أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - حوالة أبو عبود..














المزيد.....

حوالة أبو عبود..


صباح كنجي

الحوار المتمدن-العدد: 3506 - 2011 / 10 / 4 - 17:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بين أوائل الملتحقين بالجبل، شاب أسمر وسيم لا تفارق البسمة محياهُ، دائب الحركة لا يرفضُ أيةِ مهمة يكلف بها، له قدرة على خلق وقنص لحظات الفرح والضحك بحكايات وتعليقات ونكاتٍ لا تنتهي، كأنه ينهلُ من منجم وهو يتواصل مع الجميع دون تكلف، يقصُ حكاية بعد أخرى ويتابع بشكل سلس سلسلة نكاته الجميلة والطريفة..
أذكر مما حكاه قصة علاقتهِ بأبيهِ، الذي لم يستوعب ويتقبل أن يكون ابنه شيوعياً، كانت للأب تصورات ومفاهيم غير ايجابية عن الشيوعية والشيوعيين بالرغم من كونه أقرب للفقراء منشئاً ومعيشة ولا يمكن تصنيفه في خانة الأغنياء وميسوري الحال..
في ذلك المساء.. بين صخور جبل كوماته السوداء.. أختار أبو عبود حكاية قبوله في أكاديمية الفنون الجميلة وسفره إلى بغداد منتصف السبعينات مع بدء العام الدراسي الجديد، وشغفه وانبهاره بتلك الأجواء.. كيف اجتمع مع شلة من الطلبة والطالبات غالبيتهم من اليساريين في أروقة الأكاديمية ليشكلوا حلقة صداقة تتقاسم الفرح والهموم وتتعاضد في دفع تكاليف جلسات التغذية والسمر بين الحين والآخر.. ومعاناته من جراء رفض أبيه تقديم المساعدة المالية له بالرغم من إلحاح والدته، فقد أصرّ الوالد على موقفه بعناد لا يتزحزحُ ويرفض تقديم دعم مالي لأبنه الزنديق الشيوعي الذي اختار وفضل دراسة الفنون من بين عشرات الخيارات الأخرى..
نتج عنها معادلة غير مفهومة.. تساوي بين عشق أبو عبود وتطلعه للمستقبل الحر.. وكراهية أبيه المقرونة بالرفض والممانعة وعدم الرضوخ لتدخل الأم وتوسلاتها لإصلاح ذات البين، من أجل تلبية احتياجات الابن المشروعة ..
ومع تواصل الدراسة واستمرار الحاجة للدعم العائلي الذي كان ضرورياً للتشبث بأجواء الأكاديمية وعدم مغادرة مقاعدها.. غامرَ ذات يوم طالباً من أبيه عبر الهاتف تقديم ما يمكن تقديمه برجاء مشفوع بعبارات تليق بمخاطبة الأب المعاند مع الحذر والاستعداد النفسي لتحمل التقريع القاسي المحتمل في ذات الوقت أثناء المكالمة وهو ما حدث بالفعل حينما أتاه الجواب المشحون بعبارات سبق وأن سمعها لأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة إلى حدٍ بات لا يكترث بها.. لكن المفاجأة كانت بعد يومين أو ثلاث من بعد تلك المكالمة... هاهي تباشير الأمل تنفتحُ وثمة شخص.. هو ساعي بريد يتقدمُ نحو حلقة الأصدقاء متسائلاً بعد إلقاء التحية..
من فيكم أبو عبود؟...
ـ أنا قالها بلهفة و وجل ..
عاجله ساعي البريد.. وهو يؤدي مهامه بطريقة روتينية اعتاد عليها في طلب توقيع منه وسلمه تبليغاً.. وهو يقول..
ـ أذهب لا تتأخر لاستلام حوالة بريدية وصلتك..
في البريد سلمهُ المحاسب المختص المبلغ المرسل، بعد أن اخذ هو الآخر توقيعاً منه باستلام المبلغ عداً ونقداً.. ثلاثون ديناراً.... يا له من مبلغ كان لا يحلن به شعر بالسعادة والامتنان.. قرر في غمرته الفرحة قبل أن يعود لأجواء شلة الأصدقاء، أن يقدم الشكر لأبيه.. هرع لأول هاتف عمومي مقدماً امتنانه العميق للوالد.. لم يفهم وهو في غبطة فرحه كلمات أبيه النابية وشتائمه وهو يرد عليه كالعادة بذلك السيل من القاموس الملتهب.. تناساها بعد أن قرر مواصلة الفرح معلناً عزمه على مشاركة أقرانه بجزء مما سيجود به عليهم في المقبل من الأيام.. كانت هي الأجمل.. بعد أن استنزف ما في جيبه لشراء حاجياته الضرورية وما أغدقه في عدة جلسات على أصدقائه وصديقاته الذين شمل بعضهم مساعدة ماليه بسيطة كانوا بحاجة لها.. حقاً أنها لأيام فرح وسعادة مشفوعة لساعي البريد بأجمل العبارات والأمنيات استمرت وتكررت حتى نهاية الشهر السعيد، التي حملت مفاجأة من العيار الثقيل له ولأقرانه...
ها هي الأيام تمضي مسرعة.. قبيل نهاية الشهر وقفَ واجماً ذلكَ المحاسبُ أمام شلة الأصدقاء.. بالضبط كما وقف ساعي البريد قبلها مستفسراً منهم بأدب في حينها عنه..
من فيكم أبو عبود؟...
ليطلب منه توقيعاً قبل الذهاب إلى البريد لاستلام الحوالة..
المحاسبُ الواجم.. لم يكن بحاجة ليستفسر عنه.. توجه فوراً ليخاطبه.. ليخاطب أبو عبود المعني بالزيارة مباشرة بلغة باردة تعبر في طياتها عن حالة انكسار مشفوعة برجاء من عينيه الغائرتين كأنه في رثاء من جراء كارثة قد حلت به سببها أبو عبود:.
ـ دخيلك أبو عبود انقذني.. جردتُ حساباتي الشهرية.. اكتشفت نقص 27 دينار.. حوالتك كانت ثلاثة دنانير فقط.. لم تكن ثلاثين!!!!..

صباح كنجي


ـــــــــــــــــــــــــ
مقتطف من حكايا الأنصار و الجبل



#صباح_كنجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرحيل المؤلم لعاشق الحرية..
- حوار مع المعقبينَ على الرسالةِ المفتوحةِ..
- شاهد على جريمة العصر سائق الجرافة الذي دفن مجموعة من المؤنفل ...
- لقاء مع الكاتب والنصير صباح كنجي
- رسالة مفتوحة إلى السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي..
- مِنْ حَكايَا الأنفال..
- خلف جنيب ذلك البدوي والنصير الشيوعي الأصيل..
- أبو ظفر.. الطبيب الماهر والإنسان النادر
- حياة شرارة .. شعلة الكفاح وجريمة السفاح..!
- اختفاء نبيل فياض....
- سوريا الشعب وسوريا الدكتاتورية..!!
- جيش البعث السوري وجيش الاحتلال الإسرائيلي..
- أفياء وليل حمودي الطويل..
- -المنسيون-.. بقايَا ذكرى وبقايَا جُرح..
- إلى صديق غاب من بيننا ولم يرحل..إلى أبو جنان في ذكراهُ الأول ...
- كتاب عن الفرمانات الإسلامية ضد الأيزيديين ..!
- جذور الاستبداد الشرقي والكفاح من أجل الحرية والانعتاق
- مَلامِحُ عصر جديد..
- برقيات زمن التغيير العاصف..1
- نخب مصر... لقد انتحر مبارك!


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صباح كنجي - حوالة أبو عبود..