أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - قصه قصيره اولاد عزرائيل















المزيد.....

قصه قصيره اولاد عزرائيل


غازي صابر

الحوار المتمدن-العدد: 3448 - 2011 / 8 / 5 - 15:16
المحور: الادب والفن
    


شرطيان كانا يمسكان بذراعي ويسحبان جسدي المتهتك . فتحا باب السرداب المخصص لإنتزاع الأعترافات وقذفا بي كخرقة بالية أمام قدمي ضابط التحقيق. وبالكاد سمعت أحدهما وهويخاطب الضابط : -- سيدي ، هل تحتاج لمساعده ؟ – لقد حولنا جسده الى قطعة زرقاء ولم نترك مكاناً لك ، وقد تفارقنا روحه اليوم إذا لم يعترف بكل شئ . المرارة وطعم الدم الذي تيبس في فمي ورائحتهما العطنه يصلان حتى تجويف معدتي ، أشعر وكأنني تقيأت دماً . وأنا أدير لساني في فمي وإحاول أن أمسح الدم الذي تيبس فوق أسناني تيقنتُ إني فقدت إثنان .
كل قطعة في جسدي تؤلمني لإنهم لم يتركوا ألة أو عصاً إلا وضربوني بها ، وأشد إيلاماً كانت مقدمة أحذيتهم عندما تصدم بوجهي أو في إحدى المناطق الحساسة من جسدي الواهن .علقوني في المروحة الكهربائيه في سقف السرداب ، ربطوا يدي للخلف وشدوا وثاقي لحديد النافذة المغلقه ، أطفأوا سكائرهم في جسدي ، وكثيراً ما لسعوني بألة كهربائية لم ألفها من قبل ، كان يغمى علي لكنهم يوقضوني ويواصلوا التعذيب .ملابسي كلها ممزقه ولم أغتسل منذ إسبوع وقليل هي المرات التي قدموا لي فيها الطعام .
كل هذا بسيط عندي ، لكن طلب الشرطي للضابط بالحصول على حصته في تعذيبي كان أشد إيلاماً لي . ولكن لابأس فهو مجرد شرطي وكثيراً ما كان يتندر أبي ويقول لو كان ذراعي شرطياً لقطعته . هذا ما كنت أردده مع نفسي كي لاتنهار .
أبي ---- أه يا أبي في أي تربة دفنوك ؟
كان يضربني بدون رحمه ، وبمرور الأيام إيقنت إنه يتعلم في جسدي كيف يعاقب الأخرين ،وكثيراً ما كان أولاد المحلة يسألونني عن الزراق الذي يغطي جسدي ، كنت أرد عليهم : هذه الوان المرجله .وهذه الكلمه كان يرددها أبي على مسامعي وهو يجلدني بحزامه أو سوطه البلاستيكي الأسود .
ــ تجلد . إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب .
يعاقبني بالضرب أو الحرمان من الطعام أو يتركني في الظلام يوماً أو يومين . كل رجال المحلة كانوا يهابونه ويخافون غضبه . هو شقاوة المنطقه ، هو لايعتدي ولايضرب أحد بدون سبب . كانوا يسمونه نصير الضعفاء ، هو يحقد فقط على الشرطه وهم يبادلونه البغض . إختفى ولم نعثر على جثته . أخبرنا البعض إنه إغتيل وقذفوا بجسده في النهر . لم يترك لي إرث غير الصلابه والتجلد أمام الأخرين.
أمس قال لي الضابط الذي أتكوم أمام قدميه :
ــ غداً سأجعلك تنطق وتعترف بكل شئ .غداً سأمتطيك وستنظف بشاربيك كل عفونة السرداب .
إبتعد عني ،جلس فوق الكرسي ورفع قدميه فوق المنضده ثم أشعل سيكارته . وبالرغم من الورم الذي يحيط بعيني ويغطي كل وجهي إلا إنني كنت أميزه وأرى حجم التحدي في تقاطيع وجهه ، كان يشعر بنشوة النصر لإنه تمكن من الأمساك بي ويشعر بالغضب لإني لم أعترف له بما يطلب مني تأييده .
طوال أيام التعذيب وأنا أتـمسك بعبارة وكأنها كل ما تركه لي أبي من إرث .
ــ لن ينال مني وسنرى من هو الأقوى ، صامداً أنا ، وخلف القضبان تقف الأسودُ . شعرت بحاجة الى سيكاره .نفخ دخان سيكارته الى الأعلى ونظر بأتجاهي فشعرت بالحقد يتفجر في أعصابي ضده .الذئاب لا تأكل بعضها البعض . هذا ما كنت إردده مع نفسي .
ــ واجهت الكثير من أمثالك ، وهنا وفي هذه الغرفه كانوا يرتجفون ويبكون ويتوسلون مثل النساء ، يطلبون الرحمه والكف عن التعذيب .هم لايعرفون إن لهوي هو التعذيب ، أنت لاتعرف كم يسرني صمودك لإنك ستكون لهوي الدائم . ولاتعرف كم أحزن عندما يحضر ملك الموت الى غرفتي ويخطفك من بين أصابعي . يدي هاتين كم صفعت من الرجال وكم عذبت وكم قتلت من أمثالك ،مجرمون عتاة .مشيمش هذا الذي كان يقول : أمس كان صدام واليوم مشيمش هنا . والذباح الذي سالت دماء البشر من مديته مثل الأنهار . وقادر (حربه )هذا الذي كل يوم تغسل زوجته الدماء التي تلطخ عجلته وهو يخطف الرجال ويقتلهم ويقول لها إنه يعمل بذبح الخراف .وبائعي السمك الذين سرقوا البنوك في زمن الفوضى وتحولوا الى مقاولين كبار في البلد المنكوب ،وحميد إسبانه والصكاكه ، والحجي والأمير واليوم أنت أو أنتم الذين تلقبون بأولاد عزرائيل فمرحباً بك في ضيافتي .
لن أتركك تموت ،بل سأسقيك عذاب الموت جرعة جرعه ، فمثلك له الموت دفعة واحده رحمه وأنت لم ترحم ضحاياك ـ ـ ـ !
أشعل سيكارة إخرى وأبتعد عني قليلاً .كنت أغلي من الداخل فلم يجرأ رجل بشوارب ويقف أمامي هكذا ، رجال بقامات أطول من قامة هذا الضابط المتغطرس .هويشعر بالزهو والتجبر لإن الدولة والقانون الذي يتعكز عليه هو من يحميه . أه لو إنفردت به في زقاق أظلم لجعلته يندم على يوم ولادته ، ولجعلته يركع تحت قدمي وقد يتبول على نفسه قبل أن أغرس السوداء في معدته .، وقتها فقط سيرى عزرائيلي بعينيه وقد يأخذه معه بعد أن يسلم الروح خائفاً ومفزوعاً من غضبي .هو لايعرف كم قتلت وكم تذوقت من الدماء . عندما يثور غضبي أتحول الى حربة سوداء أو رصاصة حامية في مسدس كاتم أو الى رشقة من الأطلاقات أدمر فيها كل ضحاياي .
إنفش ريشك مثل الطاووس وتبختر في مشيتك فأنا مكبل اليدين وبجسد واهن وأنت يحرسك حشداً من الشرطة والذين يخافون رتبتك ولا يعرفون ما في رأسك من عفن.
هذا ما كنت إردده مع نفسي وأنا أتهيأ لما وعدني به .شرقتُ وغربتُ بأفكاري وأنا أحاول أن أخمن ما ينوي فعله معي اليوم . كنت أسأل نفسي ماذا سأفعل لو أنه ينوي إغتصاب رجولتي ؟ إستجمعتُ قواي لمثل هذه اللحظه وحتماً سأشتعل وسيتحول كل جسدي الى نار أحرق به هذا الضابط المتعجرف ومن سيحتمي بهم من الشرطه .كانت نيران الحقد والتجلد تفور في كياني حين طرق الباب أحد أفراد الشرطه وهو يحدث الضابط :
ــ سيدي . المدير يريدك مع الموقوف في غرفته .
قادوني الى غرفة المدير . وبعد أن أمرهم بالإنصراف وبقينا لوحدنا حدثني مهدداً إن هناك فرصة إخرى للحياة قد إتيحت لي ، وفي حال قبضوا علي مرة إخرى فلن يرحموا بقائي على قيد الحياة .
ــ إذهب فقد قررنا إطلاق سراحك .
في سيارة الأجره والتي أركبوني فيها وأعادوا لي حاجاتي ، رن تلفوني وكان على الخط من كلفني بالمهمه الأخيره مادحاً صمودي وإخباري إنه دفع الكثير كي يطلق سراحي ومردداً لاتنسى ـ ـ ـ
ــ لم يبق لك مال عندنا وعليك أن تدبر أحوالك في الأيام القادمه .



#غازي_صابر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الكريم بين عهدين
- قصص قصيره معاناة
- الطوق المحكم
- قصة قصيرة المعلم الأول
- التعميرو التخريب
- عيد العمال وذكريات الطفولة
- نجم والي وصحبه
- الزياره المشؤومة
- الحوار المتمدن إسم على مسمى
- الصراعات الإقليمية والعراق
- كركوك وقشة البعير
- خال الحكومه
- قصة قصيره الخشبه والمسمار
- كوارث الفكر القومي والطائفي
- قصة قصيرة المقابلة


المزيد.....




- -فنان العرب- محمد عبده يعلن إصابته بالسرطان
- ترام الإسكندرية و-أوتوبيس- القاهرة..كيف يستكشف فنان الجمال ا ...
- تردد قناة بطوط كيدز Batoot Kids 2024 بجودة HD وتابع أجدد الأ ...
- مسلسل المتوحش الحلقة 32 على قصة عشق باللغة العربية.. موت روي ...
- اخيرا HD.. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 ( مترجمة للعرب ...
- مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة عبر قناة الفجر الج ...
- -من أعلام الثقافة العربية الأصيلة-.. هكذا وصف تركي الفيصل ال ...
- خطوة جرئية من 50 فناناً امريكياً وبريطانياً لدعم فلسطين!
- الفنان محمد عبده يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان
- مش هتغيرها أبدا.. تردد قناة وان موفيز “one movies” الجديد 20 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غازي صابر - قصه قصيره اولاد عزرائيل