أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن محسن رمضان - من إشكالات المجتمع الكويتي















المزيد.....

من إشكالات المجتمع الكويتي


حسن محسن رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 3724 - 2012 / 5 / 11 - 13:47
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    




الكويت بلد صغير، إلا أنه على حقيقة صغره الجغرافي فإنه يعج بين جنبيه ببحر متلاطم من التوجهات الدينية والعقائدية والسياسية والعرقية. فلا تكاد تسمع عن قضية ما إلا واندفعت عشرات التوجهات لتدلي بآرائها ولتشرح مواقفها، واندفع في نفس الوقت مئات الأعضاء والكوادر فيما يسمى زوراً وبهتاناً بـ (جمعيات النفع العام) لتعضيد آراء منظريها الحزبيين وتسويق مواقف رموزها أو ممثليها في مجلس الأمة بشتى الوسائل، واندفع الألوف من الكويتيين من كل حدب وجهة ليصوّب هذا أو يُخطّئ ذاك بناءً على الهوى الطائفي المذهبي أو العرقي. وتبقى الحقيقة أن السواد الأعظم من الكويتيين مُغيّبٌ تماماً عن جوهر القضية ولُبها، كما أن بعضهم يتصرف وكأن أمر الحاضر والمستقبل لهذا الوطن لا يعنيه، لا من قريب ولا من بعيد، اللهم إلا إذا تعلق الأمر بمخصصات مالية تعنيه هو مباشرة.

ليس غريباً في الكويت أن تتبنى جهة ما قضية محددة اليوم ثم تنقلب على نفس الفكرة غداً. وليتفاجئ المراقب أن أغلبية الشعب الكويتي نسيَ ما كان من هؤلاء في الماضي القريب، ثم ليقف هذا الشعب قصير الذاكرة بحماس منقطع النظير، مع أو ضد، هذا الموقف الحالي وكأن شيئاً ماضياً لم يكن. فليس غريباً في الكويت أن يتبنى الإسلاميون مثلاً منذ سنوات تنقيح الدستور لصالح تعديل المادة الثانية منه فقط لتكون الشريعة الإسلامية (الـ)مصدر الرئيسي للتشريع، ثم لينقلبوا فجأة ليكونوا معارضين تماماً حتى لمجرد الايحاء بفكرة تنقيحه إلى درجة التخوين والاتهام بـ "الانبطاح" (!!) للحكومة لأي شخص يتجرأ حتى بالإشارة إلى امكانية تنقيحه، ثم ينقلب الحال للمرة الثالثة ليكونوا متحمسين لتنقيح مواد الدستور وبالجملة ومن دون عدّ أو حساب. وليس غريباً أيضاً أن يكون الإخوان المسلمين في الكويت بالأمس القريب مع الانتخابات القبلية الفرعية المناهضة للروح الديموقراطية والمخالفة للقانون لأنها كانت تخدم مصالحهم الانتخابية، ثم ينقلب الحال بعد أن خسروا فيها مواقعهم ليروها "مخالفة جسيمة للدستور"، ثم أخيراً تبنوا سياسة "غض النظر" لأنها أستر للمصالح الانتخابية. ولا يجب أن تتفاجأ عندما تعلم أن الشعب الكويتي نسي مواقف تلك الجماعة طالما نعمة النفط تسع الجميع وتفيض. وهكذا تتغير المواقف وتتبدل القناعات وتُمحى صور ليُلصقَ مكانها “بوسترات” جديدة وبألوان مختلفة تماماً.

الملاحظة الهامة هنا أن أغلبية الشعب الكويتي، في الحقيقة، لا يعرف من القضايا السياسية والمصيرية إلا صوراً مشوهة لا تعكس بالضرورة حقيقتها كما هي. بل أحياناً لا يدري ما هي القضية من الأساس. المشكلة هنا متعددة المحاور، ولن أتطرق لها كلها حتماً فليس مكانها في مقالة، ولكنني سوف أتطرق لمحورين منها.

المحور الأول والمهم هو أن الإعلام المرئي والمقروء في الكويت هو غير محايد ومُجير تماماً لصالح مصلحة أو قضية تعكس بالضرورة مصالح مالكيها من العوائل الكويتية ذات الغنى الفاحش أو التيارات السياسية المتصارعة أو مصالح فئات محددة ذات طموحات ضمن قمة الهرم التنفيذي في الكويت. بل في الحقيقة أن بعض هذه الصحف اليومية أو القنوات التلفزيونية هي طرف أساسي في صراعات مالكيها إما مع القانون أو مع أطراف أخرى إما إعتبارية أو حقيقية. فليس وظيفة الإعلام الكويتي كما هو اليوم هو (نقل) الخبر كما هو تماماً للمشاهد وبحيادية، ولكن الهدف الحقيقي هو تشكيل عامل ضغط ضد جهة معينة أو شخص محدد وتهيئة ظروف عامة أكثر ملاءَمة لمصلحة مالكي هذه الوسيلة الإعلامية. بالطبع هذا لا يعني أن “كل” ما تكتبه هذه الصحف أو تعرضه تلك القنوات هو يخضع لذلك المحور، ولكنني أقول أن الطرح العام لهذه الوسائل الإعلامية هو مطابق تماماً لهذا المحور، ويجب أن يُنظر للقضايا العامة المطروحة ضمن هذه القنوات من زاوية هذا القصور الفاحش. ولذلك فإن ما يقرأه الناس أو يشاهدوه لا يعكس بالضرورة الصورة الحقيقية لقضية ما، وخصوصاً، وكما يفعل الأغلبية الساحقة في الكويت، إذا اقتصر الفرد في قراءته على مصدر واحد يتيم من هذه الصحف أو متابعة برامج محددة على شاشات التلفزيون. بل الحقيقة هي أن ما يقرأه الناس أو يشاهدوه هو “رأي” أو "مصلحة" هذه القناة أو الصحيفة ولكن يتولاه أطراف يبدون محايدين وذوي اختصاص للمشاهد العادي.

المحور الثاني المهم هو النشاط العقائدي الطائفي أو الحزبي الديني أو العرقي المتصارع بواسطة أدواتهم المختلفة المتاحة لهم وأحياناً كثيرة بأموال الدولة نفسها التي تمنحها لهذه التوجهات السياسية والمذهبية العرقية تحت حجة دعم جمعيات النفع العام. فالكويت هي الدولة الوحيدة في العالم فيما أحسب التي تمول حكومتها الأحزاب المعارضة لها والتي تقف على النقيض من مصالحها، بل هي على النقيض من مصالح الدولة المدنية العادلة المتجردة من أهواء الطوائف والأعراق. فأغلب هذه التوجهات المذهبية والدينية والعرقية تتستر بجمعيات النفع العام كغطاء قانوني لشرعنة نشاطاتها السياسية والدعوية. هذا النشاط الحزبي والعقائدي، والذي يخفي خلفه صراعاً عرقياً في أغلب الأحيان، تحت غطاء تلك الجمعيات يتيح لهؤلاء الوصول إلى أفراد المجتمع من خلال التجمعات أو النشاطات الاجتماعية أو الدينية أو الثقافية المختلفة، سواء العلنية أو المحدودة، وليكون الخطاب أحادياً وعظياً وموجهاً بلغة الشارع في محاولة لتغيير القناعات لصالح طرحهم هم ولتجييش النسيج الاجتماعي وتأجيج صراعه الداخلي. وإذا أضفنا إلى ذلك حقيقة أن بعض هذه الجمعيات والتي تسمى “نفع عام” تملك كوادر عاملة مع أجهزة متطورة إلى حد ما لجمع المعلومات وتصنيفها وتكوين الإحصاءات الدقيقة، فإن الجهد المبذول لصالح قضية أو فكرة ما يتمتع بخاصية (التركيز حيث يكون الأثر أكبر). وعادة ما يتركز خطاب هذه التوجهات لتشكيل قناعات الجمهور حول الخطب العاطفية والكلام العام غير المسنود بالدليل البارز واستعمال كمية كبيرة من آيات القرآن الكريم وأحاديث النبي وآراء الفقهاء محددين دون آخرين يخالفونهم الرأي وأخيراً المراهنة على ذاكرة الناس القصيرة. كل هذا يتم من دون حوار ثنائي فعلي (ديالوج) يتم على أرض الواقع، ولكنه أقرب إلى الإلقاء (مونولوج). هذا النوع من الخطاب، بطبعه، هو متلون وقابل للتشكيل والمرونة طبقاً لمصلحة هذه الأحزاب والتوجهات العقائدية. ولأنه يتم أساساً على المستوى الاجتماعي المتعدد المراتب وذو الطابع الشخصي، حتى وإن تم من خلال تجمعات تتفاوت أعداد حضورها، فإن “توثيق” هذا الطرح في أغلب الأحيان غير متاح، لا بالصوت ولا بالصورة. كما أنه من السهل جداً الطعن بأي جهة حاولت توثيق ذلك كتابة ً أو تصويراً إذا ما إختلفت المصالح أو تباين الطرح.

الخلاصة هي أن النسيج الاجتماعي الكويتي هو نسيج متصارع في اتجاه معاكس لمصالح الدولة المدنية الحديثة مع ما تمثلها من مفاهيم العدالة والمساواة المجردين. كما أن المجتمع الكويت معرض لتكوين قناعات عامة على أساس معلومات منقوصة أو غير صحيحة أو على أساس عاطفي غير عقلاني بسبب أن من يتولى صناعة الإعلام في الكويت هم مجيرون تماماً لصالح تلك الصراعات بطريقة أو بأخرى.



#حسن_محسن_رمضان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لا تزالون أمة ً أمّية؟
- رسالة يهوذا، الذي خان المسيح، إلى الحُكام العرب
- إشكالية اغتصاب المرأة في الفقه الإسلامي
- مقالة في أن العلمانية تحمي الدين من احتمال الاستبداد
- إلغاء ملتقى النهضة وزيف شعارات الحرية
- مقالة في أن لا كهنوت في الإسلام مقولة خاطئة
- خطورة التسويق للنموذج السعودي للحداثة … الاستقواء بالسلطة ضد ...
- السذاجة الإسلامية كما تتجلى في قضية حمزة الكاشغري
- أفضل هدية في عيدها أن نتصارح مع الكويت
- في العلمانية ومفهوم الليبرالية والهدف منهما
- ديموقراطية الشذوذ القَبَلي
- أرى خلل الرماد وميض نار - الحالة الكويتية
- عندما يقول الغرب لكم: إن قبائلكم ومذاهبكم يثيران الاشمئزاز ا ...
- الكلمة التي ألقيتها في الحلقة النقاشية عن مواقع التواصل الاج ...
- إنها قشور دولة
- حقيقة التلبس الشيطاني - الفرق بين أوهام رجال الدين ومنطقية ا ...
- إشكالية المجاميع الليبرالية الكويتية
- السلطة المعنوية لقمة الهرم السياسي الكويتي كما هي عليها اليو ...
- مقالة في الفرق بين التمدن والتحضر
- المشكلة المذهبية في مجتمعات الخليج العربي


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - حسن محسن رمضان - من إشكالات المجتمع الكويتي