أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - فقـــــراء بلا حدود















المزيد.....

فقـــــراء بلا حدود


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 12:22
المحور: حقوق الانسان
    


حين يعجز الإنسان عن العيش بكرامته وتأمين أبسط مستلزماته الحياتية كالطعام والشراب والسكن الصحي البسيط الذي يؤويه مع أطفاله وأسرته في نهاية النهار ,وحين تصبح اللقمة مغمسة بالذل والمهانة والعار ,وحين تكون الملاليم والقروش القليلة التي يتقاضها عاجزة عن سد أبسط الإحتياجات الحياتية,وحين تفرض عليه الضرائب الباهظات والخوات والجزيات والأتاوات تحت شتى المسميات والبدع التي لاتطاق وتكثر الفواتير والجبايات ,وحين تتكدس أحلامه الموؤودة بالبيت والسيارة والزواج كباقي خلق الله والدراسة وبحبوحة العيش مع الأحباء, وحين تمر الأيام كئيبة وباهتة وحزينة ودون أية تباشير أو محفزات أوتغييرات,وحين يعمل في أكثر من مهنة وصنعة وكار ويستنزف عمره وجهده وحياته للبقاء واقفا دون السقوط في أوكار الرذيلة واللصوصية والإجرام, وحيث تتورم البطالة ويصبح الحصول على الوظائف الدنيئة والأعمال الحقيرة مطلبا وأملا للبؤساء, ومنة من بطانة "المتصرفين" والوسطاء, وحين يصبح الأطفال عمالاً في الورشات والأسواق و"غرسونات" في المطاعم والبارات, ومتسولين على الطرقات وعالة وهمّاً كبيرا على والديهم بدل أن يكونوا مصدرا للفرح والسرور وباعثا ومحرضا على الحياة,وحين يستشري الظلم وتنعدم الآمال وتداس الكرامات وتعفر الجباه, وحيث يكون النهب منظما ومدروسا ومخططا له وتتسرطن المافيات,وتخسر المؤسسات العامة وتفشل البرامج والخطط, وحيث تكثر مدن الصفيح الباردة وأكواخ التوتياء ويتكدس فيها الأطفال والنساء والشيوخ بدون خدمات أساسية وماء ومجارير وكهرباء,وعندما تصبح الدعارة مصدرا للعيش والتكسب والإرتزاق ويكثر القوادون والمسهلون والسماسرة والوسطاء,وحيث تتراكم الديون وتثقل كواهل الرجال ويعجزون عن السداد, وحيث تتوالى الهجرات و"الخروج الكبير" والفرار من جهنم الحمراء وجحيم الشموليات, وحيث لايكون هناك أي تناسب بين الرواتب والأسعارالمحلقة في الفضاء,وحيث تكثر الكماليات والرفاهيات ويصبح اقتناء أي شيء ضربا من المحال ومعجزة من معجزات العصر والزمان, وعندما تنهار العملات وتصبح بدون أية قيمة وتفلس الميزانيات,وحيث يصبح كل شيء للبيع بما فيه الشرف والكرامة ومقتنيات الآباء والأجداد والأوطان,وحين تكون الجيوب مثقوبات وتصفر فيها الرياح الصفراء,وحيث تلغى المواطنة ويصبح الجميع رعايا وتابعين وسبايا وأرقاء وسجناء أذلاء للوالي والباشا و"صاحب الشرطة" والسلطان,وحين تصبح الأوطان حكرا على السادة والأشراف والأخيار,وحيث تكثر الهزائم والخيبات والإندحارات والإنكسارات, يصبح البؤس حالة عامة والواقع تعيسا ومزريا والفقر بلا حدود وبلا بدايات أو نهايات.

فلماذا إذن الإنكار والجحود والتجني والغبن والبهتان ؟ ومن قال لكم بإننا خارج العولمة والهيئات الدولية ولاننافس المنظمات العولميات بمنظمات تتفوق عليها وتبزها بزا في الميدان؟ وأكثر عدة وعددا وأعضاء من كل الجمعيات والمنتديات والنقابات. أليست جحافل الفقراء هؤلاء من المجتمع المدني ويشكلون تكتلا وحزبا تلقائيا أوتوماتيكيا كبيرا, ينضم إليه كل يوم آلاف الأعضاء "المؤهلين" وعن رضا, وطيب خاطر, ووجدان وله ممثلين في كل مكان؟ولن يستطيع أحد منافستنا في هذا المجال, ولا حتى بالألفية العاشرة. فخلال عقود طويلة من النهب المنظم والإفقار الممنهج, والتسلط الموجه,وتبني السياسات المغامرة, والتوجهات الخاطئة, والتحالفات الهشة, والمصالح الضيقة, والرهانات الخاسرة,والخروج المزري والمشين من كل المعارك والمواجهات,أضحت هذه الشعوب بها منكوبة وبواقع مؤلم من التردي والبؤس والفقر,ويزداد أعداد الفقراء والبؤساء وتتردى أحوالهم يوما بعد يوم.كما فشلت كل البرامج الإجتماعية, والإقتصادية, والنظريات السياسية الثورية الشعاراتية الزائفة في تصحيح الأوضاع المعاشية ورفع المستوى المادي للناس ,بل على العكس ازدادت نسبة الفقروالفقراء, وفي كل يوم نطالع المؤشرات لنجد بأننا هبطنا درجة أخرى نحو الأسفل في التصنيفات الصادرة عن كل المنظمات الدولية.ولقد استخدم الإفقارأيضا كوسيلة أخرى ,إضافة للبطش والإقصاء والسجن, من وسائل بسط السيطرة والهيمنة والإرهاب بقطع الأرزاق.وكان من المعلوم دائما أن من ترضى عنه الشموليات تطلق يديه وسواعده ورجليه ,وأيدي أبنائه وأقربائه وأحفاده في كل مؤسسات النهب العام المستباحة لكل طماح ومنافق أفاك. وكان طول "اليد الخفيفة" وقصرها يحددها مدى البعد والقرب من "أصحاب القرار"الميامين الغر الأبطال,وحرمت على الآخرين المتآمرين الصعاليك الصغار ,وبذلك انضمت جيوش جرارة إلى جحافل الفقراء المكدسين في مدن الصفيح ,وأحزمة الفقر ,ويعيشون تحت زنانير التعاسة والشقاء.وفقدوا أي أمل في حياة حرة وكريمة في الأوطان التي حكمتها مافيات تبسط اذرعها الطويلة على كل مناحي الحياة والقطاعات التي تدر الحليب واللبن والدولار. وأصبح لدينا وبفخر أكبر منظمة فقراء بلا حدود في عصر العولمة وسيادة الدولار.ومن أسباب الفقر الأخرى فشل كل السياسات الإقتصادية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة والتي لم تفلح في تغيير أي من المؤشرات الأقتصادية,بل على العكس من ذلك تزايدت الأعباء وتردت الأحوال نتيجة ازدياد عدد السكان وعدم وجود بنى تحتية تواكب هذه الزيادات ونمو القوى الطفيلية وتفشي البطالة إضافة إلى البطالة المقنعة الموجودة أصلا في مؤسسات الإنتاج- مع وقف التنفيذ- الخاسرة. وتحولت مؤسسات القطاع العام إلى عالة وعبء على الإقتصاد بدل أن تكون رديفا ومساعدا له. كما كانت الخطط بشكل عام قاصرة وآنية ولاتراعي التغييرات ولا تلحظ الإحتياجات,وعجزت القوانين العصملية الشهيرة في مواكبة التطورات ,وندرة ملحوظة للمشاريع والإستثمارات.

وعلى العكس تماما وعلى هامش "منظمة فقراء بلا حدود" البارزة والكبرى فقد ظهرت تجمعات"شعبية"أخرى في كل مكان ,فلدينا مثلا طفرانون ومفلسون وشحاذون ومتسولون بلا حدود,ومنتوفون ومعترون ومشحّرون بلا حدود, وماسحو أحذية وشوفيريه وبائعو يانصيب بلا حدود.وعسس ودرك ومرافقة وجندرما ومخبرون وجنرالات بلاحدود,وفروع مخابرات بلا حدود,وجبناء ومقموعون ومرعوبون بلا حدود, ومكرسحون مشلولون مقعدون ,وعاطلون عن العمل بلا حدود,وسماسرة بلا حدود,وجباة بلا حدود, وانكشاريون وعصمليون وقراقوشيون بلا حدود.وزنازين انفرادية بلاحدود . ,ولصوص وحرامية ونشترية وزعران ونهب ومافيات بلاحدود, وسجناء بلاحدود,وقوادون بلا حدود, وجلاوزة وطغاة ومحققون بلا حدود, وجيوش ,وقسما بالله ,بلا حدود ولا تقف أبدا عند أية حدود, ولا تعرف حتى أين هي الحدود ,ونصابون وكهنة وكتاب وانتهازيون وحكواتية ورواة وزعبرجية بلا حدود. ومستهبَلون ومغفّلون وأميّون وجهلة ومشعوذون وخزعبلات بلا حدود,وأوطان مستباحة بلاحدود.أليست هذه كلها تجمعات "عصرية" نواجه بها العولمة وننافس البشر, ونبني بها الحضارات؟

ولكن والحق يقال هناك بعض الحدود الموجودة ,فعلا, والمعترف بها فقط, وهي الحدود الفاصلة والهوة الكبيرة الواضحة بين الفقراء والأغنياء,وبين أصحاب الشأن وأبناء الذوات والعامة والرعاع,وبين الحكومات والشعوب .كما تلاحظ وبشكل "نادر" أحيانا ولايذكر بعض حدود الردة المطبقة على المعارضين والمشاغبين الثرثارين "النقاقين" الأشرار.لأن كثرة النق تجلب الفقر,كما قال الآباء والأسلاف,فلا تنقوا كثيرا لكي لاتصبحوا من الفقراء.

الفقراء بلا حدود.........أعظم إنجازات الثوار.

نضال نعيسة...كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتحاكمـــوا هذا الرجل
- مواجهـــــــــة مع الذات
- محــارق وأوشفيتزات
- النهايات المنطقيـــة
- البؤســـــاء
- الجحيــــم الموجــــود
- الصدمـــة والرعب
- توم وجيري.........للبالغين سياسيا فقط
- أهل الذمة السياسية
- تسوناميا العظمــــى
- عاصفة الصحــــراء
- بريسترويكا إعلاميــــة
- شهـــود الــزور
- 2-العولمـــة الجامحــــة
- 1-العولمـــة الجامحـــة
- قوانين الطــوارئ العقلية
- خذوا الكذبة من أفواه السياسيين
- اللعب علــى الحبال
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نضال نعيسة - فقـــــراء بلا حدود