أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ايليا أرومي كوكو - في يوم تطويب البابا يوحنا بولس الثاني : رجل لبمحبة و السلام حوار الاديان















المزيد.....


في يوم تطويب البابا يوحنا بولس الثاني : رجل لبمحبة و السلام حوار الاديان


ايليا أرومي كوكو

الحوار المتمدن-العدد: 3351 - 2011 / 4 / 30 - 22:40
المحور: سيرة ذاتية
    


في العامين المنصرمين 2006 و العام 2007 شهد العالم الكثير من التوترات الدينية .. و لسنا ببعدين عن الرسوم الكرتونية و الضجة الكبيرة التي أحدثتها في كل العالم .. لم تمض شهور كثيرة علي الرسوم حتي قامت الدنيا من جديد بعد المحاضرة التي القاها البابا الحالي بنديكت السادس عشر بالتوترات الدينية الي الواجهة .. و ذاكرتنا الحية لا تزال تختزن قضية المعلمة البريطانية و ما أثارته في السودان في الفترة الاخيرة و قصه اطلاق اسم محمد علي دمية الدب .. أن هذه الاحداث كلها لا تخرج من كونها ردود افعال لتراكمات المشاكل التي أجتاحت عالمنا بعد احداث 11سبتمبر 2001م.. هذا العالم الذي بات يسيطر عليه ما يسمي بالفوضي الخلاقه .. هذه الفوضي الخلاقة التي البست السياسة ثياب الدين ، كما استطاعت ان تخلط لعبة أوراق السياسة القذرة بروح الاديان السمحة و المتسامحة .. فالاديان كلها و بلا استثناء تدعو الي الفضائل و التسامح و التحاور و المحبة .. أما السادة الساسة السياسين الذين يسمون الفوضي بالخلاق ، فهم الذين يزرعون الفتن بين البشر في كل مكان لتكون المحصلة النهائية لعالمنا هو تصادم الاديان لا تحاورها ..

في عقلي الباطن يرتبط الدعوة الي حوار الاديان بالحبر الاعظم بابا الفاتيكان الراحل المقيم ( البابا يوحنا بولس الثاني ) الذي كان رمزاً حقيقاً للتسامح و التحاور بين الاديان.. اذ لم تخلو عظة واحدة من عظاته من الدعوة الي السلام بين كل شعوب العالم غض النظر عن اديانهم .. و نأمل أن يقتفي خلفه أثر خطوات سلفه .. و لا اشك في العتره التي عترها ستقوم خطواته القادمة بمشيئة الرب ..

المقال ادناه كتبته في أمسية رحيل البابا يوحنا بولس الثاني تحت عنوان :-



السلام و الراحة الابدية لروح البابا يوحنا بولس الثاني

( طوبي لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون )





في أمسية من ليلة هادئة من ليالي ربيع أبريل نيسان من العام 2005م فاضت روح الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني الي باريها بسلام .. واليوم يرقد البابا رقدته الابدية في انتظار يوم القيامة و الحياة الابدية ..

كانت شخصية البابا يوحنا بولس الثاني شخصية فريدة و نادرة و غير عادية علي الاطلاق .. و كانت حياته غنية و مليئة بالامل لجميع بني البشر في كل أركان العالم .. وقد أفني الحبر الاعظم حياته و عمره لأجل الانسانية جمعاء .. كان البابا هو لسان كلمة الحق في نصرة الضعفاء و المظلمومين و المقهورين و المضطهدين ... كما كان لسان حال المشردين و المحرومين من ضحايا الحروب من الفقراء و الاطفال و النساء في الشرق الاوسط و افريقيا و امريكا الاتينية و اسيا ...

وقف البابا و نذر حياته لنصرة قضايا الشعوب العادلة الطامعة في نيل حقوقها .. فلا غرابة أن نري الشعب الفلسطيني و سلطته أول من يفتقدون البابا و يحزنون لرحليه و انتقاله .. فقد كان للبابا يوحنا بولس الثاني موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية العادلة في أقامة الدولة الفلسطينية جنباً الي جنب الدولة الاسرائيلية .. كما كان البابا اول من استقبل رئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات في الفاتيكان مبدياً اعترافه بالسلطة الفلسطينية و رئيسها الراحل ياسر عرفات .. فعل البابا كل الممكن في سبيل نصرة القضية الفسطينية دون خوف أو وجل أو تردد .. لم تثنيه تلك الاتهامات التي كالها و لفقها الاسرائيلين و اليهود في العالم و التي تقول بمعاداته للسامية .. فقد كان قول الحق صفة من صفاته كما كانت مبدأ من مبادئه الاصيلة لم يتزعزع عنها قيد انملة ..

كان البابا يوحنا بولس الثاني رجل السلام و العدل الاول في العالم .. و قد كانت كلمة الحق حاضرة عنده ضد كل جنرالات الحروب المنتشرين في كل قارات العالم .. هؤلاء جنرالات الحروب في افريقيا و اسيا و الشرق الاوسط كما في الولايات المتحدة الامريكية و امريكا اللاتينية و ايضاً في اروبا ..و سوف لن ينسي فقراء العالم و بالاخص ضحايا الحروب المختلفة وقفة البابا معهم في محنهم و لو بقول كلمة الحق كأضعف الايمان .. و زياراته البابوبية القارية الشهيرة التي كان يقوم بها عبر العالم لا سيما الي مواقع الصراعات .. فقد كانت لمحادثاته مع حكام و رؤساء تلك الدول الاثر الايجابي في اغماض الكثير من المشاكل .. كان البابا يحث الرؤساء دائماً الي التحاورو التفاوض مع معارضيهم الذين يحملون السلاح بغية تحقيق السلام العدل و الامن و الاستقرار لشعوبهم ..

أن العالم الحر سوف لن ينسي دور البابا العظيم و تضامنه ووقفته الشجاعة مع اتحاد العمال في وطنه الام بولندا .. فقد عجلت وقفة البابا و صموده الصلب مع شعبه في وجه حكومتهم الحمراء بسرعة تداعيه و انهياره .. استسلم السجان الكبير الذي حول بولندا الي سجن كبير يقبع خلف قضبانه كل الشعب البولندي .. و قد كانت زيارة البابا الاول لبولندا بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير الشوعية .. ليس في بولندا وحدها بل في كل شرق أوروبا ابتداءاً من بولندا مروراً بألمانيا الشرقية و من ثم الاتحاد السوفييتي قلعة الشوعية التي كانت ترفع شعار ( الدين أفيون الشعوب ) .. و لاغرابة أن يستقبل العجوز العنيد كاسترو البابا يوحنا بولس ال في عاصمة بلاده هافانا .. و تدق الاجراس في كنائس كوبا لأول مرة علي امتداد مدن كوبا و قراها معلنة عن كسر شوكة الشيوعية في هذه الجزيرة الصغيرة .. كوبا التي أرهقت الولايات المتحدة الامريكية بقوتها و جبروتها لاكثر من نصف قرن من الزمان ..

أن للبابا نفوذ و قوة روحية خفية تعمل فيه هذه القوة الغير مرئية التي تكمن في شخصية البابا كانت دائماً حاضرة في قوله لكلمة الحق .. و الكلمة عند البابا كان سلاح يفوق في قوته أعتي الترسانات الحربية المحملة علي ظهور الاساطيل و البوارج .. و كانت السكينة و الهدوء تسكن في قسمات وجه البابا معبرة عن أفصح التعابير و المعاني الغير منطوقة التي يتحسسها المرء بحسب المواقف و الظروف .. او بحسب الاحوال الاحداث و المشاكل ..

سيفتقد العالم عامة و الكنيسة الكاثوليكية خاصة رسالة البابا يوحنا بولس الثاني الاسبوعية و صلواته و طلاته البهية في ساحة القديس بطرس بروما .. فالرسالة الاسبوعية للبابا كانت رسالة عالمية ينتظرها الكثيرين بلهفة شوق و ترقب ..

و برحيل هذا الحبر الاعظم الجليل سيفتقد الجميع تلك المواقف الجريئة التي وقفها ضد حرب العراق .. فقد رفض البابا رفضاً باتاً كل الممبررات التي حاول الرئيس الامريكي جورج بوش الابن تسويقها لتبرير خوض الحرب ضد صدام حسين .. و كانت مواقف البابا الرافضة للحرب اكثر وضوحاً و صراحة من كل زعماء العالم و الامم المتحدة .. ذلك عندما نصح البابا الرئيس جورج بوش بعدم الذهاب الي العراق محارباً و مقاتلاً قبل ان يستنفذ كل السبل الممكنة و الغير ممكنة لاخضاع الرئيس العراقي صدام حسين و أثنائه عن برنامجه النووي المزعوم و التهديد الذي يهدد به الامن و السلم الامريكي كما يزعم بوش و يدعي ..

و بالرغم من نصيحة البابا لبوش و بالرغم من رفضه الصريح للحرب و توسلاته و مناشداته و صلواته .. فقد صم بوش المفجوع و المفزوع و المرعوب بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م .. رفض كل النداءات البابوية و الغير بابوية وكان بوش غير مستعد لسماع أي صوت او نداء الا صوت الرعب الذي سكن في قلبه .. عزم بوش و شمر ساعديه للحرب ضارباً بنصيحة البابا و بتوسلاته و صلواته أرض الحائط .. فأندلعت حرب العراق الثانية و قد أعطت هذه الحرب و تداعياتها المستمرة درساً قاسياً لامريكا لن تنساه ابداً ...

تميز فترة هذا البابا بزيارة معظم بلدان العالم و دولها .. و كانت زياراته التي تحمل في طابع مظهرها العام المعاني الروحية البحتة الا انها لم تكن تهمل او تغفل في مضمونها و جوهرها مشاكل العالم السياسية منها و الاقتصادية و الاجتماعية و الانسانية .. فكان البابا في زياراته طبيباً معالجاً لكل الجروح الانسانية من جسدية و روحيه و معنوية و نفسيه .. كان دائم الطلب لمشورة الله و حكمته و حضوره وهذا ما أنجحت مساعيه أي نجاح .. اذ استطاع أن يجعل من الفاتيكان دولته التي تعد من اصغر دول العالم مساحة .. جعل البابا من الفاتيكان قبلة للعالم أجمع ذلك بفضل أهتمامة بشئون و قضايا كل العالم ..

في ظل العولمة التي تكتسح العالم لا يمكننا نكران محاسنها و فوائدها الكثيرة .. كما لا يمكن اغفال وجهها القبيح و عيوبها التي لا تحصي او تعد .. التي منها الاباحية و الفوضي الجنسية من مثلية و أجهاض .. و قد كانت للبابا المواقف القوية ايضاً ضد الاجهاض و الجنس المثيل و الموت الرحيم و السياسات الاقتصادية لتي توسع من دائرة الفقر في الكون ... كان ضد السياسات الاقتصادية التي تكرس للظلم الاجتماعي في العالم مما يتولد منه الاحقاد و تحتقن به الصدور و بالتالي يجد الارهاب العالمي مكاناً ينمو فيه و يترعرع .. و لا ننسي دور البابا الرائد و حروبه الخاصة ضد مرض العصر اللعين ( الايدز ) ..

و ليوحنا بولس الثاني القدح المعلي في حوار الاد يان أذ كرس نفسه و جهده في سبيل السمو بالمفهوم الذي يقول بأن كل الاديان هي لرفعة الانسانية جمعاء .. و هي لتقويةأواصر المودة وسط الافراد و بين الشعوب و ان اختلف عقائدهم او مذاهبهم الدينية .. أهتم البابا بهذه النظرية الدينية المتقدمة فأنشي مجلس حوار الاديان السماوية الثلاثة ( المسيحية و الاسلام و اليهودية ) ... لم يكتفء البابا بذلك بل ذهب شوطاً بابعد من ذلك عندما فتح باب الفاتيكان لاستقبال رجل الدين البوذي الداي لام القادم من ادخال جبال الهملايا و قمم أفرست في اسيا .. فالحضارات عند البابا ابداً لا تتصادم كما أن الثقافات و الاديان و اختلاف الرؤي و المفاهيم الدينية عنده تبني الانسانية و ترفع شأن الامم و تقربها الي بعضها البعض .. و الاديان بالفهم الالهي الصحيح لم تكن يوماً مدعاة للاحتراب و الاقتتال ابداً بين الشعوب ..

زار الحبر الاعظم في بداية الالفية الثالثة الديار المقدسة تتويجاً لهذه المفاهيم الايمانية و الدينية المتقدمة و الراسخة عنده .. دخل البابا الكنيست او المجمع اليهودي و دخل المسجد الاموي العتيق بدمشق في سوريا كما دخل كنيسة المهد في بيت لحم و ايضاً كنيسة القيامه .. سلك البابا ذات الدرب الذي سار فيه المسيح و حمل علي كاهله الواهن المتألم كل الالام الانسانية .. تلك الالام التي تحملها من قبله الرب المخلص يسوع المسيح لاجل البشرية كلها ...

في الوعكة الاخيرة التي ألمت به و أدخل علي أثرها المستشفي كان البابا حريصاً علي مباركة المؤمنين عبر النافذة كل احد رغم المرض و الضعف و التعب و الاعياء .. و اكرم الله المؤمنين ببركة البابا و اطلالته الاخيرة في احد القيامة كأخر أحد يظهر فيها البابا و هو يبارك الجموع بيده اليمني رافعاً شارة الصليب .. لم يستطع البابا أن ينطق و لو بكلمة واحدة ألا ان صمته كان أبلغ و أفصح من كل الكلمات و بكل لغات البشر .. وصل رسالة البابا الصامته و تجاوب معها الجميع بحسب حاجاتهم الروحية و المادية و المعنوية المختلفة ..

و من وقتها لزم البابا سريره او فراش الموت .. ابتدأت الجموع تتقاطر من شتي ارجاء المعمورة باحساسهم الروحي العميق صوب الفاتيكان و قد تجمعوا تجمعاً تلقائياً في ساحة القديس بطرس .. و لايام كثيرة كانت الفاتيكان مزاراً ينم عن ابلغ تعبير لرد الجميل و العرفان للبابا يوحنا بولس الثاني .. اذ شكل الجموع بمختلف الجنسيات و اللغات و الالوان لوحة انسانية رائعة تعبر عن عظمة و قدرهذا البابا العظيم .. وقد شكل الحاضرين مهرجان و كرنفالاً روحياً احتفاءا و تكريماً وداعياً للبابا ف في ايامه الاخيرة علي أرض الفناء ..

في هذه الايام فقط استطيع أن أفهم و ادرك جيداً معني القول المأثور او المثل الشهير الذي يقول ( كل الطرق تؤدي الي روما ) نعم فكل الطرق في هذه الايام هي الي روما ... بل كل الطرق تؤدي الي الفاتيكان ...

كل طرق العالم في هذه الايام تنتهي في ساحة القديس بطرس.. و كل دروب العالم و شوارعها بل و أزقتها ستنتهي عند البابا يوحنا بولس الثاني الحبر لعظيم .. هذا الرجل الذي استحق حقاً و هو يستحق لقب الحبر الاعظم عن جدارة و اقتدر و امتياز .. كانت الجموع الوافدة تلقي نظرتها الاخيرة ... نظرة الوداع علي جسد البابا المجسي و هو يرقد رقدته الاخيرة .. فالبابا الذي زار كل الناس في بلدانهم و في قراهم و مدنهم .. البابا الذي زار خيام النازحين و اللاجئين و الفقراء و المساكين و الاطفال المشردين في شتي بقاع الدنيا ... البابا الذي صلي لاجل ضحايا الحروب و لاجل اليتامي و الارامل و المعاقين يستحق رد الجميل و العرفان يستحق التكريم و الاحتفاء بمواكب الترنيم و التسبيح و التهليل ..

هذا الرجل الشجاع الذي نصح و تحدث و ناقش الروساء و الملوك و الحكام و ناصر القضايا العادلة للمسحوقين .. هذا الرجل الذي طالب بأرجاع الحقوق المدنية و الدينية المسلوبة المهضومة لكل شعوب العالم .. استحق اليوم ان يبادله كل الملوك والامراء و الحكام و الرؤساء تحية الودعاء .. فقد تسابقوا جميعاً الي الفاتيكان في ملحمة و تظاهرة عالمية فريدة تلاشت فيها الاختلافات الدينية و الجنسية والايدولوجية معبرين عن وحدة الجنس البشري رغم كل الاختلافات و التباينات الكثيرة التي تفرقر بين الناس ..

أن ما اشاهده في هذه الايام من الحشود الزاحفة نحو ساحة القديس بطرس بروما تذكرني بتلك الايام التي زار فيها الحبر الاعظم السودان .. تلك الزيارة الجليلة التي تكرم فيها نيافته بالمجيئ الي وطننا السودان في شتاء فبراير من العام 1993م .. و لزيار البابا يوحنا بولس الثاني التاريخية الي السودان بلدنا الذي كان ساحة لأطول حروب افريقيا و العالم بعدها الديني و الروحي بأتجاه سلام السودان .. السودان الذي زاره البابا كانت لغته السائدة هي لغة الرصاص و القنابل و الموت و الخراب و الدمار .. كانت ابواب الحوار و التفاوض مغلقة امام الجميع أذ وقف العام في حيرة و ارتباك يتفرج علي المأساة الانسانية في السودان و هو لا يكاد يحرك ساكناً .. كانت الحركة الشعبية لتحرير السودان ترفع شعار السودان الجديد التي تدعو الي بناء الدولة السو انية علي أسس العلمانية .. و كانت الحكومة السودانية تنادي و تؤسس للنظام الحضاري الاسلامي في السودان المبني علي الاسس الدينية الاسلامية .. في ظل هذا الوضع السوداني المتنافر صارت كل المنتديات و المؤتمرات و المفاوضات علي قلتها لا تخرج عن دائرة حوار الطرشان ..

تلك كانت هي الاوضاع السودانية المتردية عندما زار البابا يوحنا بولس الثاني السوداني ... و كانت زيارته بمثابة القاء الحجر في بركة الحوار السوداني الساكن او الراكد .. و قد اخترقت زيارة البابا للسودان الجدار .. و فتحت كوة في المواقف السودانية المتصلبة و أرسي بداية للتفاهم و التحاور و الاقرار بمبدأ قبول الاخر و احترامه .. أسس زيارة البابا للسودان منطلقاً للمواطنة في ظل الاختلافات العقائدية و العرقية في السودان .. تذكرني تقاطر البشر في هذه الايام الي الفاتيكان بتقاطر السودانيين من كل ارجاء السودان من الجنوب و الغرب و من الشرق و الشمال و الجزيرة و من كل أحياء العاصمة المثلثة صوب مطار الخرطوم في ذلك الصباح الشتائي البارد.. فقد زحفت الجموع زحفاً نحو مطار الخرطوم لاستقبال البابا و قد ضاق بهم الخرطوم و لم تسع الحشود المليونية المتجة الي الساحة الخضراء .. و التاريخ اليوم يعيد نفسه في ساحة القديس بطرس بروما فقد زرع البابا الجميل بين كل الشعوب و ها هو اليوم يحصد ما زرع فالزيات اليوم تبدو عكسية الي الفاتيكان ....

احتشد السودانيين بشتي الوان طيفهم الديني و القبلي لاستقبال البابا و كانت الفرحة العارمة تغمر أفئدة و قلوب الجميع .. و لا عجب في أن يكون لزيارة البابا الي السودان الاثر الكبير في تهدئة نفوس السودانيين تلين مواقفهم او زحزحة ثوابت الطرفين الحكومة كما الحركة الشعبية .. كانت الزيارة بمثابة التعزية السماوية الي السواد الاعظم من الشعب السوداني الذي عاني الكثير من ويلات الحرب و ذاق مرارته و اكتوي بنيرانه ... و استطيع القول بأن زيارة البابا للسودان كانت هي النقطة الفاصلة او بداية النهاية لحرب السودان الطويل .. و قد بدأ العد التنازلي للحرب السودانية الشرسة عقب تلك الزيارة البابوية العظمي الي السودان ..

أننا في السودان ايضاً سنظل مدينين للبابا كما سائر شعوب العالم في فلسطين و العراق و كاسوفو و البانيا و بولندا موطنه الاصلي كما ايضاً شعوب امريكا اللاتنية و كوبا و شعوب شرق اسيا الفقيرة ..

و لا يمكن التحدث عن الحبر الاعظم البابا يوحنا بولس الثاني دون التعرض الي حادثة محاولة اغتياله قبل نحو عقدين من الزمان علي يد المواطن التركي محمد أغا .. فقد أطلق محمد أغا الرصاص علي البابا و كاد ان يرديه قتيلاً لو لا عناية و رحمة الله الفائقة جداً .. وقد عفا البابا عفواً شخصياً عن محمد أغا بعد ان زاره في أحدي السجون ..

و ها هو محمد أغا يتابع من سجنه باسطنبول في تركيا تداعيات مرض البابا و موته و يتابع ايضاً تدفقات الناس من شتي ابقاع العالم للمشاركة في جنازة البابا .. و قد تقدم أغا بطلب الي الحكومة التركية يطلب فيه عبر محاميه السماح له بيومين ليشارك في جنازة الرجل العظيم الذي أقدم في يوم من الايام علي قتله دون جريرة او ذنب ... كما ان أغا يريد ان يعترف بالخطأ الذي ارتكبه بحق البابا .. و قد قبل سماحة البابا الاعتراف مسبقاً و عفا و سامح قبل أن يطلب منه ذلك ...

لقد سعي الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني السعي الحسن و اكمل الايمان و العمل فهو يستحق اكليل المجد الذي سيهبه له الرب الدين في ذلك اليوم ..

لاشك في أن حبرنا الاعظم يرقد الان في سلام انتظاراً لذلك اليوم العظيم الذي سيطوبه فيه الرب الاله بالافراح السماوية قائلاً له ( ادخل ايها العبد الامين الي راحة سيدك ، فقد كنت أميناً في القليل فها انا أقيم علي الكثير )



ايليـــــا أرومــــي كوكـــو

الابيض

6/ 4/ 2005م



#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرئيس يعلن الحرب في جنوب كردفان، والمسيرية قادتها ووقودها ! ...
- من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتص
- البرنامج الإنتخابي للحركة الشعبية لتحرير السودان ولاية جنوب ...
- الحلو فى ام دورين وهيبان علي طريق الأمل و التغيير
- رامشيل سوسنة الاودية يا عروسة المدائن
- ربيكا قرنق أمرأة تقيم في خواطرنا
- انتخابات جنوب كردفان:مؤشرات و شوية دغمسة..!!
- انتخابات جنوب كردفان حظوظ الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى فى ...
- المصارعة بجبال النوبة.. طقوس وأسبار ومهرجانات
- القذافي رئيساً و ملكاً و اماماً و .... و .... !!
- مالك عقار :مقاتلو الحركة بالنيل الأزرق وجنوب كردفان ليسوا عم ...
- قصة تظاهرة لم تبدأ...حضور الشرطة وغياب المعارضة،
- وجهك يا امي قنديل في يوم المرأة
- في اليوم العالمي للمرأة : الاغتصاب وجه الارهاب الجنسي الاجتم ...
- ليبيا تشهد كتابة تاريج حديد بعد القذافي..!
- بعض من كلماتي أهمس بها لنفسي ...! ( 4 )
- الشرق الاوسط فصول من نهضة الشعوب و تنامي الثورات
- في ذكري الاب فيليب عباس غبوش : زعيم ثورة المهمشين في السودان
- اعادة النظر في ( حلايب ) نقطة الضعف في العلاقات السودانية ال ...
- لك يا مصر العظيم الف تحية


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ايليا أرومي كوكو - في يوم تطويب البابا يوحنا بولس الثاني : رجل لبمحبة و السلام حوار الاديان