أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عقيل الناصري - 14 تموز.. ضرورات الواقع وتناقضاته















المزيد.....



14 تموز.. ضرورات الواقع وتناقضاته


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 1044 - 2004 / 12 / 11 - 06:14
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


               14 تموز.. ضرورات الواقع وتناقضاته[1]
 
             { والواقع أن إلقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة يكفي لجعلنا نعرف أننا امام ثورة أصيلة}
                                                        الاكاديمي حنا بطاطو
 
 تطرح الضرورات السياسية والصيرورات الاجتماعية التي حدثت في بلدنا بعد الاحتلال الثالث.. من الناحية المنهجية ضرورة إعادة دراسة مختلف المفاصل التاريخية التي غيرت توجهات التطور الاجتماعي وبوصلة مغناطيسية إتجاهاته.. بغية إعادة انتاجها من الناحية المعرفية ومعرفة دورها الحقيقي في تطور العراق المعاصر وللوقوف على الابعاد المختلفة في فهم العلل والمسببات.
مثلت ثورة 14 تموز واحدة من اهم المفاصل التاريخية في العراق المعاصر.. ومن هذا المنطلق كثرت الاستفهامات والاتهامات حول الدور المفصلي لهذه الثورة, من منظورات فلسفية مختلفة بلغت حد التباين والتناقض, وهذه مسألة طبيعية, وطبيعتها مستنبطة من إختلاف مصالح الأفراد والجماعات ومواقفهم الفكرية وأراءهم الفلسفية.
وقبيل الخوض في مناقشة ماهيات الاتهامات التي أخذت توجه لثورة 14 تموز, والتي سنتخذ من مقالة د. ثائر كريم مادةً لها, لابد من الإشارة إلى جملة من الظواهر (أزعم) أنها اكتسبت صفة الحقائق الموضوعية ووسمت عراق القرن العشرين في صيرورات تطوره وتراجعه ومثلت أحد اهم معالمه, منها:
1-  كان تأسيس الدولة العراقية المبنية على اساس المركزية الحديثة,عام 1921 بمثابة نقلة نوعية في طبيعة الحكم وقاعدته الاجتماعية, في اعقاب فشل (ثورة) العشرين التحررية التي كانت أحد أهم رافعات تكوين الدولة وتوحيد العشائر المتشضية والبدء في تكوين الهوية العراقية المعاصرة, وإن لم تفلح في السير بها إلى نهايتها المنطقية.. مما اوقعها في آتون أزمتها البنيوية لاحقاً.
لقد تأسست الدولة العراقية الجديدة على قاعدة  اجتماعية أكثر ملائمةً للتطور في حينها مقارنةً بالمرحلة العثمانية.. نظرا لما اكتنفها من عناصر جديدة واخرى تقليدية (الارستقراطية القديمة والمؤسسة الدينية وشيوخ العشائر) إعتمدت على أنماط اقتصادية متعددة لم يعرفها الاقتصاد العراقي سابقاً.. تمثل جانبها الأراس في العلاقات شبه الاقطاعية في الريف وفي العلاقات السلعية– النقدية التي بلورت ذاتها ضمن نمط رأسمالية الدولة الوطنية ونمط الانتاج السلعي الصغير في المدينة والأهم في النمط الاستعماري وخاصةً في القطاع النفطي.
2-  مَثَلَ التغيير الجذري الذي قامت به الفئات الوسطى الحديثة في 14 تموز 1958 والذي نفذته أحد أجنحتها(الانتلجينسيا العسكرية), نقلة نوعية جديدة اخرى سواءَ في عمق التغيير الاجتماعي أو/و في القاعدة الاجتماعية للحكم وما يتبعها من علاقات اقتصادية اكثر ملائمة للعصر أو/و في الآثار الاجتماعية والسياسية والفكرية التي تمخضت عن هذا التغيير العميق وأخيراً, وليس أخر, في طبيعة الطبقات الاجتماعية وسعتها العددية التي استفادة من الثورة واعني بها الطبقات والفئات الفقيرة والكادحة وهي مادة التاريخ الانساني الحي.
تجسدت هذه العلاقات الاقتصادية الحديثة في طبيعة الانماط الاقتصادية الملائمة  لواقع تطور العراق الحديث وهي: رأسمالية الدولة الوطنية والانتاج السلعي الراسمالي والانتاج السلعي الصغير والحرفي والنمط التعاوني.. وقد وجدت هذه الأنماط ذاتها التطورية وانطلاقتها الحديثة مع هذا التغيير الجذري. كما أنها في الوقت نفسه, مثلت النقيض التناحري لعلاقات الانتاج شبه الاقطاعية التي طردها التغيير الجذري من مسرح الحياة بعد ان استنفذت مقومات إعادة انتاج ذاتها بما يلائم الواقع المادي واصبحت معيقة للتطور بمفهومه العام. 
    من هذا المنطلق وغيره من الاسباب لا يمكن وصف هذا التغيير موضوعيا إلا            بكونه (ثورة) وليس(انقلاباً) كما يحلو كما يحلو للعديد من الكتاب والباحثين إطلاقه عليها ومنهم الزميل د. ثائر كريم إطلاقه عليها. إن ثورة 14 تموز لم تغيير الابعاد الشكلية أو الفوقية لنظام الحكم وأوالية علاقاته حسب, بل انصب التغييرعلى الماهيات الأراسية لقاعدة الحكم وطبقاته الاجتماعية وموقعها في العلاقات الانتاجية وإعادة انتاج ذاتها.
3-  لعبت المؤسسة العسكرية في عراق القرن المنصرم دوراً أرأسياً ليس في تأسيس الدولة المركزية حسب, بل حتى في تهيأت ظروف تكوين أنماط (التشكيلة) الاجتماعية, عبر مساهماتها إما في تهيأت ظروف التشكيل أو/و في تحقيق التغيرات الجذرية, كالمساهمة في تأسيس السلطة المركزية وتأمين سريان قانونها المركزي, أو في ضبط العشائر المتشظية وقمع الحركات الفلاحية المنتفظة ضد تغيير الشكل الحقوقي لملكية الأرض وتكوين العلاقات شبه الاقطاعية, أو في تغييرالنظام الملكي وتأسيس الجمهورية وتنشيط العلاقات السلعية النقدية الرأسمالية.. في الوقت نفسه ساهمت المؤسسة العسكرية في كبح التطور عندما استخدمتها السلطة السابقة ضد انتفاضات الجماهير الشعبية الطامحة للتغيير والمناهضة ضد ترييف أبعاد الحياة المدنية والروحية وسيطرة الرأي الواحد والصوت الواحد والحزب الواحد. وكذلك عندما استُخدمت كوسيلة قمع داخلية او في الحروب العبثية المعيقة للتطور الاجتصادي/ السياسي.
 أما وسم ثورة 14 تموز بكونها فتحت أبواب السلطة أما العسكر.. فإن الوقائع التاريخية لعراق القرن المنصرم, تدحض ذلك الوهم السطحي المخادع[2]. لقد رمت الظروف الموضوعية والذاتية, الداخلية والخارجية في أفقها التاريخي, بثقلها وراء الضباط العراقيين العاملين في الجيش العثماني, ومن ثم لاحقا بخريجي المدرسة العسكرية العراقية, دوراً كبيراً في تكوين الدولة ومؤسساتها وبالتالي في إدارة الصراع الاجتماعي/ السياسي.. كما لو أنهم يؤدون دورا (تاريخيا) تقليدياً. وهم بهذه العملية كانوا يمثلون أول المتدخلين في الفعل والصراع السياسيين مقارنةً بالضباط العرب[3]. وإذا كان الزميل العزيز د. ثائر إسماعيل يوجه نقده إلى ثورة 14 تموز.. فالأوّلى بهم توجيهه إلى المبدأ  المشاركة الأولى وتحققها المادي منذ مراحل بدء تأسيس الدولة, هذا من جهة ومن جهة ثانية.. يلاحظ الباحث الجاد أن هناك توجه لدى العديد من الكتاب والسياسيين يطالبون بإبعاد المؤسسة العسكرية من التدخل في الفعل السياسي.. لكن من الناحية التاريخية في المنطقة برمتها.. يُلاحظ أن الضباط ( كمختصين بالعنف), بعض النظر عن مسمياتهم, لعبوا ولا يزالون أدواراً رئيسة في إدارة الصراع الاجتماعي والسياسي بغض النظر عن طبيعة السلطة السياسية وقوامها, عن ارادويتنا أو عدمها.
    بمعنى آخر يجب, بالضرورة الموضوعية, عدم اعتبار دور الضباط دوما دورا سلبيا وكابحا لصيرورات التطور الاجتماعي. لقد أوكلت الظروف التاريخية لدول المنطقة وطبيعة الصراع الدولي على مواردها أو توسع سلطة أحدى دولها الاقليمية.. اوكلت لهؤلاء الضباط هذا الدور المشتق, ليس من ذاتهم بل من طبيعة الدور المناط بهم ومن تصرفهم بوسائل التغيير المادي. عكس هذا الوضع (الضابط) ديغول الرئيس الفرنسي السابق, الذي قال بما معناه: أن السياسة لعبة خطيرة لا يجوز تركها للسياسيين وحدهم. وقد أجابه أحد السياسيين الفرنسيين بالقول: نعم إن الحرب لعبة خطيرة لا يجوز تركها للعسكريين وحدهم. وتدلل المعطيات الحديثة على ان نسبة كبيرة من الضباط السابقين في الدول الراسمالية يتسنمون مراكز مهمة في إدارة الشركات المتعددة الجنسيات. بمعنى أنهم قوة عمل فنية مختصة يمكن الاستفادة منها.
4-  مثل الحراك الاجتماعي للجماهير الواسعة والمعبر عنها بجملة الانتفاضات الشعبية وتلك الحركات الفكرية والسياسية, إرهاصات التغيير المطلوب, والنقيضة للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة والتي كانت ذات ابعاد تخلفية, مطلقة ونسبية, في عراق المرحلة الملكية والتي عبرت عنها بالمطلبية الشعبية نحو الغد الأفضل.. وقد أنعكس هذا التخلف, والذي في بعض احيانه كان مريعا في ماهيته , في تجليات الوعي الاجتماعي سواءً الفلسفية منها أو/و الجمالية أو/و السياسية أو/و الحقوقية أو/و الدينية.
5-   يوضح تاريخية نظام الحكم في العراق أن الصيرورات الحياتية الحديثة من قبيل (الدستور, البرلمان, الاحزاب السوق الوطنية الموحدة, مؤسسات المجتمع المدني...الخ) قد غُرست في رحم المجتمع العراقي بصورة فوقية ارادوية أكثر من كونها نتاجاً للسيرورات الحياتية ولتجليات الصراع الطبقي بين مختلف التكوينات والفئات والقوى الاجتماعية.. لذا ولدت وهي تعاني من تشوهات ولم تتمكن من أنتاج وإعادة انتاج ذاتها بصورة صحيحة ووفق سنن تطورها.. إلا بعد عملية عسر تكبدت فيها ولا تزال تكاليف باهضة افقدتها التوازن الجدلي المطلوب وأضاعة بوصلة التوجه المرغوب. فالانتخابات كانت مزيفة وشكلية ونتائجها معروفة مسبقاً, والاحزاب السياسية, بصورة عامة, مصابة بكساح عدم التواصل والشخصانية للرئيس, والضعف في أوالية علاقاتها الداخلية أو أن بعضها كان ضعيفاً بسبب قوة القمع الذي تعرضت له...الخ.
6-   إن قواعد المنهج العلمي الجاد لدراسة الظواهر, ينطلق على العموم من قاعدة أولوية العوامل الداخلية في التأثير على طبيعة تطور الظاهرة.. أما العوامل الخارجية فتلعب دورا ثانويا في تحقيق ذلك.  لكن عند دراسة الظاهرة العراقية وسيرورات تطورها فيلاحظ الباحث إن للعامل الخارجي دورا يوازي دور العامل الداخلي.. إن لم يكن يضاهيه في بعض الآحيان. تتضح هذه الصورة, كمثال, في ظروف الاحتلال الثلاثة التي شهدها العراق خلال تسعة عقود من الزمن. كذلك يبرز هذا الدور وأهمية كذلك في (نحر) ثورة 14 تموز في انقلاب شباط 1963, الذي خططت له المراكز الدولية الراسمالية ونفذته بأيادي عراقية. لقد علقت في ذاكرة العراقيين تلك العبارة المشهور لأحد قادة الانقلاب (جئنا بقطار أمريكي) لتعبر عن جوهر تأثيرات العامل الخارجي[4].
 إن فهم هذه الحقائق تساعدنا في العودة إلى فهم اهمية وطبيعة ثورة 14 تموز بإعتبارها ليست ظاهرةً أو انقلاباً فوقياً, قدر كونها تغييراً اجتماعيا جذرياً ترتبت عليه تغيرات بنيوية في طبيعة وأهمية الطبقات الاجتماعية للمجتمع العراقي. فقد طردت الثورة طبقات اجتماعية من مسرح التأثير والقرار السياسي المركزي وصعدت طبقات وفئات جديدة إلى مركز القرار الأرأس وانفتح طريق إعادة انتاج الطبقات الحديثة والفئات أخرى.. كما تغيرت طبيعة العلاقة والعقد الاجتماعيين بين السلطة والمجتمع ضمن هذه الصيرورة الجديدة.
أن هذا التغيير الجذري ارتقى بذاته ومضمونه إلى مفهوم الثورة، وابتعد عن كونه مجرد انقلاب عسكري غَيَرَ نخبة الحكم بآخرين, إذ أنصب التغيير على إقصاء طبقات وفئات اجتماعية وتغير الطبيعة المادية للقاعدة الاقتصادية وعلاقاتها وبدلت من أولويات أنماطها ومستوياتها وتاثيراتها في الانتاج الاجتماعي. وهذا ما ميز ثورة 14 تموز عن كل الانقلابات العسكرية التي تمت في عراق القرن العشرين.. مما أهلها بأن تكون الثورة الوحيدة في عراق القرن المنصرم.
ومن الناحية المنهجية فإن مقولة الثورة تختلف جذريا عن مقولة الانقلاب على الأقل في سمتين أساسيتين هما:
" - المشاركة النشطة للجماهير بدلاً من سلبيتها؛
  - استمرارية التغيير مقابل الحدث الوحيد.
لذا كانت ثورة 14 تموز/ يوليو 1958 تدشيناً لثورة عظيمة[5] " نظراً لما احتوته من جوانب سياسية واجتماعية في آن واحد. في وقت كان يوجد هنالك فاصلاً زمنياً بين هذين الجانبين في العديد من الثورات الكبرى في التاريخ، إذ غالباً ما تحدث الثورة السياسية ومن ثم الاجتماعية.
كما أن الثورة سرعت بخطى سريعة من صيرورات الارتقاء وغيرت بعمق من اتجاهاتها الفكرية/الاجتماعية لدرجة أصبح معها الكم المختلف، كيفاً جديداً. في الوقت نفسه لا ينبغي التسليم (الرغبوي) بأن كل التغيرات التي وقعت كانت مفيدة، لأن هذا مخالف لمنطق صيرورة التغيرات ذاتها وقوانينها الموضوعية وأوالية علاقاتها، لأنه يجب أن لا نظر إلى تاريخ المجتمع باعتباره صيرورة مضطرة نحو التقدم وأن كل خطوة هي إلى الأمام. أي لا ننظر إلى الثورة من وجهة نظر برغماتية حسب، والتي تنطلق من فكرة إن كل ما هو ناجح هو صحيح بالضرورة لأن " الموقف الصحيح هو أن لا نقيس الصحة بالنجاح وإنما نقيس النجاح بالصحة والسبيل إلى النجاح الأكثر دواماً واستقراراً هو اللجوء إلى الموقف الصحيح وليس العكس[6] ".
في الوقت نفسه "يجب ان لا تفهم طبيعة الثورات ودوافعها بإحالتها إلى اساس أيديولوجي عقائدي حيث يحركها بإتجاه معين.. الثورات هي نتيجة الصراع الطبقي الاجتماعي وهويتها لا تأتي من هوية قادتها، بل من مطالبها التي تأتي الثورة للوفاء بها وهي مطالب عامة الناس، لا فئة محددة من أهل العقائد [7] ". وهذا ما ينطبق على ثورة 14 تموز. 
وعند العودة إلى مقالة د. ثائر كريم فإني أزعم تلمسي إلى ماهياتها المنطلقة من الامنية المتمحورة حول روح التطلع المتعطش إلى الاسراع في الخروج من حالة التخلف المزمن ومن أجل شيوع الممارسة الديمقراطية. كما أن المقالة تتضمن عتاباً ضمنياً على الثورة في عدم تحقيق ذاتها وتجسيد أهدافها المرتجاة فالتجأ إلى المرحلة الملكية ونظر إلى شكليتها وعلاقاتها الفوقية دون الغوص في أوالية حركتها الداخلية وتناقضاتها البنيوية التي أدت إلى عدم إعادة انتاج مكوناتها.. مما فرضت الظروف الموضوعية على طردها من الحياة بفعل ازمتها. في الوقت الذي صوروها لنا( المرحلة الملكية) كما لو أنها تجربة ديمقراطية ناجحة وقابلة للتطور وفيها الكثير من مفاصل الاصلاح الليبرالية القابلة للنمو.
الموضوعية تفرض ذاتها علينا لفحصها الدقيق من ذات المنهج الليبرالي الذي ينطلق منه ويحبذ الأخذ به زميلي د. ثائر كريم. أرى أن أية ظاهرة اجتماعية تحمل في طياتها أبعاداً ايجابية وسلبية.. ورؤية هذه الجوانب يحددها المرء على ضوء نظرته الفلسفية ومصالحه ورؤاه الفكرية. فالمرحلة الملكية لها ايجابياتها وسلبياتها, لها أمراضها المزمنة وتلك العرضية المشتقة من الطبيعة الطبقية للحكم. تنفي النظرة العدمية وحدها مثل هذه الابعاد.
 وفي الوقت نفسه, علينا منهحياً أن لا نغالي في عملية التقيم ونمركزها حول جانب دون أخر, في حين المفترض دراستها بكل ابعادها الكلية: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية, وما انجزته وما لم تنجزه.. حتى نستطيع أن ننتج معرفة علمية حول المرحلة ونحدد الابعاد المستقبلية للبلد.
ينطلق زميلنا د. ثائر كريم من فرضية لم تستكمل ذاتها, كما اعتقد, تتمحور من كون ثورة 14 تموز قد أجهضت حالة (احتمالية) لمشروع ديمقراطي ليبرالي وتوجها إصلاحياً تدريجياً .. كما أنها ادخلتنا في صراعات دموية عنفية. في الوقت الذي أرى أن اي مراجعة موضوعية للمرحلة الملكية ستصطدم بالضرورة بالمتطلبات الأرأسية لتطور الصيرورات الليبرالية, ناهيك عن تلك ذات الأبعاد الفكرية التقدمية والمساواتية الاجتماعية. سأحاول هنا الوقوف بعجالة على عدة مفاصل تصادمية تعكس الأزمة البنيوية للمرحلة الملكية والتي حاولت ثورة تموز أستكمالها ضمن عمرها القصير الذي لم يدم سوى 1666 يوماً.. من هذه المفاصل:
1-  محاولة الخروج من حالة التخلف المزمن.. توضح تاريخية السلطة في العراق الملكي أن نخب الحكم لم تستطع إنجاز المؤمل منها في إحداث تغيرات جذرية في مكونات الحياة الاجتصادية لأغلب المكونات الاجتماعية وخاصةً الطبقات والفئات الفقيرة والكادحة في الارياف والمدن.. بل أن السياسة الاقتصادية التي اتبعت ساهمت في تعميق هوة التفاوت, خاصة منذ بدء تطبيق الطرد الكيفي والواعي لمجاميع قوة العمل من الريف خلال سيرورة الاقرار القانوني لعلاقات الملكية للاراضي الزراعية وتبني الاسلوب شبه الاقطاعي لعلاقات الانتاج.. وما تبعها من فرض قانون دعاوي العشائر. كما وقد اتسم التطور الاجتصادي بالبطء الشديد ولم يحقق النجاح المطلوب.. مما زاد من الاحتقانات الطبقية وعمق صراعاتها الاجتماعية ولم تنجح السلطة آنذاك حتى في إعادة انتاج وتطوير التوجهات الليبرالية التي تنطلق منها رؤيتها السياسية والاقتصادية والفكرية. لقد اصطدمت هذه العلاقات بقوة الرفض المادي والمعنوي من قبل نخب الحكم السياسية الحاكمة التي ساهمت في اجهاض العديد من المشاريع النهضوية التي طرحتها القوى الوطنية العراقية المعارضة بل وحتى تلك المتبناة من بعض القوى الليبرالية, ناهيك عن القوى الراديكالية اليسارية النزعة والتوجه. إن التعويل على أن ثورة 14 تموز قد وأدة المحاولات الاصلاحية لا يصمد أمام الواقع المادي لتاريخية وحقائق التطور في العراق. بل تفاقم الصراع الداخلي لحد دخوله أزمته الذاتية التي تمحورت في ما بين بين القوى الداخلية التالية:
-       النخب السياسية الحاكمة والقوى الوطنية المناهضة لتوجهاتها؛
-        بين كتل النخب الحاكمة القائمة على الانوية والمصلحية الفئوية
2-  تلعب الفئات الوسطى دوراً مركزياً في تحقيق صيرورات أي مشروع تنموي نهضوي   حضاري خاصةً ذات الماهيات العقلية المتحررة.. بإعتبارها العتلة المركزية تفكيراً وتنفيذاً, لمثل هذه المشاريع لكونها العقل المدبر في رسم أبعادها بالتلائم مع طبيعة ظروفها واتجاهاتها الاجتماعية وزمنية مستقبليتها ومضامينها الطبقية.
لم تستطع النخب الحاكمة في المرحلة الملكية أن تدرك دور هذه الفئات الاجتماعية ولا خطورة هذا الدور, وبالتالي لم تحظى بالرعاية والاهتمام الكافيين. كما لم تساهم هذه النخب, بوعي أو بدونه, في ضرورة التعجيل بخلق الظروف التي تساعد على تنمية الفئات الوسطى نوعياً وكمياً إلا بالقدر الذي يخدم انويتها ومشاريعها الآنية. ويبدو أن القاعدة الاجتماعية للحكم كانت تخاف من هذه الفئات وخاصةً الجذرية والمتنورة منها, وكانت تعتبرها الفئات الأكثر خطورة على نظام الحكم نتيجة " الظروف التاريخية لضعف الظروف الموضوعية والذاتية التي تساعد على تواجد وانتشار[8] " الاتجاهات الرديكالية.
 لم تتطور الفئات الوسطى بما يوازي متطلبات حتى حاجات المشاريع التي كانت تتبناها بعض أجنحة السلطة الحاكمة. هذا الظرف العام لم يسمح لهذه الفئات بإعادة انتاج ذاتها إلا ببطء شديد جداً. وقد عكس كيفية تركيب وتداول السلطة التنفيذية عن حقيقة هذا الموقف, حيث طيلة 4 عقود تناوب عليها 168 وزيراً وكان معدل الاستيزار ما يوازي ثلاث مرات لكل وزير. وبهذا الشكل أغلقت أبواب تداول السلطة سلميا أمام الفئات الوسطى حتى تلك القريبة من نخب الحكم.. مما فسح المجال لتحرك هذه الفئات الوسطى والصغيرة وخاصةً جناحها العسكري (الانتلجنسيا العسكرية) المنظم لقيادة المجتمع وحل القضية الوطنية والاجتماعية ما أمكن لصالح التطور الاجتماعي العام, وهذا ما دللت عليه النتائج التي ترتبت على ثورة تموز والتي هي ثمار لهذه العملية المعقدة التي كانت سبباً في تطور هذه الفئات كماً ونوعاً وبطفرات كبيرة.. حيث لعبت دورا مفصلياً في رسم القرار المركزي للدولة ولفترات زمنية لاحقة ولغاية مرحلة الترييف العام المتعمد منذ مطلع الثمانيات ولغاية سقوط النظام السابق بالاحتلال الثالث الذي كان في أحد تجلياته كنتاج لهذا الترييف الذي عم الحياة العراقية منذ نهايات القرن المنصرم.
3-  تلعب العلاقات السلعية النقدية دوراً مهماً في تعجيل التطور الاجتماعي بالنسبة للمجتمعات التي تسودها علاقات سابقة لها. ولم تستطع السياسة الاقتصادية للنظام الملكي في تحقيق أبعاد هذه السياسة وما يشتق منها من نظم سياسية وحرية العمل وتداول السلطة سلميا بين الطبقات المختلفة وتطور وتنوع القوى الاجتماعية في حراكها العام على كافة المستويات. لقد أنصب عمل الفئات الحاكمة وقوى الاحتلال الأول على تثبيت العلاقات شبه الاقطاعية في الريف بعدما نجحت في تجميع العشائر المتشضية وقضت على الاقتصاد العيني.. لكن هذه النقلة النوعية في العلاقات الاقتصادية لم تستكمل ذاتها من خلال نشر الملكية الزراعية الصغيرة والمتوسطة للمنتجين الفعليين ودمجهم في السوق الوطنية الموحدة.. وبالتالي تعزيز الهوية الوطنية العراقية وتطوير القوى المنتجة وإعادة تطويرها بما ينسجم وقانونيات التطور وسننه .
ولهذا تركزت الملكية بيد كبار الملاكين من شيوخ العشائر والملاكين الغائبين من الارستقراطية التقليدية وكبار موظفي الدولة. وكان من عاقبة هذه الصيرورة الاقتصادية والحقوقية التي استمرت طيلة العهد الملكي أن طردت ألاف العوائل الفلاحية من الأرض مما زاد من افقارها المطلق والنسبي. كما دخلت هذه العلاقات في أزمة بنيوية عبرت عن ذاتها من خلال الانتفاضات الفلاحية والعشائرية. ولهذا كانت الخطوة الأرأس لثورة 14 تموز هي تفتيت الملكية الكبيرة وإعادتها إلى المنتجين الفعليين الصغار عبر العلاقات التعاونية الجديدة.. فكان الاصلاح الزراعي الذي مثل أهم بوابات العلاقات السلعية النقدية والتحضر الذي عجز النظام الملكي من تحققه.. مما عجل من غيابه من مسرح الحياة.
في الوقت نفسه توسعت قاعدة البرجوازية الوطنية سواء أكانت تجارية أو صناعية بمستويات كبيرة جداً وانعكس نشاطها, وكذلك عبر رأسمالية الدولة, في توسيع السوق الوطنية التي توحدت ضمن أليتها ونسق تفاعلاتها وانعكست تأثيراتها في ان تشق مفاهيم المجتمع المدني ومؤسساته الطريق بقوة في الحياة والعقل السياسي العراقي وهذا ما عجزت عن تحقيقه حكومات المرحلة الملكية بتلك القوة.
4-  أما بصدد الحياة البرلمانية وعمقها وآلية تداول السلطة عبرها بين مختلف القوى الاجتماعية.. فيمكننا القول بأن هذه التجربة التي نطمح إلى تحقيقها وتعميق سيرورتها في العقل السياسي والممارسة الحياتية, مثلت من الناحية النظرية التجريدية, خطوة جميلة ومهمة وقد صيغت نظرياً في لندن بمفاهيم تتطابق وما بلغته هذه الافكار من تطور في حينها.. إلا أن الممارسة العملية للبرلمانية قد أمست عملية شكلية بحتة مما أفقدها مصداقيتها.. وعند دراسة هذه العملية السياسية لرأينا ان رسمها البياني من حيث التزوير وحرية المناقشة كانت تنحدر نحو السلب مع مرور الوقت.. فهامش الحرية كان يتقلص بعد كل دورة انتخابية.. ودرجة التزوير تنمو بإضطراد حتى بلغ نسبة الفائزين بالتزكية أكثر من 90% من عدد النواب في الدورات الأخيرة.. كما أنه لم تستكمل سوى دورة واحدة مدتها القانونية وهي الأربع سنوات. وهذا ما يتلمسه الباحث عند كل اعضاء النخب الذين نشروا مذكراتهم .. مثل السويدي و كنه والاورفه لي والأزري والشرقي وصالح جبر وبابان والجمالي وغيرهم.. وكذلك ممكن العودة إلى تاريخ الوزارات العراقية كوثيقة رسمية. هذا التزوير لم يؤدي إلى أي تغيير حقيقي في تركيبة السلطة السياسية ولم تتداولها سلميا أية قوة سياسية من خارج كتل الحكم.. رغم تمتع هذه الأخيرة بثقل كبير في الشارع السياسي. كما كان معدل الدورة الواحدة أقل من ستة أشهر.. بل بلغ الأمر إلى أن أحدى الدورات لن تدم سوى يوم واحد .. إذ قرأت الأرادة الملكية بحلها في يوم افتتاحها, لأن هناك 11 نائبا من المعارضة الوطنية الحقيقة وانظم إليهم أثنان من المستقلين وجميعهم لم يمثلوا سوى نسبة مئوية ضئيلة جداً مقارنةً بنواب السلطة . هذا العمل كان أحد أسباب تدخل القوى العسكرية من أجل التغيير التي كانت الحياة تصرخ به. هذا النقد الموضوعي لتلك المرحلة لا يبرر التقاعس الذي أصاب الحياة البرلمانية في المرحلة الجمهورية.. والتي من الضروري التمييز بين حقبها المختلفة, بين الجمهورية الأولى (14 تموز1958- 8 شباط 1963) والجمهورية الثانية( 9 شباط 1963- 9نيسان 2003) لأنه كان هناك توجه جدي و رسمي من قبل سلطة قاسم في إجراء الانتخابات في تموز 1963والتي أجهضها الانقلاب الذي كان في احد جوانبه يمثل الرد اللاموضوعي عليها.
5-   أما بصدد الدستور فالمهم هو ليس المقارنة بين كونه دائم أم مؤقت, رغم أهمية ذلك, لكن الأهم هو ما هي مضامينه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويعبر عن مصالح أية طبقات أو فئات اجتماعية. كان دستور المرحلة الملكية  يُنتهك على الدوام من قبل مثلث الحكم( مؤسسة العرش ورئاسة الوزارة والانتداب البريطاني ومن ثم السفارة ). وكان التعديل الأخير عام 1943 قد عًد تدخلاً سافراً من مؤسسة العرش في الحكم المباشر وانتهاكاً لمبادئه.. التي كانت صياغته القانونية, التي اعدها خبراء في لندن, على مستوى عالٍ. اما الدستور المؤقت الأول فقد عبر عن آمال الفئات الاجتماعية الجديدة وعن آلية جديدة للحكم , كما تضمن جملة من الانساق التي تربط بين مستويات السلطة.. لقد انعكست هذه الافكار الجديدة في مسودة الدستور الذي كان من المفترض نشره في عيد الحرية 24 آذار 1963( عيد الخروج من حلف بغداد). وتأسيساً على ذلك فأن المقارنة التي توصل إليها زميلي الفاضل د.ثائر كريم لا تستطيع حسب قراءتي ملء ذاتها الموضوعية.
وأنطلاقاً مما ذكر أعلاه يمكننا التأكيد على أن الثورة كانت  حبلى بكم من التطورات والصيرورات والأفكار، التي لم تظهر عبثا بل وفقا للضرورات التاريخية وسنن التطور وآلياته التي باتت من الصعب تلاشيها بحكم عدم خضوعها للصدفة حسب, طالما كانت ضمن التاريخ الذي " هو المسرح الخفي للجلاء والوضوح القائمين في الرؤية المدركة لقيمة البدائل والمساعي الحية لتجسيدها. وهو الأمر الذي يجعل من كل انعطاف تاريخي محطة لالتواء الخواطر واليقين في جدل البحث عن كل ما يمكنه أن يروي عطش الذاكرة بسواقي الحوادث القديمة ويشفي عللها بدواء آمالها الساحرة النظر إليها على أنها الجوهرة الوحيدة القادرة على ملء خاتمها الجديد لكي تطبع به إخلاصها لذاتها [9] ".
 أني أتفق مع زميلي الفاضل د. ثائر كريم من أن  ثورة 14تموز تفرض ذاتها علينا, وليس حسب رغائبنا حسب, بل باعتبارها تمثل بداية التاريخ الفعلي للعراق الحديث, خاصةً في المنعطفات والأزمات الحادة, بغية دراستها بعمق والتأمل الموضوعي (الصادق والصحيح) الواعي في تاريخيتها، وفي صيرورة ارتقاء مسيرتها، فيما حققته وما أخفقت فيه، في مدى ضرورتها وواقعية مشروعها، وفي تماثل مفردات برنامجها والواقع العراقي ومتطلباته آنذاك.
 بمعنى آخر لا يمكن الكشف عن مضامينها الحقيقية إلا بمعرفة درجة ترابطها وتجانسها مع ضرورات العلاقات الاجتماعية والأوضاع التاريخية الملموسة التي ظهرت فيها، ليس بصورة مجردة, بل لابد من ان نأخذ بالحسبان الضرورات الملموسة والمصادفات المفاجئة ودورها وأدوار القادة وتغيرات الزمن الخارجي وتأثيراته على مسار تحقق ذات الثورة, ليس كعبرة للامس المنصرم حسب، بل للحاضر المأزوم والقادم المأمول وكدلالة لتوحيد القوى الاجتماعية من أجل :
 الخلاص من كابوس القهر المزمن والتخلف الدائم والاضطهاد العنفي وتعزيز الهوية الوطنية بكل تلاوينها والحد من هوة اللا مساواة الاجتصادية والجغرافية الجاثمة على واقع تكويننا الاجتماعي/السياسي، ومن أجل الغد بما يحمل من مهام جسام على العديد من الأصعدة مثل:
1-  الفرد والجماعة وحقوقهما الطبيعية والمكتسبة بالتوافق مع روح العصر ومستقبله ؛
2-  البناء الاقتصادي/المادي وتطويرهما وفقا لسنن التطور وقوانينها وحراكها؛
3- البناء الاجتماعي وتحقيق، ما أمكن، من فكرة المساواة وعدالة التوزيع للثروة المادية والحد من فعالية قانون التطور غير المتكافئ على المستويين الاجتماعي والجغرافي؛
4- البناء السياسي المنطلق من واقعية العراق وتركيبته الاجتماعية/ الاثنية، ومن جدلية أربع عناصر مترابطة: النظام الجمهوري؛ الاستقلال السياسي؛ الوحدة الوطنية وامتدادها القومي العربي، وبما يحقق التداول السلمي للسلطة ضمن التعددية السياسية؛
5- البناء الفوقي[10] المنبثق من واقع جدلية علاقات الإنتاج السائدة وتلك المتبقية من الزمن المنصرم وهذه الحاملة بأجنة المستقبل المستهدف، التي تتعلق بالمكونات الفكرية والثقافية واللغوية المتعددة، وماله من صلة بالعلاقات الأسرية المتحضرة، واحترم كينونة المرأة وحقوقها الطبيعية والاجتماعية، منطلقين في ذلك من أرأس ماهيات قانون الأحوال المدنية التي شرعته الثورة وعجزت كل الحكومات اللاحقة من الإتيان بما يماثله أو ما يقاربه؛
6- وغيرها من المهام الأرأسية، وما يتفرع منها ويستنبط، والتي اضطلعت الثورة في إرساء قواعدها المادية وقطعت أشواطا في إرسائها، رغم عمرها الزمني القصير، التي كانت مرساة على قاعدة المعاناة الاجتماعية والسياسية والثقافية لعراق النصف الأول من القرن المنصرم، مما أبعدتها, بقدر الإمكان, عن العوم في فضاء الاغتراب والاستلاب[11] الإنساني بكل أشكال تحققه.
ينطبق هذا على ما رسمته الثورة من أجل تغير العلاقات الاقتصادية الرئيسية السائدة آنذاك ومن ثم الاجتماعية مما أتاح لها ولوج صيرورة الارتقاء للزمن القادم، وذلك بما هيأته من ظروف ملائمة للتطور بهدمها ما استطاعت، من أسس المجتمع القديم وعلاقاته الاجنماعية-الاقتصادية وتفكك طبقاته وفئاته كمحاولة لإخراجها من التأثيرعلى القرارات المركزية بأقل ما يمكن من العنف، وإن استخدمته بصورة مؤقتة فكان لأجل إيقاف العنف ذاته .[12]
 اقترن كل هذا في الوقت نفسه، بتغيير أولويات الأنماط الاقتصادية، وكمحصلة لذلك تغييرت أسس المجتمع الطبقية، وذلك عندما طردت من مسرح الحياة طبقة الإقطاع وذلك عندما تغييرت علاقات الملكية الحقوقية للأراضي الزراعية وما ترتب عنها من إلغاء لعلاقات الانتاج شبه الاقطاعية وإلغاء الفوارق القانونية للمناطق الريفية ودمجها في التشريع الوطني الموحد، بغية إنشاء المقومات المادية للهوية الوطنية العراقية ووحدته ولترسي مقومات لمجتمع الجديد ، وتعول في ذلك على ما تنتجه الدولة من ثروات، طالما كانت الدولة  بصورة عامة، ومنها العراقية منذ نشأتها بمثابة عتلة التغيير التي" تدفع حركة التطورالمفروضة عالميا[13] ".
 بمعنى آخر, كانت الثورة شرطا للتطور وتسارعه مثلما هي نتيجة له. وبقدر تغييرها لواقع المجتمع  تغيرت هي بذاتها طوعاٌ أو قسراٌ، بوعي قيادتها أو بدونه. يضاف إلى ذلك ما أرسته الثورة من قيم و مفاهيم و اجتماعية ذات ابعاد إنسانية عبرت عن مدى شفافيتها كوسيلة لاستشراف للمستقبل المرجو بلوغه كان منها :
 شيوع فكرة التسامح والعفو؛ الرحمة فوق القانون؛ اعتبار الهوية الوطنية أرقى من العلاقات والولاءات الدنيا، المتناقضة بالضرورة معها، من قبيل(رابطة الدم، المناطقية، المذهبية…الخ)؛ خدمة الشعب غاية سامية؛ الانطلاق من فكرة المساواة في إدارة الحكم؛ إعلاء شأن العقل والعلم؛ إلغاء، أو بالاحرى الحد من غلواء، الطائفية السياسية وتلمس حل المشكلة القومية بمعنىعززت التماسك الاجتماعي والوطني؛ ومحاولة الحد من مفعول قانون التطور اللا متناسب بين المناطق الجغرافية.. الخ من القيم التي حاولت الثورة، كمبادئ والزعيم عبد الكريم كسلوكية قيادية، غرسها في وقتها المناسب وفي تربتها الملائمة، دون حرق للمراحل ولا قفزاً على قوانين التطور الموضوعية وفي مجتمع متعدد التكوينات والانتماءات وتصعب قيادته[14]، بغية ترسيخ كيان العراق كوحدة جيو– سياسية/اجتماعية نحن بحاجة إليها اليوم أكثر من أمس كثوابت استنهاض للتغير المنتظر.
وبعبارة أخرى أرست ثورة 14 تموز اللبنات المادية الأساسية لتطوير المجتمع المدني الذي هو بمثابة " عملية اجتماعية واقتصادية وثقافية مركبة[15] " والتي تسارعت خطاها بمسافات زمنية كبيرة بعد الثورة، لغاية الارتداد الكبير الذي بدأ مع إسقاطها المصطنع في شباط 1963 وتعمق بصورة كبيرة منذ منتصف السبعينيات ولغاية سقوط نظام البعث الثاني عام 2003.
" حقاً, إن ثورة تموز 1958 دشنت سياقاً تاريخياً يختلف جذرياً عما سبقه من نواحي القضايا التي تبنتها, القوى المحركة لها , الأفق التاريخي لمشروعها التحرري. لنصف أولاً, بخطوط عريضة, تلك المحددات الثلاثة للثورة. فقض اساعا الأبرز تمثلت في إنهاء الحكم الملكي ومعه التبعية للاستعمار البريطاني , واستكمال عناصر السيادة والاستقلال, تقليص العلاقات الاقطاعية وتحرير الثروة النفطية, بناء نظام سياسي تمثيلي يتبنى الديمقراطية وحل القضية الكردية. أما قوى الثورة فضمت أحزاباً علمانية, من برجوازية وطنية وشيوعية وقومية. وكان الجيش ذراعها الضارب. فيما يخص أفقها التاريخي فقد توفر على خلطة من أهداف بدت مترابطة في وقتها, حيث أقترن أتباع سياسة الحياد الايجابي مع التقارب مع الدول الاشتراكية, وإقامة حكومة وطنية مع تمهيد لوحدة عربية, وتدشين تعددية سياسية مع مفهوم تقليدي (( كاريزماتي)) للرئاسة  [16]".
 وعت قيادة الثورة شروط ذلك الظرف وتاريخيته، وكذلك إفضاءاته المستقبلية .. وحتى تلك الاهداف غير المنجزة، التي تنتمي إلى ذلك الزمن المحدد والمرتهن بالقوى الاجتماعية المعنية التي سادت آنذاك وعقليتها السياسية ورؤياها. أما ما تحقق من أهداف فإنها تنتمي إلى الزمن المستقبلي المفتوح والقوى الجديدة في تكوينها وإدراكها وفي أساليب عملها والواقع الجديد المتغير الذي تمخض عنها.. كأهداف وليس إرتدادات إسترجاعية للزمن ومتطلباته .
لقد مثلت ثورة 14 تموز مستقبل العراق الحقيقي والصحيح، مما أكسبها طابعها الموضوعي، الذي سيتخذ أشكالاً جديدة ربما لا تمت بصلة لتلك التي كانت عليها قبل الثورة، طالما من الناحية العلمية إن خطوط العلاقات بين الماضي والمستقبل، لا يحدده خط التواصل الإرتقائي للزمن، وإنما يكتمل شكله الحقيقي ومضمونه الأساسي بالانقطاعات الزمنية التي تعبر عنها الارتدادات في صيرورة الظاهرة ذاتها، حيث تتمظهر التناقضات بصورة أكثر تعقيداً وتأخذ سماتها من طبيعة القوة الاجتماعية المسيطرة. وهذا ما تمخض عنه الارتداد الذي تم منذ غياب التجربة التموزية/القاسمية في شباط 1963، والذي جسد، في أرأس وجوهه، التناقض التناحري الجوهري العميق لما مثلته ثورة 14 تموز وما نحتته في مكونات التركيبة الاجتماعية وتجديدها وما نجم عنها من تطوير للوعي الاجتماعي وفعاليته العضوية وقدرته على الممارسة الواعية. 
تستوجب الضرورة هنا الإشارة إلى السمات الثقافية التي رافقت هذا التغيير الكبير ومديات اختماراتها وانفتاحها على الكثير من الفلسفات عبر (دمقرطة الثقافة) التي حررت الثورة ابعاد امواجها، موسعة من فرص التعليم [17] وإمكانيات التمتع بثمار الثقافة إلى جانب ما أوجدته أو ارتقت بما كان قائماً من مختلف أشكال التعبير الحديثة ومضامينها في الثقافة السياسية والأدبية والتصورات الشعبية وغيرها من المجالات. كما انها أنزلت ضربة قوية بالقيم الاجتماعية للعلاقات ما قبل الرأسمالية وبالمحصلة مهدت لسيادة الوعي المديني على الوعي الريفي. بمعنى شرعت الثورة الأبواب للحداثة الثقافية وما يرتبط بها من نهضة عامة وما يستنبط منها من مهام انعكست جدليا في الانعطافات الاجتماعية التي شهدها المجنمع بصورة جذرية.
إن سعي الثورة لاستيعاب الحداثة والانفتاح عليها، كممارسة عملية مستهدفة وعتلة للاندماج العضوي في ماهية العصر، أدى إلى تفتح المواهب والكفاءات الفردية بصورة ملحوظة، حتى أصبحت المواهب  قوة اجتماعية بفضل ما وفرته الثورة من شروط مادية ومعنوية لتطورها الذاتي ونضجها الاجتماعي. هذا التحول أصاب، على الأخص، الفئات الاجتماعية الوسطى والانتلجنسيا (المدنية والعسكرية) وما دونها من فئات، لأول مرة في تاريخ العراق الحديث، بحيث أهلها لأداء أدوار لم تكن ظروف المرحلة الملكية تسمح لها بأدائها، وعلى الأخص ليس في رسمها للقرار المركزي للدولة وإنما في اتخاذ القرار على المستويين الاقتصادي والسياسي . مثلت هذه الجوانب أحد المضامين التاريخية لثورة 14 تموز. كل ذلك يؤهلنا القول:
لم تستنفذ الثورة مقوماتها، ولم تنتهي من استكمال المهمات التي أخذت على عاتقها تنفيذها، ولم تترك مسرح التاريخ نتيجة ذلك. قدر ما تضمنته الظاهرة العراقية ذات المكونات المتعددة والمتباينة والمعقدة، من مسارات داخلية متعرجة وتوترات اجتماعية مضطربة وصراعات سياسية عنفيه حادة، فُرض بعضها بصورة مصطنعة من قبل القوى المتضررة من الثورة ومسارها اللاحق، داخلية كانت أم خارجية، وبوَّصلتها لمسارات التوجه والصراع بغية القضاء عليها. ومما ساعد على ذلك عدم موافقة قيادتها على إيجاد قاعدة راسخة وثابتة للثورة والدفاع عن ماهيتها.
تعتبر ثورة 14 تموز إحدى أهم المشاريع النهضوية إن لم تكن أهمها، في عراق العصر الحديث. و هي كما اشرنا سابقاً، نقلة حضارية نوعية وممارسة اجتماعية عضوية غيرت من واقع التركيبة الاقتصادية وانعكاسها الجدلي على العلاقات الاجتماعية والمناخ السياسي ودمقرطة الثقافية، ومن ثم شملت الكثير من معالم الحياة. إذ نقلت البلد إلى مرحلة أرقى بكل المقاييس. وكان لها امتدادا  تأثيرياً، غير توسعياً على دول المنطقة.
 بمعنى أخر أن الثورة كانت أهم عامل تحديث وتحفيز في عراق القرن العشرين، وربما في المنطقة برمتها، نظراٌ لما أحدثته من تأثيرات وتغييرات في التطلعات الممكنة للتطور، وفي خلخلتها لمعادلات توازن القوى الدولية في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسيةَ. أنها بمثابة ( الثورة الفرنسية الكبرى) في محيطها الاقليمي وزمنها المعاصر. وهذا كان بحد ذاته عاملاَ مهماَ أرعب، بكل معنى الكلمة، الدول الامبريالية الكبرى فتدخلت بكل الوسائل المادية وغير المادية لتقويض ماهيات الثورة، حتى لا تصبح قوة مثل وعنصر جذب لشعوب المنطقة.
وتأسياً على ذلك واستنباطا ًمما ذكر أعلاه، فإن حركة التغيير الجذري التي قادها الزعيم قاسم والعديد من الضباط الأحرار ضمن الائتلاف المحسوس وغير المرئي، في الوقت نفسه، مع بعض الأحزاب الفعالة والعضوية في جبهة الاتحاد الوطني (الوطني الديمقراطي واالحزب الشيوعي على وجه الحصوص), تعتبر الثورة الوحيدة في العراق في العصر الحديث.
 
    
 
                                                          عقيل الناصري
                                                          نشرين اول 2004


[1] المقالة هي رد على ما نشره الزميل والصديق الباحث د. ثائر كريم على صفحات ( الحوار المتمدن) في الانترنيت بتاريخ 26/10/2004 وفي العدد 998 مقالته الموسومة (نحو إعادة تقييم انقلاب 14 تموز 1958 في أفق الديمقراطية والاصرح).
[2]  حول هذه الظاهرة راجع كتابنا, الجيش والسلطة في العراق الملكي, دار الحصاد دمشق 2000.
[3] حول هذا الموضوع راجع دراستنا المنشورة في الحوار المتمدن حول الضباط والسياسة في العراق. كذلك دراستنا عن الجيش العراقي في ذات الصفحة.
[4]  حول هذه الموضوعة, راجع كتابنا عبد الكريم قاسم في يومه الأخير, دار الحصاد 2003, كذلك كتاب د. علي كريم سعيد, عراق 8 شباط, مراجعات في ذاكرة طالب شبيب, الكنوز الادبية  بيروت 1999.
[5]  اليعازر بعيري ، ضباط الجيش والسياسة في المجتمع العربي، ترجمة بدر السباعي ص. 175،، المكتبة الثقافية- بيروت وسينا للنشر- القاهرة 1992
[6]  د. رفعت السعيد ، تأملات في الناصرية، ص.67، الطبعة الثالثة، دار المدى، 2000 دمشق
[7]  هادي العلوي ، المرئي واللامرئي في الادب والسياسة،  ص, 89 ، دار الكنوز الادبية بيروت 1998.
[8] د. جمال مجدي حسين, ثورة يوليو ولعبة التوازن الطبقي, ص. 127, دار الثقافة الجديدة, القاهرة 1977.
[9]  د. ميثم الجنابي، روسيا نهاية الثورة ، كتاب المدى 3، ص. 11، دار المدى للثقافة والنشر، دمشق 2001
[10]  يقصد بالبناء الفوقي " مجمل أراء المجتمع السياسية والحقوقية والفلسفية والسلوكية والجمالية والدينية، كذلك العلاقات والمؤسسات والتنظيمات المطابقة لها ". وهذه  الآراء تعكس واقع البناء التحتي (العلاقات الاقتصادية) المباشرة، وتتميز باحتفاظها باستقلاليتها النسبية عن هذه العلاقات، وبديمومة جزء من  بقايا العلاقات القديمة، كما تشمل أجنة العلاقات المستقبلية. وهذه جميعها تؤثر بدورها على البنية التحتية، وهذا ما يعرف بالتأثير المتبادل بين القاعدة (السبب) والبنية الفوقية (النتيجة). أما البنية التحتية فهي " جملة العلاقات الاجتماعية السائدة في حقول إنتاج المادي والتبادل والتي تؤلف البنية الاقتصادية للتشكيلة الاجتماعية ". 
[11]   راجع د. فالح عبد الجبار، المقدمات الكلاسيكية لمفهوم الاغتراب، مؤسسة عيبال للنشر، نيقوسيا 1991.
[12]   كان هذا الطريق محفوف بالمخاطر وهو الطريق الذي أقرته الثورة من أول يوم من أيامها ولم تنته منه  ووجدت نفسها مغمورة فيه اضطراراً  بفعل محاولات القوى المتضررة منها ومن مسيرتها اللاحقة ، داخلياً وخارجياً. وكذلك من ردود الافعال وممما تمخض عنه صراع القوى الاجتماعية والسياسية الاقرب الى ماهيات الثورة.
[13]  فالح عبد الجبار، الدولة والمجتمع المدني في العراق ص.53، مركز دراسات ابن خلدون، القاهرة 1995.
[14]  يذكر محمد أمين دوغان في كتابه ( الحقيقة كما رأيتها في العراق) ص. 313، دار الشعب ، بيروت 1962، من أن "  شعب العراق  هو شعبٌ لسانه في يده وقلبه في لسانه وعقله في قلبه ". هذا التوصيف الاجتماعي يحمل في ذاته جزء من منظومة مكونات التركيبة النفسية/الاجتماعية للفرد العراقي ولا تفسرها كاملا حسب رأينا. يتميزالفرد العراقي بما تتميز العاطفة الانسايية من تقلب سريع وربما متناقض، بحكم جملة من العوامل الموضوعية الخارجة عن ارادة الفرد، توحي لاصحاب البصائر الضعيفة وذوي النظرة الشكلية أن الفرد العراقي ليس إلا فطريا ذو شقاق وعصبية وحدية وتطرف، وهي نظرة غير موضوعية لا تستكمل شموليتها المعرفية، متناسيةً الابعاد الحضارية والعوامل الاجتماعية والطبيعية والتاريخية والنفسية المؤثرة في تكوينها؟ وحتى مقولة الفيلسوف الكبير علي بن ابي طالب التي وسم العراقيين بأنهم " أهل شقاق ونفاق"  فيجب وضعها في اطارها الزماني وفي ظروفها الحسية آنذاك ولا تؤخذ بمطلقها.. وهو اكبر وأوعى من ان يطلق على النسبي والظرفي صيغة المطلق.  
[15]  د. فالح عبد الجبار المصدر السابق ، ص. 52 ،
[16] كامل شياع, المصدر السابق, ص. 55
[17]  لقد " ازداد عدد طلاب الكليات الحكومية من 99 في العام 1921- 1922 إلى 1218 في العام 1940-1941 وإلى 8568 في العام 1958- 1959. وارتفع عدد طلاب المدارس الثانوية الحكومية من 229 إلى 13969، ثم إلى 73911 ، في السنوات نفسها. وحقق التعليم الابتدائي تقدما مماثلا . ومن ناحية أخرى لم يكن التقدم النوعي بهذه الإثارة  نفسها على كل المستويات وأكثر من ذلك ،ففي العام 1958 كان أكثر من ستة  أسباع السكان لا يزال  أميا". حنا بطاطو ، الطبقات الاجتماعية  والحركات الثورية  في العراق ، ترجمة عفيف الرزاز  بثلاثة  أجزاء . ج. 1 ص. 52 ،بيروت 1990. كما " أن مجموع البعثات حسب سجلات البعثات الرسمية منذ 1921وحتى 1958(2021) فكان لهذه السجلات بعد الثورة أن وصلت إلى (2400)... وفي خلال هذه السنة 1959 تم إرسال أكثر من 3 الاف طالب وطالبه للدراسات العليا والتعليم العلمي, فضلاً على ألف منهم على نصف نفقاتهم الخاصة " عبد الكريم قاسم , حقيقة التاريخ وتاريخ الحقيقة,  شهادة طالب حامد قاسم و رواية عبد العباس عبد الجاسم, ص. 102, دار الكتاب العربي, بغداد. التاريخ بلا.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1- عبد الكريم قاسم في عوالم الحياة العسكرية:
- مــن ماهيــات سيرة عيد الكريم قاسم
- في:الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لعراق مطلع القرن الماضي
- الضباط والسياسة في العراق الحديث :مدخل تاريخي
- عودٌ إلى البدء في أرأسيات التطور: 14 تموز: جدلية الفهم والمو ...
- البيئة الاجتماعية لبغداد ومحلاتها الشعبية
- من تاريخية الأنقلابية في العراق الحديث
- أفكار أولية: عن طبيعة ومهام المؤسسة العسكرية في عراق المستقب ...
- مدخل نظري: من ملامح المؤسسة العسكرية العراقية
- الإرهاصات الفكرية للمساواتية الحديثة في العراق الحديث
- دور الفـرد في التاريـخ - عبد الكريم قاسم نموذجاً


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عقيل الناصري - 14 تموز.. ضرورات الواقع وتناقضاته