أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - التدخل العسكري الخارجي وتفكك البنية الداخلية















المزيد.....

التدخل العسكري الخارجي وتفكك البنية الداخلية


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 3771 - 2012 / 6 / 27 - 09:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يقد الغزو السوفياتي لأفغانستان في 27كانون أول1979إلى انقسام الأفغان حوله،بل إلى توحدهم ضدهم،مادام لم يكن بناء على تشجيع أواستدعاء من أيّ من الأطراف المحلية،وإنما قام على حسابات سوفياتية لم ترى مصلحة في تقارب السلطة الشيوعية الأفغانية،بزعامة حفيظ الله أمين، مع المعارضة الاسلامية المسلحة لنظامه إلى حدود كادت أن تصل لاتفاق معها،ليأتي غزو الكرملين الذي كان أول تداعياته اعدام أمين في قصره من قبل السوفيات،والإتيان بحكم دمية شيوعي بزعامة بابراك كارمال المقيم في تشيكوسلوفاكية،ثم انطلاق مقاومة أفغانية مسلحة،لاقت تأييداً أفغانياً كاسحاً، هزمت موسكو في عام1989 وساهمت في حفر قبر االدولة السوفياتية التي انهارت عام1991.
في الغزو الأميركي لأفغانستان البادىء يوم 7تشرين أول2001لم يكن الأمر كذلك : ساهم"تحالف الشمال"في تشكيل ظهير سياسي- عسكري للغازي،وهو الذي يضم مكونات سياسية ذات امتدادات قوية بين قومية الطاجيك27%والهازارا (الشيعة)9%وقومية الأوزبك9%،فيماكانت حركة (طالبان)الحاكمة في كابول والتي توجه الغزو نحو اسقاطها ذات امتدادات قوية لدى قومية الباشتون42%(أرقام "روزنامة العالم"الصادرة بنيويورك عام2010،ص749)،إلى درجة دفعت جورج بوش الابن لتكرار مافعله ليونيد بريجنيف مع كارمال(وهو طاجيكي،قبل أن يستبدله السوفيات بباشتوني في عام1986هو محمد نجيب الله) من خلال الإتيان بباشتوني مقيم في الولايات المتحدة،هو حامد كرزاي،لكي يأتي به وينزله رئيساً بالباراشوت على كابول.
هنا،كان الإنقسام حول الغازي بين الأفغان مؤدياً إلى انقسام حول المحتل،وبالتالي إلى انقسامهم إزاءه بين متعاون معه وبين مقاوم له،وعلى أساس كان فيه المربع الثاني(المقاومة) متحدِداً بماكان عليه المربع الأول(أي الموقف في فترة الغزو والإحتلال)،ومن دون وجود أية انزياحات عن هذا القانون السياسي (وجد أيضاً مثيل له في فرنسة المغزوة والمحتلة بين عامي 1940و1944) خلال أحد عشر عاماً التي تفصلنا عن يوم الغزو الأميركي لأفغانستان،ولم ينفع في هذا ذكريات النضال المشترك ل"المجاهدين الأفغان"ضد السوفيات،الذين توزعوا بين ضفتي التعاون مع الأميركي (برهان الدين رباني،مثلاً) والمقاومة (مثال : جلال الدين حقاني الذي أصبح تنظيمه ضمن إطار تحالفي مع مقاومة حركة طالبان).
هذا قاد،بين مربعي التعاون والمقاومة تجاه المحتل،إلى أن تؤول الأمور إلى حرب أهلية،حيث أصبح التعاون مع الغازي استعانة بالخارج من قبل قوى داخلية لحسم صراع داخلي ضد قوة محلية أخرى وبشكل ظهر الاحتلال ككسر لقوة محلية من قبل أخرى عبر قوة خارجية،كماكان الاحتلال مدخلاً إلى مكاسب فئوية لفئة أفغانية معينة وصلت للسلطة عبر المحتل واقصاءاً لفئة أخرى عنها،فيماأصبحت المقاومة ليست فقط ضد قوات الاحتلال وإنما أيضاً(وفي الأغلب)ضد قوات وسلطة المتعاونين معه.هذه الحرب الأهلية لم تكن في أفغانستان مابعد الغزو الأميركي حرباً أهلية بين قوى سياسية ،كمافي الحرب الأهلية الاسبانية1936-1939،وإنما حرباً أهلية بين"مكوِنات اجتماعية"أخذت شكلاَ سياسياً مادام كل مكوِن منها مهيمَن عليه سياسياً ويقاد من تنظيمات لايوجد منافس لها يعاكسها في الموقف من المحتل داخل"المكوِن الاجتماعي". عملياً،أدى مسار أفغانستان2001-2012إلى تفكك البنية الداخلية ليس فقط سياسياً وإنما اجتماعياً،بحيث أصبح البلد في معسكرين بين التعاون والمقاومة،بكل مايعنيهما كلاَ منهما سياسياً واجتماعياً ،ومايترتب عن هذين الحقلين ثقافياً في النظرة للبلد وللذات وللمواطن "الآخر".
في العراق المغزو والمحتل بعام 2003وحتى الانتخابات المحلية بالشهر الأول من عام2009كان الوضع العراقي مشابهاً لأفغانستان المغزوة والمحتلة أميركياً أيضاً:المتعاون مع الغازي قوى سياسية شيعية وكردية،ثبت من الانتخابات البرلمانية والمحلية المتعاقبة حتى 2010أنها ذات قاعدة اجتماعية كاسحة في الوسطين الشيعي والكردي،من دون قوى سياسية تمثِل وزناً يذكر في الوسط السني العربي تعاونت مع الغازي الأميركي أثناء غزوه وحتى احتلال و سقوط بغداد في يوم9نيسان2003. خلال أعوام2003 - 2005 كان الوضع هكذا في العراق المحتل،بحيث ظهرت السلطة المتعاونة مع الاحتلال بوصفها ذات طابع ثنائي شيعي- كردي،وكانت المقاومة مستندة إلى قاعدة اجتماعية في الوسط السني العربي . في هذه الفترة الممتدة من شهر آب2003لمااستهدف مرقد الإمام علي في النجف وحتى استهدافه لمرقد الإمامين في سامراء بشباط2006،حاول "تنظيم القاعدة"،من خلال تركيزه على أهداف شيعية اشعال نار حرب أهلية ربما رأى فيها وسيلة لإحراق الأرض العراقية تحت أرجل الأميركي وربما أيضاً من أجل استراتيجية أبعد من عراقية تؤدي إلى "فسطاطين" داخل مسلمي العالم بين سنة وشيعة كما "الفسطاطان"الذي تحدث عنهما أسامة بن لادن عقب ضرب برجي نيويورك بين المسلمين والآخرين.
في عام2006كسر(الحزب الاسلامي العراقي)،وهو التنظيم الإخواني المحلي،شيئاً من هذا المسار العراقي عبر مشاركته في الحكومة ،وفي عام2007بدأت"الصحوات"بسحب البساط بإتجاه محاولة كسر احتكار الثنائية الشيعية- الكردية للسلطة . في الانتخابات المحلية عام2009،ثم بانتخابات برلمان2010،كانت مشاركة السنة العرب الكثيفة في الانتخابات مؤشراً على هذا الاتجاه،وهو ماترافق مع الضعف المتزايد،منذ عام2007،للمقاومة العراقية حتى وصولها إلى حدود الفشل والتلاشي(بخلاف تجربة مقاومة حركة طالبان) بالتوازي الزمني مع انخراط السنة العرب الكثيف بأعوام2009-2010 في "العملية السياسية"التي دشنها بول بريمر في "مجلس الحكم"بيوم13تموز2003.
منع هذا الاتجاه عند السنة العرب وقوع حرب أهلية عراقية،إلاأنه لم يقد إلى تثليث الثنائية الشيعية- الكردية في سلطة حكومة نوري المالكي كماتثبت تجربة مشاركة(قائمة العراقية)في الائتلاف الحكومي منذ خريف 2010،أواسقاطها كثنائية صلبة قائمة كمعادلة عراقية جديدة منذ 13تموز2003، أولتزعمها،كماحاول إياد علاوي(وهو شيعي يتزعم قائمة العراقية ذات الغالبية السنية العربية الكاسحة) في ربيع وصيف2010بعد نيل قائمته المرتبة الأولى بالمقاعد في انتخابات برلمان7آذار2010،أوأن يزيح المالكي،بالتعاون مع مسعود البرزاني ومقتدى الصدر، كماجرت المحاولة في ربيع2012.
لكن مرحلة2003-2009،ومن ثم مابعدائتلاف حكومة المالكي بخريف2010،تظهر تفككاً في البنية الداخلية العراقية من خلال قوى سياسية فئوية تعكس،منفردة أومجتمعة، "المكوِن الاجتماعي" فقط سواءاَ الطائفي أوالإثني ، وبشكل يمكن القول بأن مرحلة التسع سنوات ونيِف،التي تفصلنا عن يوم سقوط بغداد بيد المحتل الأميركي،لم تستطع أن تفرز مكونات سياسية خارقة وعابرة للطوائف والإثنيات العراقية،كماكان الأمر في (حزب الاستقلال) و(الحزب الشيوعي) و(حزب البعث) ،الذين توزعوا زعامة الحياة السياسية العراقية في العهدين الملكي والجمهوري بالعراق،قبل أن تبدأ نذر التفكك المجتمعي ببلاد الرافدين مع صعود نجم الأحزاب الدينية والإثنية العراقية منذ ثمانينيات القرن العشرين . زادت ووصلت هذه النذر إلى ذروة بيوم9نيسان2003لماكان سقوط عاصمة الرشيد مترافقاً مع انقسام عراقي تجاه الغازي والمحتل لايتوزع على كتل أوشخصيات سياسية،كمافي فرنسة1940بين ديغول وبيتان،وإنما بين كتل اجتماعية،طائفية وإثنية،وهو ماترجم سياسياً في السنوات اللاحقة من عمر"العملية السياسية"من خلال الباس هذا الانقسام شكلاً سياسياً عبر حركات وتنظيمات وكيانات صعدت عبر الانتخابات،إلى حد يمكن القول فيه بأن عراق 2012لم يتجاوز حتى الآن انعكاسات تلك المشهدية التي كانتها بغداد في يوم الأربعاء9نيسان2003 .



#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحلة انتقال مابعد الثورات
- مآزق الأردوغانية
- الاستثناء الجزائري
- خطة كوفي عنان: قراءة تحليلية
- العلاقة الاشكالية بين اليسار والديموقراطية
- استقطابات حول سوريا
- سوريا:المعارض السياسي والشارع
- موسكو وبكين:الثنائي المستجد في العلاقات الدولية
- المعارضون الجدد والقدامى
- نزعة الإستعانة بالخارج في المعارضة السورية(2003-2005)
- الموجات السياسية
- حرب باردة من جديد؟..
- التصلب التركي – الفرنسي حيال الأزمة السورية:محاولة للمقاربة
- عشر سنوات من الاستقطابات في المعارضة السورية
- واشنطن والثورات العالمية
- فراغات الانسحابات الأجنبية من المنطقة
- تعثر النموذج التركي في ليبيا ومصر
- العراق:حصيلة احتلال
- الجزر والمد في السياسة:الاسلاميون مثالاً
- مابين دمشق وأنقرة 1921- 1957


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - التدخل العسكري الخارجي وتفكك البنية الداخلية