|
ثقافة الاعتذار
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 3750 - 2012 / 6 / 6 - 00:14
المحور:
سيرة ذاتية
لماذا يصعُب على بعضنا قول جملة ( آسف ، انا اعتذر عن خطأي بحقك ، ارجو ان تقبل اعتذاري ) ؟ بحثت عن جواب مقنع لهذا السؤال ولكني للأسف لم اعثر عليه بعد .
لماذا يخطأ البعض بقصد واضح ؟ ولماذا يسيئ البعض بقصد واضح ؟ الامر يكون مزعجا جدا عندما لاتجد جوابا على هذا السؤال ، خاصة عندما تراجع نفسك وترى انك لم تقم بما يبرر ان يخطأ فلان بحقك ، بل كنتَ داعما له في اوقاته الصعبة ، وربما كنت مبادرا في تقديم مايحتاجه حتى دون ان يطلب منك .
قال احد قدماء العرب ( كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون ) وهذه مقولة صحيحة تماما في كل الأوقات لأن الخطأ سمة من سمات البشر ، وهو يحدث احيانا بقصد واضح المعالم والاهداف ، واحيانا بدون قصد مسبق ، وفي كلا الحالتين يتطلب الأمر ان يعتذر المخطئ عن خطأه بغض النظر عن ظروف زمان ومكان الخطأ ونوعه وحجم النتائج المترتبة عليه والاشخاص المرتبطين بموضوعه .
الهدف من الاعتذار هو لتصحيح الخطأ الحاصل ، ورد الاعتبار للشخص المتعرض للاساءة ، ولكن الشخص المخطئ يتردد أو يمتنع عن الاعتذار لانه لايعرف معنى وأهمية الاعتذار ، ويعتبر ذلك انتقاصا من كبريائه ، لذلك يبتعد بالهروب من مواجهة الحقيقة ، حقيقة يدركها في داخله ويحاول التغاضي عنها ، حقيقة شعوره بالذنب لما فعل ، رغم مكابرته ومحاولة الظهور بانه غير نادم على خطأ ارتكبه ، حقيقة شعوره بالضعف وعدم الثقة بالنفس لمواجهة الشخص المتضرر منه .
الاعتذار ، وفي كل المجالات ، هو سمة حضارية وثقافية ، يحتاج الى ثقة عالية بالنفس وجرأة ادبية ، نظرة ايجابية لمعالجة المشاكل ، شعور بالتواضع المطلوب في الحياة ، استعداد لتحمل مسؤولية الافعال الصادرة بحق الآخرين ، يفتح باب التواصل من جديد ، يعالج الآثار المترتبة عن الخطأ ، يساعد على التخلص من تأنيب الضمير ، مفتاح للتسامح ، يعيد الاحترام لمن تعرض للاساءة وينهي شعور الغضب عندهم .
ولكن من المهم جدا ان يكون الاعتذار صادقا حقا ، وان يكون في وقت مناسب وليس بعد فوات الاوان ، ان يكون مخططا له وليس انتظار صدفة ما تجمع طرفيّ الموضوع ، لان ذلك يضعف مصداقية الاعتذار نفسه ، حينها سيكون الاعتذار ذا معنى ووساما على صدر الشخص المعتذر ، خاصة اذا كان المعتذر أقوى واعلى مرتبة اجتماعية او وظيفية ، او حتى من احد الوالدين الى احد الابناء .
ولكن للأسف الشديد هناك الكثير ممن لايعتذرون ويعتبرون ان الاعتذار هزيمة ، ويوجد آخرون يبررون لهم مستخدمين جملة غير ذات معنى اطلاقا تقول ( أخذته العزة بالاثم ) .
بالمقابل هناك مبدأ التسامح وهو ضروري ايضا ، ويتحقق عندما يشعر الشخص ان الاعتذار الذي قُدم له صادقا ، وبذلك يتجاوز شعور الغضب والاهانة عن الأساءة التي تعرض لها ، والسماح لايعني نسيان ماحصل بل انه خطوة في الاتجاه الصحيح ، ولايعني بالضرورة الصلح مع المخطئ ، وهو لايتم بمجرد الحصول على الاعتذار بل انه يتطلب وقتا وتفكيرا لتحقيقه .
الا نتفق اننا بحاجة الى تعزيز ثقافة الاعتذار في المجتمع العراقي الذي مزقته سياسات النظام المقبور وأكملت تمزقه سياسات المحاصصة الطائفية وحشر الدين في ميادين الحياة الاجتماعية . ويجب ان نبدأ من بيوتنا اولا ؟ الا ينبغي علينا وعلى مؤسسات الدولة تربية اطفالنا على تلك الثقافة في المدرسة والبيت ، لينشأ جيل جديد يمارس ثقافة الاعتذار ويبنى مجتمعا سعيدا ؟
لنسأل انفسنا متى كانت آخر مرة نطقنا فيها كلمة ( آسف ، انا اعتذر عن خطأي بحقك ، ارجو ان تقبل اعتذاري ) ؟
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات دنماركية 15
-
شجاعة وزيرة شؤون المرأة
-
حول تشكيل التيار الديمقراطي في الدنمارك 3
-
الحب في جريدة طريق الشعب
-
- جنطة - إبتهال كاصد
-
ثقافة الاجتماعات
-
خطوة الإمام ... ولكن
-
المالكي ليس صدام
-
يوميات دنماركية 14
-
وفاء وجلاء
-
لنتحداه ... بالفرح
-
موافقة البرلمان على استقالة المالكي
-
دولة قانون ؟؟ .. نموذج المثنى !!
-
انتصار مجرمي كنيسة النجاة
-
موكب وزارة الداخلية
-
اورزدي باك المالكي
-
رئاسة الجمهورية ...... فقيرة
-
يوميات دنماركية 13 ، الوزارة الدنماركية الجديدة
-
يوميات دنماركية 12 ، فوز ضعيف وليس تاريخي لاحزاب اليسار
-
فوزي الأتروشي والفرقة الوطنية العراقية في حفل بهيج جنوب السو
...
المزيد.....
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
-
كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
-
مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس
...
-
عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي
...
-
بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة
...
-
ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|