أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - عامِر مضيفَك، حَجِّي مِحْكَان














المزيد.....

عامِر مضيفَك، حَجِّي مِحْكَان


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 3656 - 2012 / 3 / 3 - 06:57
المحور: كتابات ساخرة
    


أكثرَ من عَشْرٍ حجَّ بيت الله الحرام، واغتنى من وراء رميه الشيطان سبعين جمرة ما فاض عن حاجته من ثواب، فهو مِلْءَ قامته مغمور بالثواب، حتى انتفخت أردان ثوبه الفضفاض، الزيت من كفَّيه سائل طول العام، تنور بيته لا تخمد له نار، كذاك موقده والهاون والمقلاة، يمينه لا تُخبر شماله ساعة ينتقي من هم بحاجة لما به يجود من صدقات، كلابه لا تهرُّعلى زائر آخر الليل، ووسائده لم تبت ليلة خالية الوفاض، وما باتت أرملة في الحي ظمآى، ذلك وفق شرع الله؛ لكنْ دون علم الثلاث المتشاركات بالعدل، وما من عمود في مسجد الحي، أو جدار؛ إلا وعليه أثر من جودِهِ، ( حَجِّي مِحْكَان ) الذي لم يعد له مناسبا ذلك الاسم، خصوصا بعد اختيار القوم له ناطقا باسمهم في كل المحافل بالإجماع، مُعبِّرا عن آرائهم أنَّى تطلب الأمر أن يُعار رأيُهم أيَّ اهتمام، لِحيَة مُخضَّبة بالحِنَّاء، موشاة بخيوط سوداء، بشاربين مكنوسين تماما، يكاد جبينه ينتفخ من أثر السجود، ولا تغادر خرزاتِ مسابحه قبضاتُ أنامله إلا حين يغطُّ بنوم عميق، أو تتفرغ كفَّاهُ للتسبيح لما هو الأهم عنده من الصيام والصلاة، أما الخواتم التي طوَّقت أصابع الكفين؛ فأحجارها أصلية المناشئ، تنوعت وظائفها بين المحبة، والجاه، ودرْءِ الشر؛ لهذا كله فقد طُويَتْ صفحة ( مِحْكَان ) من سجلات النفوس

الحاج ( سعد الله ) ليس سهلاً إطلاقا أن يَنتزِع من أذهان المحلة - خصوصا كبار السن - ذلك الأثر الذي تركه في نفوسهم ( مِحْكَان ) إذ لم تغفر له توبته، وتبديل اسمه، مع تعدد مرات حجته بيت الله، وما يتصدق به على المساكين من فتات الحرام؛ وما تلطَّخت به يداه من ذنوب، ذنوب تجاوزت ما ميَّز الناس عن غيرهم من عادات وأخلاق، وهل في القرية أكثر من ( مِحْكَان ) الذي به يستدِّل لصوص قادمون من خلف الأسوار كي يعيثوا فسادا بمساكين لم يطمعوا بمطلب غيرالأمان، ولم ينشدوا المزيد أكثر من أمان، لا يطيب له خاطر عندما يطرق سمعه أن إلفة جمعت اثنين من عباد الله، وأن ريحا طيبة تنَسَّمَها حبيبان، فهو في ذلك لا يُجهد نفسه، وليس له على الساحة من حضور مكشوف، والشيطان لا يُكلِّف نفسه مهمة الإنجاز، فلا بدَّ له من أعوان، و( مِحْكَان ) هذا بدهائه المعلوم يجيد انتقاء الأعوان، والسوق ملأى بهم، مُذ أُبعد عن جنَّتِه أبونا آدم حتى اليوم، الأخطبوط يحكم أطواقه بما يمد من ذيول، والذيول سهل شراؤهم، كرسي جاه صغير، أو حفنة من دنانير، والأيسر عظمة ناشفة بها يتسَلُّون

وانشطر القوم - شاؤوا أم أبوا - إلى فريقين يقتتلان ليل نهار، فريق ما برحت ذاكرته صورة ( مِحْكَان ) الغادر الذي أُوقع فنجانُه يوما ما في الديوان؛ لأنه وفق عرفهم ( علاَّس ) يخون الأهل والجار، والآخر أبهرته عباءة فاخرة توشِّيها حزمة من خيوط بيضاء وأخرى صفراء، وخمسة أوقات يزيد على ركعاتها في كل مرة ركعتين، التوبة تمسح كل الذنوب، وربُّ العباد - كما قال الأنبياء - غفور رحيم، العمل الصالح يمحو السيئات، والبطون إن أشبعتَها؛ عنكَ تغضّ الطرف، المال الوافر مثل الطلاء السميك، به يُستر الكثير من العيوب
كلا، ثم كلا؛ فذيْلهُ أربعين يوما ولم يعتدل، من قال أنه قد تاب عن أفعاله ابن آوى مجرد أن أطال السجود، نيوب الليث بارزة لا تُفصح أن قد صدق الابتسام، و ( سعد الله ) هذا لا يَمسَح من ذاكرة الأحياء ذلك ( المِحْكَان ) فما تفرَّقَ زوجان، أو تخاصم أخَوَان، ما شربتْ نار حيَّاً مُسالماً، ولا أطلَّت بَسوسُ بعد قرون؛ إلا وكان الشرُّ كلُّه من تدبيره، الملعون، مِحْكَان

ألا لعنة الكون كله عليك، أيها الخبيث الخسيس ( سعد الله ) يامَنْ حلمتَ بأن تُخفي بهذا الاسم المُزيَّف حقيقة ( مِحْكَان ) الذي ظل ملازما إياك مثل ظلك كلما حاولتَ منه الهروب، ومهما غيَّرتَ من أسمائك، أو ارتديت من فاخر الثياب، فلا يقرُّ لي قرار حتى أُعرِّيك كما أنت
حاسمةٌ تلك الليلة، فيها يُفصَل الفصل، وبعدها ينتهي النزاع، نارُالفتنة تُخمَد، ويُرفَأ صدع لحق القوم بعد أن غيَّر ( مِحْكَان ) جلده كما تُغيِّر جلدها الحرباء، و( شرهان ) عاهد الأخيار، وأقسَمَ أن يكون جاهزا بين أيديهم البرهان، برهان قاطع على أن ( سعد الله ) لم ينفصل عن جوهره ( مِحْكَان ) اللئيم. آخر الليل، وبضع نجمات ألقَتْ التحية وهي تغادر بعد انتهاء واجبها الليلي، كائن بشري يتلفع بعباءة سوداء، يمنة ويسرة حذرا يتلفت، بين الأزقة منسابا على أطراف كعبيه، غانية رجمها الناس بما يوجع من الأوصاف فتطرفت بآخر الحي، على نغمات طبلها اهتزت أردافه ( سعد الله ) ومن كأسها وما حوت رشفت شفتاه، والطبالون هم جنوده الذين بهم خرَّب البيوت من قبل، ومن بعد، وانتهك الحرمات، وهم سُرَّاق ليلٍ، ووُعَّاظٌ في النهار، في اليوم الواحد يلبسون مئات الوجوه، آلاف الأسماء ينتحلون، هو بدونهم لا يقوى على الحياة، ( سعد الله ) اليوم، وسابقا ( مِحْكَان )، ولا حياة له إلا أن يكون نهارا ( سعد الله ) وينسخ نفسه بعدها إلى ( مِحْكَان ) آخر الليل؛ فانتشِروا - أخوتي - في الأزقة آخر الليل، في كل الأحياء، كل الأماكن والأزمان، وإيّاكم أن تصدقوا توبة الثعالب؛ لعلكم تعثرون على الكثير من ( المَحَاكَين ) الذي غيروا أسماءهم إلى ( أسعاد الله ) فأربعين عاما ولن تعتدل ذيولهم قط

آذار - 2012



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاكه شاهين: عربي نه كه هشتم
- لسْتُ بَحثيِّاً، ولا شُوعيِّاً؛ أنا مُخْراطي
- ( فهد من مات؛ ذب ضيمه على عتيوي )
- مِنْ أخطاءِ الكتابةِ : مَنعُ المَصْروفِ، وصَرفُ المَمْنوعِ
- لكيلا نُخطِئ في الكتابة؛ مواضع همزة الوصل أول الكلمة
- أميثاقُ شرفٍ لِمَنْ ليسوا بشرفاء قط ؟
- أوقفوا مجازركم بحق معسكر أشرف، أيُّها الديمقراطيون
- اليسارُ والشيوعيَّة، وربيعُ الثوراتِ العربيَّة
- من أخطاء الكتابة، إهمال علامات الترقيم
- يُلقى القبضُ على هادي المهدي .. لمناسبة أربعينية الشهيد، أقا ...
- صغيرةٌ على الحُبِّ ... شعر
- خوازيقُ لأستاهِكُمْ أُحْضِرَتْ، أيُّها المُفسِدُون
- ليْ معَ الليبيينَ مِلحٌ، وخبزُ شعيرٍ، وكُسكُسي
- الشباب وجمهورية { الفيسبوك } الديمقراطية الشعبية
- جمهورية العراق الإيرانية الإسلامية
- أقمارٌ لنْ تغيب ... قصة قصيرة
- واندلعتْ { حربُ الفلافلِ } في تورونتو
- صوتُكَ الأقوى، يا عراقُ
- ارحلوا مِنْ حيثُ جئتُمْ؛ فالشيوعيونَ لا يُهزمونَ
- واعراقاه، أيحكمُكَ اللصوصُ والمارقونَ ؟


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - عامِر مضيفَك، حَجِّي مِحْكَان