|
بيانكا ماضية : في دراسة عن رياض خليل
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3505 - 2011 / 10 / 3 - 23:03
المحور:
الادب والفن
بيانكا ماضية الناقدة الحلبية السورية في " رؤية نقدية " عن رياض خليل ، في مجموعته الشعرية الثانية " بوابة الضوء" ، والتي نشرت في العدد 9584 من جريدة " السياسة " الكويتية ، الصفحة 15 ، التاريخ الاثنين الواقع في 31/7/1995 . الغضب يتدفق نيرانا .. في مشاهد حركية لإزالة كل العوائق الحياتية إن تجربة الشاعر والقاص رياض خليل ، في سياق التجارب الشعرية ، تعتبر واحدة من تلك التي استطاعت أن تثبت خاصيتها المميزة في شكل واضح وجلي ، فمن الملاحظ في ديوانه الأول " الكرنفال " سمة الشعر القصصي الذي يعبر عن المواقف والوجدانيات بطريقة قصصية ، وقد انسحب هذا التفنن القصصي في الشعر على مجموعته الشعرية الجديدة " بوابة الضوء" . ليكمل مسيرة الشاعر رياض خليل الشعرية . فالهمسات القصصية المنتشرة مابين القصائد هي التي أكسبت تجربته مزية خاصة به . واستطاع الشاعر من خلال ديوانه الجديد هذا أن يطرح مجمل مايعتلي النفس من مشاعر وأحاسيس ورؤى ، فهو يعمق التجربة الشعرية والقصصية ، يحاول إظهار التناقضات والسلبيات التي يخضع لها المجتمع ، بشكل ثوري ومباشر ، ليعلن رفضه ، ويعلو صوته تجاه تلك السلبيات ، فهو لايستطيع الاستكانة على هذا الوضع ، لأن في النفس عزة وكرامة ترفض الذل والصفقات المتخاذلة . فالشاعر رياض خليل من الشعراء الذين يعبرون عن أزماتهم الذاتية والموضوعية من خلال شعرهم . ليرسموا حلولا نهائية تلغي جميع المظاهر السلبية ، فمن خلال هذه الحلول نستشف عالما مفعما بألوان الحرية والاستقلال ، تلوح في لوحاته المستقبلية ، يرسم فيها ظلال أمانيه وأحلامه بحساسية شفافة ، وروح تعشق الانعتاق من القيود ، ورفض جميع أنواع الخنوع . وقد يعبر الشاعر رياض خليل عما يختلج في نفسه ، من خلال مشاهد حركية ، تلعب فيها الشخصيات دورا بارزا في إظهار الفكرة المطروحة من قبله . وفي مجمل قصائده نراه يمتثل أمامنا بدور البطولة ، التي تحمل طاقات كبيرة ، يحاول تفجيرها في سبيل إلغاء كل العوائق الحياتية بينما تكون باقي الشخصيات وسيلة لإظهار دوره في العمل الشعري : " غضبي يتدفق كالنار نظراتي أوامر صارمة . كنت مفترسا . لم أجد حرسا أو جنودا . لم أجد حرسا أو جواري .. صاروا جميعا دمى رمقوني بذل وخوف وانحنوا طاعة وولاء هتفوا لي بصوت قوي مدو: ليحيى الملك " فقد جعل الشاعر نفسه حاملا لكل التطلعات ، ومعبرا عن مظاهر الأسى والألم ، وهو في هذا نراه محاربا صنديدا ، يحمل السيف لمقاتلة المرابين والأعداء ، لأنه لايستطيع العيش في دوامات من الصراع والحزن ، لذا فقد انبرى يتصدى ويتحدى ، وفي صوته نبرة من نبرات الثورة المتمردة ، التي تحاول اقتلاع جذور الشر من أصلها ، ليزرع مكانها بذور الخير ، فالشاعر رياض لايحبذ الأقنعة المزيفة الماكرة ، لأنه يعشق النقاء ، وصفاء السريرة ، بينما نجد عالمه المحيط به عالما مليئا بالصفقات ، يعيشه أناس أحاسيسهم جليد ، وتاريخهم شمع ، يتحصنون بأقسى أنواع الاستبداد ، وميراثم عقم وزيف وأوهام : " أتناهض من جوف ناري ، ماردا يتحدى ، بطلا يتصدى , يحمل السيف سيفا يمتطي الريح .. يعلو جناحا . ويغزو ، ويفتتح الحرب ، يضرب ، يردي زحوف الظلام ، وينتزع النصر معجزة , ويدشن عهد اندحار المرابين بالدم " إن مجموعة بوابة الضوء ، انفعالات لمشاعر عدة ، تنطلق من الذات الحساسة ، التي تعبر عن كل مايحيط بها من موجودات ومواقف وعلاقات . فالشاعر لابد من أن يعبر عن مختلجات نفسه تجاه مايعترضه في الحياة الاجتماعية . ومن هنا كانت هذه المجموعة مجموعة تنطلق من محورين . الأول محور الذات ، والثاني محور الموضوع ، والذات والموضوع لابد في النهاية من أن يلتقيا في نقطة واحدة . وهي مجموعة ردود الأفعال تجاه القضايا بأنواعها كافة . لذا جاءت القصائد رمزية في بعض الأحيان ، إلا أن الشاعر رياض خليل استطاع من خلالها أن يحيطنا بكل مايدور في فكره وقلبه ورؤاه . وقد نستطيع من خلال عناوين القصائد أن نتبين مافي محتواها ، وما قد تتراءى إليه في النهاية من رؤى يسعى الشاعر إلى تحقيقها في الأفق الآتي . وفي قصيدة " منولوج لحاكم عربي" نستطيع أن نلمح ذلك الحوار الداخلي الذي دار بين الحاكم ونفسه ، ليدل على أنواع التكبر والطغيان ، وبالتالي ليبرز مكونات روحه . والدوافع النفسية الداخلية ، والدوافع الخارجية المحيطة به ، والتي جعلت منه حاكما متغطرسا يدعي الفهم والإدراك بأحوال الشعب ، وهو أبعد مايكون عن ذلك ، لأنه وبتقرير مباشر منه يعترف بأنه رمز العار ، ورمز الخيانة والضعف والجبن ، ويدرك أيضا أن كلماته وأفعاله جوفاء وفارغة وعاقرة . ومن خلال هذا المنولوج يسعى رياض خليل إلى بلورة الصورة الكائنة لهذا الحاكم ، وبلورة مدى ضعفه تجاه نفسه ، وبالتالي ضعف الناس أمامه ، لجبروته ونمردته ، فلا يتجرأ أحد على مقاومته والصراخ بوجهه ، إلا أن هذا الحاكم وفي قرارة نفسه يسعى إلى الخلاص من روحه : " أتساءل : من منا الميت يابابل ؟ أنا نمرود الحي الميت . أتوق إلى بطل يقتلني ، أو شفة تلعنني ، أو كلب يخذلني ، أو طفل يولد ... يهزمني .. أن يشطب اسمي من كتب التاريخ " وعلى هذا يحاول الشاعر رياض خليل من خلال تجربته الشعرية أن يرسم لنفسه خطا تجريبيا معينا يسير عليه ، معتمدا على حالة القص التي قد توضح بعض مايدور في فلك أفكاره ، ليلائم بين حاله وحال القصيدة . فقصائده تعتمد بشكل كبير على المشاهد الحركية ساعيا من وراء ذلك إلى تثبيت أقدامه في منهج شعري معين وخاص بذاته ، وخاص بأفكاره ، ومايسعى إلى تحقيقه من خلال هذه التجربة الشعرية .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكاتب الأردني محمد المشايخ يكتب عن رياض خليل
-
النمرود : شعر
-
الفراشة: شعر
-
طفلة الشمس
-
القانون الاقتصادي العام
-
عن - الكرنفال- يكتب الشاعر فيصل خليل:
-
المحارب: شعر
-
النار: شعر
-
الوحش
-
الغريق: شعر
-
لن أختم القصيدة
-
رحلة إلى الجزيرة
-
البحر-:شعر
-
الملك: شعر
-
الكرنفال: شعر
-
سورة الألق: شعر
-
أيها العندليب: شعر
-
أضعتك لحظة مني
-
السؤال: شعر
-
الجريمة: شعر
المزيد.....
-
كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
-
التهافت على الضلال
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في
...
-
جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا
...
-
مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين
...
-
-أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق
...
-
شجرة غير مورقة في لندن يبعث فيها الفنان بانكسي -الحياة- من خ
...
-
عارف حجاوي: الصحافة العربية ينقصها القارئ والفتح الإسلامي كا
...
-
رواية -خاتم سليمى- لريما بالي.. فصول متقلبة عن الحب وحلب
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|