أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بن جبار محمد - في النموذج الأندلسي














المزيد.....

في النموذج الأندلسي


بن جبار محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 08:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يتحدث إبن العريف الإندلسي عن فـقهاء السوء في عصره , فيقول "كان الكبر و الفخر و السرور بجنب الدنيا في وجوههم باديا , و ناموا و أتكؤوا بجنوبهم على اللين من أنواع الملبوس , إيثارا لراحـة النفوس , عملا متمـاديا و أعتـمدوا بظهـورهم على صدور المجـالس زهوا على خـواطر المجـالس ظـاهرا باديا , و أي ظهور لم تثـقل بأعباء الدين , و لا نشطت للقيام بأمور المساكين , بل خفت و أستراحت بطرحـهـا لأثقال الأمانة و قامـت بشرائع أمثالها أهل العجز و الخيانة ..." من كتاب السعـادة و تحقيق طرق السعادة –ص 100 منه .
و إنتقاد الفقـهاء لم يقتصر على الصوفية بل و أمـتد الى الأدبـاء و العـامة , أتـهموهم بالرشـوة و الفسـاد و الفسـق و النفــاق و خدمة أهواء السلـطة و البـلاط بغير قيـود و لا حـدود و بالمقـابل تم التضييق على الرجال الأفاضل و اضطهادهم و نعني تحديدا رجال الحركة الصوفية في الأندلس الذين أستطاعوا بفضل قريحتهم و صفائهم الذهني و تكوينهم النفسي أن يعارضوا معارضة لا لبس فيهــا . يذكـر لنا التاريخ الأندلسي في أحد فتراته تحالف الفقهاء مع السلطة مستغلين للثروات إستغلالا فاحشا في مقابل خدمات جليلة يقدمونهــا للبلاط في تبرير السلطة الإستبدادية الظالمة و الجائرة و إستمالة العامة و ضمان ولاءها .., فقد شرعوا ما لم يشرع و خالفوا القرآن و السنة و أهدروا أموال و دماء المسلمين و كل من يقف في وجه السلطان.. أستولوا على أراض شاسعة كمورد لرزقهم و ضمانا للمال و الأرباح و قد أورد إبن الآبار في مؤلفه الحلة السيراء أنهم أكثر الناس ملكية في الأندلس من العصر الأموي و الطائف, فمثلا أن الفقيه محمد بن اسماعيل اللخمي (439 هــ/ 1047 م ) كان يملك ثلث إشبيليه ضيعة و غلة . لم يكتفوا بذلك و إنما وسعوا ملكياتهم بتحالفهم مع ملوك الطوائف ضد مصالح الشعب و قد رأى إبن حزم أن ذلك خرابا للأندلس و أهلهــا .

توثقت علاقة الفقهاء مع السلطة المرابطية التي تعتنق المذهب المالكي , ففي وحدة المذهب كان عاملا أساسيا لكي يصبحوا منظرو الدولة و مسيروها مراكزها البيروقراطية و بإحتكارهم للمراكز الحساسة و الأساسية في خطط الدولة , أزدادت ثرواتهم و تضخمت . و يورد المؤرخون نماذج كبيرة و أمثلة من هؤلاء الذين أصبحوا يتمتعون بثراء فاحش ..مكانة الفقهاء كانت في تعاظم مستمر و كان الأمراء لا يقطعون أمرا في جميع مملكته دون مشورة الفقهاء الذين بلغوا مبلغا لم يحدث من قبل في تاريخ الأندلس فكثرت أموالهم و أتسعت أرزاقهم .. و نتيجة لما سبق أثار خنق الناس عليهم و ظهرت عليهم مشاعر الإستياء الشديدة لسيطرتهم الإقتصادية .. في هذه الفترة التاريخية ظهرت الى الوجود مجموعة ضخمة من الفتاوى و الشرائع و التعاليم و الأحاديث النبوية تتماشى مع مصالحهم الإقتصادية و التسلطية حفاظا على الهيمنة و الأموال و الممتلكات الطائلة .إذ ليس غريبا أن يشنوا حملات مسعورة على الحركة الصوفية و المتصوفة الناشئة في كل أرجاء الأندلس ..لأنهم الحلقة التي تتمرد على تعاليمهــا و ترفض إملاءاتها و لا تتركهم و شأنهم المشين.. الحركة الصوفية أخذت على عاتقها المعارضة الدينية و السياسية محاولة الى و ضع الأمور إلى نصابها و الإشارة إلى الانحرافات الكبيرة المرتكبة باسم الدين . فظهرت الى الوجود ثورة ابن قسي مع مريديه المعروفة تاريخيا " بثورة المريدين (1156م ) " ضد الدولة المرابطية بمضمونها الإجتماعي –السياسي تهدف الى رفع المظالم و التحرر من الإستبداد ..
خاتمة القول , نقول أن النموذج الأموي –العباسي تكرر مع النموذج الأندلسي من حيث التحالف الطبيعي بين الفقهــاء و السلطة في تبادل المنافع و المصــالح بين القطبين بــل كان وضع الفقهــاء مخزيــا تجاه الأمة التي تريد تحقيق العدالة السماوية و المساواة بين البشر بتوافر شروط الكرامة الإنسانية . و يمكن القول أن العصور الإسلامية كانت عصور فقهاء السوء بإمتياز.



#بن_جبار_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النجاح : السير في دروب الفساد
- الشعب مهتم , الشعب غير مهتم
- لخبطة حقوقية


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بن جبار محمد - في النموذج الأندلسي