أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودواهي - ثورات المنطقة بين التحرر وهواجس الشعوب من الانقضاض الامبريالي















المزيد.....

ثورات المنطقة بين التحرر وهواجس الشعوب من الانقضاض الامبريالي


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3581 - 2011 / 12 / 19 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التحديات التي تواجهها الثورات التي حصلت في مناطقنا كبيرة جدا والقوة التي تستهدفها هي القوة الامبريالية المهيمنة على العالم سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، والأخطر من ذلك ان هذه القوى تعمل على النفاذ إلى عمق الشعوب من خلال الثقافة الليبرالية وقيمها الفردانية والاستهلاكية وسياساتها العدوانية المتوحشة ، وتجعل من ذلك أرضية لتنفيذ مشروعها السياسي - الاقتصادي والعسكري . هناك مخاوف جدية على مصير الثورات لأن هناك نقاط ضعف تعاني منها كل المكونات الشعبية في المنطقة وخاصة ما يتعلق منها بالمستوى التنظيمي والسياسي ، حيث انه هناك حاجة ماسة لخلق صيغ تنظيمية جديدة تضم كافة القوى الاجتماعية والسياسية التي تختلف جوهريا مع الأنظمة القائمة في المنطقة من جهة أولى ، ومع المشروع السياسي الاقتصادي الامبريالي من جهة أخرى ، اي تنظيم مجتمع ديمقراطي متحرر مستقل الإرادة وقادر على تمثيل تطلعات الشعوب في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية . ان انعدام هكدا صيغة تنظيمية وهكدا توجه سياسي يجعل من بعض الصيغ السياسية والتنظيمية الأخرى والتي لم تكن لها فعالية تذكر في المشهد السياسي المجتمعي سابقا ، ان تقدم نفسها على أنها البديل ، الأمر الذي سيجعل الغرب يحقق السيطرة من خلالها على مسار الثورة واهدافها بسهولة .

ان شعوب منطقتنا قررت أ لا تعيش في الإطار الذي ترسمه مصالح الأنظمة العميلة التابعة وأسيادها الإمبرياليين ، وترسم بدلا عنها إطارات تحقق لها العيش بكرامة وحرية . وقد تم تحقيق الكثير من المكاسب والأهداف التي كانت تعد حتى الأمس القريب ضرب من الخيال . وإذا تتبعنا الجرائم والممارسات العدوانية واللاإنسانية لأجهزة البوليس والمخابرات للأنظمة الموجودة في المنطقة بعين الاعتبار، سنجد ان ما تقوم به جماهير الشعوب هي عبارة عن ملاحم بطولية من التضحيات والشجاعة ، لأن كل من ينزل إلى الساحات والميادين والشوارع للمطالبة بحقوقه المشروعة يدرك تماما بأنه ينزل إلى مواجهة عدو شرس لا يتردد لحظة في استخدام - وبإفراط شديد -جميع أنواع الأسلحة و الذخيرة الحية ، بجسده الخالي من كل مظاهر القوة التقنية والمادية وحتى الدفاعية منها ، رغم أنه يدرك تمام الإدراك بان الموت والاعتقال والتعذيب من اقرب الاحتمالات التي قد تحدث ومع ذلك لا يتردد في المساهمة في هذه الأحداث التاريخية الهامة التي غيرت وما تزال تغير المعايير والمقاييس التي كانت تتحكم في نظرتنا إلى القيم الإنسانية ، ورغم انه قد مضت على الأحداث عدة شهور وأعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين في تزايد مستمر ، إلا ان ذلك لم يثن من همة الجماهير وإصرارها على تحقيق هذا التغيير مهما كان الثمن .

في هذا المجال لا بد من التوقف أولا على طريقة تعامل الغرب مع ما يحدث في المنطقة. وان التعرف على أساليبه مهم وضروري لمعرفة مصادر الخطر الذي يهدد العملية الثورية في المنطقة. رغم ان النظام القائم عجز عن التصدي للجماهير ورغم أن كل يوم يمر وتظهر فيه بشكل أوضح عدم جدوى الوسائل التقليدية للأنظمة وخاصة منها العسكرية في قمع الجماهير المطالبة بالتغيير الديمقراطي، إلا أن ذلك لا ينفي وجود أخطار على الثورة ومحاولات لتغيير مسارها وتوجيهها إلى المجرى الذي يخدم مصالح وأجندات قوى أخرى وخاصة القوة الغربية. هذه الأخطار يتم التعبير عنها في المصطلح الراهن بمحاولات سرقة الثورة. بالفعل هناك من يريد سرقة الثورة، والغرب بزعامة الولايات المتحدة هو أكثر القوى المتربصة والتي تحاول انتهاز أي فرصة لتنفيذ عملية السرقة هذه.

لقد أدركت الولايات المتحدة بعد المصاعب التي واجهتها في العراق وافعانستان ، ان إعادة رسم خارطة المنطقة سوف لن تتم بسهولة وفي الفترة الزمنية التي تريدها . الأمر الذي أدى بها إلى الاستمرار في تنفيذ مخططها بالاعتماد على الأنظمة الموجودة في شمال افريقيا والشرق الأوسط مع العمل على تكييفها مع الدور الجديد المطلوب منها لهذا المخطط وتدجين الأنظمة الأخرى من خلال الضغط وفرض العزلة . وبالتوازي مع ذلك ، العمل على تحضير البدائل التي قد تحل يوما ما محل ما هو موجود من الأنظمة . ان البديل بالنسبة للولايات المتحدة هو المعارضة التي لا تملك بُعد جماهيري سياسي واجتماعي جدي ولا تهدف إلى إيجاد حلول ديمقراطية عادلة للمشاكل ونظام يحقق العدالة الاجتماعية ، بل هي المعارضة التي تسعى إلى امتلاك السلطة وتحقيق الامتيازات الخاصة

في هذا الإطار فان موقف الغرب الذي ظهر لاحقا على شكل توجيه انتقادات إلى الأنظمة ونصائح بالتنحي عن السلطة وقبول مطالب الجماهير لم يكن موقفا مبدئيا ومساندة نزيهة للشعوب ، بقدر ما كان محاولة لاحتواء الأزمة والسيطرة على الأحداث وتوجيهها نحو الأهداف والغايات التي يريدها هو. إنه يبدل جهود جبارة للتأثير على ما يجري ، وإنزال سقف تطلعات الثائرين والمحتجين إلى المستوى الذي يتلاءم مع مخططاته الهيمنية في المنطقة . يحاول من خلال كل تحركاته ومساعيه ان يجعل الجماهيرالثائرة ترضى بتغيرات نسبية وسطحية لا تتعامل مع جوهر القضايا ، بقدر تعاملها مع الجوانب الشكلية فقط . يحاول إقناع الناس بان التغيير الذي يهدفون اليه يحصل بمجرد تنحي رئيس ما عن سدة الحكم كما حصل في تونس ومصر وليبيا أو بمجرد ان تقوم حكومة ما بتقديم التنازلات الشكلية كما حصل في المغرب والأردن وبلدان الخليج . تعمل على تنظيم فئات وتنظيمات متعاونة معه وتقديمها على انها البديل الديمقراطي عن الأنظمة السابقة . وبذلك يحاول ان يجعل منها صمام الأمان لعدم خروج الأحداث عن السيطرة ويمنع ظهور نظم بديلة تقود العملية نحو الاستقلال الحقيقي الذي تخشاه الولايات المتحدة والغرب أكثر من اي شيء آخر..

في هذا الإطار نرى بان الولايات المتحدة والغرب قلقون بشان ما يحدث ، لأنهم يخافون من ان يؤدي الفراغ الذي من الممكن أن يتركه سقوط الأنظمة إلى صعود القوى التحررية على المسرح السياسي وتوجيه الجماهير إلى الأهداف التي تتناسب مع تطلعاتها وآمالها بغض النظر عن ما تحاول القوى الخارجية فرضه من أجندات . ولإزالة هذه المخاوف وضمان ان تسير الأمور في الطريق الذي يخدم مشاريعهم في المنطقة ، يعملون على إضعاف القوى التي تخوض نضالا مستقلا والتي تمتنع عن الدوران في فلك السياسة الأمريكية والغربية الإمبريالية ، من خلال ممارسة الضغط عليها وشل تأثيرها وتغيير أولوياتها والتشهير بها لعزلها وتجريدها من المساندة الجماهيرية . ويقومون بذلك مستخدمين ثقلهم الدولي وما يتمتعون به من قوة مادية وسياسية وإعلامية ضخمة . الهدف من كل ذلك هو تجريد جماهير الشعوب وحرمانها من القوة الطليعية القادرة على استثمار الطاقة الثورية الموجودة في مشاريع تحررية ديمقراطية تضمن للشعوب العيش بكرامة وحرية واستخدام مواردها الوطنية بما يخدم أمنها ونموها وازدهارها ماديا ومعنويا ، وبما يخدم مصالحها الاقتصادية آنيا واستراتيجيا ...

هل ستنجح الجهود التي تبذلها القوى الإمبريالية والقوى المحلية المختلفة العميلة لها لإجهاض الثورات في الوصول إلى غاياتها ؟.

رغم كل شيء فإن هذه الثورات افتتحت مرحلة تاريخية جديدة في حياة المنطقة . مرحلة كل شيء فيها يختلف عن السابق ، وأن كل من يريد أن يتعامل مع المنطقة ، سواء كان من اللاعبين الدوليين او من اللاعبين الإقليميين ، يجب أن يأخذوا هذا التغيير بعين الاعتبار. يجب أن تدرك الولايات المتحدة والغرب أن عصر حكومات الدمى - والتي أظهرت الحركات الإسلاموية التي استولت على المشهد السياسي وعلى الحكم في المنطقة على استعدادها للسير فيه - قد ولى ، ويجب أن يدرك المناضلين بأنهم حققوا وما يزالون يحققون انتصارات ويسجلون ملاحم عظيمة ، ولكنهم ما يزالون بعيدين عن الوصول إلى أهدافهم النهائية ، وبالتالي فأنهم مكلفون أكثر من أي وقت مضى بالقيام بمزيد من التضحية ورفع مستويات النضال والتسلح بالحذر والحيطة إزاء الألاعيب التي تستهدف ما حققوه من مكاسب بدماء الشهداء .



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة الثقافية المصرية على شاكلة الثورة الثقافية الصينية ، ...
- الفلسفة في يومها العالمي
- الشيوعية والنزعة الإنسانية العالية
- رسالة إلى السيد عفيف الأخضر ردا على رسالته لأردوغان
- آلية التبعية ... والاستعمار الدكي ... وضرورة الخلاص ....
- الفساد مصدره وعلاجه : الدولة
- هواجس الشعوب من حطف ثوراتها
- الإمبريالية الأمريكية بين خطابها الحقوقي الكادب وجرائمها الح ...
- بلاغ لجنة المتابعة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واستمرار الانتهاكات على المسنو ...
- المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة
- المخزن المغربي والرأسمالية الطفيلية وصيرورة التأسيس والتطور
- المشروع السياسي الدي قد تتجاوزه الظروف في حال ممانعة المخزن
- شعوبنا والحاجة لعزة النفس
- طوفان نوح والتفسير العلمي
- معيرة الطبقات الاجتماعية
- الانتخابات التشريعية وسياسة طحن الهواء
- ما بعد = الربيع العربي - هل هو مشروع سياسي أسوأ ؟
- الماركسية والشيوعية بين الحق والباطل
- العلمانية والحداثة


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودواهي - ثورات المنطقة بين التحرر وهواجس الشعوب من الانقضاض الامبريالي