أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - ثقافة الماضي .....















المزيد.....

ثقافة الماضي .....


زيد محمود علي
(Zaid Mahmud)


الحوار المتمدن-العدد: 3784 - 2012 / 7 / 10 - 00:24
المحور: الادب والفن
    


ثقافة الماضي .....
القسم الأول

في فترة مابعد السبعينات وبعد خروجي من سجن قصر النهاية عام (1972 ) وقد كان يقال عنه من قبل أعوان النظام ، أنه المعتقل الذي يضع حدا" للأنسان السياسي أو نهايته الجسدية . وفي تلك الفترة كان للمد الثوري قوته ، وللأفكار دورها في بناء الأنسان . وكان للمثقف دوره البارز في الوسط الأجتماعي ، وكانت الثقافة منتشرة بشكل لامثيل لها ، وكانت المطبوعات متوفرة بكثافة في المكتبات ومتنوعة الأتجاهات ، من كافة الحقول والصنوف الفكرية والفلسفية والعلمية ، وكنا نحن مجموعة مثقفة نطالع ونتابع ونقرأ الكتب بأنواعها ، وحقولها المتعددة ثم بعد مطالعتها نتناقش حولها ، مع مجموعة مثقفين للوصول الى صواب الأمور . وتلك الفترة كانت فترة جيدة للمطالعة والتثقيف الذاتي ، والسبب هو قلة وسائل التسلية مثلما هو الآن ، في وقتنا الحاضر التي تعددت فيها وسائل كثيرة تشغل الأنسان في متابعاته المتعددة ولربما ، تشغله عن متابعة القراءة ، الوسيلة التثقيفية الأولى في زماننا سنوات السبعينيات ، وبرز المثقف المتميز في أربيل في تلك المرحلة التاريخية المهمة ، رغم وجود سلطة قمعية لم تسمح ولم تشجع بنشر الأفكار ، والتي كانت تعتبرها أفكارا" مضادة للنظام . وكان المؤثر الأول على جيل كامل في تلك السنوات هو الفكر الماركسي والوجودي والعبثي ، أنتشرت كتابات لينين وماركس وأنجلس ، أضافة الى كتابات تروتسكي وكاوتسكي وبليخانوف والتوسر وبوخارين ، وغيرهم من منظري الفكر الماركسي ، وخاصة أن تروتسكي كان غير مرغوب من الشيوعيين التقليديين ، ولديه كتاب( الثورة المغدورة ) يتحدث في الكتاب عن ثورة أكتوبر وتوقع انتكاستها في المستقبل ، وهو الذي وضع نظرية تصدير الثورة الى الخارج آنذاك ، ولكن القادة السوفيت حاربوه وحاربوا فكرته ، ونظريته . وتأتي كتب جون بول سارتر وسيموندبوفوار وكولن ولسن ، والبير كامي وهوسرل وفرانز كافكا وغيرهم من الكتاب الوجوديين والعبثيين ، أما لجون بول سارتر لكتبه التي ملئت المكتبات ، مثل كتاب الوجود والعدم ، وكتاب الذباب ، والأيدي القذرة والأدب الملتزم وغيره من الكتب المتنوعة دراسات سياسية ومسرحية وقصص جميعها تفسر النظرية الوجودية بطريق الكتب الأدبية ، وأما سيمونديبوفوار صاحبة كتاب المثقفون ، الذي يتناول الصراع بين الماركسيين والوجوديين ، كان له رواج مهم آنذاك ، وكتاب آخر عن االفكر اليميني ، تتناول فيه الكاتبة الفكر اليميني في فرنسا . وأما كتابات كولن ولسن ، التي جاءتنا عن طريق أفضل الكتب الشيقة مثل سقوط الحضارة وضياع في سوهو وكتب كثيرة ، حيث هيمن الكاتب على فكر جيل كامل ، وكانت أكثر الكتب المترجمة تأتينا من لبنان وبمطابع دار الأداب . وفي تلك الفترة كان النظام الشمولي مسيطرا" على كافة المؤسسات الثقافية والأجتماعية ، وغياب التعددية السياسية والفكرية والأتجاهات الأخرى . لكن الكتب كانت تدخل المنطقة من جميع دول الجوار ، خاصة لبنان وسورية ومصر والمغرب العربي ، أضافة الى منشورات ومجلات المنظمات الفلسطينية ، التي تأتينا ، وكنت خاصة أنا شخصيا" أجلبها الى المحافظة ، مجلات جبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، كانت مجلات جيدة ودسمة الموضوعات ، وهي مجلة الحرية ومجلة الهدف . وكنا مجموعة شباب مثقف ومتحمس ومتابع لكل جديد في الفكر والفلسفة والسياسة . كانوا أصدقائي من المثقفين آنذاك كثيرون منهم في أربيل والآخرون في بغداد . ولكن ما تطرقت اليه في هذه اليوميات ، هؤلاء الأصدقاء القريبين ، والذين تعايشت معهم تلك الفترة الثقافية ، أعتبره واقع متميز ، لأننا اولا" كنا شباب عزاب ، ولدينا أندفاع ثقافي وفكري ، أضافة الى أن الفترة السابقة ، أفضل من العصر الحالي ، لوجود روابط عاطفية وأنسانية ، دون الفكر بمصالح ذاتية ومادية ، كما يفكر أنساننا اليوم . وفي سنوات السبعينيات كنت في أكثر الأوقات ، تواجدي في المكتبة العامة المركزية في اربيل ، وكنت أستعير الكتب الفلسفية خاصة ، التي كانت محببة في مطالعاتي . وكان أمين المكتبة الأستاذ كاظم من أهالي أربيل ، ذو الخلق والثقافة الجيدة في معاملة الزوار ، ولاسيما الأصدقاء من أمثالي ، كنا نجلس في غرفته ونتحاور في أكثر القضايا الفكرية ، أنسان هادىء ، ولايتحدث الا قليلا" ، وتكون الكلمة في مكانها ، يبقى في ذاكرتنا نحن زوار المكتبة . أما في بغداد العاصمة كانت لقاءاتي وجلساتي مع بعض الأصدقاء والأدباء في مقهى البر لمان ، أمثال عبد الستار ناصر ومهدي عبدالصاحب ، وبعض الأدباء الفلسطينين ، وكنت أشاهد الشاعر عبدالأمير الحصيري لتردده على هذه المقهى ، وكنت أجلس في بعض الأحيان في مقهى حسن العجمي ، والزهاوي وأم كلثوم ، ومرات في مقهى الجزائر ، في شارع الرشيد ، وذلك لمشاهدة لعبة الشطرنج ، ومرات أقوم باللعب . وكذلك كانوا أصدقائي من الكتّاب الكرد كذلك يلتقون في البرلمان ، وكنت التقيهم ، أمثال المرحوم محمود زامدار والفنان قادر زيرك وأما في أربيل كنا نلتقي في مقهى ( عبو ) لصاحبه المرحوم مام نادر ، الرجل الطيب والعطوف على الفقراء ، ويده سخية في مساعدة الآخرين ، وأن المقهى يتردد عليه جميع الطبقة المثقفة ، والمعلمين والمدرسين ، وكانت المقهى أشتهرت بممارسة الشطرنج فيها ، وكان مام نادر كلما رأني وقال أنا ووالدك تصارعنا أمام المقهى في سنوات الثلاثينيات من القرن الماضي ، كان يفرح حينما يراني ، وكانت علاقتنا علاقة جيدة ، وأنه رجل متدين ، وطيب القلب ، وأن أحترامه واجب ، واليوم ندعوا من الله أن يرحمه ... وكنا نلتقي في المقهى أنا والشاعر عباس عبدالله يوسف من أصدقاء العمر ، وأقرب الناس اليّ وهو الشاعر ، حيث نشر في الصحف والمجلات أشعاره ، وأصدر ديوان ( ئاو) ، ويعتبر من المجددين في الأدب ، وهو ناقد جيد ، في ذلك الزمن كنا سويتا" بأستمرار . وفي تلك المرحلة من العصر الذهبي في قراءة الكتب ، كنا نبحث وننبش في المكتبات ، وأماكن وجود المجلات والكتب ، وكنا نركز على أفضل الكتب ، أمثال كتب ( نقد الفكر الديني ) ل جلال صادق العظم الذي كان من كتابنا المحبوبين في متابعته . وبديهي على أثر الكتاب تم تقديم (العظم ) لمحاكمة في لبنان وقد قامت والدة الكاتب بالدفاع عنه ، لكونها كانت تمارس مهنة المحاماة . وبعد جلسات عدة وفي الأخير تم الأفراج عنه ، وخاصة أن فترة السبعينيات في لبنان ، هي فترة تزامنت مع حرية الفكر والنشر للمطبوعات ورأي الكاتب . وكذلك كنا نزور مكتبة أربيل لصاحبها عبدالرزاق ، كان من أصدقائنا الأعزاء ، أنسان هادىء وطيب القلب ، وهذه المكتبة تقع قرب كازينو المعروفة بأسم ( المطلوبين ) لصاحبها عثمان جايجي ، وهو من أصدقائنا القدامى . وكذلك كنا نلتقي في مكتبة الكشك التأميم ،الملتصقة بجانب نادي الموظفين القديم ، مقابل حديقة باغي شار نادي المتقاعدين الحالي . وصاحب المكتب هو ( أحمد عقراوي ) وشقيقه ( جمعة وأزاد ) وكانت لنا صلة بهم ، وهم ذوي أخلاق عالية . وأما المرحوم كاك أحمد الله يرحمه وهو كذلك من أعز الأخوان بعلاقتي به . وفي تلك المرحلة من سنوات السبعينيات من القرن الماضي ، كنا مجموعة مثقفين ، ملتزمين بالفكر الماركسي ، دون التزام بالحزب الشيوعي ، فقط لدينا علاقات مع بعض القياديين في أربيل ، أمثال الأستاذ عبد الرحمن القاضي ، وأبو علي وأبو أحلام وغيرهم ... وكانت لنا بعض الملاحظات ، نقدمها بأستمرار لأعضاء الحزب الشيوعي لكن كانت هذه الملاحظات تنعكس علينا سلبيا" . وكانوا لدينا أصدقاء أمثال صديقنا (شيروان) الملقب ب ليلة ، كان يقطن غرفة من طين في الأحياء الفقيرة ، كنا أنا وعباس نلتقيه هناك ، كنا نقرأ الكتب سويتا" ، ونتناقش حول جملة قضايا ، وكان حساس جدا" ، وكان شيروان يتنفرس من كل مسألة لاتعجبه . لكنه كان معجب بي وبطروحاتي ، في تلك المرحلة وكنا نزور المعارض الفنية ، وكانوا أصدقائنا من الفنانين الذين كنا نشجعهم على الديمومة والأستمرار للوصول الى القمة ، أمثال الرسام نجاة عبد الواحد ، والأخ قره ني والأخ عبدالله رسول والأخ دارا وهؤلاء كانوا فنانين جيدين ومثقفين يساريين . وكانوا هنالك أصدقائنا أمثال مجيد عقراوي ورجب عقراوي ، وأن مجيد من أقرب اصدقائي ، كنا نتحاور بأستمرار يعتبر المرحوم مجيد من المثقفين الجيديين للفكر التقدمي ، حقا" له تطلعات وأفكار جيدة ، لأنه لم يساوم على أي قضية وغير متردد ولا أنهزامي . وكان صاحب قضية ، وعلى هذا الأساس أصبح شهيد الفكر من خلال المقاومة . وهنالك حادثة تعود دائما" في ذاكرتنا ، كنت أنا وعباس وليلة شيروان ومجيد وورجب وازاد حسن ، نذهب الى منطقة أسكي كلك للسباحة ،أثناء فصل الصيف ، وأثناء السباحة لاحظت سلحفاة تجري قريبة منا ، وصاح شيروان كوسج .. كوسج .. ولاحظت خروج الجميع من الماء ماعدا مجيد ، وضحك الجميع ، لأن الكوسج يعيش في البحار وليس في نهر صغير ، وهذه الواقعة تذكرنا بتلك الأيام الجميلة .

( يتبع .... )



#زيد_محمود_علي (هاشتاغ)       Zaid_Mahmud#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاديب العالمي أرنست همنغواي وحكاية العمر
- الموقوفين السياسيين
- جلال بيار ... تبقى في قلوبنا
- حكاية المرأة الأسترالية
- REPORT
- رأي في القضية الكردية ...
- بطولة أندية أقليم كردستان للملاكمة للمتقدمين
- معاناة العراقيين ....
- الأمن الفكري في زمن العولمة
- مع الرسام المبدع أحمد عبدالله مهدي
- المعرض التجاري الأيراني السابع الذي أقيم في محافظة أربيل ... ...
- لماذا يكذب القادة ....؟
- الأرهاب والفقر .....
- تنظيم القاعدة لغزا-حير العالم بأسراره ...
- المسيحيون بين الأستبداد وربيع الثورات ...
- القضية الكردية .. وبعض المفاهيم خلال حقبات زمنية ...
- العنف والحرب أغلقا السوق أمام العقل
- أربيل مدينة الزمن الماضي
- أربيل من الزمن الماضي
- هل القوة أنتصرت على الحكمة ..؟


المزيد.....




- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زيد محمود علي - ثقافة الماضي .....