أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) رد على: علال البسيط















المزيد.....


(ما كان لنبي أن يكون له أسرى) رد على: علال البسيط


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 23:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


السيد : (علال البسيط) تحياتي لك،..
لفت انتباهي حين كنت أتصفح مقالات (الحوار المتمدن) ظهر اليوم مقال لك بعنوان: (إعدامات الرسول)، وفي الواقع أكثر ما أثار إعجابي في هذا المقال هو الحبكة الدرامية الرائعة، والأسلوب العبقري في الطرح، وإبداعك في إجادة كتابة السيناريوهات، ولكن سيدي الفاضل ليس كل سيناريو مبدع هو حقيقة، فأعذب الشعر أكذبه، وأروع السيناريوهات أكثرها خيالا وبعدا عن الحقيقة والواقع، وهذا بالضبط ما وجدته في مقالك: (شعر عذب، وسيناريو خيالي).

وتجنبا للمقدمات الطويلة والديباجات المنمقة واللعب بالجمل والعبارات أرى أن أدخل في صلب الموضوع على الفور، لقد جاء في صدر مقالك ما يلي: (إن المعاني التي خلدتها الآية السابعة والستون من سورة الأنفال ليشق على الذين يريدون التوفيق بين الاسلام والمدنية استيعابها، إذ أن الحمولة اللغوية والمعنوية للآية، وأسلوبها المتوغل في الثأرية والانتقامية، ليوحي منذ البداية بمستقبل دموي ينتظر المخالفين لأتباع هذا الدين الجديد) انتهى

هذه الآية سيدي الفاضل: (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). (67_ الأنفال).
يؤسفني أن أخبرك بأنك قد (أخطأت إستك الحفرة)، وبالطبع أنا لا ألوم عليك في سوء الفهم وسوء التقدير فربما الروايات المتناثرة في كتب التفاسير مع رغبتك الجامحة في التهجم على الإسلام بوعي أو بدون وعي لا فرق، قد حالا بينك وبين أن تقف ولو للحظة واحدة متأملا في نص الآية قبل أن تتعجل وتمتطي قلمك وتخط به مقالك (السيناريو)، ولكن هذه هي طبيعة الإنسان، (وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً). (11_ الإسراء).

لن أفترض فيك سوء النية ولكني سأفترض أن قلة الوعي وقصر النظر والمعرفة السطحية بقرء نصوص القرآن الكريم وعدم تفهم معانية بطريقة علمية موضوعية سليمة وصحيحة تبتعد عن الفهوم المتوارثة من الأهل والأقران وخطباء المساجد وكتب التفاسير وعبث وتضارب الروايات لدى كثير من الناس المسلمون منهم وغير المسلمين، هو ما أدى بك إلى هذه النظرة الدموية التي رأيتها أنت في آية الأنفال سالفة الذكر، هذه الآية التي لها مضمون آخر أرقى وأسمى وأكثر إنسانية وروعة مما حكته بعض الروايات ومما استنتجته أنت وكثير من المفسرين بل ومما لم ولن يخطر لك على بال، إلا أن شغب الروايات وقصر ومحدودية الفهم للنص القرآني قد حالا بينك وبين اكتشافه، لذلك ألا يمكن أن تكون الروايات التي قرأتها أنت لها مضمون آخر أو واقع آخر غير الذي وردت به في كتب التفاسير وتم تحريفها واللعب فيها في عصر ما من العصور لغرض ما من الأغراض؟، ولما لا؟ لكن ما أعتب عليك فيه حقيقة أنك تبنيت بعض الروايات التي تقول بأن الله عاتب الرسول والصحابة في قبولهم الفداء من الأسرى وعدم قتلهم، ونزل القرآن يؤيد رأي عمر بن الخطاب الدموي _وفق تعبيرك_ حيث أشار بقتلهم، وتركت روايات أخرى تقول أن عتاب الله للنبي وصحابته كان من أجل اتخاذهم أسرى وغنائم من الأصل ولم يكن الله قد أباح لهم الأسرى والغنائم بعد، ورغم عدم اتفاقي معها هي الأخرى لكني أقدم لك ثلاث روايات أخبرت بأن العتاب كان لهم في اتخاذهم أسرى وغنائم وهي لم تحل لهم بعد على النحو التالي:
الرواية الأولى:
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه من طريق أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر تعجل الناس إلى الغنائم فأصابوها قبل أن تحل لهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الغنيمة لا تحل لأحد سود الرؤوس قبلكم، كان النبي وأصحابه إذا غنموا جمعوها ونزلت نار من السماء فأهلكتها، فأنزل الله هذه الآية {لولا كتاب من الله سبق...} إلى آخر الآيتين ".
الرواية الثانية:
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله {لولا كتاب من الله سبق} قال: يقول لولا أنه سبق في علمي أني سأحل المغانم {لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم}.
الرواية الثالثة:
وأخرج إسحق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم} يعني غنائم بدر قبل أن يحلها لهم يقول: لولا أني أعذب من عصاني حتى أتقدم إليه لمسكم عذاب عظيم).

إذن فنحن أمام سيناريوهين مختلفين، وهما: هل العتاب القرآني كان على اكتفائهم بقبول الفدية من الأسرى وعدم قتلهم، أم كان بسبب أنهم اتخذوا أسرى وغنائم وهم لم يحل لهم اتخاذ الأسرى والغنائم بعد؟؟، وهنا لابد من تبني أحد السيناريوهين، وتبني أحد السيناريوهين يحتاج إلى برهان قوي دامغ من النص القرآني نفسه يؤيد هذا السيناريو أو ذاك، أليس كذلك؟، لكنني بقراءتي لنص آية الأنفال (67) وما بعدها، لم أر أيا من هذه السيناريوهات يتفق مع مضمون الآيات على الإطلاق، بل إنني أزعم أن هناك رواية أصليه حقيقية تم العبث بمضمونها أو تحريفها أو محوها لأي غرض كان للتشويش على المعني والمضمون الحقيقي لآية الأنفال (67)، تلك الرواية الأصلية تقول: (أنه بعد انتهاء موقعة بدر وقتل من قتل فيها وفرار من فر من جيش أهل مكة، قام بعض مقاتلي جيش المسلمين بتتبع بعض الفارين من جيش العدو وأسرهم بعد انتهاء الحرب "أي ما يشبه خطف الرهائن في عصرنا الحالي"، ثم إحضارهم إلى رسول الله لطلب فدية مالية ثمينة من القرشيين مقابل إطلاق سراحهم). هذه هي الرواية التي تتفق مع النص القرآني العظيم في الآية (67) من سورة الأنفال وآيتين بعدها، والذي عاتب الله فيه هؤلاء الجنود على فعلهم غير الإنساني وغير الأخلاقي بخطفهم أناس من قريش كأسرى بعد انتهاء الحرب، ويؤيد هذا الرأي ما ذكره الرازي في تفسيره (مفاتيح الغيب) على النحو التالي:
(ونقل أن الصحابة لما هزموا الكفار وقتلوا منهم جمعاً عظيماً والكفار فروا ذهب الصحابة خلفهم وتباعدوا عن الرسول وأسروا أولئك الأقوام، ولم يعلم الرسول بإقدامهم على الأسر إلا بعد رجوع الصحابة إلى حضرته، وهو عليه السلام ما أسر وما أمر بالأسر).

أعرف أنك ستسارع وتتهمني باللف والدوران والتحايل، وأعرف أنك ستقول هذه هي عادة المسلمين في تبرير خطايا دينهم ونصوصهم، أقول قد يكون اتهامك صوابا لو بالفعل الرواية تتفق مع مضمون وسياق النص، فماذا لو كان النص في واد والروايات في واد آخر؟؟، إذاً فهناك خلل ما، وبالطبع لن يكون في النص القرآني لأن النص أكثر ثبوتا ووثوقا من الرواية، وأظنك تتفق معي في هذا، فلنذهب إذاً إلى النص ولنرى هل يتفق مع مضمون أية رواية من الروايات التي وردت في كتب التفاسير أم يتفق مع الرواية الأصلية التي حرفت وزورت في كتب التفسير بفعل فاعل؟.

قال تعالى:
(مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(67) لَوْلا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(69) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(70) وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). (71_ الأنفال).

ابتداءً نتعرف على دلالة الفعل (ثخن) الثاء والخاء والنون أصل صحيح في كلام العرب يدل على غلبة وقهر وتوهين وغلظة، أَثْخَنَ إذا غَلَبَ وقهر، وأَثْخَنَ في الأَرْضِ: بالَغَ في القَتْالِ والقتل حتى يقهر عدوه. وأثخنته الجراح: أوهنته. وأثخنه المرض: إذا أقعده وأثقل به. وثَخُنَ: غَلُظَ وصَلُبَ وثقل. وأَثْخَنتُ فلاناً: أَوْهَنَته. ويقالُ: ثَوْبٌ له ثُخْنٌ أي غلظة وكثافة.
فمن هذه الدلالات اللسانية للفعل (ثخن) يتضح لنا أن (الإثخان) لا يدل في ذاته على محض القتل كما أوهم السيد (علال البسيط) نفسه وبعض قرائه، كلا، الإثخان هو القوة والشدة والغلظة التي تؤدي إلى التوهين والغلبة والقهر والسيطرة، وقد يكون الإثخان بالقتال أو بالمرض أو بأي شيء يتحقق من خلاله الغلبة والتوهين والقهر والسيطرة.

وبالعودة إلى نصوص الآيات نجد قوله تعالى: (ما كان لنبي) نفي وتنزيه، كقوله تعالى: (ما كان لله أن يتخذ من ولد)، وكقوله تعالى: (ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله). أي ما يجب وما ينبغي في حق نبي من الأنبياء وليس محمداً فحسب (أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض)، ونلحظ أن كلمة (نبي) جاءت نكرة، والنكرة تفيد العموم، مما يفيد أن هذا الفعل ليس غير لائق في حق محمد فحسب، بل غير لائق في حق جميع الأنبياء، فيصبح المعنى الحق للآية الكريمة هو: (ما يليق وما ينبغي بأي نبي أن يأخذ أسرى (حتى يثخن في الأرض) أي حتى تكون له الغلبة والقوة القتالية التي توهن العدو وتضعفه وتقهره في أرض المعركة وبعدها يمكنه أن يتخذ أسرى من أفراد جنود العدو. وقوله: (حتى يثخن)، كلمة (حتى) تفيد انتهاء الغاية، ما يعني أنه بعد حصول الإثخان في أرض المعركة له أن يتقدم ساعتها لأسر الأعداء. أي لا يتحقق الأسر ويكون مشروعا إلا بعد تحقق الإثخان، وأضرب لك بعض الأمثلة لتقريب المعنى على النحو التالي:
ما كان لطالب أن ينجح حتى يذاكر دروسه
ما كان لمواطن عربي أن يحصل على وظيفة حتى تكون له واسطة
ما كان لك أن تتزوج حتى تكون مستطيعا ماديا
ما كان لموظف (غلبان) أن تكون له ثروة حتى يكون قد ارتشى من وظيفته
ما كان لك أن تصل إلى سطح القمر حتى تستقل مكوكا فضائيا
ما كان لطالب أن يدخل كلية الطب حتى يحصل على مجموع 98%
ما كان لحاكم عربي أن يترك السلطة حتى يثور عليه شعبه

هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ كلا، لقد عاير الله وشنع على الذين قاموا بهذه الفعلة الشنعاء التي تتنافى مع أخلاقيات المقاتلين الشرفاء الأطهار فقال لهم: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). إن ما قمتم به من اختطافكم لأناس من الأعداء بعد انتهاء الحرب بغية الحصول على الفدية هو عمل لا يريده الله منكم ولا يرضاه لكم، ولا يرضى أن يكون قيامكم بهذه الأفعال من أجل إرادة (عرض الحياة الدنيا). هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟ كلا، بل أخبرهم أنه لولا كتاب منه سبق وأن كتبه على نفسه لمسكم جزاء فعلكم هذا عذاب عظيم، وما هو ذلك الكتاب الذي سبق من الله وأن كتبه على نفسه؟، هو قوله تعالى في سورة الأنعام التي نزلت بمكة قبل الهجرة: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). (54_ الأنعام). هل انتهى الأمر عند هذا الحد؟، كلا، بل أخبر الله النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول للأسرى الذين هم بين أيديهم لو يعلم الله في قلوبكم خيرا بعدم تعرضكم للمسلمين فيما بعد سوف نطلق سراحكم ونعوضكم بخير وأفضل مما تم أخذه منكم، أما إن كان في نيتكم الغدر والخيانة بعد إطلاق سراحكم والعودة للقتال مرة أخرى فاعلموا أن الله قد أمكن أيدي المسلمين منكم هذه المرة وسوف يمكنهم منكم المرة القادمة إن خنتم العهد، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(70) وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). (71_ الأنفال).

وهذه يا سيدي الفاضل أحكام الأسرى في القرآن الكريم كالتالي:
أولا: إطعام الأسير من أحب الطعام وأشهاه، قال تعالى:
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً(8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوراً). (9_ الإنسان).
ثانيا: إما المن عليهم بإطلاق سراحهم، وإما فداء أسرى المسلمين بهم، قال تعالى:
(فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوَهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزَارَهَا). (4_ محمد).

أستاذي الفاضل أنا لا يعنيني دينك أو معتقد أو فكرك في شيء، فلكم دينكم ولي دين، ولكن أقترح عليك إن كنت من هواة نقد الأديان وتجد متعة ولذة وشهوة في هذا وهناك من يصفقون لك ويثنون عليك وأنت من هواة الحمل على الأعناق، وإن كنت من هواة وسم الأديان بالدموية والإرهاب فلا بأس في ذلك، أنا أقدم لك وجبة دسمة للغاية من نصوص الديانة اليهودية وأعدك وعد صدق أنك لن تجد مخلوقا واحدا يستطيع أن يرد عليك بنصف كلمة، بل وإن أحببت أن ترى مفعول هذه النصوص واقعا حيا على الأرض في زماننا هذا وعلى مرأى ومسمع من العالم المتحضر المجرم المنافق ومن العالم غير المتحضر المتخلف، فما عليك سوى أن تولي وجهك شطر فلسطين ستجد التطبيق الحرفي لهذه النصوص بل وأكثر بشاعة ودموية ووحشية مما جاء في النصوص، إليك بعضا من هذه النصوص على النحو التالي:

اقرأ يا أستاذي الفاضل:
النص الأول:
جاء في سفر حزقيال من الكتاب المقدس (التوراة) ما يلي: (إِذهَبوا في المدينةِ وراءَهُ واَضربوا. لا تُشفِقوا ولا تَعفوا. اقتلوا الشُّيوخ والشُّبَّانَ والشَّاباتِ والأطفالَ والنِّساءَ حتى الفناء) (حزقيال 9 : 5-6).

النص الثاني:
جاء في سفر (التثنية) من الكتاب المقدس (التوراة) ما يلي: (فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ) (تثنية 13: 15- 17(.

النص الثالث:
جاء في سفر (صموئيل الأول) من الكتاب المقدس (التوراة) ما يلي: (فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَارا). (صموئيل الأول).

هل تريد نصوص أخرى لإشباع شهوتك في مهاجمة الأديان ووسمها بالدموية؟ أم هذه النصوص كافية؟
أظنك الآن الأستاذ الفاضل (علال البسيط) لست بحاجة إلى أن ترهق نفسك وتبحث في المراجع التاريخية لتدبيج مقالة في هذا الشأن، ها أنا قد قدمت إليك نصوصا مع التطبيق العملي الفعلي لها على يد الجيش الإسرائيلي وبمباركة الغرب العلماني المتحضر، وتشاهدها على الهواء مباشرة في جميع الفضائيات وأنت تجلس في بيتك متكئ على الأريكة، (وما حرب غزة والفسفور الأبيض منا ببعيد).

أتمنى عليك من كل قلبي أن ترينا جمال مقالاتك وسحر عباراتك وتكتب لنا مقالا واحدا لا شريك له حول هذه النصوص وكيفية تطبيق الجيش الإسرائيلي لها على الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الفلسطينيين ومباركة الغرب العلماني المتحضر له، ويعلم الله أنني لا أهزأ بك ولا أسخر منك، فبالفعل أنت إنسان مبدع وموهوب في أسلوبك في الطرح والكتابة، بل أسلوبك من بين أجمل الأساليب التي رأيتها على الحوار المتمدن، لكن للأسف الشديد القضايا التي تكتب عنها لتتصيد فيها للقرآن الكريم ووسمه بالدموية والإرهاب للأسف قضايا خاسرة. أليس من المحزن أن تكون بهذا الأسلوب الرائع في الكتابة ثم تكتب في قضايا (فشنك) يعني (طلقات صوتية وليست برصاص حقيقي).

أما قولك عن القرآن: (وهو بهذا الاعتبار منشور معاد لحقوق الانسان بمعناها المتعارف عليه في الأوساط الحقوقية، والاعراف الدولية). انتهى
يا سيدي الفاضل حقوق الإنسان هذه أو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنت تعي جيدا أن الغرب المجرم المنافق الذي كتب هذا الإعلان العظيم لا يقدر هذا الإعلان ولا يوليه أي اعتبار أو اهتمام، بل إن الغرب المجرم المنافق قيمة هذا الإعلان في نظره أقل بكثير من قيمة المناديل الورقية التي تُسْتَخْدَم (أجلك الله) في مسح المؤخرات عقب قضاء الحاجة، ولا داعي أن أذكرك بجرائم الغرب المجرم مع الهنود الحمر، والحرب العالمية الأولى والثانية وعشرات الملايين الذين قتلوا وجرحوا وتشردوا فيهما، وحرب الكوريتين ومن كان وراؤها، وحرب فيتنام وما حدث فيها، وحرب أفغانستان، وحرب العراق، هذا وناهيك عن مباركة الغرب المجرم المنافق للكيان الإسرائيلي الإجرامي وما يفعله بالعرب والفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم، والبقية ستأتي.

أما يا أستاذي الفاضل إن أحببت أن تشبع نهمك من الكتب التاريخية وكتب السير والروايات وتصنع ما تريده أنت وما ترغب فيه وما تشتهيه، وتجد شهوة ولذة ومتعة في ذلك، فأجزم لك أن كل ناشد لضالة سيجد في المراجع التاريخية ضالته، وكل مغنٍ سيجد فيها ما يغني به على ليلاه، وكل مفكر حالم مبدع سيجد فيها من المواد الخام ما يجعله يكتب من السيناريوهات ما يحصد به جائزة (نوبل) في الروايات والأحاجي، أو (جائزة الدولة التقديرية)، واسأل فضيلة الشيخ (سيد القمني) يدلك.

ولا يفوتني هناك أن أنقل لك تعليقا للمفكر الرائع المحترم الأستاذ (نادر قريط) وهو أحد كتاب (الحوار المتمدن) المرموقين الرائعين، علق به على أحد مقالات الشيخ (سيد القمني) الذي كان يتحدث فيه عن (سقيفة بني ساعدة) فذكر فيه التالي: (نادر قريط:
تحية طيبة للأستاذ القمني والسادة الحكيم البابلي والحافظ وتحية إستثنائية للرائع الياسري، وبودي أن أشارككم برأي مقتضب بعيدا عن المجاملات، فالعالم الأكاديمي النقدي الذي يعتمد الآركيولوجيا والنقوش القديمة بات ينظر للمدونات التاريخية والسير كأدب ديني خالص بدون محتوى تاريخي، وقصة السقيفة هي بناء أدبي قصصي حسب علم نفس التاريخ ولا يمكن لباحث جاد أن يأخذها محمل الجد، فعلى الباحث الأكاديمي ألا يغرق في تاريخ شفهي مختلق بل عليه أن يثبت قبلها تاريخية -دولة يثرب ورجالها- وهي برأي النقد الجدي دولة أسطورية وجدت في مخيلة كتاب السير والأقاصيص ولا يوجد أثر علمي يؤكدها، وكثيرا ما يذكرني النقاش حول السقيفة وغيرها بنادي لندني كان يناقش قصص شارلكهولمز، وأحيانا كان ينسى المناقشون أنهم أمام كائنات قصصية ، فيحتد النقاش وينشب العراك .. ويبقى لي أخيرا أن أطالب السيد القمني بدليل تاريخي واحد يؤكد السقيفة (من خارج الأدب القصصي الإسلامي) وسأكون له من الشاكرين مع أحر الأمنيات). انتهى

ورغم أن كتابات الأستاذ (نادر قريط) تصطدم مع معتقداتي إلا أنني أحترم في هذا الرجل احترامه لعقل القارئ، فتحية كبيرة للأستاذ (نادر قريط).

فكل من يريد أن يشيطن شخصية تاريخية فعليه بكتب التراث وسيجد من الروايات والنصوص ما يمرح فيه ويرتع، ومن أراد أن يقدس نفس الشخصية ذاتها ويضفي عليها صفات الملائكية والبراءة والطهر فسيجد كذلك من الروايات والنصوص ما يمرح فيه ويرتع، وأضرب لك مثلا من الواقع المعاصر: شخصية الرئيس الراحل (جمال عبد الناصر) الذي لم يمض على رحيله أكثر من أربعين عاما، إلا أننا الآن لا نعرف من خلال ما كُتِب عنه من كتب ومراجع هل كان هو ذلك الزعيم المخلص الملهم البطل القائد الذي صمد أم الغرب وتحدياته ومؤامراته، أم كان ذلك الرجل الذي (جاب عاليها واطيها وخربها وقعد على تلها)؟. لا أحد يعرف يا سيدي الفاضل، فتستطيع أن تجعل منه من خلال المراجع التاريخية القريبة جدا ما تريد وما ترغب وما تشتهي أن يكون عليه، (شيطانا، أو ملاكا)، حسب طلبك والتوصيل للمنازل مجانا.

أما يا أستاذي الفاضل إن كنت تريد أن تتعرف على المفاهيم الحقيقية للجهاد والقتال في القرآن فلي دراسة متواضعة صغيرة نشرتها منذ بضع سنين على (الحوار المتمدن) بعنوان: (الجهاد والقتال في سبيل الله كما جاء في القرآن) من أربعة أجزاء، يمكنك الاطلاع عليها إن أحببت ورغبت في ذلك. على الروابط التالية:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=64986
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=65517
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=66234
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=67150


أعتذر إن كنت أطلت عليك
وتحياتي لك

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليقات على مقال أم قداس في كنيسة؟
- (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا)
- الرجل هو من استعبد المرأة والرجل هو من حررها
- علاقة الغرب العلماني المتحضر بالحاكم العربي
- هل الإجماع مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟
- الحرية كذبة كبرى
- هل الاجتهاد مصدر من مصادر التشريع في الإسلام؟؟
- وماذا بعد سقوط حسني مبارك ومحاكمته؟
- المواقيت الصحيحة للإفطار والسحور
- لا دية لأسر شهداء 25 يناير
- النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الثاني
- النظام المديني وزوال الديمقراطية – الجزء الأول
- من أجل إنقاذ مصر
- الدعاء في سجن (مزرعة طرة) مستجاب
- ويل لمن تنكروا لفضل الرئيس مبارك عليهم
- ثورة 25 يناير ثورة إسلامية بلا خوميني
- حقيقة حياد الجيش وقراءة أخرى في المشهد المصري
- العلاقة المشبوه بين البابا شنودة والرئيس مبارك
- ثورة مصر: ثورة طاهرة في بيت دعارة
- احذروا أيها المصريون: هؤلاء يتآمرون عليكم


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) رد على: علال البسيط