|
عن الحاضر والمستقبل للراسمالية
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 04:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عن النهج الرأسمالي الراهن
يبدو انه من الصواب ، النظر الى الوضع السياسي الراهن بصورة شمولية ، فلم يعد مفيداً القراءة المنعزلة او المتفردة بعد ان أصبح العالم الان ويحق يدخل حالة تفاعلية جديدة في الحياة البشرية ، لعلها مرحلة تنفض الى صياغة رؤية اقتصادية اجتماعية للعالم ، الذي اصبح له اقطاب متعددة ، جميعها تعيش حالة صراع غير معلن و غير عسكري ، لكنها حروب تدور اليوم في العالم بمناحي مختلفة منها السيطرة على الاسواق والطاقة والمنافع ، يعززها امران ازمتها المتفاقمة والمتكررة ، وثقافة الربح بدل ثقافة الانتاج ، فتراجع الانتاج ، وازدادت البطالة ، وارتفعت مستويات المعيشة ، وانخفضت قيمة العملات ، وغابت السيولة ، وافلست الكثير من المؤسسات المالية ، فعادت تبحث وتعود الرأسمالية الى عناصر القوة لديها لتستخدمها ، إرهابا او اقناعاً ، لكن الازمة المالية تكبح اندفاعها ، فاتجهت الى حروب للسيطرة بالوكالة ، واصبح مجلس الامن بمثابة المكتب السياسي للامبريالية ، وحلف الناتو الإدارة العسكرية له ، واخذا يبدو العالم مقبل على تغير اخر تحت ذرائع الشرعية الدولية ، وكانت التجربة الاولى في يوغوسلافيا التي تم توفير 75% من صناعتها التابعة للقطاع العام تحديداً ، مع ان القصف دمر فقط 14 دبابة ، والصورة قاتمة أكثر مما يؤكد ان الهدف هو السوق واتاحت فرص اكبر لمصانع المعتدين . وما يجري في الوطن العربي لا يخرج عن تلك الرؤية ، صحيح ان الثورة انطلقت ضد الظلم والفساد والتخلف ، لكنها لم تستطع لغاية الان ان تنجو بنفسها من مصائد المتربصين ، فالجامعة العربية اصبح لها انياب مع انها لم تعد تضم قيادات عربية حاسمة ، وبهذا انتقل جوهر القرار الى مجلس التعاون الخليجي بغض النظر عن اي اعضائه اكثر نشاطاً ، وهذا التجمع الخليجي لا يحمل عقيدة قومية او وحدوية بل يستخدم الحركات الاسلامية بفعل قدراته المالية لنشر الفكر الوهابي السلفي والمستندة لإطاعة ولي الأمر بالطبع ان كان وهابياً وسنياً ، وتحرض هذه الحركات على الاخرين ليضعف ويتمزق الاجماع الشعبي وتغيب رؤية الثورة ومنهجها . وهنا يبرز الدور الايراني التركي ، الاول بالعقيدة الشيعية ، والثاني بالاسلام السني المعتدل ، والقوة العسكرية التي بدأ يلوح باستخدامها ، متنافساً مع ايران التي تتسلح حتى الاسنان ، يتم هذا في غياب دور مصر وعملية انهاكها الجارية عبر الاسلاموين ، وتقديم تركيا كقطب سني معادل للشيعي الايراني ، وتظل دول الخليج ومجلسها صاحبة القرار السياسي في المنطقة وفي هذه المعادلة الاقليمية . لم يستطع النظام السوري بما يتمتع به من عنفوان كاذب وشعارات صدقها واستظل تحتها ، دون ادراك لحركة الحياة ومتغيراتها ، وان هناك ايضا من لم يعد يقبل به سوى المتخلفين فكريا او لتكراره الممل داخلياً وخارجياً ، وذلك النهج القمعي المبالغ به والمعروف لشعبه وللشعب اللبناني الذي لا يزال مرتعباً من تجاربه معه ، فهو بذلك هيء لنفسه شروط المغادرة ، ولسوريا سنوات قد تطول لتستقر وتعود قائدة سياسية وفكرية للعالم العربي وبغض النظر عن التفاصيل فانها ظلت عصية عن الاستدراج الإسرائيلي و الأمريكي ، وهذا ما جعل كثيرين يقفون مع النظام عير ملتفتين الى انه اصبح عبء على شعبه وعلى الشعوب العربية ، يستخدم حزب الله اللبناني لارهاب الآخرين والتصارع مع إسرائيل بالوكالة عنه، والبطش بالمعارضة اللبنانية مما أعاد لبنان عشرات السنين للخلف اقتصادياً وكمناراً ثقافيا وديمقراطياً ، فقد اصبح النظام السوري خارج التاريخ وخارج الزمن والمرحلة . ويتم لفت انتباه العالم باجمعه الى نووي ايران والى إسرائيل الضحية !!، في حين تعلن اميركا رغبتها في التعامل والتحالف مع الحركات الاسلامية فان عينها على ايران الممكن التحالف معها ، وهي ليست اكثر تطرفاً اسلامياً من السعودية ، وحتى لو حازت على قنبلة نووية فهي لا تستطيع استخدامها لضيق الحيز الجغرافي الشرق أوسطي ، ولان إمكانيات أميركا العسكرية تستطيع اكتشاف ذلك وإسرائيل أيضا، وبذلك فيها تعرض الشعب الايراني لما يشبه الابادة حتى عند الضربة الثانية ان بدأت هي بهذا الاستخدام الوحشي ، وإيران أيضا معنية بالعلاقة الطيبة مع أميركا أيضا معنية وتوجه إشارات الى انها لا تمانع علاقات معينه مع أميركا ، فتخفف أزمتها الاقتصادية ، وترضي معارضيها في الداخل المطالبين بالاعتدال والانفتاح لبلد يعتز بثقافته وقوميته ، التي ظلت هي احد ابرز اسباب العداء مع للعرب عموماً . وتعود فلسطين الى خانة الانتظار التاريخي ، دون تقليل من حجم الانشطة الدبلوماسية الاخيرة للفلسطينين ، لكن فقدان الصبر ، بالتداعي للتحالف مع الحركة الاسلامية ، لن تزعج احداً فحركة حماس تدعي اعتدال محسوباً ومعروفاً بين ان تكون معارضة وان تكون في السلطة التي تحكمها بضوابط الالتزمات امام شعبها وعلاقتها الحتمية مع محيطها ، وما تلك التصريحات من بعض قياديها عن الانفتاح والاعتدال ، وكذلك ما ينقل عن حوار ساخن مع الجناح العسكري ، ليس الا تعبيراً عن متغيرات مطلوبة ان اردات ان تظل في السلطة والحكم وحتى البقاء ، فهي أصبحت تعاني من نقص في السيولة المالية وتناقض داخلي فرضته طبيعة العلاقة بين الثورة والحكم . ومع ذلك فان الحركتين حماس وفتح لم تحظي بذلك الاحترام الشعبي الكبير ، تماماً كما هو الحال في البلدان العربية ، فان الجماهير المستقلة ، تمثل التيار السياسي الاكبر ، مع انها لا زالت بين الحركة والسكو ن، ولربما تعبر بالانتخابات عن نفسها ، حيث لا تملك التعبير الثوري لوجود الاحتلال بين السطور والحضور ، وتشتد الازمة ، ايضاً مع اسرائيل مع الفارق انها تملك تحالفاً في اميركا واوربا لا يأزم او يسمح بذلك التأزم لكنها لا تستطيع ان تظل جزيرة لوحدها ، مع ازماتها الاجتماعية المتعددة ، وبداية ظهور تباينات بين سكانها بفعل التنوع الثقافي ، مضافاً له ذلك العامل الديمغرافي العربي ، وحاجتها للاسواق القريبة ، والى الشعور بالامن دون ان تظل تحت السلاح الذي هو احد عوامل الهجرة المضادة . هذا المناخ العام ، يشبه ما كان عليه العالم خلال الحربين العالميتين ، وان الكثيرين يرون في الحرب منفذاً ، الا ان حروب اليوم ابادية ، وللخلاص من المأزق ولتأمين انسياب مالي لاسواق مفتوحة لا بد من اطفاء بؤر التوتر من افغانستان وباكستان حتى المنطقة العربية وقد يكون الاسلوب الوحيد الافضل هو بتطبيق شعار ( الفوضى الخلاقة ) او التوجه نحو تقسيم تلك البلدان اثنياً كما بدى واضحاً اليوم في اقليم باكستان ، والعراق ربما سواها ، لتستكين الامور عبر اضعاف الجميع وتأخير الصدام او الازمة لسنوات طويلة قادمة وعدم اللجوء للحروب التي لم تنتج في العراق ، وافغانستان وقبلها فيتنام الا ازمة للمعتدي ، واذا كان هم الرأسمالية السوق فلا معنى للاهتمام بحقوق الشعوب ومصالحا التي يجب ان تكون جميعها في خدمة الرأسمالية التي تحاول بهذا تأخير أزمتها العامة ، ولن تستطيع فقد عبرت منطقة الحظر وهي تسعى لاطالة زمانها مع الإقرار ان النظام المالي الراهن لم يعد معاصرا ، وان البديل هو بنظام المشاركة دون اقرار بالعدالة المفقودة والتي حل زمانه وان ما يجري ليس الا النزع الاخير .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسطورة الدينية والواقع التاريخي
-
الثورة العربية لماذا لا تنتصر !.؟
-
عن الثورات العربية والتحديات
-
لماذا يفوز الاسلاميون ؟!
-
حوادث لها مؤشرات
-
اجابات مختصرة لاسئلة معمقة
-
لا للفتنه نعم للوحدة الوطنية
-
مواقف شيوعية قلقة
-
خطبة اوباما
-
ايلول تصويب مسار ام استحقاق
-
حول الحزب الشيوعي في فلسطين
-
حول الدولة والثورة
-
قد تنفع الذكرى
-
اسرائيل تتحجب
-
حتى تنتصر الثورة
-
عن ايلول الفلسطيني
-
الوضع الاقليمي والدولي والثورة
-
قبلنا من الغنبمة بالاياب
-
الثورة العربية لا تحتمل الفشل
-
الربيع العربي والمحاذير
المزيد.....
-
-حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار ..
...
-
اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
-
مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
-
4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
-
سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا
...
-
ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
-
السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با
...
-
اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب
...
-
السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو
...
-
حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|