أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله أبو شرخ - الإصلاح الديني بين الملحدين والسلفيين !















المزيد.....

الإصلاح الديني بين الملحدين والسلفيين !


عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)


الحوار المتمدن-العدد: 3431 - 2011 / 7 / 19 - 18:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لاحظت من مقالتي السابقة المعنونة " في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام " أن معارضة تبدت من الليبراليين (الملحدين ) لأنهم وحسب وجهة نظرهم لابد من الانتهاء من الدين نهائياً وليس فصله عن الدولة فحسب. السلفيون بالمقابل وفي إشارة من أحد المعلقين وصفوا محاولتي تلك لطرح ضرورة الإصلاح بالمروق من الدين !!

إن مسألة التخلص من الدين والمعتقدات هي مهمة مستحيلة علاوة على كونها غير مطلوبة، فالمعتقدات ضرورية لكي يفسر بها الناس البسطاء ضرورة وجودهم وكيفية نشوء الكون، وأغلب الظن أن المعتقدات ذاتها لم تكن عائقاً أمام تطور اليابان أو أمريكا التي تصنف كدولة مسيحية متشددة من الطراز الأول رغم علمانيتها. إذن محاولات الليبراليين الملحدين وتصوراتهم أنه يمكن القضاء على الدين مبنية على وهم لن يتحقق على أرض الواقع، وأعتقد أنهم ضلوا السبيل فيما يتعلق بطرح مشروع نهضوي ممكن التنفيذ.
المطلوب تحديداً لأي مشروع نهضوي أن يتم تكوين وإنشاء دول ينفصل فيها الدين عن الدولة وشئون السياسة، وأن يظل الدين شأناً شخصياً للتعبد.

لكن ماذا يقول السلفيون والأصولية الدينية عامة ؟! يقولون أن الحاكمية يجب أن تكون لله ( أي لهم هم بوصفهم الممثل الحصري والوحيد للإرادة الإلهية )، ومعنى الحاكمية هنا ليست الحكم بمعنى السلطة بل معنى الحكم هو الفصل في الخصومات بين الناس وإصدار الأحكام القضائية. أما الحكم بمعناه الحديث الذي يعني السلطة فقد ورد في القرآن بمعنى الأمر ( وأمرهم شورى بينهم، وشاورهم في الأمر، ومنها الأمير بمعنى صاحب السلطة ). لكن السلفيون يؤكدون أنه حتى لو كان هذا الكلام صحيحاً فلابد من دولة إسلامية هي دولة الخلافة لكي تقيم شرع الله في الأرض وأن كل من يعارض هذا المطلب هو كافر مارق زنديق وصليبي وعميل صهيوني !

ينبغي على المصلح الديني إذن أن يحارب في جبهتين، جبهة الليبرالية الملحدة التي ترفض الإصلاح وتفضل هدم الدين من أساسه، والجبهة السلفية الأصولية " الوهابية خصوصاً " التي تنظر بعين الشك والريبة والتكفير لكل من يهدد مصالحها، فماذا سيعمل رجال الدين الأثرياء لو تم فصل الدين عن الدولة وتم العمل بدستور مدني ديمقراطي يتوافق مع الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان التي تبنتها جميع الأمم المتقدمة ؟!

لكن والحق يقال، فإن ثمة فارقاً هاماً بين الجبهتين الليبرالية الملحدة والأصولية، فالليبراليون الملحدون يؤمنون بالديمقراطية وحرية الرأي وليس لديهم أسلحة للتفكير والاغتيال، بعكس الأصوليين الذين يشرعون بتكفير بعضهم وتكفير الآخر عندما يهدد مصالحهم بل والأخطر من ذلك أنهم يؤمنون بقتل المعارضين كما حدث مع د. فرج فودة الذي طرح مشروع الدولة المدنية وفصل الدين عن الدولة ولم يطرح تدمير الدين أو الخلاص منه كما توهم البعض.

إذن المواجهة الحقيقية هي مع السلفية الوهابية التي ترى أن جميع النصوص الدينية من قرآن وحديث وسيرة وإجماع هي نصوص صالحة لكل زمان ولكل مكان وأنه لا يجوز المساس بها أو مناقشتها عقلياً لأن العقل يقود إلى استخدام المنطق والزندقة !

لقد بدأت محاولات الإصلاح الديني مبكراً في العالم الإسلامي على يد المعتزلة الذين قالوا بأنه لو تعارض حكم النص مع حكم العقل نلجأ لحكم العقل، أي نترك النص، وكانت تلك مقدمة لتكفيرهم رغم إيمانهم بخالق الكون ونبوة محمد، ورغم أنهم كانوا أول من رد على بدع الخوارج وأضاليلهم.
من جهة أخرى فإن الفيلسوف والعالم ابن رشد كان يرى أن هنالك نوعين من معرفة الحقيقة: المعرفة الدينية المتعلقة بالعقيدة وهي لا يمكن إخضاعها لفحص أو تمحيص أو مراجعة، ثم الفلسفة التي رأى أنها لا تتعارض مع الدين. يحترم الغربيون ابن رشد عرفاناً منهم بما قدمه من شروحات لفلسفة أرسطو.
المهم في الأمر أن نهاية ابن رشد على يد الأصوليين كانت وخيمة، حيث تم تكفيره وإحراق جزء كبير من مؤلفاته !

ما أود قوله هو أن الإصلاح الديني من حيث المبدأ ليس طارئاً ولا حادثاً جديداً على المسلمين، إنما يجب التأكيد على أن الغلبة كانت طوال 14 قرناً لأصحاب النقل على العقل، وأن تلك الغلبة لم تكن لتتحقق إلا بالاغتيال وحرق المؤلفات والاستقواء بالعامة والغوغاء على أهل العلم والحكمة.

أوروبا سارت في طريق العقل، وأخضعت النصوص الدينية للنقد وللمحاكمة المنطقية، أما نحن فقد سرنا في طريق الجمود وتعطيل العقل وتكفير المشتغلين بالفلسفة والمنطق، والنتيجة كانت تطور الأوروبيين ونجاحهم الباهر في بناء مجتمعات مستقرة وآمنة اقتصادياً وتتمتع بالعدالة الاجتماعية والمساواة في مقابل بقاء الشعوب الإسلامية تلوك " حرفياً " كلام القرون الوسطى والخرافات، ينهش مجتمعاتها الفقر وتفترسها الأمية، في غياب أي حراك حقيقي وأي مشاركة للأمم الأخرى في الإنتاج والإبداع العلمي والاقتصادي والثقافي.
إن مسألة الإصلاح الديني باتت اليوم ملحة أكثر من أي وقتٍ مضى، فنحن بحاجة مثلاً إلى اجتهادات ضرورية لتحديد النسل في ظل الزيادة المجنونة لتعداد السكان وارتفاع نسبة البطالة لاسيما وأن الأعوام المقبلة ستشهد زيادة كبيرة في أسعار الحبوب واللحوم والمنتجات الغذائية بأنواعها، فإذا كان الفقراء اليوم لا يجدون قوت يومهم ولا سكن يأويهم ولا رعاية صحية مناسبة فكيف في المستقبل ؟! لقد سبق وقال علي بن أبي طالب " من البلاء كثرة العيال دون موئل " فلماذا نفضل " تناسلوا تكاثروا " ؟!
لا يجب أن تؤخذ مسألة النصوص إلا بتاريخيتها التي قيلت حينها، فكثير من النصوص قيلت لأسباب معينة لم تعد قائمة اليوم، ثم استجدت علينا تحولات كثيرة لم تكن قائمة زمن كتابة وتدوين النصوص، فمثلاً معظم الدول الإسلامية اليوم ( عدا السعودية ) لا تقطع يد السارق ولا تجلد شارب الخمر، ذلك لأن جوقة الأمم الراقية قد أقرت قوانين عقوبات تقضي بسجن السارق لإعادة تأهيله لا بقطع يده وحرمانه من العمل إلى أبد الآبدين.
كذلك فقه العبيد والجواري لم يعد له لزوم في عصرنا اليوم حيث تحرر العبيد على يد الرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن عام 1861 بعد قتال وحرب أهلية مريرة، أما الإخوة المسيحيين فهم شركاء الوطن على قدم المساواة ولم يعودوا أهل ذمة نطالبهم بالجزية وهم صاغرون.

ينبغي على الثورات العربية ألا تكتفي بإسقاط رأس السلطة أو محاكمة أزلام النظام، بل تعتبر ذلك مجرد مقدمة للشروع في بدء بناء الدولة المدنية الحديثة التي تلغى فيها جميع مناهج المدارس ويتم إقرار مناهج جديدة ترتكز على فلسفة تربوية تنموية إبداعية، لا على حفظ مسطورات القرون الوسطى وتلقينها بقوة القهر، ذلك أن العقل المبدع لا ينمو في مناخ القهر والاستبداد بل في مناخ الحرية والتعددية الفكرية والثقافية.

في الختام، يجب صياغة دستور مدني ديمقراطي يأخذ بالاعتبار ضرورة الإصلاح الديني ( ويعتبر التدين شأنا شخصياً ) ويتم تعليمه بصورة مبسطة في المدارس لكي يصبح كل مواطن عالماً بكافة حقوقه وواجباته نحو المجتمع والدولة، ودون ذلك فإن هذه الثورات ستعيد إنتاج التخلف من جديد وستذهب هدراً كل الدماء والتضحيات الجسيمة.



#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)       Abdallah_M_Abusharekh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام !
- السلفيون وتاريخية النصوص الدينية
- أطفال في قلب الحصار !!
- تهانينا للإسلاميين !!
- عن التفكير الناقد
- متى نعترف بالتخلف وأسبابه ؟!
- عن أوهام الإعجاز العلمي مجدداً
- يهودية الدولة هي المشكلة الحقيقية !!
- لماذا تقدم المسلمون في العصر العباسي الأول ؟!
- النكبة: عذاب يستمر وجذوة تشتعل !
- جرائم الفكر السلفي قتلت أمة بأسرها !
- الدماغ Brain والعقل Mind .. ما الفرق ؟!
- أي مستقبل للسلفية الجهادية ؟!
- مصر الجديدة وغزة ومجرد سؤال
- في الأول من أيار: الحركة العمالية والربيع العربي
- سيف التفكير وسيف التخوين
- على إسرائيل أيضاً أن تتغير !
- العرب بعيون يابانية: متدينون جداً .. فاسدون جداً !!
- إسرائيل ليست علمانية ولا ديمقراطية !
- تاريخ الإسلام لم يعرف التداول السلمي للسلطة


المزيد.....




- المرصد الفرنسي للهجرة: الجزائريون أكثر المهاجرين تمسكا بالهو ...
- فرحة العيال رجعت.. تردد قناة طيور الجنة toyour eljanah 2024 ...
- المقاومة الإسلامية للعراق تستهدف ميناء حيفا بأراضي فلسطين ال ...
- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- قمة إسلامية في غامبيا وقرار منتظر بشأن غزة
- بالفيديو.. الرئيس بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية الم ...
- استعلم الآن … رابط نتيجة مسابقة شيخ الأزهر 2024 بالرقم القوم ...
- شاهد.. الغزيون يُحَيُّون مقاومة لبنان الإسلامية والسيد نصرال ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف بيّاض بليدا والراهب والرا ...
- الاحتلال يقيد وصول المسيحيين لكنيسة القيامة بالقدس في -سبت ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبدالله أبو شرخ - الإصلاح الديني بين الملحدين والسلفيين !