|
المالكي ليس صدام
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 05:42
المحور:
كتابات ساخرة
عندما وصف " السيد النائب " " السيد الرئيس " بصفة دكتاتور ، لم يكن يقصد بالطبع المقبور صدام حسين لانه في نظر " السيد النائب " كان صدام بطل الامة العربية وقائد تحرير القدس عبر عبادان والكويت ، ولأن " السيد الرئيس " لايقبل توصيفه بدكتاتور بسبب عدم دكتاتوريته ، كما يعتقد هو ، فقد اصدر طلب سحب الثقة عن " السيد النائب " وباقي الحكاية معروفة والشعب العراقي بانتظار فصولها اللاحقة .
لايجافي الحقيقة القول ان بعض العراقيين بدأوا يترحمون على النظام السابق ودكتاتور العراق المقبور ، وخاصة تلك الشريحة الفقيرة من الشعب التي لايهمها من يحكمها بقدر مايهمها توفير مستلزمات الحياة البسيطة لعوائلها ، كانوا يشعرون بالجوع ولكن بالامان ايضا ، وكانوا يخرجون للتظاهرات المؤيدة خوفا من اجهزة النظام ، وخوفهم كان من صدام ،ولذلك كانوا يبتعدون عن مواجهته ويأمنو انفسهم وعوائلهم . اما الان فانهم يخافون من أكثر من صدام ، واصبح اعدائهم كثيرون من جهات عديدة تقتلهم متى ماسنحت لهم الفرصة لذلك .
- في ايام صدام لم تكن الناس تذهب سيرا على الاقدام لزيارة الاربعين او وفاة الكاظم او غيرها من المناسبات الدينية ، ولكنهم الآن يذهبون باعداد متزايدة ولكنهم يموتون باعمال انتحارية او عبوات ناسفة ، رغم صراخ مسؤولي الامن حول اعدادهم خطط أمنية مخصصة لكل مناسبة .
- صدام كان رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء وقائد عام للجيش ورئيس للحزب ، اما المالكي فهو رئيس وزراء وقائد عام للجيش ورئيس حزب فقط وليس رئيس جمهورية .
- في ايام صدام كانت الكهرباء محدودة التوزيع بسبب الحصار الذي لم يوفر امكانيات الصيانة المطلوبة ، اما الآن فلا يوجد حصار ، وصرفت مليارات الدولارات ولازالت الكهرباء مشكلة المشاكل ولاأفق لحلها .
- في ايام صدام وتحت ضغط سوء الحالة الاقتصادية اضطرت بعض النساء لارتداء الحجاب ، اما الان فقد فرض الحجاب على كل نساء الوسط والجنوب حتى من الديانة المسيحية والصابئية .
- اعاد صدام بعض الدور للعشائر واغدق على شيوخها لكسب موالاتهم له ، أما الان تكرس هذا النهج واضيف اليه تشكيل مجالس اسناد تتسلح وتقبض من ميزانية الحكومة ، ويجري الحديث عن ضمها الى الاجهزة الامنية لاحقا .
- صدام كان مجرم من الطراز الآول لم يسمح لاحد بتوجيه النقد له ، اما الان فهناك حرية للتعبير ، وكان الشهيد هادي المهدي يتحدث كما يشاء في برنامجه الاذاعي ، له الرحمة .
- كان صدام يسوق سيارته بنفسه في احيان نادرة آخرها عندما زار العراق رئيس فنزويلا ، اما الان لامجال لان يسوق المالكي سيارته بنفسه بسبب الازدحام الذي يؤخر اتخاذ القرارات الهامة .
- قال صدام ان القانون عبارة عن ورق بيضاء يوقع عليها صدام وتنشر في الجريدة الرسمية وينفذ ، اما الان فالحكومة تقترح والبرلمان يوافق وتصادق رئاسة الجمهورية وينشر في الجريدة الرسمية ، ولكن لاينفذ ، مثال قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث ، ربما كان سيطبق لو اختص فقط بتخفيض رواتب رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب .
- ايام صدام يحكم المتهمون بجرائم قتل في محاكم الدولة ، واحيانا في محاكم خاصة وينفذ الحكم ، اما الان فيحتفظ رئيس الوزراء بملف حول جرائم قتل ، في احد ادراج مكتبه لمدة ثلاث سنين ، ويحتفظ كل الفرقاء بملفات عن اولئك المختلفين معهم ، ينتظرون الوقت لابرازها حتى يتم تسقيط الطرف الآخر .
مقارنات كثيرة تثبت ان المالكي ليس صدام ، ولكن خصوم المالكي يتهمونه ان يريد ان يمارس طريقة حكم صدام نفسها ، ويقدمون ادلة كثيرة ، ولكن !!! ، انا اعتقد انه حان الوقت لنسيان صدام ، وازالته من امام اعين الاجيال القادمة وحصره في متاحف تؤرخ لحقبة حكمه السوداء .
اليوم كان السادس من كانون الثاني ، عيد الجيش العراقي ، الذي كنا نحتفل به منذ ايام الدراسة الابتدائية ، كان مختلفا جدا . وربما نتفهم الهدف من الاحتفال الكبير بعد خروج الامريكان لاظهار قوة الجيش العراقي امام جيران العراق اولا وغيرهم ثانيا ، ولكن !!!
احدى الصديقات من طويريج قالت انها وهي تشاهد العرض العسكري في التلفزيون تذكرت صدام بوقفته في ساحة الاحتفالات واستعراض قطعات الجيش امامه ، كانت حزينة لتشابه صورة الامس باليوم . صديق آخر قال معلقا ، نعم صدام كان حاضرا هذا اليوم اثناء العرض العسكري ، فقد مرت كل القطعات المستعرضة تحت قوس الساحة المتمثل بيد صدام نفسه تحمل السيف من كلا الجهتين . لمن لايعرف فان اليد القابضة على السيف هي نموذج ليد صدام نفسه .
ليس هناك من شك ان طريقة العرض هذا اليوم اعدها ضباط الجيش المعنيين بالامر ، وربما هم انفسهم من كان يعدها ايام صدام .
من المسؤول عن احتفظ الساحة بقوس السيوف ويد صدام ؟ هل هذه مهمة امانة العاصمة أم محافظة بغداد او وزارة الدفاع ؟ لماذا علينا ان نتذكر صدام المقبور في مثل هذه المناسبة الوطنية ؟ الم يكن من الأفضل ترتيب العرض بطريقة اخرى ، وفي مكان آخر ؟ ولماذ يهدم نصب المحبة ولايهدم نصب يد صدام ؟
صديق آخر قال ، لاينبغي تهديم نصب السيوف حتى يبقى شاهدا على حقبة حكم صدام ، ولكن لاينبغي مرور القطعات من تحت التصب كما كان يجري ايام صدام ، كان يجب البحث عن مكان آخر وطريقة اخرى للعرض العسكري .
مذيع التلفزيون الذي كان يغطي العرض ويصرخ باعلى صوته ذكرنا ايضا بايام صدام وهو يستعرض اسماء الفرق العسكرية المشاركة ، ومنها الفرقة الذهبية احدى تشكيلات جهاز مكافحة الاهاب ، وجحافل النصر ، وبغداد الشموخ ومنارة الدنيا ، نفس الكلمات التي كان يرددها مذيعي التلفزيون ايام صدام . اضحكني مرور فرقة السيوف التي قال عنها انها رمز لكل صنوف الجيش العراقي ورمز للانتصار وتحمل هذه الكوكبة بكل هيبة ووقار راية الله اكبر " نفس صراخ المذيع ايام صدام " . حتى عبارة الله اكبر الموجودة في العلم العراقي تذكرنا ان صدام خطها بيده ، واستبدلت الان بنوع خط آخر . اشار المذيع ايضا الى مرور لواء حماية رئاسة الجمهورية ، ولواء حماية رئاسة الوزراء . اذا كان هناك لواء لكل من حماية رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء فعن اي استقرار امني يتحدث المالكي ؟
ولكن كما في العنوان ، المالكي ليس صدام ،فقد كان صدام يقف وحيدا على منصة العرض ، اما المالكي فقد وقف ورائه وزير الدفاع وكالة " السني " ورئيس اركان الجيش " الكردي " . وثانيا ان صدام كان يرتدي معطفا بينما المالكي يرتدي طقم ليس باناقة أطقم صدام ، وآخر شي كان صدام يحمل بندقية ، بيد واحدة ، ويطلق منها ، بينما المالكي لايحمل السلاح بل يحمل نظارته وخاتمه .
لن يكون المالكي صدام آخر ، ولن يستطيع ان يحكم بنفس طريقة صدام ، لانه مهما حاول التفرد بالحكم ، كما يقول عنه المختلفون معه من القوائم الاخرى ، وحتى اعضاء من التحالف الوطني ، وسيفشل حتما اذا ما استمر في تقليد طريقة حكم صدام وتهميش الاخرين والتهرب من الاتفاقات السياسية مع شركائه ، وربما سيكون خارج مبنى رئاسة الوزراء ، سواء خسارته في الانتخابات القادمة ، اوعدم الاتفاق حوله في البيت الشيعي ، لانه وبسبب بسيط ليس صدام مهما حاول تقليده .
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوميات دنماركية 14
-
وفاء وجلاء
-
لنتحداه ... بالفرح
-
موافقة البرلمان على استقالة المالكي
-
دولة قانون ؟؟ .. نموذج المثنى !!
-
انتصار مجرمي كنيسة النجاة
-
موكب وزارة الداخلية
-
اورزدي باك المالكي
-
رئاسة الجمهورية ...... فقيرة
-
يوميات دنماركية 13 ، الوزارة الدنماركية الجديدة
-
يوميات دنماركية 12 ، فوز ضعيف وليس تاريخي لاحزاب اليسار
-
فوزي الأتروشي والفرقة الوطنية العراقية في حفل بهيج جنوب السو
...
-
يوميات دنماركية 11
-
نساء جارتنا الكويت
المزيد.....
-
التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار
...
-
ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
-
تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا
...
-
-أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو
...
-
بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ
...
-
خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ
...
-
في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
-
الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
-
مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا
...
-
-الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|