنا ما زال عاطفيا، يسهل تجييشه في مثل هذه الحروب الوهمية؛ ذلك لأن البعض يصدق كل شيء بسهولة، والبعض الآخر يتساوق مع مثل هذه الأهداف، وحتى بعض المثقفين لا يدركون أن الكلمة والخبر أمانة ومسؤولية، ويتوجب الحذر والتيقن قبل نشرها. لكن المأساة أن صفحات الفيسبوك هي الساحة المثلى لنشر الأباطيل، والحقائق على حد سواء.



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الديمقراطية هي الحل ؟
- أنا أعرف من قتل ياسر عرفات
- الأبارتهايد بين إسرائيل وجنوب إفريقيا 2-2
- الأبارتهايد بين إسرائيل وجنوب إفريقيا 1-2
- إسرائيل على الجبهة الإفريقية 2 - 2 دراسة في العلاقات الإسرائ ...
- إسرائيل على الجبهة الإفريقية - دراسة في العلاقات الإسرائيلية ...
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية - الملخص والخاتمة
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 3-3
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 2-3
- مسيرة الحرية في جنوب إفريقيا العنصرية 1-2
- الفيزون في جامعة النجاح
- سبعة أشكال في حُبِّ وكُرْه الجَمال
- أثر الربيع العربي على المرأة العربية
- عيد الأم في الربيع العربي
- الإيمو .. الضحية والجلاد
- المتضامنون الأجانب والقرضاوي وزيارة القدس
- الموقف الملتبس من الثورة السورية
- هروب معلم وتلاميذه من المدرسة
- توطين جماعات الإسلام السياسي
- كيف واجهوا اللحظات الأخير قبل الموت ؟


المزيد.....




- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الغني سلامه - مذابح بورما .. هل هي حقيقية ؟!