أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - إشلون الأميركية وإشلون الفرنسية صراع المخابرات عبر الأقمار الصناعية















المزيد.....



إشلون الأميركية وإشلون الفرنسية صراع المخابرات عبر الأقمار الصناعية


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 222 - 2002 / 8 / 17 - 05:37
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


 

كيف تتنصت فرنسا على العالم

من أولويات المخابرات الفرنسية : التنصت على الاتصالات التي تنقلها الأقمار الصناعية . فمنذ عشرة أعوام افتتحت شعبة المخابرات الفرنسية الخارجية DGSE عدة قواعد في داخل الأراضي الفرنسية  والدوم توم لاقتناص المكالمات والاتصالات والتقاطها . كيف تعمل هذه القواعد السرية، التي نشرت صورها مؤخراً ؟ على من تتنصت وتتسمع ؟ وما هي النتائج التي حققتها ؟ وهل يمكن لهذه الآذان الكبيرة أن تهدد الحياة الخاصة للمواطنين؟
ذلك هو أحد أكبر مراكز التنصت واستراق السمع للاتصالات في العالم . في هذا المركز  السري الذي تحرسه طائرات الميراج والكلاب البوليسية المدربة والأسلاك الشائكة المكهربة ، ينتصب ثلاثة عشر صحن لاقط عملاق تتجسس على المكالمات والاتصالات اللاسلكية التي تنقلها الأقمار الصناعية ليلاً نهاراً وبدون تمييز، أي التنصت على كافة الاتصالات الدولية  المرسلة عبر الأقمار الصناعية .
أين يقع هذا المركز أو أين تتواجد هذه القاعدة السرية التي نشرت مجلة نوفيل أوبسيرفاتور  صورها مؤخراً؟ هل توجد في الولايات المتحدة الأميركية أو روسيا ؟ كلا بل توجد في منطقة البيريغورد Périgord في مقاطعة الدومDoom  قرب مطارا السارلا وتسمى رسمياً " المركز الراديو الكهربائي Centre Radooélectrique وهنا تقوم شعبة المخابرات الفرنسية لمكافحة التجسس DGSE  ، بمراقبة مئات الالاف من المكالمات والاتصلات والنقاشات والحوارات  يومياً بالإضافة إلى مئات الآلاف من الرسائل الالكترونية الـ E-Mail أو الفاكسات ، إنها المركز  الرئيسي للآذان الكبيرة  للجمهورية .
وهو ليس المركز الوحيد ، فعلى غرار الولايات المتحدة الأميركية والدول الأنجلو ساكسونية المرتبطة بها ، قامت فرنسا في السنوات العشرة المنصرمة بتشييد شبكة عالمية لالتقاط  الاتصالات الدولية والتنصت عليها والتي تأكد وجودها بعد نشر صورها في الصحافة الفرنسية .هناك ثلاث مراكز أخرى تابعة للـ DGSE أحدها يحمل اسم مشفّر هو فريغات Frégat  مخبأ في الغابات الـ guyanaise  في قلب المركز الفضائي في الكوروkourou  المركز الثاني أنتهي العمل فيه سنة 1998 على حافة منحدر Dziani Dzahaفي الجزر الفرنسية في المايوت Mayotte  في المحيط الهندي ويدير المركزين المخابرات الفرنسة بالتعاون مع الـ BND  المخابرات الألمانية . المركز الثالث يوجد في الضاحية الغربية لباريس في هضبة أورجيفا في منطقة الـ  Alluets-le-Roi ويصل مجموع الهوائيات اللاقطة إلى أكثر من ثلاثين تغطي معظم مناطق الكوكب باستثناء شمال سبيريا وجزء من منطقة الباسيفيك .
وستتفتح قريباً محطات تنصت أخرى . فتوسيع شبكة التنصت  والتقاط الاتصالات الفضائية ( عبر الساتلايت ) " التي تنقلها الأقمار الصناعية " هي إحدى أولويات الـ DGSE ، كما أورد مدون ميزانية الدفاع لسنة 2001 جون ميشيل بوشرون . ومن أجل هذه الغاية ، تمتلك شعبة المخابرات الفرنسية في كل سنة إمكانيات مالية متزايدة . فهناك محطة جديدة قيد الإنشاء في هضبة آلبيون حيث تختزن فرنسا  الصواريخ النووية قبل تفكيك مخزن الغلال الذي كان قائماً هناك ومحطة خامسة مازالت في طور المشروع على القاعدة الجوية ـ البحرية  في تانتوتا Tantoutaفي كاليدونيا الجديدة .
بالطبع إن هذا الكم كان ، وسيبقى ، أقل قوة  وكفاءة من النموذج الأنجلو ساكسوني الذي سبق التطرق إليه قبل بضعة أشهر والذي يسمى " إشلون " فمحطة التنصت الأميركية NSA أغنى بثلاثين مرة من نظيرتها الفرنسية ،المسماة الإدارة التقنية  للمخابرات الفرنسية DGSE . فالأولى تستخدم 38000 شخصاً بينما الثانية تستخدم 1600 . والمحطة الفرنسية التي يسميها الأنجلو – ساكسون  " الفرينشلون  Frenchelon ، أي إشلون الفرنسية " ليست اقل تهديداً للحياة الخاصة والحميمية للناس بما في ذلك حياة الفرنسيين أنفسهم من نظيراتها  الأنجلو ساكسونية، لأنهم عرضة للتجسس أيضاً .والسبب : هو أنه كلما مرّت الاتصالات عبر أحد الأقمار الصناعية الموضوعة تحت المراقبة من قبل محطات وقواعد الدوم وكورو ومايوت ، فإن اتصالاتنا مع الخارج أو الأراضي الفرنسية البعيدة يمكن  التقاطها والاستماع لها وتسجيلها وتوزيعها من قبل المخابرات الفرنسية  الـ  DGSE دون أن يكون لأي لجنة إشراف حق التدخل أو إبداء الرأي . وهو أمر فريد من نوعه في الغرب .
كل الدول الديموقراطية المزودة  بمحطات استماع وتنصت " فضائية أو من خلال الأقمار الصناعية " قد وضعت حدود وقوانين وهيئات إشراف بغية حماية مواطنيها ضد تطفل  هذه " الآذان الكبيرة " كل الدول الديموقراطية ،المانيا والولايات المتحدة الأميركية على رأسها ، فيما عدا فرنسا .
بالرغم من أن فرنسا تتجسس على اقمار الاتصالات الصناعية من ثلاثين عاماً . في العام 1974 في منطقة الدوم ، في موقع مركز التقاط اتصالات الراديو التي وضعتها المخابرات الفرنسية التي كانت تسمى سابقاً الـ Sdece    وهي الأصل السابق للـ  DGSE ، تم نصب أول صحن لاقط  كان قطره يبلغ 25 متر ومازال موجوداً لحد الآن .وتبعه هوائيات وصحون لاقطة عملاقة أخرى فيما بعد : " في البداية لم يكن هناك سوى بضعة اقمار صناعية( الأنتيل سات IntelSat) " كما يوضح عميل سابق في الإدارة التقنية التباعة للمخابرات الفرنسية الخارجية :" كان بإمكاننا أن نمتص و نشفط  أو نسحب  جزء مهم من الاتصالات الدولية " ولكن في عام 1980 انفجر تكنيك التلفون العالمي وتضاعفت الأقمار الصناعية التي تدور في فلك الأرض مثل : أوتيل سات ، مولنيا ، أنمار سات ، بانام سات ، ، عرب سات ، الخ .. " وسرعان ما تضخم حجم الاتصالات وتجاوزنا " كما يروي هذا المسؤول المخابراتي السابق الكبير " وهكذا وجد مركز الدوم نفسه متخلفاً من ناحية التجهيزات والاستعدادية وصار مثيراً للسخرية أمام هذا الزخم الهائل من الاتصالات ونحن في DGSE  أصبحنا محط استهزاء زملائنا الأميركيين والبريطانيين " .
في العام 1984 حثّ رئيس المخابرات  الفرنسية الجنرال لاكوست  الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران وقال له " نحن بحاجة إلى محطة التقاط أخرى " ففرنسا ، حسب تأكيده ، تمتلك موقعاً مثالياً لهذا النوع من العمليات ألا وهو المركز الفضائي في كورو فهو قريب من خط الاستواء أي في أفضل موقع للتنصت على الأقمار الصناعية والتقاط اتصالاتها المتمركزة كلها هنك تقريباً . وتقع القاعدة على بعد بضعة كيلومتران من محطة إطلاق صواريخ آريان الفرنسية حيث لاتثير هوائياتها وصحونها اللاقطة الانتباه . ومن ثم فإن التجسس الصناعي  والاقتصادي احتل الأولوية الجديدة لدى المخابرات الفرنسية وأصبحت الولايات المتحدة الأميركية هي الهدف الرئيسي . والحال أن الأقمار الصناعية التي تحوم فوق الولايات المتحدة الأميركية وتغطيها توجد في فلك يقع فوق منطقة الغيان الفرنسية Guyane .
ومن أجل تقاسم التكاليف وترسيخ وتعزيز التحالف الفرنسي الألماني اقترح الجنرال لاكوست إقامة تعاون مع المخابرات الألمانية الـ BND وإشراكها بهذه المغامرة . كان العمل المشترك سهلاً لا سيما وأن التعاون بين شعبتي مخابرات البلدين كما أوضح الأميرال ، كان وثيقاً في محطات التقاط توجد في برلين الغربية وغيرها من مدن ألمانيا .. وقد أعطى رئيس الجمهورية الضوء الأخضر عام 1984 . لكن فضيحة رينبو واريور  التي حدثت بعد بضعة اشهر أدت إلى تأجيل العملية . أفتتحت قاعدة فريغات بسرية  سنة 1990  من قبل كلود سليبرزاهن الرئيس الجديد آنذاك للـ DGSE ونظيره الألماني .
لكن المدير سيلبيرزاهن  كان يريد المضي إلى ابعد من ذلك فبرأيه ، ومن أجل العودة إلى مصاف " الكبار "  والانضمام إلى نادي العظماء ينبغي على الـ   DGSE أن تنمي  قدراتها ولذلك فهي بحاجة إلى محطة تنصت جديدة . وقد أعطته  حرب الخليج المبررات اللازمة . فالمآثر التقنية للجواسيس الأميركيين كانت مذهلة وقد تيقن من ذلك فرانسوا ميتران وميشيل روكار  بنفسيهما لذا بات بإمكان سيلبيرزهان  رئيس المخابرات الفرنسية أن يطلق خطة استثمار طموحة على مدى عشر سنوات في مجال تقنية التنصت والتقاط الاتصالات والتجسس الفضائي . فطوّر وأجرى تحديثات واسعة في مركز دوم واشترى حاسوب " جهاز كومبيوتر " عملاق من طراز كراي ونصّب صحون لاقطة عملاقة في آلويت لو روا في قاعدة كانت مخصصة حتى ذلك التاريخ لاعتراض موجات الراديو . وأخيراً وبالتعاون مع المخابرات الألمانية BND أطلق ورشة مايوت. وهي الأرض الفرنسية في جزر القمر الشرقية القريبة هي أيضاً من خط الاستواء . المنطقة المختارة ستوسم بـ " الأرض الصغيرة Petite Terre " وهي صغيرة جداً تمتلك فيها الفرقة الأجنبية الشهيرة في الجيش الفرنسية قاعدة لها . وانطلاقاً من مايوت يكون بوسع الإدارة التقنية في الـ DGSE أن تغطي بصورة أفضل كافة الأراضي الأفريقية والشرق الأوسط والقارة الصاعدة آسيا . واحتاج استكمال تجهيز المشروع إلى خمسة أعوام وكانت قصة رؤساء بلديات مرتشين هو الذي أدى إلى إبطاء الأعمال وتأخير تشطيب وإنهاء المشروع.واليوم فإنه ، وعلى مدى ثلاث قارات ، تمتلك " الآذان الكبيرة للجمهورية " ثلاثين  صحناً لاقطاً متحركاً ويمكنها تغيير اتجاهاتها عدة مرات في اليوم حسب ساعات وأهداف  المخابرات . كل البلدان معرّضة لذلك حتى الدول الحليفة . وكذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي بالطبع فبفضل الأقمار الصناعية " الستلايت " بات بالامكان التجسس على العالم كله ونحن في بلدنا بلا عمليات مشبوهة ولا حوادث أو صدامات دبلوماسية ولهذا السبب تم الانفاق ببذخ على المشروع والاستثمار فيه بلا حساب " .
تستهدف الأقمار الصناعية أولاً كأولوية أولئك الذين يعطوننا أكبر كمية من المعلومات السياسية والاقتصادية . كما صرح خبير في انمار سات . حيث يمكن بفضل هذه الأقمار الصناعية لكل شخص أن يتصل هاتفياً أو يرسل رسالة الكترونية أو فاكس من أي مكان في العالم على الكرة الأرضية ( تقريباً ) ولتحقيق ذلك يكفي توفير حقيبة صغيرة تزن 2 كيلو . في بداية عام 1982 كانت المشتركون في هذا البرنامج في الأساس من البحارة المحترفين ومن الشركات النفطية . ومن ثم اتسع نطاق الزبائن ليشمل كل الفئات " وقد شكّل ذلك نعمة للتجسس الاقتصادي" لايمكنك أن تتصور ما يقوله كل رجال الأعمال بوضوح عبر هواتفهم من داخل مكاتبهم " كما يوضح أحد الخبراء ." وفي وسط المحيط يعتقدون أنهم في مأمن من استراق السمع إليهم فيتحدثون بحرية عن العقود والصفقات والمشاريع والمخترعات والاكتشافات " ليس هذا كل شيء . فقد وقعت شركة انمار سات  اتفاقات مع أغلب  شركات النقل الجوي الكبرى و 650 طائرة أعمال لرجال الأعمال فعند التحليق يمكن للراكب أن يتصل هاتفياً من الطائرة وتنقل المكالمة عبر الأقمار الصناعية التابعة لانمار سات وذلك يلبي رغبات ورضا " الآذان الكبيرة " كما تستخدم انمار سات على الأرض انطلاقاً من أكثر نقاط الكوكب سخونة ، غير المجهزة بخدمات الهاتف المتطورة . ويبلغ مجموع الأعضاء المشتركين في انمار سات 00000 2 مشترك : من بينهم صحافيون ، ودبلوماسيون ، وموظفون دوليون ، ومسؤولون في جمعيات ومنظمات دولية إنسانية غير حكومية . :" ومن أجل التجسس على زبائن النخبة هؤلاء لا حاجة لوجود كومبيوتر قوي ، كما يقول أحد الخبراء ، فعبر القمر الصناعي تمرر انمار سات 000 2 اتصال  في آن واحد وهذا أقل بعشر إلى خمسين مرة من الآخرين " .
الآخرين يمثلون الوزن الثقيل في مجال الاتصالات الهاتفية العالمية: الانتيل سات والأوتيل سات وبان أميركان سات الذين يتم عبرهم تمرير عدة مليارات من الرسائل القادمة من جميع القارات : " من المستحيل تجاهلها " كما يقول احد المهتمين بهذا الأمر : " ولكن من الصعب معالجتها برمتها إذ ينبغي اختيار المقاطع  التي تهمنا " وتشخيص القنوات التي يستأجرها العسكريون على وجه الخصوص . بعض الشركات تستخدم خدمات أقل تكلفة المسماة VSAT ف سات : فهذه الشبكة تسمح لهم بربط كافة شركاتهم في جميع انحاء العالم وبصورة دائمية . وهكذا في الدوم  وفي الكورو تسحب الـ  DGSE كل تحويلات  الانتيل سات 801 الذي يؤمن آلاف الاتصالات عبر الـ VSAT  بين أميركا وأروبا  . الأقمار الصناعية الكبرى تنقل أيضاً الانترنيت . وأصبحت بمثابة الطرق السريعة للنقل autoroutes de l’information بالنسبة لشبكة الانترنيت العنكبوتية . " 10 % من عمليات النقل تمر من هنا " كما يقول أحد الخبراء " ولكن بالإمكان التصدي لهذه النسبة والتقاطها أما الباقي الذي ينقل عبر الكابلات المصنوعة من  الـ fibre optiques اللفائف الزجاجية ـ البصرية ، فلها طرق أخرى وهي موضوع آخر مختلف " .في مركز مايوت الفرنسي ينتظر الجميع بفارغ الصبر الانتيل سات الجديد 902، الذي سوف يوفر بعد بضعة اشهر وسائل اختراق والتقاط back bones في أفريقيا وآسيا وجزء من روسيا وسوف يتموضع على زاوية 62 درجة فوق الجزيرة الفرنسية في المحيط الهندي .
أنواع أخرى من الأقمار الصناعية ( الستلايت ) المستهدفة هي : الإقليمية التي لاتغطي سوى جزء من مساحة الكوكب مثل  عرب سات للشرق الأوسط والمغرب : " يتنهد خبراء التنصت  القدامى قائلين : آه  عرب سات ، طالما زودنا في سنوات الثمانينات بمعلومات عن القذافي خلال النزاع المسلح في تشاد او عن إسرائيل إبّان غزوها لجنوب لبنان " .
وأخيراً هناك الأقمار الصناعية الوطنية أو المحلية. فبعض هذه الدول فقير جداً أو واسع  جداً في مساحته بحيث يكون غير قادر على تثبيت شبكة كابلات هاتفية على كامل أراضيها وبغية الربط بين الاتصالات داخل البلد تلجأ هذه البلدان إلى الأقمار الصناعية مثل الرادوغا في روسيا والمابوهاي في الفلبين أو الدونغ فانغ هونغ في الصين .
لكن تزايد عدد العمليات الفضائية ( عبر الستلايت المحلي  ) ـ التي تتجاوز  المئة اليوم ـ تطرح مشكلة على المخابرات الفرنسية الـ DGSE : " فكل طرف يشفّر آلته ويعطيها كود cod ولا يعلن مفتاح فك الشفرة علناً للملأ " كما يقول مسؤول سابق . ومن أجل الحصول على سر المفتاح ( افتح يا سمسم ) الثمين ينبغي تجنيد وتوظيف كافة مصادر وطاقات المخابرات : " هناك عدة طرق ليست دائماً نظيفة  ـ كما يقول الخبير ـ يمكن التفاوض مع المشغّل operateurكأن نقول له أن فرنسا تكلفكم بنقل جزء من اتصالاتها الدولية شرط تزويدنا  بالبروتوكول السري " . التكنيك الآخر شراء كادر من كوادر الشركة المشغّلة ومنحه أوسمة أو عطاءات سخية " أو  أيضاً أسلوب آخر  يتمثل بـ " أننا إذا عرفنا أن شعبة مخابرات أجنبية تمتلك هذا اللوجسيل ـ البرنامج ـ فبالامكان التفاوض معها مقابل شيء آخر يمنح لها " . ويمكن التسلل إلى مكاتب المشغّل وسرقة القرص الثمين "، ففي الخابرات الفرنسية DGSE هناك قسم ذو كفاءة عالية للقيام بهذا النوع من السرقات " كما يقول الخبير . وهناك أخيراً الطريقة الفرنسية التي تتمثل بمحاولة اكتشاف الكود ـ الشيفرة ـ بأنفسنا " لكن ذلك يستغرق كثير من الوقت  والجهد وأثناء ذلك نضيع الكثير من المعلومات القيمة " . لماذا استقرت الـ DGSE سنة 1997 وسط المستنقعات تحت جبل كانيغو على بعد بضع كيلومترات عن بيربينيون ؟ هنا في محطة الاستماع والتنصت في سانت لورون دو لا سالانيك ، لا توجد صحون لاقطة ضخمة  بل عشرون  صحن لاقط صغير مثل حجم المظلة يبلغ ارتفاع أعلاها أربعة أمتار . وفي هذه القاعدة السرية لايجري الاستماع للأقمار الصناعية بل لموجات الراديو القادمة من الجانب الآخر للبحر المتوسط ، ومن الجزائر بشكل خاص .
احتاج الأمر إلى عشر سنوات لكي يتحقق مشروع كلود سيلبيرزاهن رئيس الـ DGSE في نهاية الثمانينات . مبدئياً كان ينتظر تشييد محطة الاستماع في الكامارغ  لكن بلدية أرل وحماة البيئة عارضوا ذلك بشدة : " وأضطررنا إلى إيجاد موقع آخر مناسب كما يقول هذا المسؤول القديم ، وهو مكان منعزل بلا ترددات واضطرابات كهرو ـ مغناطيسية وأقرب ما يمكن للبحر ، وهذا أمر مهم جداً ، لأن الموجات تبرز فوق الماء ولهذا السبب اخترنا المستنقعات ".
وفي سانت لورون تستمع المخابرات الفرنسية الـ DGSE وتتنصت على اتصالات العسكريين الجزائريين وعلى البوليس  كذلك ، كما يقول مصدر مطّلع جداً . وهذا ما يوفر فكرة واضحة ودقيقة عن التحضير لارتكاب بعض المجازر  ضد المدنيين .  ولكن هذا ليس كل شيء فيتم الالتقاط برامج الراديو القادمة من آلاف الكيلومترات والتي تبرز في الطبقات الإينوسفيريك ومن ثم فوق الماء ، وبهذه الطريقة استمع  الجواسيس الفرنسيون إلى مكالمات العسكريين الباكستانيين .
هل ستصبح  " الآذان الكبيرة " صمّاء  قريباً ؟ التي كانت في السابق مخصصة للعسكريين وتوفر لهم أدوات لفك شيفرات الاتصالات ، واليوم أصبحت تباع بحرية في كل مكان في العالم . إن فك الشيفرات مايزال  مصدر متاعب للمخابرات الفرنسية الـ DGSE وما تزال قدرة المخابرات في هذا المجال في غاية السرية " نحن في المعدل المتوسط لا أكثر " كما يقول خبير فني  ولكسر وفك كود صعب  ومتقن  ، فإن الـ DGSE بحاجة إلى قدرات حسابية هائلة والكومبيوترين العملاقين من طراز كراي اللذين اشترتهما من الولايات المتحدة الأميركية لايكفيانها . فطلبت تعاون مفوضية أو لجنة الطاقة الذرية العالمية من أجل إجراء  تجارب تفجير نووية خيالية simulation فقد حصلت لجنة الطاقة الذرية على نظام معلوماتي  قوي  جداً والمهندسون النوويون لايستخدمونه 24 ساعة على 24 ساعة  . لذلك في وقت الفراغ يمكن لخبراء فك الشيفرات في المخابرات الفرنسية الـ DGSE تلقين هذا النظام بالكودات ـ الشيفرات ـ الأكثر مقاومة لفكها  وتم توقيع اتفاق بهذا الخصوص بين هذين المؤسستين الاستراتيجيتين .
هناك ستلايت يثير عصبية وانفعال مهندسي  المخابرات الفرنسية منذ بضعة أشهر وهو القمر الصناعي ثريا الذي أطلقته في  أكتوبر الماضي شركة في أبو ظبي . تقترح الشركة الإماراتية للمشتركين لديها ولزبائنها تغطية كاملة للعالم العربي في مجال الهواتف النقالة أو الجوالة وقد اصبح جاهزاً للعمل منذ شهر نيسان / أبريل الماضي 2001 ومن زبائنها المهمين كبار المسؤولين السوريين ورجال أعمال ليبيين وعسكريين مصريين .
وهؤلاء يشكلون أهدافاً مهمة للمخابرات الفرنسية الـ DGSE . ماذا سيحصل فيما بعد ؟ تحت أرضية الصحون اللاقطة يعمل تقنيون في سرية تامة في صالات كومبيوتر مكيّفة  يشكلون فرق عمل ليلية ونهارية يصل عددهم إلى 200 في محطة الدوم  في آلويت  لو روا  و 40 في محطة مايوت في كورو .
ينشط التقنيون أمام الخزانة الالكترونية ويسيطرون على المعدات  القوية المتعددة الوظائف ( amplificateurs,démodulateurs,analyseurs,déchiffreurs  ) الذين يحوّلون موجات الستلايت إلى فاكسات  و رسائل الكترونية مكتوبة أو صوتية . الشاغل الأول هو فك شيفرة الاتصالات المشفّرة وهي المهمة الأكثر صعوبة .التقنيون يجلسون أمام أجهزة الكومبيوتر ويتحققون من عمليات الانتقاء والفصل والفرز والتوزيع الأوتوماتيكي ـ الآلي ـ  للرسائل والاتصالات المنقولة. بضعة آلاف من الاتصالات الملتقطة تصل يومياً إلى مقر الإدارة العامة  للمخابرات في بولفار مورتيه في باريس. وترسل عبر لفائف أوبتيك ـ بصرية ـ محفوظة ومحمية أو اتصالات راديو سرية خاصة ومحمية كذلك . والباقي يرمى في سلة المهملات الالكترونية . ويتم الاختيار بفضل قاموس  عنوانين  وكلمات توجيه محددة أو كلمات ـ مفاتيح.
العنوان ؟ قوائم بأرقام تلفونات  ورسائل الكترونية إي ـميل E-MAIL تنوي المخابرات الفرنسية مراقبتها باستمرار وبصورة دائمة . سفارات ، وزارات ، منظمات دولية ، جمعيات انسانية غير حكومية ، وجمعيات دولية أهلية ، ... وهي بالآلاف في جميع البلدان ، في الكومبيوتر العملاق " الآذان الكبيرة " . عندما يظهر العنوان في ذاكرة القمر الصناعي المتجسس يتم تسجيل الاتصال بصورة آلية ويرسل إلى باريس . ويسمى هذا النوع من العمل  ـ التنصت والتسجيل والإرسال ـ بـ " الروتين " .
الكلمات المنهجية التوجيهية  أو الكلمات ـ المفاتيح : هي طريقة أخرى لفلترة وفرز وترشيح  تدفق المعلومات والمعطيات " يمكن أن تكون الكلمة عبارة عن إسم  أو كنية  او صيغة كيمياوية أو مرادف ، الخ " كم يقول احد الخبراء . يسحب إلى داخل فيش أو ملف خاص ويخزن بانتظار تنشيطه وبمجرد ظهور ‘إحدى الكلمات ـ المفاتيح يعود الكومبيوتر إلى الخلف ويسجل الاتصال منذ بدايتة بفضل الذاكرة القوية فيه . ويسمى ذلك في الـ DGSE " اليقظة "  او " الصيد بالجيبية "
بالنسبة للرسائل الالكترونية é-mail فان الانتقاء الالكتروني أكثر كفاءة وفعالية ، كما يقول خبير آخر ، الذي يضيف قائلاً : " نظراً لقدرة الكومبيوتر الهائلة  ، يمكننا  فلترة عدة ملايين من  الرسائل الالكترونية بالدقيقة ويكفي لتنفيذ ذلك توفير محرك بحث جيد لتنفيذ هذه المهمة ، يكفي تكييفه لاحتياجاتنا " . وحسب التقديرات فإن الـ DGSE تستخدم  أداة بحث متطورة أعدته شركة لكسيكيه الفرنسية Lexiquest .
بالنسبة للفاكسات ، فإن الانتقاء أقل اتقاناً ويعتقد الخبراء أن نسبة النجاح فيه لا تتجاوز الـ 60 % لماذا هذا الاخفاق ؟ لأن أجهزة الفاكس لاتقرأ مباشرة من قبل الكومبيوتر يجب تحويلها إلى ذبذبات من قبل برنامج لوجسييل logiciel للتعرّف على الحروف . فإذا تم عرقلة هذه المرحلة بسبب سوء الإرسال أو عدم وضوح الكتابة فان الفاكس المرسل  يفقد معناه ويصبح بدون فائدة ولايمكن قراءته . وبذلك يفقد بالنسبة " للآذان الكبيرة " قيمته . وبالرغم من هذه الصعوبات فإن الـ DGSE هي  أفضل شعبة خدمات جاسوسية  دائماً للتجسس آلياً على الفاكسات ومن هنا نجاحها في  التجسس الاقتصادي .
بالنسبة للكلام والرسائل الصوتية فالأمر مختلف . فلم تطور الـ DGSE تقنيات متطورة ومتقنة مثل زميلتها في النازا NSA الأميركية  أو الموساد الإسرائيلية كما يفضي  أحد  الخبراء : " بالرغم من الاعتقاد السائد عموماً بأن من الصعب تلقين  الكومبيوترعلى أن يصطاد الكلمات المفاتيح التي تنطق خلال مكاملة هاتفية " والسبب كما يوضح الخبير : " لأن بعض الأشخاص يتحدث بسرعة فائقة أو ببطء والبعض الآخر يتلكأ أو لديه لكنة قوية غير مفهومة " والنتيجة : " ان معدل الاخفاقات مرتفع جداً " لذا فإن المخابرات الفرنسية تدرس وسيلة أخرى تختلف عمّا استخدمه الأميركيون والإسرائيليون وطوّروه .يقوم الكومبيوتر  بتسجيل المكالمة كما هي في ذاكرته ، ومن ثم ، يقوم محرك البحث بالعثور على الكلمات ـ المفاتيح ، في الفيشييه fichier ـ ملفات الخزن ـ  " وعلى عكس الانطباع السائد فإن هذه الطريق أبسط من غيرها " وقد طلب وزير الدفاع الفرنسي من أفضل المختبرات الفرنسية في مجال  معالجة الكلام ويقوم  ليمسيLimsi في ارسي  بتصنيع لوجسييل ـ برنامج ـ لهذا الغرض .
بعد الفصل والفرز والانتقاء والاستماع . يقوم في الـ DGSE بضعة مئات من الأشخاص  ، من 300 إلى 500 ، بالاستماع بالتفصيل عبر سماعاتطويلة ، فوق آذانهم سماعات ، " وإن الخبير  المحترف يمكنه يومياً معالجة من 50 إلى 100 محادثة هاتفية وبحساب عدد الفنيين والخبراء المحترفين الذين يقومون بذلك يمكننا معرفة عدد المحادثات المعالجة يومياً " مما يتجاوز الـ 15000 يومياً و الخمسة ملايين سنوياً .
هذا الكم من المعلومات وملايين المحادثات والرسائل الالكترونية والفاكسات المسروقة أو الملتقطة ، هل هي مفيدة حقاً ومهمة للمخابرات الفرنسية ؟ الإجماع العام يقول أن هذه " الدرر " أو اللاليء " والمعلومات السرية  التي يصل بعضها إلى مستوى محادثات رؤوساء جمهورية ، نادرة " ،عشرات المكالمات خلال عشرين عاماً " كما يقول مسؤول كبير سابق في المخابرات " كانت هناك محادثات للقذافي ومحادثات من إسرائيل ، في سنوات الثمانينات ، وفيما بعد تم التقاط تعليمات سرية من مجلس الأمن ومؤخراً تم نقل محادثات لمسؤولين صرب كبار إلى الايليزيه . في الحقيقة ان الجواهر الحقيقية كانت لزبائن آخرين : عدة مجموعات صناعية فرنسية . من عشرين عاماً تعمل الـ DGSE بتنسيق وتناغم مع 15 شركة خاصة أو عامة . وبين  الجواسيس ومدراء الشركات  عملية أخذ وعطاء . البعض يقوم بسرقة المعلومات الاقتصادية والتكنولوجية ( حيث تستخدم شعبة البحث المتخصص في الـ DGSE 50 شخصاً في هذا المجال ) وفي مقر قيادة المخابرات في شارع مورتيه في باريس  رب عملهم السابق يتسلمون بانتظام نسخ من الفاكسات  والرسائل الالكترونية أو مشروعات صفقات وعقود التقطتها محطات الاستماع والتنصت والحصيلة تكون أحياناً ممتازة : " نتلقى غالباً معلومات من أرباب العمل ، حسب تصريح مسؤول كبير في الـ DGSE ، في عام 1998 أتاحت " الآذان الكبيرة " للصناعيين الفرنسيين المعنيين بمتابعة مفاوضات عسيرة وحاسمة وهي تلك المتعلقة بتطورات مشروع دمج ـ فشل أجهض أخيراً ـ بين المصنع في الصناعات الجوية  الألمانية  دازا DASA ونظيره البريطاني برتيش آيروسباسيال.
لاتوجد دائماً لآليء فقط ، بل هناك الأشياء اليومية، مئات الآلاف من الاتصالات المعترضة الخام كما يقول المهتمون في الـ DGSE التي تتراكم في مكاتب شعبة التحليل والتي لاتقرأ كلها دائماً ." هناك بين المعلومات المهمة الكثير من الثرثرة غير المفيدة حسب أقوال أحد الكوادر الخبيرة في الـ DGSE " واتساءل أحياناً هل يستحق ذلك كل هذا الجهد والنفقات ؟ " يفضل الكثير أن تستثمر الـ DGSE في مجال المعلومات البشرية بدلاً من التكنيك " مع هذه الثروات التي تنفق في كل عام يمكننا تجنيد و توظيف عدد كبير من العملاء في الخارج وهذه هو مجال عملنا الحقيقي " .
فيما يخص تهديد الحياة الخاصة والحميمية للأفراد ، من المؤكد إن من بين ملايين المكالمات والاتصالات التي يتم التقاطها والاستماع إليها هناك اتصالات نقوم بها نحن الأفراد العاديين والخطورة تزداد لاسيما عندما نقوم باتصالات نحو مناطق قليلة التجهيز أو معدومة التجهيز بالكبلات كأفريقيا وروسيا  أو الدوم توم ـ الأراضي الفرنسي ما وراء البحارـ . لاشيء يمنع الـ  DGSE عن مراقبة والتقاط محادثاتنا أو رسائلنا الالكترونية إذا ما تم تمريرها عبر الستلايت ـ الأقمار الصناعية ـ  والأسوء من ذلك ان التجسس من هذا النوع مسموع به قانونياً بصورة ضمنية بموجب قانون 1991الذي يضع الضوابط المؤسسية لهذا التجسس من خلال تأسيس لجنة الإشراف على الاستماع والتنصت . وينص البند 20 من هذا القانون في الواقع على أنه ليس من سلطات هذه اللجنة السيطرة على الاجراءات التي تتخذها السلطات العامة لضمان عملية الإشراف على الاتصالات التي تتخذ الطريق التقليدي  الجوي أو الهوائي hertzienne  ، بعبارة أخرى يمكن لهذه المؤسسة الرسمية أن تراقب كل شيء عدا الاتصالات الفضائية التي تتم عبر الأقمار الصناعية .وهذا التمييز أقرته أعلى سلطات الدولة . كما يصرح مستشار سابق لوزير الدفاع الفرنسي آنذاك  بيير جوكس . والسبب هو علينا أن نتذكر أنه في ذلك الوقت أطلقت المخابرات الفرنسية DGSE خطة واسعة لتحديث " آذانها الكبرى " ولم يكن وارداً أي توفيقية أو تسوية بهذا الصدد . ويقول موظفون سابقون في الاليزيه كنّا نريد إطلاق أيدي  المخابرات السرية الفرنسية وعدم تحديدها وحصرها في نسبة أو حصة معينة من حالات التنصت المسموح بها " .
ولم ير البرلمانيون في ذلك سوى الجانب المعقول وكان بإمكانهم إطلاق العنان لفضولهم ،ولو فعلوا ذلك لعرفوا حينذاك أن الكثير من الديموقراطيات قد فرضت ضوابط ومعايير وقيود شديدة التقييد وصارمة على نشاط مؤسساتها التجسسية وعمل " آذانها الكبرى " . منذ العام 1968 في ألمانيا تم تعيين ثمانية خبراء محايدين ومستقلين من قبل البرلمان الألماني لإشراف على عمليات تنصت المخابرات الألمانية BND وشكلوا اللجنة المعروفة بإسم ج 10 ـ G-10 والتي تتمتع بسلطات واسعة ويمكنها استجواب جميع أعضاء ومسؤولي  المخابرات الألمانية والعاملين فيها والمتعاونين معها . والإشراف على مجموع عمليات التنصت والهدف المعلن هو حماية الحياة الخاصة والحميمية للمواطنين الألمان كما يقول البروفيسور كلاوس آرندت الذي كان عضواً في هذه المؤسسة أو اللجنة من 1968 إلى 1999. ولهذا عند إجراء عمليات الفرز والانتقاء ويظهر إسم مواطن ألماني أو شركة ألمانية تقوم المخابرات الألمانية بمسحه إلاّ إذا حصلت مسبقاً على رخصة استثنائية من اللجنة لأغراض  أمنية . وفي نفس الوقت يتوجب على شعبة الأمن  والمخابرات أن تكشف عن القائمة التي تضم  الكلمات ـ المفاتيح التي تنوي استخدامها ولا يحق لها إدراج إسم ألماني فيها . . في حزيران القادم 2001 ينتظر صدور قانون يسمح للمراقبين في اللجنة المذكورة بزيارة أي موقع للمخابرات الألمانية السرية بما في ذلك موقع كورو الفرنسي الذي تتعاون معه  المخابرات الألمانية  . وإذا رفضت فرنسا يمكن لرئيس اللجنة أن يطالب بانسحاب  المخابرات الألمانية من القاعدة المتواجدة في الجزيرة الغيانية guyanaise .
في استراليا ، يتم الإشراف على الآذان الكبيرة من قبل مفتش عام تعينه الحكومة ولديه كافة السلطات للتأكد من شعبة التجسس الـ DSD تطبق  القوانين التقييدية . مثلاً أي معلومات تجمع عن مواطن استرالي تجمعها محطة إنصات يجب أن يجري تدميرها. ويجب وضع تقرير التدمير وتقديمه للمفتش العام . وفي كندا يعيّن البرلمان الكندي مفوّض خاص يقوم بمهمة لجنة الإشراف . وفي كل عام يقوم بصياغة تقرير عام . وفي الولايات المتحدة الأميركية هناك مفتش عام كما تراقب وزارة العدل الـ NSA . فمتى يحصل ذلك بالنسبة للمخابرات الفرنسية ؟ اهتم البرلمانيون في الآونة الأخيرة بـ " الآذان الكبيرة " الأميركية وقدمت لجنة الدفاع تقريراً حول إشلون الأميركية والـ NSA وقد حان الوقت لكي يقومون بدراسة وضع المخابرات الفرنسية الـ DGSE واقتراح وسائل لإشراف والمراقبة عليها

حرب المخابرات لن تقع؟

منذ فترة قصيرة إستنفرت الحكومة الفرنسية قوات الأمن الداخلي وشعبة مكافحة التجسس لمكافحة النشاطات التجسسية الأمريكية وقد لجأ القضاء الفرنسي الى إدارة الأمن الوطني ومراقبة الأراضي  الوطنية الـ DST  لجمع المعلومات والأدلة الضرورية  للملف القضائي والتحقيق الذي بدأه قاضي التحقيق ، مدعي عام العاصمة الفرنسية جون بيير دينتلهاك  وهو التحقيق الذي قد يثير في المستقبل المنظور أزمة دبلوماسية بين واشنطن وباريس  بشأن نشاطات شبكة التجسس الأمريكية إشلون Echelon الإلكترونية والتي تسمى بـ " أكبر إذن على الأرض " . فحسب مصادر  قصر العدل الباريسي يمكن وصف عمليات ألتنصت اللامشروعة وغير القانونية التي مارستها إشلون بواسطة نظام الاعتراض والتصيد الذي لا يضاهيه أي نظام مماثل له في العالم قوة ودقة ، بأنها نشاطات إجرامية جنائية " وتمس المصالح الجوهرية والحيوية الوطنية الفرنسية "
كانت البداية عبارة عن تحقيق برلماني قدم للبرلمان الأوروبي مرفقاً بملاحظات دقيقة سجلتها مختلف شعب المخابرات الأجنبية والفرنسية تقول ان اشلون  _ التي تم تأكيد وجودها غير الرسمي من خلال وثائق أمريكية _ مازالت بمنأى عن أية تحقيقات قانونية تمس نشاطاتها غير المشروعة . وكانت رسالة القاضي تييري جون بيير ، الذي أصبح اليوم نائباً أوروبياً ومسؤولا مالياً في الحزب الديموقراطي الليبرالي ، هي التي أشعلت لهيب التحقيق القضائي  الأولي استناداً إلى ما جاء في القانون الجنائي الفرنسي وبالأخص المواد 6-411 و 15-226 المتعلقة بالمصالح الجوهرية للوطن والمس بأسرار الدولة واقتصادها التي تنقل عبر وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية  - الهاتفية والخلوية والبريد الإلكتروني إيميل والفاكس  الخ ... إن نظام اشلون مصمم لكي يتصيد ويلتقط كافة أنواع الاتصالات من الاتصال الهاتفي البسيط الى الفاكسات والبريد الالكتروني ولذلك فإن اشلون متهمة بممارسة  التجسس الصناعي والاقتصادي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وبسببه خسرت الشركات الفرنسية والأوروبية العديد  من العقود والصفقات تقدر بمئات الملايين من الدولارات خاصة شركة طومسون الفرنسية وأيرباص الأوروبية لصالح شركات أنجلوساكسونية. لقد دعمت إدارة مراقبة الأراضي  الوطنية الفرنسية د س ت تحقيقها بتقرير  يثبت استخدام وكالة الأمن القومي لـ اشلون لصالحها قي الولايات المتحدة في الخارج ، ولا يمكن لمثل هذه المواجهة إلا أن تخلق توتراً دبلوماسياً بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية .
وقد صوت النواب الأوروبيون في اجتماع لهم يوم الأربعاء 5 تموز   2000  على تشكيل لجنة مؤقتة للتحقيق بشأن نشاطات اشلون  وطرحت تساؤلات جوهرية من قبيل " هل ان حياة المواطن الأوروبي مضمونة ومحمية من نشاطات  أجهزة المخابرات ؟ هل تواجه الصناعات الأوروبية مخاطر بفعل التقاط ونصيد المعلومات والاتصالات المحلية والإقليمية والدولية ؟ هذا ما سوف تبحث فيه اللجنة المقترحة وتسعى لتقديم الإجابات عليها .
كلفت شعبة مكافحة التجسس بالتدقيق والتحري حول نشاطات  اشلون بغية جمع الأدلة الكافية التي تسمح للعدالة الفرنسية توجيه الاتهام لهذه المؤسسة الأمريكية بالتجسس والإضرار بالمصالح الوطنية الحيوية الفرنسية والأوروبية .
وهذه المؤسسة الأمريكية سرية وغامضة في تحركاتها مما جعلها بمثابة فزاعة تخيف المجموعات الصناعية والتجارية الفرنسية والأجنبية .
فالتنصت والتقاط الاتصالات والمكالمات والفاكسات والرسائل الإلكترونية  يعد انتهاكاً صارخاً للحرية الشخصية والخصوصية الفردية للمواطنين إلى جانب الأضرار بالشركات والمؤسسات الوطنية وسرقة أخبارها ونشاطاتها وزبائنها وبالتالي المس بالمصالح العليا للبلد . لقد توفرت حتى الآن المعلومات اللازمة لإدانة هذه الإذن الأمريكية الكبيرة فقد القيت عليها تهمة القيام بعدد من عمليات التجسس الصارخة . إذ تجسست اشلون على شركات فرنسية كما ورد في تقرير  قدم في  شهر أكتوبر 1999 الى الإدارة العامة للدراسات في البرلمان الأوروبي من قبل الباحث دنكان كامبل أورد فيه عدد من  الأمثلة على عمليات القرصنة  لصالح الولايات المتحدة قامت بها اشلون . مثل صفقة مع المملكة العربية السعودية مرت من أمام أنف فرنسا عام 1994 على حد تعبير صاحب التقرير  قيمتها 30 مليون فرنك . فبفضل قرصنة وتجسس اشلون خسرت فرنسا الصفقة وفاز بها الأمريكي مكدونيل دوغلاس الذي علم بتفاصيلها بواسطة ا الإنصات والالتقاط الإلكتروني للاتصالات الذي مارسته اشلون ومعرفة الظروف والشروط المالية للمنافس الفرنسي  - الأوروبي أي شركة أير باص . نفس الشيء مع شركة طومسون الفرنسية التي خسرت صفقة ب1.4 مليون دولار لصالح مصنع رادارات أمريكي هو ريتون ولذلك لاحول ولاقوة للأوروبيين أمام مثل هذا النشاط التخريبي الأمريكي . وبالرغم من ذلك تتردد الدول الأوروبية في اتخاذ إجراءات وتدابير ضد اشلون خوفاً من تعريض العلاقات الاقتصادية الجيدة مع الأمريكيين .
لم تعترف الولايات المتحدة الأمريكية لحد الآن رسمياً بوجود  شبكة اشلون إلا أن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سي آي أ  جيمس ولسلي اعترف أن بلاده جمعت سراً كماً هائلاً من المعلومات ضد الشركات الأوروبية . وبالرغم من كون اشلون سرية وغير قابلة للكشف والتشخيص إلا أن مديرية مراقبة الأراضي الوطنية والأمن الداخلي  الفرنسية الـ DST ستواجه نظيرتها وكالة الأمن القومي الأمريكية  أن أس أ NSA المكلفة بمكافحة التجسس الصناعي والاقتصادي والتكنولوجي لأن هذه الأخيرة هي التي تستخدم اشلون لصالحها وقد أعرب تييري جون بيير عن أمله في أن تتوصل الجهات المسؤولة الى نتائج سريعة لوضع حد لهذا النشاط التخريبي .
ويعود السؤال الجوهري  ماهي اشلون ؟
من الصعب  تكوين فكرة واضحة عن قوة شبكة التجسس الإلكترونية  اشلون سواء من ناحية الإمكانيات التكنولوجية الضخمة المستخدمة اليوم أو من ناحية طبيعة نشاطها وحجمه وأبعاده .
ان اشلون هي الشبكة الدولية التجسسية  الوحيدة المعروفة اليوم التي تعمل وفق برنامج تصيد والتقاط وقرصنة ومعالجة منتظمة لجميع الاتصالات ونقلها وجمع المعلومات على مستوى الكوكب والتقاط وتسجيل وفرز وتبويب كافة المكالمات الهاتفية الدولية والرسائل الإلكترونية عبر الانترنيت او الفاكسات والتلكسات .
ولدت هذه الشبكة من الحرب الباردة في إطار اتفاق إيكيوسا وهو حلف وقع عام 1947 بين الولايات المتحدة وبريطانيا ويشمل استراليا وكندا ونيوزيلندة وكان المقصود آنذاك جمع وتبويب وأرشفة المعلومات الأنجلوساكسونية تجاه التهديدات السوفيتية . ولكن بعد سقوط جدار برلين لم تخف الجهود المبذولة في هذا المجال بل على العكس وتنامى نشاط شبكة اشلون تحت رعاية ودعم وكالة الأمن القومي الأمريكية، وهي  المكافئ لوكالة المخابرات المركزية  المختصة  بالاستخبارات  وجمع المعلومات الإلكترونية والاتصالات
وتضم وكالة الأمن القومي 40000 موظف  اغلبهم يعمل في فورت ميد في  ماري لاند مدينة الاستخبارات الإلكترونية كما يصفونها، وبميزانية تقدر باربع مليارات دولار سنة 1997، والوكالة مكلفة بجمع ومعالجة المعلومات القادمة من جميع أنحاء العالم واستغلال المعطيات المتوفرة بفصل البنى التحتية التي تمتلكها ومنها  شبكة اشلون .
وهي تمتلك العديد من قواعد التصنت واستراق السمع والتقاط الاتصالات والقرصنة المزروعة في كل مكان وعلى اتصال دائم بالأقمار الصناعية والتجسسية التي تغطي الكرة الأرضية واهم قاعدة تنصت موجودة في إنجلترا مما يدل على الأهمية التي توليها الوكالة الأمريكية للاتصالات الأوروبية فمحطة  ف 83 التابعة للقوة الجوية الملكية البريطانية تخصص نشاطها كلياً اليوم لصالح " الإذن الأمريكية الكبيرة " وتوجد في مينث وايت هيل  وتضم 1400 شخصاً من مهندسين وخبراء كومبيوتر ولغويين ومترجمين أمريكيين . ولديها 30 صحن لاقط عملاق تجمع المعلومات المسروقة او الملتقطة سراً بواسطة الأقمار الصناعية التجسسية . ومن ثم تقدم المعلومات المختزنة عبر القرصنة إلى الكومبيوتر العملاق لفرزها وتحليلها ومعالجتها وفق منهج الكلمات المفاتيح ومعايير محددة تتعلق بالأرقام سواءاً التلفونية او الفاكسات او البريد الالكتروني والتي تخزن في ما يشبه القواميس الالكترونية . ومن ثم تصنف حسب أهميتها بعد ترجمتها واخيراً يجري تحليلها من قبل عملاء وكالة الأمن القومي .
إن اشلون أخطبوط كوني للمعلومات والاستخبارات يعمل فيما يتجاوز صلاحيات الدول والحكومات ومراقبتها  الديموقراطية ، إنها نظام تجسس بلا حدود .يثير قلق السياسيين والبرلمانيين وأرباب العمل، والحال أن عمل اشلون التجسسي معروف منذ أعوام فقد سبق لصحيفة لوموند أن نشرت مقالاً حول هذا الموضوع في 10 نيسان 1998 .
وإذا لم يوضع حد لهذا النشاط الخطير فسوف تشتعل قريباً حرب التجسس الالكتروني فقد كشف الأمريكيون والبريطانيون بدورهم قبل أيام من خلال محطة انترنيت ZD NET  صورة لمحطة الالتقاط والتنصت الفرنسية التابعة لجهاز الاستخبارات الفرنسي DGES. في الدوم في الدوردون وهي محطة نصبتها فرنسا لتنافس فيها خصومها في الحرب الاقتصادية الدائرة رحاها اليوم . ومحطة تجسس الكتروني أخرى منصوبة سراً بالاتصال مع الألمان في المحطة الفضائية للكورو في غويان ومهمتها اعتراض طريق الاتصالات الفضائية التي تجري بين الأقمار الصناعية والتقاطها خاصة فوق الأراضي الأمريكية .
وبذلك تغيرت طبيعة الحروب في عصرنا  واصبح الاقتصاد والنشاط الاقتصادي هو ميدان المعارك فالشركات في حرب طاحنة فيما بينها للحصول على الأسواق وبات سلاح التجسس الاقتصادي والصناعي والتجاري افضل الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب خاصة خلال التسعينات من القرن المنصرم وقدمت الكثير من وكالات الاستخبارات خدماتها للقطاع الخاص في عالم  اقتصادي مضطرب وكثير التحول والتطور . فأي اختراع  تكنولوجي يهز معادلات التنافس وبذلك  بانت أهمية النشاطات التجسسية الالكترونية الفعالة ولجأت الشركات الى رؤوساء سابقين للاستخبارات  وعملاء مشهورين فيها يملكون معطيات ومعلومات ذات طابع استراتيجي يهم الشركات الكبرى لتوظيفهم  عندها والاستفادة من معلوماتهم وخبراتهم التجسسية. ومن مظاهر هذا التحول الكبير في النشاط الاقتصادي أن التجسس الصناعي والالكتروني بات يدرس في فرنسا وفي الدول الاقتصادية الكبرى في مدارس  التجارة  وفي الجامعات.. أما المعهد العالي لدراسات الدفاع الوطني  فقد صار ينظم حلقات تعليم وتأهيل للصناعيين في هذا المجال .
وانتقلت العدوى من الشركات الكبرى والعملاقة والمتعددة الجنسيات الى الشركات المتوسطة والصغرى وتقوم الدول بتقديم يد المساعدة لشركاتها وصناعييها لدعمهم في نشاطاتهم التجسسية ضد منافسيهم من الدول الأخرى .وقد تذب الحرب الاقتصادية بين الشركات الى حد التشويه والتشهير ونشر الإشاعات الكاذبة كما حصل مع شركة جيات  الصناعية الفرنسية التي تعرضت إلى سلسلة من المقالات الصحافية التي وصفت في حملة هجومية  تجارب فاشلة لدبابات لوكليرك  في الصحراء السعودية وهي حملة الغرض منها تشويه سمعة الدبابة الفرنسية الصنع التي تسعى فرنسا لبيعها لعدد من الدول من بينهم المملكة العربية السعودية ، في محاولة لابعاد الدبابة الفرنسية عن السوق الخليجية واحتكارها للصناعات العسكرية الأمريكية والبريطانية .


تحدي الكابل :
إن هاجس  رئيس الـ  DGES  الحالي جون كلود كوسيران الذي يقرأ كل ما يكتب عن الموضوع ، هو : الكابلات التحت  ـ مائية  ، فمنذ سنوات  تجري الغالبية العظمى من الاتصالات بين الدول الصناعية عبر شبكات كابلات اللفائف البصرية fibres optiques  ، وليس عبر الستلايت ـ الأقمار الصناعية فكيف يمكن التنصت عليها ؟
فحتى نهاية سنوات الثمانينات كانت  الكابلات " متحدة المحور " كما يقول الخبراء والأخصائيين ومن السهل وضع محولات عليها على حد قول أحد الخبراء ، لاسيما وأن شركة الاتصالات الفرنسية تسمح بذلك وبالتالي بإمكان المخابرات الفرنسية الـ DGES الدخول إلى محطة مهبط الاتصالات عبر الكابلات في بينمارش في بروتان في مرسيليا . وعندما أصبحت شركة فرانس تليكوم مؤسسة أهلية واشترى القطاع الخاص  أكثر من نصف أسهمها انكشف أمر ممارساتها السيئة وأنها بالفعل كانت موجودة في الماضي .
ولكن بوصول  الـ  fibres optiques وترقيم الاشارات la numérisation des signaux أصبح الاستماع والتنصت غاية في الصعوبة فبإمكان  الجيل الجديد من الكابلات نقل عدة ملايين من الاتصالات في آن واحد " تحت البحر " كما يقول أحد الخبراء ، ولا يوجد سوى حل واحد وهو الالتحام بالمرددات التي تستوطن الاتصالات كل 150 كلم . وهذه طريقة معقدة جداً ومكلفة . وحسب بعض المصادر اشترت البحرية الوطنية الفرنسية وحدات غواصة صغيرة الحجم bathyscaphes بغية تنفيذ هذه القنية للاستماع والتنصت موضع التنفيذ ولا يمكن استخدامها إلاّ في حالات نادرة جداً كما يوضح نفس الخبير .
هناك إمكانية  التسلل إلى إحدى محطات الاستيطان والهبوط وتحويل وجهة النقل ولايمكن عمل ذلك إلا بموافقة المشغّل operateur  ومنذ عدة سنوات درست المخابرات الفرنسية الـ DGES المسألة بالنسبة للـ Sea-Me-We-2 وهو الكابل الذي يربط بيم مرسيليا وسنغافورة الذي تملك فرانس تليكوم جزء منه وتقوم بتشغيله وكانت نتيجة الدراسة ان من المستحيل القيام بالربط مع تقنية الاستماع والتنصت لأنها تتطلب قدرات معلوماتية ـ انفورماتيك ـ عالية جداً ولكثير من العاملين لإدارة واستغلال المعلومات . ولكن منذ ذلك الحين احتلت الكابلات موقعاً مهميناً وطاغياً في الاتصالات الدولية ولم يعد بإمكان الـ DGES تجاهلها وعليها إذن ان تستثمر فيها وأن يقوم مديرها بالبحث عن التمويلات اللازمة مع كافة سلطات الدولة العليا من أعلى الهرم أي ابتداءاً من الرئيس مروراً بالحكومة ورئيسها وانتهاءاً بالبرلمان والنواب .فاللحظة  باتت مناسبة في وقت انفجار ثورة التنصت فالمخابرات السرية تنوي استثمار الكثير من الامكانيات المادية والتقنية للالتقاط  الاتصالات عبر الكابلات تحت الماء ، ولكن قبل  الاندفاع في هذه المغامرة ، أليس من الأفضل فرض بعض القيود والمعايير الديموقراطية
إن السيد جون كلود كوسيران هو مدير المخابرات الفرنسية منذ 19/12/1999


السيد دواتر Dewatre كان هو المدير العام السابق للمخابرات الفرنسية وقد عينته حكومة ادوارد بالادور  سنة 1993  وقد حلّ مكانه اليوم  سفير فرنسا في تركيا سابقاً  جون كلود كوسيران  Jean Claud Cousseran  الذي كان عضواً  في عدد من التشكيلات الوزارية الإشتراكية  ، وهو يعتبر رجل عمليات نشيط وقد لفت الأنظار إليه في طهران إبّان  الثورة الشيعية في سنوات السبعينات ، كم اهتم بقضية الرهائن الفرنسيين في لبنان في سنوات الثمانينات  وكان سفيراً لبلاده في دمشق ـ سورية ، ومن ثم تم تكليفه بين 1989 و 1992 بوضع إدارة استراتيجية للمخابرات الفرنسية  قبل تعيينه مديراً عاماً لها في أواخر سنة 1999 .


إن السيد جون كلود كوسيران Jean Claud Cousseran  هو مدير المخابرات الفرنسية منذ 19/12/1999


السيد دواتر Dewatre كان هو المدير العام السابق للمخابرات الفرنسية وقد عينته حكومة ادوارد بالادور  سنة 1993  وقد حلّ مكانه اليوم  سفير فرنسا في تركيا سابقاً  جون كلود كوسيران  Jean Claud Cousseran  الذي كان عضواً  في عدد من التشكيلات الوزارية الإشتراكية  ، وهو يعتبر رجل عمليات نشيط وقد لفت الأنظار إليه في طهران إبّان  الثورة الشيعية في سنوات السبعينات ، كم اهتم بقضية الرهائن الفرنسيين في لبنان في سنوات الثمانينات  وكان سفيراً لبلاده في دمشق ـ سورية ، ومن ثم تم تكليفه بين 1989 و 1992 بوضع إدارة استراتيجية للمخابرات الفرنسية  قبل تعيينه مديراً عاماً لها في أواخر سنة 1999.

كان جون كلود كوسيران Jean Claud Cousseran   مستشاراً  اقتصادياً شاباً وطموحاً وشغوفاً بعمله في طهران خلال الفترات الأولى للثورة الإيرانية . وكان حاضراً ومشاركاً ومواكباً لكل التظاهرات  ولصيقاً بأرض الواقع  ليفهم ويفسر الكتابات  والشعارات المعقدة والمتقلبة لسلطة آيات الله حيث كان قد قرأ واطلع على نصوصهم وكتاباتهم وحاول فك شيفرتها وفهم رموزها ودراسة كل ما يمثل أشخاص ورموز ذلك العهد من خلال الكتابات والرسوم التي كانت تنتشر يوماً بعد يوم على جدران طهران، وكان مفتوناً بتلك الظاهرة الفريدة وذات الخصوصية الإيرانية  البحتة، أي التشيع الثوري ، وكان مستعداً ومازال للتناقش ليالي بأكملها عنها . وقام بتحليل واقع متميز وفريد من نوعه وصعب للغاية من خلال تقشير الوقائع والأحداث وإزالة الغموض عنها وتفكيكي التداخل والبلبلة والتعقيد  السياسية ـ الأيديولوجي ـ  الدبلوماسي  الذي كان يميزها  وهذا ما كان يسعده ويثير  سروره .
أصبح قنصلاً  لفرنسا  في القدس مكلفاً بشؤون الأراضي الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية وكان يُشَرِّح  ويتفحص كل فرص وإمكانيات المفاوضات  والتسويات الممكنة . وكان يهتم بالمفاهيم والمصطلحات خاصة وأن هناك اختلافات جوهرية بين مفاهيم الفلسطينيين والإسرائيليين بهذا الصدد.
إنه دبلوماسي رصين وهادئ ومحايد أو غير منحاز ومتجرد  يستوعب  ويطلع على كافة عوامل ومفردات الصراع في المسرح الشرق أوسطي الذي كان واحداً من أهم اهتمامات حياته.
عايش جون كلود كوسيران Jean Claud Cousseran   أسوء الظروف  وشهد أتعس اللحظات عندما تم تكليفه في أواسط سنوات الثمانينات بملف الرهائن الفرنسيين في لبنان، فأعتبر  ممثلاً ومبعوثاً خاصاً وكبيراً للدولة الفرنسية في هذا الملف . وكان رجل المهمات الصعبة  آنذاك والذي يتوجه لقلب الأحداث ويتحمل المخاطر . وندراً ما يتحدث عن ذلك وإن حدث فبحذر  وحياء  ورصانة وخجل . وقد ختم مشواره   الشرقي  أو مساره المهني في الشرق  بتقلده منصب سفير بلاده في دمشق ـ سورية  مواجهاً سلطة غريبة وغامضة أخرى هي سلطة حافظ الأسد . فتركيبته الجسمانية  أو تكوينه الجسدي الدائري الذي يشبه الـ Smiley  التمثال المنحوت أضفى عليه   مسحة من الرقة  واللطافة  والأدب والكياسة  لم تخطيء أبداً .
فجون كلود كوسيران Jean Claud Cousseran   ليس انفعالياً وليس هاوياً  ، فهو جاد ويعمل كثيراً ودؤوب ومهموم ومتلهف باستمرار . فهذا المحلل  متمكن أيضاً من التعامل  بحذق ومهارة واستغلال  ذلك وهو دائم الإنشغال بمصالح الدولة . وفي التشكيلات الوزارية  المختلفة  التي شارك فيها كوزارة شارل هيرنو وكلود شيسون ورولاند دوماس وبيير بيرغفوا ، كان يتأمل طويلاً في ما يمكن للسياسة الخارجية  الفرنسية  ، بمعناها الواسع ، أن تكون عليه بالنسبة  لدولة متوسطة القوة كفرنسا.

 

 

 



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلام في فضاء علماني
- العراق وآفاق الحل العسكري الأميركي
- المرأة التي أهانت الإسلام
- الإسلام والغرب : مواجهة أم تفاهم ؟ صدام الإسلام والحداثة
- حقوق الانسان بين مفهومها النظري وتطبيقاتها العملية - القفز ع ...


المزيد.....




- بحشود -ضخمة-.. احتجاجات إسرائيلية تدعو نتانياهو للموافقة على ...
- -كارثة مناخية-.. 70 ألف شخص تركوا منازلهم بسبب الفيضانات في ...
- على متنها وزير.. أميركا تختبر مقاتلة تعمل بالذكاء الاصطناعي ...
- حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل
- فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر ...
- هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول ...
- قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس ...
- القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف ...
- خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع ...
- نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جواد بشارة - إشلون الأميركية وإشلون الفرنسية صراع المخابرات عبر الأقمار الصناعية