أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مصر: من استبداد الدولة الى استبداد الفوضى















المزيد.....

مصر: من استبداد الدولة الى استبداد الفوضى


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3377 - 2011 / 5 / 26 - 05:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

لا يفزعن أحدٌ مما يجري الآن في مصر وتونس، بعد نجاح هاتين الثورتين. ففيزياء وكيمياء الثورات في التاريخ، تؤكد لنا أن "استبداد الفوضى" يأتي عادة بعد سقوط استبداد الدولة. وقانون الثورات، يؤكد أن "استبداد الفوضى" يتبع استبداد الدولة. بل إن "استبداد الفوضى" يأتي كرد، أو كرجع الصدى لاستبداد الدولة.

-2-

ولو أخذنا أشهر ثورة في التاريخ، وهي الثورة الفرنسية 1789 ، لوجدنا أن سقوط دولة الاستبداد لآل البوربون، قد أقام دولة استبداد الرعاع. فتحوَّلت ثورة 1789 إلى حكم الإرهاب، ثم حلَّ بعده انقلاب ترميدور، وقيام الإمبراطورية التي أدّى سقوطها إلى عودة الملكية. وكان على الفرنسيين أن ينتظروا حتى نهاية القرن التاسع عشر كي تقوم الجمهورية الثالثة التي أسقطتها الهزيمة العسكرية لفرنسا في 1940. وقامت حكومة "فيشي"، التي دعمها النازيون، وأسقطتها المقاومة الفرنسية بقيادة ديجول.

-3-

وعلينا أن نفهم، ونتقبَّل كذلك، بوعي وإدراك، بعد تأمل عميق للتاريخ، أن الثورة لا تنتج لنا دائماً الديمقراطية. وأن الديمقراطية ليست دائماً وليدة الثورة. بل على العكس من ذلك. فالثورة، يمكن لها أن تلد لنا دكتاتورية جديدة. ولعل الثورة البلشفية 1917 ، أكبر مثال على ذلك، حين أدت هذه الثورة الى دكتاتورية الحزب الواحد، وهو الحزب الشيوعي. وكانت نتيجة ذلك، انهيار الاتحاد السوفيتي 1989 ، بعد أن أصبح إحدى القوتين العظميين في التاريخ الحديث، وإمبراطورية عظمى، تسيطر على كل أوروبا الشرقية. كذلك كان الأمر في اسبانيا 1936. أما في العالم العربي فأكبر مثال على ولادة الثورة للدكتاتورية، هو الثورة المصرية 1952 ، التي أدَّت الى قيام دكتاتورية عبد الناصر، والتي كان لها آثارها المدمرة، ليس على مصر وحدها، ولكن على معظم أنحاء العالم العربي، وخاصة السودان، وليبيا، وسوريا، واليمن، التي قامت فيها دكتاتوريات مروِّعة، جعلت الشعوب تطلق شآبيب الرحمة على العهود الملكية، أو العهود السابقة للثورات، التي حصلت في هذه البلدان. وتذكر "أيام زمان" بالخير واليُمن والبركات. وعبَّر عن كل هذا الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي، في مقاله، في جريدة "الأهرام"، 17/5/2011 ، بعنوان: "صفاً واحداً في وجه الهكسوس الجُدد"، قال فيه:

" انقلاب يوليو 1952، دمَّر كل الأسس، التي قام عليها الوعي الوطني. فقد حلَّ الأحزاب، التي قادت حركة النهضة، وألَّفت بين عناصر الأمة، ما عدا جماعة الإخوان المسلمين، التي تحالفت مع ضباط الانقلاب، وأرادت أن تقتسم معهم السلطة، فاصطدمت بهم. وأُوقف العمل بالدستور. وفُرضت الرقابة على الصحف. وُجرد المثقفون من سلطتهم الفكرية والأخلاقية بالترهيب، والترغيب."

-4-

ماذا يجري في مصر الآن؟

وهل هذه الفوضى، هي من فيزياء وكيمياء الثورات في التاريخ.

والجواب: نعم، أن مصر في فوضى. لا أحد يستطيع إنكار ذلك، ومن ينكر ذلك، فهو إما أعمى، أو أصم. والدليل الجديد لهذه الفوضى، قرار محكمة جنايات القاهرة في 21/5/2011 تأجيل محاكمة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وستة من قيادات وزارة الداخلية السابقين والحاليين إلى جلسة تُعقد في 26/6/2011.
وجاء قرار التأجيل في ضوء الفوضى العارمة، وعدم انضباط الجلسة، حيث اشتبك عدد من المحامين مع قوات الأمن، الذين منعوهم، ومنعوا الإعلاميين من دخول القاعة.

أما المظاهر الأخرى المختلفة لهذه الفوضى، فهي:

1- غنيٌ عن القول، أن انفلات الشارع المصري، وانتشار البلطجة فيه، من علامات هذه الفوضى، بعد أن أصبح المواطن المصري غير آمن على نفسه، ولا على أهله، ولا على بيته. ومن مظاهر عدم الأمان هذا، أن المواطن المصري، أصبح يخشى الفصل التعسفي، نتيجة لاتهامه بأنه كان عضواً في الحزب الوطني الحاكم سابقاً، أو على الأقل، كان يتعاطف مع هذه الحزب. وهو ما اتبعته ثورة 1952 ، حين عزلت سياسياً كافة الأحزاب، وزعماء هذه الأحزاب، عن الحياة السياسية، بل سجنت قسماً منهم.

2- فوضى وسائل الإعلام الرسمي والخاص والحزبي، الذي أخذ يكيل التهم بلا حساب لرجال عهد مبارك السابق، دون أن ينتظر نتائج التحقيقات والمحاكمات التي ستتم قريباً. مما أثار غضب وانفعال الكثير من الكتاب المصريين العقلاء، ومنهم لميس جابر، التي قالت في مقالها الأخير ("عن الإدانة والإعلام.. وهيكل والأحلام"، في جريدة "المصري اليوم"، 21/5/2011 ):

" نفسى أفوق شوية من التعذيب الإعلامي، الذي ينفجر فى صوت واحد، واتجاه واحد، وتأليف واحد.. تلطيش، وصراخ، وشتائم، وسباب، وقذف. بلا قانون، ولا حق، ولا ضابط، ولا رابط، لأننا فى عصر الحرية. ارحمونا.. خلاص يا إخوانا أصحاب الصحافة والإعلام والأقلام، تمَّ المطلوب وزيادة. كان المطلوب هو مرمطة رئيس الدولة، وزوجته، وأسرته، وباقي رجال ونساء المرحلة كلها، وليس المحاكمة، ولا الحساب."

3- استقواء السلفيين والإخوان المسلمين بالمجلس العسكري الأعلى، الذي يشاهد أعمال البلطجة التي يقوم بها السلفيون، ولا يحرك ساكناً حازماً. وهم من وصفهم الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي بـ "الهكسوس الجُدد" في مقاله السابق في جريدة الأهرام، 17/5/2011 ، في تعليقه على الفتنة الطائفية، في أحداث إمبابة، قال فيه:

"لا أظن أن التسميات التي كنا نطلقها علي ما كان يقع بين المسلمين والمسيحيين المصريين من حوادث يصلح لأن نطلقه علي ما حدث أخيرا في إمبابة‏.‏ فالذي حدث في إمبابة ليس مجرد فتنة، أو غزوة سلفية، أو جريمة مدبرة‏. وإنما هو دليل قاطع علي أن الكيان الوطني المصري كله أصبح ضعيفا متهافتا قابلا للتصدع والانهيار. و،الحل في التصدي لهذا الوعي الزائف وتطهير البلاد منه، والدفاع عن مدنية الدولة، والوقوف بحزم ضد خلط الدين بالسياسة، وإصلاح مناهج التعليم، وإعادة تأهيل أئمة المساجد، وأن تتحد القوى الديمقراطية، وتقف صفاً واحداً في وجه الهكسوس الجُدد!"

4- الثورة سهم مُنطلق. فنحن نعرف نقطة انطلاقه، ونتحكم بها، ولكننا لا نعرف نقطة نهايته ولا نقدر التحكم بها. وهذا ما يخلق الفوضى واستبدادها. ومثال ذلك يكمن في أقوى وأوسع تنظيم سياسي مصري الآن وهو "جماعة الإخوان المسلمين" الذين يتغيرون ويتبدلون كل يوم متناقضين، ولاعبين سياسيين ماكرين. فيقولون بالدولة المدنية التي لا يؤمنون بها، ويتحدثون عن الحرية والديمقراطية، لكنهم يخططون لاستبداد ديني، بعد أن تنقشع غمامة استبداد الفوضى الحالية، وبعد انهيار استبداد الدولة المدنية السابقة.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا تتحول الثورات الى أزمات!
- يا كاهنة المعبد: كفى عبثاً!
- لماذا كانت وعود الدكتاتوريات كاذبة؟
- لنتعلم قليلاً من أخطاء الثورات في التاريخ
- حطمنا طوطم الإرهاب.. فماذا عن تفسير الظاهرة؟
- ماذا عن ثعالب الغابة الأخرى؟
- من مظاهر غباء الدكتاتوريات العربية
- لماذا تخلو بعض الثورات من المفكرين والفلاسفة؟
- لماذا تخلو بعض الثوؤات من المفكرين والفلاسفة؟
- عندما ترتدي الدكتاتورية جلود الحملان وتستعطف!
- أسئلة المستقبل المصري بعد ثورة 25 يناير
- الثورات والمفكرون والحريات
- ليبيا: من ثورة بيضاء الى حرب دموية!
- ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟
- عسل الدكتاتوريات المُرّ!
- الدكتاتوريون الكاريكاتوريون
- الإعلام المصري قبل وبعد 25 يناير
- في التحليل النفسي لظاهرة شباب الثورة
- ضباع الدكتاتورية والفساد في سوريا والعراق
- متى؟ وكيف؟ ولماذا تندلع الثورات؟


المزيد.....




- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية
- إسرائيل.. الشمال يهدد بالانفصال
- سوريا.. الروس يحتفلون بعيد النصر
- إيران.. الجولة 2 من انتخابات مجلس الشورى
- مسؤول يؤكد أن إسرائيل -في ورطة-.. قلق كبير جدا بسبب العجز وإ ...
- الإمارات تهاجم نتنياهو بسبب طلب وجهه لأبو ظبي بشأن غزة وتقول ...
- حاكم جمهورية لوغانسك يرجح استخدام قوات كييف صواريخ -ATACMS- ...
- البحرين.. الديوان الملكي ينعى الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - مصر: من استبداد الدولة الى استبداد الفوضى