أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة















المزيد.....

حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة


التجاني بولعوالي
مفكر وباحث

(Tijani Boulaouali)


الحوار المتمدن-العدد: 1097 - 2005 / 2 / 2 - 10:29
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


ملاحظة: كتب هذا المقال على ضوء مقتل الفتى المغربي علي البياتي بمدينة أمستردم
التناغم بين الرأي الرسمي والرأي الشعبي

إن مثل هذه الآراء الرسمية المنحازة من شانها أن تؤثر بشكل سلبي على الموقف الشعبي أو الرأي العام الوطني، لذلك يبدو أن أغلبية المواطنين الهولنديين يرون في ملاحقة القاتلة قانونيا وقضائيا أمرا غريبا، إذ تتعالى من كل مكان أصوات تطالب بعدم ملاحقتها قانونيا! ولو كان ذلك على حساب القانون، ففي هذه الحالة لا بأس من تجاوز بنود القانون الجنائي الهولندي وخرقها، لأن الضحية من أصل مغربي، وما دام العداء الآن موجه إلى المغاربة وغيرهم من المسلمين والجنوبيين، فلا بأس من تأجيل أو تعطيل القانون، لكن عندما يتعلق الأمر بخطيئة أو جريمة اقترفها مغربي أو أجنبي، كما حدث قبل أكثر من عام مع تلك الهولندية المدمنة السارقة، فلا يطالب الهولنديون بتطبيق القانون كما هو، بقدرما ينادون بتحديث القانون وتغييره، بل وجعله أشد مما هو عليه. ثم إن المعروف في القوانين والأعراف الدولية أن المواطن ليس له حق الرد بالمثل على مكروه أو سوء أصابه من مواطن آخر، ولو من باب الدفاع عن النفس، وإنما عليه التوجه إلى السلطة المعنية بالأمر، فهي وحدها التي لها الحق في متابعة الجاني ومعاقبته، وعلى نفس المنوال يتجه القانون الهولندي.

هكذا يطفو من جديد على السطح العداء لما هو أجنبي على العموم، وما هو إسلامي أو عربي على الخصوص، فهذه حقيقة واقعية لا غبار عليها، رغم أننا نحن المثقفين نثبت بكل ما نملك من جهد وإمكانيات أن ليس ثمة عداء من الأجانب للغرب، فهذا من اختلاق الإعلام، واصطناع السياسيين الذين يتصيدون الفرص للرفع من منسوب شهرتهم وحجم نفوذهم الأيديولوجي، كما أننا نغض الطرف عن العديد من التجاوزات والإكراهات التي نتعرض إليها سواء في العمل أم المدرسة أم الشارع أم غير ذلك، لأجل تحقيق نوع من التعايش النسبي مع الهولنديين الأصليين، وتبيين الوجه السمح للشخصية التي نحملها، والثقافة التي نمثلها... غير أنه للأسف كلما طرأ طارئ، قد يحصل مثله في أي مكان من الكرة الأرضية، يكشف الهولنديون عن كرههم الدفين لما هو أجنبي، ورفضهم البين لثقافته وهويته بل ووجوده بين ظهرانيهم، وفي ذات الوقت يتهمون هذا الأجنبي ببغضائه للغرب وعدوانه عليه، كيف يمكن لنا إذن استيعاب مثل هذا التناقض المشكل؟

هذا ليس كلاما إنشائيا أو عاطفيا، بل إنه كلام مدعوم بالأرقام والأدلة، نجد على سبيل المثال في الموقع الإلكتروني www.stand.nl عبر استقراء مباشر للرأي، أن أكثر من 83% من الهولنديين يرون أنه لا ينبغي لقاتلة الشاب المغربي أن تلاحق قضائيا، لأنها لم تنو قتل الضحية، وهي التي صدمته بسيارتها مع الشجرة حوالي ثلاث مرات كما تروي الشاهدة التركية! وهذا يعني بشكل ما أنه في مثل هذه الحالة يحبذ خرق القانون، لكن ألا يدري الذين يدلون برأيهم هذا أن خرق القانون يقود إلى إشاعة الفوضى، فنجد أنفسنا نعيش في واقع لا يسوده القانون الذي يعلو على الجميع كيفما كانوا، فهم يوجهون نقدهم المقذع للوزارة العمومية المختصة في مثل هذه القضية، والتي أصرت على مقاضاة الجانية، ويرون أن مسئوليها يتشبثون بأبراجهم العالية. ويتعاملون مع القضية بعواطفهم الجياشة، ويستهزئون من الضحية لما يصفه أحدهم بسخرية لاذعة بقوله: كأن ملكا توفي، ويشبهها آخر بمجرم وضع في وسط الورد! وغيرها من العبارات النابية التي تميط اللثام عن الوجه الخفي لهذا الشعب المتحضر!

الأقلية المغربية بين شجب المواطنين وصمت المسؤولين

إن الكثير من المغاربة حاولوا نفي تهمة السرقة عن الضحية، بل وأن بعضهم ادعى أن عملية القتل هذه تمت بشكل شبه مخطط، في حين بالغ الآخرون لما زعموا أن هذه الجريمة ما هي إلا انتقام لمقتل ثيو فان خوخ... غير أن الأهم من هذا كله ليس مدى صحة هذه الأقوال والإطلاقات ومصداقيتها، وإنما تلك الازدواجية التي طغت على التعامل مع هذه القضية سواء من قبل الإعلاميين أم من لدن السياسيين والمسؤولين. حقا، إن الضحية ارتكب السرقة، وهي سلوك مرفوض مطلقا، سواء داخل المجتمع والقانون الغربيين، أم داخل الثقافة والشريعة الإسلامية، ونحن باعتبارنا مسلمين نرفض بالإجماع مثل هذا التصرف المنحرف الذي قصاصه بالنص القرآني قطع اليد! ونتألم حين نسمع أو نعلم أن مواطنا مسلما أو عربيا سرق أو ارتكب جريمة ما، بيد أن هذا لا يعني أن كل مجرم أو سارق خارج من حماية القانون، حيث هناك إجراءات صارمة تقنن هذا، وتسويه بشكل حضاري يضمن الحقوق لكل أبناء الوطن، إذ ينال كل منحرف حظه سواء من العقوبة أم التربية أم التعويض أم غير ذلك.


لكن رغم هذا كله، تبقى الازدواجية طاغية على الخطاب الرسمي الهولندي في مثل هذه الوضعية، وخير ما يثبت ذلك، إضافة إلى ما تم تسجيله آنفا من مواقف شتى، ما قام به عمال المقاطعة الحضرية التي ينتمي إليها موقع الجريمة، الذين جاءوا مبكرا إلى هذا الموقع فأخذوا الورود واللوحات القرآنية التي وضعت هناك من لدن بعض أقرباء وأصدقاء الضحية، ونظفوا المكان من أي أثر للجريمة، لماذا فعلوا ذلك ونحن نشهد أماكن عدة بأمستردم وغيرها من المدن الهولندية التي سقط فيها الضحايا تظل عبر الأيام تحفظ ما يوضع فيها من تذكارات وورود، حتى أضحى هذا تقليدا غربيا مألوفا.

لكل فعل رد فعل يختلف بحسب السياق والدوافع النفسية والفطرية، وهذه الجريمة التي مارستها أنثى على ذكر في سن ابنها، استتبعتها ردود فعل شتى، منها ما أشرنا إليها في الفقرات السالفة، وفي هذا الموضع نحاول تقريب موقف جزء من الجالية المغربية، المعنية بشكل أو بآخر بهذا الحدث، حيث بادر الكثيرون سواء من أقرباء الضحية أم أصدقائه أم المتعاطفين معه أم غير ذلك، بوضع الورود وعدد من اللوحات القرآنية والرسائل أمام الشجرة التي قتل بقربها الشاب المغربي، حيث وضعت ورقة مكتوب عليها بالهولندية: فردونك القتالة! ويقصدون بذلك وزيرة الاندماج التي تناولنا موقفها سابقا، كما قام مجموعة من شباب الحي الذي شهد مصرع الضحية وبينهم أخت الضحية وبعض ممثلي جمعية المركز الثقافي الاجتماعي المغربي بشرق أمستردم ومؤسسات أخرى، بوقفات عديدة طوال الأيام التي أعقبت الحادثة، وذلك بحضور بعض وسائل الإعلام الهولندية، كما أقيمت مسيرة صامتة تنديدا بما وقع وتضامنا مع عائلة الضحية، انطلاقا من مكان الجريمة وصولا إلى المسجد الكبير، حيث ألقى الإمام - كما يروي لنا أحد الذين حضروا في المسيرة - كلمة معبرة حث فيها المسلمين عموما والمغاربة بخاصة، بالتحلي بالصبر والتعقل، والاقتداء بالتعاليم الإسلامية السمحة ونحو ذلك من المواعظ التي من شأنها تجنيبهم الوقوع في صدام مع الآخر. إضافة إلى ذلك أوردت بعض المصادر الإعلامية أن الكثير من المؤسسات الرسمية تتلقى مكالمات هاتفية تترجم غضب الجالية المغربية، وأحيانا تتوعد بالتهديد والانتقام.

بعد هذه النازلة التي كسرت صمت مدينة أمستردم، وعكرت صفوها الذي أوت إليه بعد ضجة مقتل ثيو فان خوخ، وأثبتت مصداقية ما ورد في برنامج (المدينة الأحسن في هولندا) الذي اعتبر أمستردم أول مدينة على الصعيد الوطني من حيث عدد القتلى، بعد ذلك إذن، ماذا كان موقف ممثلي الجالية المغربية والإسلامية مما حدث، هل تحركت المؤسسات الثقافية والدينية التي تمثل الأقلية المغربية، هل عبر السياسيون المغاربة الذين يقبعون في البرلمان الهولندي عن شعورهم إزاء ما جرى، هل هب المثقفون والفاعلون الثقافيون المغاربة الذين شجبوا أيما شجب مقتل ثيو فان خوخ، رغم أنه أساء إليهم، وحط من كرامتهم، ومسخ الهوية التي يحملونها، أم أنهم لا يزالون يعتصمون بالصمت، وما انفكوا يفكرون فيما سيدلون به بشأن هذه الواقعة. لم نسمع بعد شيئا، عدا آراء معدودة على أصابع اليد الواحدة لبعض الشباب الذي صادفته كاميرا الإعلام أثناء تلك الوقفات الصامتة التي تلت يوم الجريمة، أو لممثلي بعض الجمعيات الفاعلة في الحي أو المقاطعة التي يوجد فيها مكان الحادث.
سوف لن نسبق الأحداث، لكن سوف ننتظر ما ستسفر عنه الأيام القليلة القادمة، ونحن نردد قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد في معلقته:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود



#التجاني_بولعوالي (هاشتاغ)       Tijani_Boulaouali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة -1
- الشعر داء
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- الموت على طريقة الكوبوي! نرجسية الأمريكي بين ولاء الآخر وتحد ...
- نشيد الغضب
- أزمة الإعلام البصري الوطني وتحديات المستقبل
- حوار مع المفكر العربي د. حسن حنفي
- بنية الثقافة الهولندية والحضور الأجنبي
- أيها الأفاضل؛ هنيئا لكم ولو كنتم حزانى!
- رغيف الأسى - شعر
- ثقافة الحوار أساس التعايش الإيجابي بين كل مكونات المجتمع
- مقاربة موضوعية لكتاب انهيار الصنم للكاتب العربي د. خالد شوكا ...


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - التجاني بولعوالي - حين يتكالب السياسي والإعلامي على القانوني لطمس الحقيقة