أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجح شاهين - حول المقاومة العراقية وحرب العصابات















المزيد.....

حول المقاومة العراقية وحرب العصابات


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1024 - 2004 / 11 / 21 - 12:20
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


هناك استراتيجية تطورت منذ زمن بعيد فيما يخص أسلوب مواجهة عدو يمتلك جيشاً منظماً وتفوقاً في العدة والعتاد. وقد اكتشف الثوار منذ أقدم الأزمنة أن المواجهة المباشرة لن تقود إلا إلى الفشل لأنها تعني إعطاء العدو الفرصة لاجتثاث قوى المقاومة نهائيا. وفي تاريخنا العربي يمثل الخوارج النموذج الأكثر بروزاً على اتباع استراتيجية مدمرة لا تقود إلا إلى الهلاك. وطريقة الخوراج تقوم على قناعة مفادها أن من الواجب مقاتلة الناطور وعدم الاكتفاء بالعنب. وهذه الطريقة مأخوذة على الأرجح من اعتقادهم البدوي البسيط والحرفي. وهو الاعتقاد الذي دفع واصل بن عطاء مؤسس الاعتزال أن يدعي عندما وقع في يد خارجية أنه مشرك، لأنه لو قال أنه مسلم لقتلوه، أما المشرك فقد كان بإمكانه أن يستفيد من النص المقدس:"وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله" وهكذا نجى بقدرته على الاستفادة من تفكيرهم الحرفي. انطلق الخوارج من الاقتناع بأن مرتكب الكبيرة كافر، وهو ما قاد في حينه إلى تكفير الأمة كلها على وجه التقريب. وانطلقوا أيضاً من أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان كل الوجوب، فشنوا حرباً معلنة طلبا لرضا الله والجنة كانت تنتهي كل مرة بمقتل بضعة آلاف منهم. وليس غريباً أنه على الرغم من قوة شوكتهم فإنهم زالوا نهائياً مع أواخر الزمن الأموي.
وفي تاريخنا أيضا توجد حركات الشيعة السرية التي اتصفت بتقديمها نماذج مذهلة للعمل تحت الأرض في ذلك الزمن المبكر. ومن أشهر الحركات الشيعية في هذا الإطار حركة أبو مسلم الخرساني التي نجحت في إسقاط الأمويين وحركة الفاطميين بقيادة المعز لدين الله التي نجحت في تأسيس دولة كبيرة عاصمتها القاهرة التي بناها قائدهم جوهر الصقلي. وهناك بالطبع حركات أخرى مهمة مثل القرامطة والإسماعيلية. علينا هنا أن نقر بأن النموذج الشيعي الثوري يذهل في دقته وإحكامه وقدرته على العمل في ظروف التخفي بغرض الانقضاض على الدولة في اللحظة أو اللحظات المناسبة.
وربما أن كثيراً من المحللين قد فسر النجاح الاستثنائي للمقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله بالعودة إلى مخزون الشيعة الهائل من الثورة في السر وأسلوب التقية الشائع عندهم، والذي كان يعني إبطان محبة آل البيت مع إظهار الكراهية لهم بغرض مقاومة أعدائهم.
وانسجاماً مع ذلك يمكن القول أن العراقيين يجب بحكم تشيعهم أن لا يقلوا عن اللبنانيين خبرة في إدارة معركة الثورة بكل ما تعنيه تلك الكلمة. لكن السلوك العراقي السياسي والاجتماعي، أي سلوك المواطن الفرد في الحياة اليومية، يتصف على عكس توقعاتنا بكثير من الخشونة والمباشرة والعلانية الأقرب إلى روح البادية بكل جلافتها.
لنلاحظ كيف بدا أن النظام العراقي يعمل بردات الفعل بشكل غريب. حتى أنه تم استدراجه دائماً، منذ ثورة عام 1958 وحتى اليوم إلى تبني مواقف لا يريدها أو على الأقل لم يكن قد خططها بدقة وروية. وقد لاحظناه يتخبط في السياسة بشكل هائل. وإذا اقتصرنا الملاحظة على حقبة البعث للاحظنا كيف انخرط النظام في حروب منذ مطلع السبعينيات مع إيران الشاه من أجل أراض حدودية. ثم رأينا كيف انهمك في حرب داخلية أتت على الأخضر واليابس على امتداد الثلاثين سنة الأخيرة من عمر القرن المنصرم.
وقد انتهى القرن بمغامرات عجيبة نفذها نظام البعث بقيادة صدام. وكان أبرزها حرب الثماني سنوات ضد إيران من أجل تحرير أراض عربية محتلة. ثم كان أن خاض حرباً أخرى من أجل تحرير الكويت. وخاض "أم المعارك" مع أن أحداً عاقلاً في العالم لا يمكن أن يوافقه في الرأي على خوضها لسبب جلي هو أنها حرب خاسرة لا مسوغ لها أبدا.ً
ولعل نظرة إلى السنوات الثلاثين الأخيرة تكشف بوضوح تام جوع العراقيين الذي لخصه السياب:
وفي العراق جوع
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع

وذلك بالطبع على الرغم من الخيرات العميمة التي تتمتع بها أرض العراق من قبل اكتشاف النفط وعائداته فكيف بعد أن غدا العراق بلداً نفطيا.
لقد كنا نظن مثل كثير غيرنا أن نظام البعث هو المصاب وحده بعمى ألوان سياسي يجعله عاجزاً عن قراءة أبسط المعطيات في الواقع الدولي أو المحلي أو العربي. وهو ما يؤدي به إلى تقديرات حمقاء لطبيعة القوى وميزانها واصطفافها. وهو في ذلك يفشل في قراءة الواقع وتحولاته ولذلك فهو لم يتقبل مطلقاً فكرة أن عليه أن يحسب العالم وميزانه بدون روسيا الشيوعية التي كان يكرهها حد الموت، ومع ذلك يتكئ على وجودها لحماية نفسه من الكبار إذا لزم الأمر.
ولأن النظام السابق أقام أبنيته على أرض رملية متحركة كان يظنها اسمنتاً مسلحاً فإنه في الواقع ألقى بنفسه في التهلكة حتى وقع على جذور رقبته فكسرها وانتهى أمره من الدنيا.
جاءت المقاومة العراقية أسرع وأشجع من تقديرات الكثيرين. وقد برهنت بسرعة أن الأمريكان بدورهم أساءوا تقدير الواقع العراقي الذي لم يفشل فقط في إحضار الزهور للترحيب بالجيش المحرر ولكنهم في الواقع سرعان ما دخلوا مع ذلك الجيش المحتل في حرب ضروس ذكرت بالماضي الفيتنامي القريب.
وقد لفت النظر بسرعة منطقة بغداد وما حولها خصوصاً باتجاه الشمال، وهو ما بات يعرف بالمثلث السني. ومتأخراً قليلا دخل الجنوب الشيعي على خط المقاومة. وفي الوقت الذي تمكن فيه المثلث من إلحاق خسائر جدية وكبيرة بالمحتلين فإن الجنوب بمدنه المقدسة لم ينجح في أكثر من جر الموت والدمار والويلات على نفسه. وقد اتضح بسرعة أن زعيم المقاومة هناك الشاب الصغير مقتدى الصدر لا يملك خبرة كبيرة في الحرب. كما اتضح أنه لا يملك العتاد ولا الرجال المدربين، وهو ما جعل حربه ضد الأمريكان مشروعاً لقتل الذات لا أكثر. كانت مقاومة مدنية شبه عزلاء تدعي أنها مقاومة مسلحة لمجرد أنها تحمل بعض البنادق القليلة. والكل يعلم السيناريو الحزين الذي انتهت إليه مقاومة الصدر على الرغم من الإخلاص وجسامة التضحيات.
والواقع أننا بالغنا في تقدير خبرة المثلث السني بعملية مواجهة الأمريكان بوصفهم القوة التقليدية وغير التقليدية الأولى من نوعها في التاريخ. فقد تمكنوا من كسب جولة هنا وأخرى هناك، لكن يبدو أنهم لم يفكروا في خواتيم الأمور. ومن الواضح أن إصرارهم على التمركز في مدينة أو منطقة معينة يجعلهم عرضة لهجوم أمريكي في وضح الشمس كمن يضع دباباته مكشوفة للعدو دون غطاء جوي في صحراء مكشوفة فيدمرها بأسهل الأثمان. ولعل هذا بالذات هو ما فعله صدام حسين في العالم91 أثناء ما اسماه أم المعارك.
قوى المقاومة في المثلث السني مسلحة جيداً ما في ذلك من شك. وهي مدربة تدريباً واضحاً على القتال كأنها جيش نظامي. ولكنها من هذه الناحية بالذات سوف تخسر الحرب لا محالة. إذ أن نقطة ضعفها هي أن العدو أضخم منها عدداً وتسليحاً. ولذلك فإن عليها أن تعيد اكتشاف أساليب حرب العصابات وأن تسعى لتطويرها بما ينسجم مع الحالة العراقية التي يعرف العراقيون عنها بكل تأكيد أكثر من غيرهم. وإذا لم تسرع إلى ذلك فإن استمرار المقاومة يتعرض لخطر وشيك. ولن ينفع لأسفنا الشديد ميل العراقيين المذهل للتضحية والشهادة.فلا بد أن الحق في حاجة إلى القوة الذكية لكي ينتصر. فالثورة قبل كل شيء فن، كما سبق لبعض الثوار أن أوضح.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا مكان للاعتدال في إدارة بوش
- من رام الله إلى الفلوجة
- جونسون روح،نيكسون جاء
- رعب المواطن من غياب - أبوعمار-
- أسس الحرية في الذهنية الفلسطينية
- كيف تمت عملية التسجيل للانتخابات الفلسطينية؟
- ميتافيزيقا التفجيرات في طابا
- الحق في عدم التسجيل
- اختراعات وكالة الغوث الدولية
- قاطعوا التسجيل للانتخابات
- حول موضوعة الانتخابات
- إسرائيل لن تبقي ولن تذر
- الوطن يسع الجميع نحو حقوق إنسان بمشاركة القادة الدينيين
- عذاب الجسور تحية لشرطي المعابر على الرغم من المعاناة
- المرأة والعنصرية
- الماء أولاً، الحريات الغربية أخيرا
- يقتلون ويبتسمون
- إرهاب الاحتلال وإهاب المقاومة ومجموعة ال55
- ما جرى في أبي غريب ليس بغريب
- ماذا بعد الرنتيسي؟


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ناجح شاهين - حول المقاومة العراقية وحرب العصابات