أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب علــى الحبال















المزيد.....

اللعب علــى الحبال


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1070 - 2005 / 1 / 6 - 10:34
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


اللعب أو الرقص على الحبال من الألعاب المسلية والمضحكة والتهريجية أحيانا والتي اعتدنا أن نتابعها في السيرك "تحديدا" ,وإن كان بعض الشطار الفهمانين, ولا حسد,قد نقلوها الى ميادين السياسة والإقتصاد والمجتمع والإعلام وأمام جمهور أعرض وأكبر هذه المرة. ولطالما أمسكت فؤادك المتعب من شقلبانيات السياسيين وبهلوانياتهم المبهرة والمدمرة وأنت تتابع هذه العروض حتى نهايتها ووصول اللاعب المتراقص الى نهاية الحبال, وإن كان بعضهم لم يصل أبدا تماما كما حصل مع بعض المتراقصين على الحبال السياسية الذي كان من القمين والحري بهم البقاء على الأرض وعدم اعتلاء تلك المسالك الخطرة. وما علينا, المهم أن هذه اللعبة تتطلب الكثير من المهارة والخفة والشطارة والحسابات الدقيقة والذكاء والتركيز الشديد والحفاظ على التوازن وهو الأهم من ذلك كله. كما فيها الكثير من المغامرة والقليل من المناورة. وقد تابع الجمهور ولمرات عديدة لاعبون يتساقطون عند اختلال بسيط بالتوازن ولكن الإحتياطات السركية المتخذة من شبك وخلافه كانت كفيلة بإنقاذهم من الموت والهلاك المحقق, وغالبا ما يسود الهرج والمرج عقب ذلك إلا أن الجميع يتنفس الصعداء عند التيقن من نجاة اللاعب. وكثيرا ما يحبس المتفرجون أنفاسهم وهم يتابعون اللعب والرقص على الحبال وينتهي الأمر بتنهيدة او تصفيق قوي أو ترحم وشفقة, ولكن وأيضا هناك دائما "شامتون قذرون" ومشاغبون حاسدون وفي كل مكان.
وراقص الحبال يرتدي ملابس خاصة ذات أوزان معينة ومدروسة بدقة, وذلك لكي يحافظ على توازن من نوع ما.وهناك من حاول السير على حبال طويلة وخارج السيرك بان يقطع المسافة مثلا بين بنائين عملاقين وقد انتهى بعضها بكوارث حقيقية, فيما حقق آخرون أرقاما وبطولات قياسية عالمية. ويجب أن يتمتع الراقص أو اللاعب على الحبال بخفة الدم والرشاقة والجمال أحيانا وسرعة الحركة والبديهة ,وأن يبقي الجمهور في حالة من الفرح والسرور والمتابعة المستمرة وإلا أعرض عنه وغادر السيرك الى سيرك آخر جديد أكثر متعة وبهجة و"مصداقية".اذ حصل في بعض المرات أن سيركا استضاف أحد "الراقصين المشهورين" ليظهر عروضه "الرائعة" على بعض الحبال البسيطة فتحول الموقف الى فانتازيا كوميدية مسخراتية مكشوفة ومجلجلة. ولا ينسى الخبثاء الملاعين اولئك الراقصين الذين "تفركشوا وطبوا" حتى قبل الصعود الى أحد الحبال المتدلية برخاوة واضحة.

وهناك حبال قوية, وحبال ضعيفة, وأخرى معدنية, وحبال قصيرة, وحبال طويلة, وحبال ملساء وناعمة, وأخرى خشنة وغليظة, وهناك حبال عالية, وحبال سهلة ممكن امتطاؤها والترجل عنها بسهولة, مع القيام ببعض الحركات البهلوانية والإستعراضات المضحكة ودون أن تؤذي أحدا, وهناك حبال صعبة لم يفكر أحد يوما ما بارتقائها واللعب عليها, وحين فعل ذلك أحد "الشقلبانيين" التعساء سقط وانكسرت رقبته, ودق عنقه, وسط دهشة واستغراب الجمهور العريض المستغفل, والمستهبل, والمحبط. وهناك بعض المتراقصين الجدد الذين لم يتعظوا من ذلك البهلواني المتشقلب ويفكرون إلى الآن بالرقص على تلك الحبال "الممطوطة" والبالية والمهترثة والمتقطعة والتي لا يمكن بعد الآن الرقص واللعب عليها لكثرة ما رقص عليها المتراقصون, وعربد عليها المتعربدون ,وكنزوا وقبضوا منها بالدولار, واليورو, والكورون. ويجب أن تنصب الحبال على أيدي خبراء ومختصين وتكون مشدودة ومرنة في نفس الوقت تحسبا ودرءا لأية كوارث محتملة.

وقد نقل بعض الأفذاذ العباقرة ثقيلي الوزن والظل اللعب على الحبال إلى خارج صالة السيرك إلى سيرك أكبر, ومفتوح دائما وفي الهواء الطلق الكبير, وصاروا يمارسون الرقص على الحبال ببدائية, وصبيانية ملحوظة, ومفضوحة, وقد هوى كثيرون منهم ,وانقصفت أعمارهم, وانصرف وأعرض عنهم حتى الأطفال, والأغبياء, والسذج, والبلهاء, الذين لم يقتنعوا بعروضهم التافهة, والمضحكة. وحتى غدا البعض منهم أضحوكة ,ومسخرة, وفرجة أممية, توتاليتارية, كونية, فضائية, عولمية, جماعية, انتشارية كبرى, يتسلى بها الجميع في أوقات فراغهم, ولهوهم, وتندرهم.فالبعض يتنقل ,ويقفز, و "ينط ", من حبال الشموليات والديكتاتوريات والأصوليات الغلوائية, إلى حبال الديمقراطيات والإصلاحات والليبراليات فجأة, وعلى حبال مهترئة ومتراخية ومتدلية فاضحة, بعد أن شبعوا "مرجحة ورقص وجوجحة"على الحبال الإلتفافية الإفعوانية,في حركات تبدو للجميع غير متقنة وبشكل واضح وممجوج ,وأمام متفرجين بؤساء, وتعساء, أقفل صالة السيرك عليهم وبإحكام دهاة, وخبراء استفشاريون, , أمنيون و"كلبشاتيون" فجار.

وحين حاول بعض عتاة الظلاميين المشهورين القفز الى حبال إصلاحية اعتدالية وأكثر مرونة بدت القفزة مضحكة وفجة ووقحة قابلها المتفرجون المصعوقون "بتقليب" الشفاه المعبر عن القرف,وفي الواقع لم تكن أكثر من مجرد قفزة في الهواء,ولأن أي نوع من اللعب أو الرقص محرم عندهم وبفتوى فقهية نارية لاهبة ملتهبة حسب ما أفاد به بعض من متابعي ذاك السيرك. ويحضرني الآن, وبإعجاب ملحوظ, ذاك المعمم الذي استطاع النط واللعب والقفز على حبال الشموليات جميعها ولم يترجل عن الحبال حتى الآن. ويقوم هؤلاء الأرجوحياتيون, المتمرجحون ,الراقصون بتقليد لاعبين آخرين في سيركات وحلبات وصالات قضى أصحابها جل أعمارهم وهم "معشعشون" داخل سيركات "فخممة", يلعبون ويسرحون, ويمرحون على تلك الحبال القوية والمرنة والمنصوبة بعناية فائقة بدون التعرض لأي خلخلة أو فقدان للتوازن,بعدا أن تدربوا وتربوا على فن اللعب والرقص وأصوله الصحيحة.

وأما الراقصون الواثبون الجدد إلى حبال الإنفتاح, واقتصاد السوق, والتعددية , فإن أرجلهم وسيقانهم, وكواحلهم, وأصابعهم مازالت على الحبال الكولخوزية, والفولخوزية السولخوزية الدسمة, وأعوذ بالله من الحرامية النشترية المافيوزية ,المورورثة من أيام التروتسكية الانتهازية. وهناك البهلوانيون الشقلبانيون والراقصون المهرجون على كل الحبال القومية والدينية والدولارية والدينارية والأصولية الدينية والليبرالية والمخابراتية والوصولية في نفس الوقت, وفي حركات سخيفة ومكشوفة .وقد بلغ أحدهم من البراعة أنه كان يتراقص على الحبال القومية والأصولية السلفية والماركسية وفي نفس الوقت ويتمرجح و"يتشخلع" ويوزع أقدامه هنا وهناك وسط ذهول وعدم تصديق المتفرجين ومتابعة نظراءه المتراقصين الآخرين ببلاهة وانبهار.
وهناك وفي سيرك ضبابي بارد ظهر راقصون أرجوحياتيون متدلياتيون تنقلوا بحركة رشيقة واحدة وبهكذا بساطة,ووقفزوا من سيرك الى سيرك آخر, ومن حبال ظلامية ودموية وغيبية, إلى حبال مدنية وحضارية فجأة, ظهرت على عجل, ودون تخطيط ودراسة لطبيعة الأرض والحبال التي من المحتمل الا تتحملهم نظرا لقوتها النابذة, والطاردة لهكذا راقصين بدائيين ومعزولين , وسط لامبالاة مثيرة ولافتة من الحضور.
أما بعض الألعبانيون العجزة, وشيوخ البهلوانيات المضحكة, المحالون على المعاش في سيركات كثيرة, فإنهم مازالوا يتنقلون بعجز وبلادة وترهل واضح وتثاقل حركي ظاهر على نفس الحبال المهترئة التي قد تنقطع فجأة ودون سابق إنذار كما تكهن الكثيرون من الحضور والمسمرين في هذا "السيرك" الغريب العجيب, فيما توقع آخرون خبراء بقضايا هكذا سيركات, إقفال صالة السيرك المتداعية هذه بالكامل ولمرة واحدة وللأبد, والله أعلم.
كما أن اللعب على نفس الحبال وبنفس الحركات والرقصات, والشقلبات, والدحرجات, ولوقت طويل, يصبح خطرا ومدعاة لملل الجمهور وإشاحة النظر عن اللاعبين ومهما كانوا بارعين,وقد حدث هذا مع احد اللاعبين الاستعراضيين المملين في وقت سابق حيث اقتيد وأخرج عنوة من السيرك بعد أن تم انزاله من على الحبال المهترئة.

وأما ذاك المتفوه, المتشدق, المتذاكي, الإنتفاضي, التحديثي ,الموسوعاتي خريج سيرك البرافدا, وبهلوانيات وحبال وكالة تاس, فما زال يحاول الصعود إلى بعض الحبال الجديدة وعيناه تبكي وتدمع, في آن , على "الخيطان"و"المغزولات" البالية التي لا يجيد إلا الرقص المرجوحاتي عليها معتبرا أن اللعب, والرقص على حباله بالذات, الفريدة والطفرة, هو الأكثر متعة والأكثر إثارة حسب استطلاعات عام 1945,وهو زمن آخر الشقلبات الستالينية القاتلة. وهذا ما أماط اللثام عنه هذا الألمعي الوقاد في آخر "رقصة فضائية حبالاتية"له,وهويتحدث بإسهاب عن فتوحاته الحبالاتية وفضائلها على البشرية جمعاء.
إن كثيرا من اللعب على الحبالات التقليدية, قد انتهى ودونما أضرار تذكر إلا فيما ندرولأفراد عاديين,فيما كانت النهايات كارثية وحمقاء على السيرك الأكبرالعمومي, المفتوح ليلا نهارا, حين تنطح للعب والرقص أناس لا يجيدون أية بهلوانيات ومناورات وخفة ومهما كانت بسيطة. وإذا كان من المفترض أن تبدل هذه الحبال بشكل روتيني, وألا يتم اللعب على حبال كثيرة في نفس الوقت, حسب مبادىء اللعب البسيطة, لما فيه من خطورة واضحة,فإن من المؤكد أن الإعداد الجيد ووجود راقصين من الطراز الممتاز, وعدم التنقل البهلواني الخطر, من حبل إلى آخر ,كفيل بأ لا تكون النتائج محزنة ,ومؤلمة ومفجعة لأحد.
و في نهاية هذا المشهد البانورامي المضحك المبكي , فقد كثر القافزون ,والواثبون ,والمتراقصون,واللاعبون, والنطاطون,والمهرجون في سيركنا الكبير ومهرجان العبث واللامعقول هذا,وهم يتنقلون من حبال الى حبال ,ويغيرون ويبدلون في الرقصات والحركات ولا يعرفون على اية حبال سيستقرون ,واي الرقصات سيرقصون؟

مسلسل الرقص على الحبال..............تابعوه.

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضيحـــة
- حـــزب المواطنــــة
- حتمـــية التعايــش
- يــوم الحســـاب
- الحمـــد لله عا السلامة
- الإبستيمولوجيا الإرتقائية
- الصحافة الســوداء
- الزلــزال
- إلى الأبـــــد
- حتمية العولمـة-عولمة لغويــة
- بابا نويـــــل
- مأوى العجـــزة
- أضغــاث أحـــلام
- البــدون
- الأمـــــوات
- -هرطقات عربنجية-
- صـــــــح النوم يامو
- يوم للذكرى
- المعصومون
- الحضاريون الجدد


المزيد.....




- أمير الكويت يأمر بحل مجلس الأمة ووقف العمل بمواد دستورية لمد ...
- فرنسا.. الطلبة يرفضون القمع والمحاكمة
- البيت الأبيض: توقعنا هجوم القوات الروسية على خاركوف
- البيت الأبيض: نقص إمدادات الأسلحة تسبب في فقدان الجيش الأوكر ...
- تظاهرات بالأردن دعما للفلسطينيين
- تقرير إدارة بايدن يؤكد أن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة لا ...
- بالنار والرصاص الحي: قرية دوما في الضفة الغربية.. مسرح اشت ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق العمل جزئيا بالدستور حتى أربع ...
- مجلس الأمن يؤكد على ضرورة وصول المحققين إلى المقابر الجماعية ...
- بالفيديو.. إغلاق مجلس الأمة الكويتي بعد قرار حله ووقف العمل ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب علــى الحبال