أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل كاظم العضاض - قطوفٌ من الحياة














المزيد.....

قطوفٌ من الحياة


كامل كاظم العضاض

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 16:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لا يقطف الثمر إلا من يرعاه. ولكن هناك من يقطفه وهو لم يرعاه بل يجده ناضجا فيسلبه من رعاته. لكم هي ظالمة تلك قسمة الحياة! ولو تاملنا في هذا الأمر، لوجدناه يصح في الكثير من تصاريف الحياة. وعلى قول اهلنا في العراق؛ "يا من تعب، يامن شقى، يامن على الحاضر لقى"! لو تأملنا الفرق بين من يحلم، بمعنى من يتمنى، (وليس بمعنى من يرى في منامه حلما ورديا)، وبين من يعمل بكل ما اوتي من قِدرة لتحقيق أحلامه أو تمنياته، لوجدناه ينبي بفروق تنشب أظافرها في عدد غير محدود من المواقف الحياتية والفردية. فحينما يقرر المستلبون الضعفاء وضع حد لإستلابهم بالثورة على واقعهم، ليعيدوا لإنفسهم بعضا من ثمارهم المسروقة، فسرعان ما ينهشها طفيليون، إذ ينسبوها لإنفسهم. فهكذا تُغدر و تُسرق الثورات النبيلة. وهذا فرد يكدح أو يعمل أو يجتهد ويتأهل، ولكن سرعان ما يقطعوا عليه السبيل، لعلّهم يخترعوا ضده كل الأسباب؛ سواء كان ذلك بالتمييز الجنسي أو العرقي أو الآيديلوجي أو السياسي أو الديني. وهكذا تدور طاحونة الحياة، فأصحاب الثمار اليانعة هم آخر من يستطيع نوالها.
تزخر الحياة البشرية بنماذج مختلفة من الغبن وعدم تكافؤ الفرص، بعيدا عن خط السواء وعن خط الشروع على مسار الحياة، فمن نماذج أصحاب السير الملتوي نختار عينة.
الإتكاليون؛ هم نموذج من هؤلاء، إذ تجد ثمة أشخاص لايملكون من قدراتهم سوى قدرة التطفل والإعتماد على غيرهم من الناس، وخصوصا القريبين منهم. وهنا يتجسد الإستلاب الذاتي، او عدم الثقة بالنفس، فيتطلعون الى غيرهم للحصول على معين، هم أولى بتحصيله بجهودهم الذاتية، نستثني منهم اليافعين والقاصرين، ممن هم تحت ولاية أوليائهم المشروعة.
ولكن ألأشد عبئا على الناس هم أولئك السارقين لما هو حق أو ملك للآخرين، فهؤلاء لصوص حتى وإن تنوعت أساليب لصوصيتهم؛ فقد يسرقون بطريقة مباشرة أو بطرق غير مباشرة متعددة، مثل خيانة الأمانة، او الكذب في التصرف بما أُستؤمنوا عليه. فما أكثر هؤلاء، فقد تجدهم على قارعة الطريق أو في أعلى المناصب الحكومية، ومواقع المسؤولية. وقد لا تكون لطبيعة النظام السياسي مسؤولية عن تصرفاتهم، بل هي التربية الذاتية الكامنة فيهم.
بيد أن هناك نوع من السارقين، قد تجمعهم تحت باب المزيفيين أو المقنعين، وهم الأخطر في تضليل وسلب موارد الناس، انهم من يلبسون غطاءات تشير للعفة وهم فاقديها في سلوكهم الذاتي والخفي، منهم من يرتدون مسوح الرهبان أو يعتمرون العمائم ويطيلون اللحى، ويخرجون ليبينوا للناس أوجة الحق والسلوك السوي ومرضية الله والفوز بجنانه الوارفة، ولكنهم بالسر والعلن يهتكون كل هذه القيم التي يطيلون خطبهم حولها. ومثلهم، بل وأشد منهم أولائك القادة والسياسيين والمسؤولين في الدولة، وهنا نجد نماذجا لا تكتفي بالسرقة والحصول على أموال الشعب بطرق منافيا للعدل والفضيلة، إنما أيضا يسرفون في سد الفرص أمام من لا يعرفوهم أو ممن لا يدين لهم بالولاء، فيجمعون حولهم محسوبيهم ومن يحرقون لهم البخور، ويسدون المنافذ الشرعية أمام من يعتبرونهم جنس آخر أو من طائفة أخرى، أو الأهم، ممن لا يؤتمن لهم عند ممارسة لعبة "الشفط" على مقربة منهم!
أما الغادرون، فهم ممن يرفعون الشعار الذي جذب الناس ومن ثم يعملون بما هو، عمليا، ضده، فهؤلاء اشد نكاية من غيرهم، لانهم إعتمدوا الكذب، وبارحوا الصدق مع النفس، وبهؤلاء تنتكس الحياة وتصادر أحلام الناس، وتسد النوافذ أمام المستحقين، وهكذا تُمنع الثمار عمن رعاها وصار من حقه أن يجنيها.
وهناك رهط آخر من الطفليين والأفاكين وسراق جهود الآخرين، فمنهم الفاشلون، ومنهم العتاة المارقين، ومنهم المرضى نفسيا ومنهم الموهومون.
لايخلو أي مجتمع، مهما بلغت درجة رقيه من بعض هؤولاء أو من جميع نماذجهم، ولكن بدرجات غيرمتساوية، إعتمادا على مستوى الرقي المتمثل بالتربية الأسرية أولا، وبالتربية الإجتماعية ثانيا، وبالثقافة والتأهيل ثالثا، وبدرجة تطور النظام الحاكم، من حيث وجود المعايير والشفافيات والمسائلة ونظم ديمقراطية تقوم على الرقابة والتدقيق وبأساليب متوازنة وبإختصاصات حاكمة مستقلة وتراقب بعضها الآخر، كالبرلمان والقضاء والسلطة التنفيذية، واهم من كل ذلك هووجود الشخص المناسب فيها في المكان المناسب. ولعل من اخطر هذه المواصفات واشدها وقعا هي التربية الأسرية، اي التربية في المنبع، فإذا فسدت هذه، بصورة غالبة، فسد المجتمع كله. فالمجتمع الصحي هو البستان الكبير الذي تجد فيه من يرعى ثماره بعمله يقطفها بنفسه.

د.كامل العضاض
18 كانون أول 2011



#كامل_كاظم_العضاض (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام عن الديمقراطية بين التهجم والحوار
- متى وكيف يكون النظام في العراق ديموقراطيا؟
- دور القوى اليسارية والتقدمية في ما يسمى بثورات الربيع العربي ...
- لماذا نعبد العنوان ولا ندرك الجوهر؟
- تعليق على مقالة السيد فرج موسى عن إستمرار الحالة الريعية في ...
- وأخير تأسس التيار الديمقراطي في العراق- القسم الثاني
- وأخيرا تأسس التيار الديمقراطي في العراق، وبدا في الأفق عمل
- إبحثوا عن الديمقراطية في عقولكم- خاطرة على الطريق
- أجابات على أسئلة الحوار المتمدن
- تعالوا نفهم أخطر قضية في العراق اليوم! أنها المسألة النفطية
- الديمقراطيون هم العلّة، وليس هي الديمقراطية
- أصول النقد والحِرَفية الأخلاقية للناقد
- الأزمة المالية العالمية- أبعادها وآثاها- مع إشارة خاصة لآثار ...
- القسم الثالث والأخير- الأزمة المالية العالمية- أبعادها وآثار ...
- القسم الثاني - الأزمة المالية العالمية- أبعادها وآثارها
- القسم الأول- الأزمة المالية العالمية- أبعادها وآثارها
- موجبات موضوعية وتأريخية لقيام التيار الديمقراطي الإجتماعي في ...
- محنة المالكي في محنة العقل
- ربيع الغضب والثورات المغدورة
- هل سيهل ربيع بغداد في 25 شباط؟


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كامل كاظم العضاض - قطوفٌ من الحياة