أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير طاهر - الزمن حكم عليهم بالزوال














المزيد.....

الزمن حكم عليهم بالزوال


سمير طاهر

الحوار المتمدن-العدد: 3318 - 2011 / 3 / 27 - 15:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما نجحت ثورة تونس عبر حكام عرب عن تخوفهم بالمسارعة الى ترديد جملة بعينها وكأنهم اتفقوا عليها: "نحن لسنا تونس، تونس وضعها مختلف!".
حين صارت مصر ـ من حسن حظ كل العرب ـ هي التالية، تحول التخوف لدى حكامنا الى ما يشبه الرعب. أحدهم لم يخف شماتته الشخصية بسقوط نظام حسني مبارك فهلل لما وصفه بـ "سقوط نظام كمب ديفيد"، وهو تنويع على العبارة المضمرة: "نحن لسنا مصر، مصر وضعها مختلف!".
المعنى الذي يحرص الحكام العرب على توصيله الى الاعلام هو إنكار وجود أسباب وجذور للثورة في بلدانهم. وبما ان أسباب الثورة تعلن في كل لحظة وجودها الصارخ في الواقع اليومي في معظم بلداننا فقد اضطر هؤلاء الحكام الى البحث عن براهينهم المضادة خارج هذا الواقع. فسجل "الأخ العقيد" اكتشافاً بعثوره على أسباب الثورة التونسية في الفيسبوك ووثائق ويكيليكس التي هي في نظره مؤامرة انخدع بها التونسيون لقلة فهمهم، فيما كان تسبيبه للثورة المصرية أكثر تقليدية وابتذالاً: مؤامرة إسرائيلية! أما الاكتشاف الذي سجله تيار آخر، سواء من ضمن الحراك المصري الراهن أو في فلسطين أو سورية، فهو ان هذه الملايين التي خرجت الى الشوارع في طول مصر وعرضها ما كان في بالها سوى "إسقاط نظام كمب ديفيد"، ولا أظن هناك هروباً أكثر انكشافاً من هذا القول. لكأن القهر، والاذلال، ونهب الموارد العامة من قبل حفنة حاكمة، والاستئثار بالسلطة وبالثروة وإلقاء بقية الشعب الى بيداء الجوع والحرمان، وتحويل البلاد الى مدرسة ابتدائية لتلقين أناشيد التمجيد للحاكم وفنون العبودية، وامتهان الكرامة الانسانية للفرد كقاعدة يومية عادية، والانتهاك الجسدي والنفسي في المعتقلات، ناهيك عن القتل، لكأن هذا كله ليس قاسماً مشتركاً لمعظم البلدان العربية، وكأنه ليس الواقع اليومي الذي عانى منه التونسيون والمصريون والليبيون عقوداً وصبروا عليه حتى مَلّهم الصبر فثاروا. الحكام العرب لا يريدون أن يقتربوا من هذه النقطة لأنها تصف واقع بلدانهم وتنذرهم بأن أيامهم باتت معدودة. في مؤتمر القمة العربية سنة 2003 قال الرئيس السوري في كلمة أصبحت مشهورة ان الأمريكان " يريدون شعباً قلبه ينبض وعقله لا يعمل، هذا مطلوب من كل العرب، أي كمن يعيش في حالة السبات وفقط تتحرك العقول عندما يريدون وبالشكل الذي يريدونه "، وأنا أتساءل هنا: أليس هذا هو ما يريده كل حاكم عربي من شعبه؟ وألا تمارس الأنظمة العربية مع شعوبها كل ما تمارسه أمريكا مع هذه الأنظمة؟ ألا تحكم على عقول مواطنيها بالسبات عندما تفرض عليهم، ابتداء من روضة الأطفال وحتى آخر يوم في العمر، الأيديولوجيا الواحدة والحزب الحاكم الواحد وعقيدة الخضوع المطلق؟ ألا تحرك هذه الأنظمة، عبر المنظمات والنقابات الصورية وأجهزة الاعلام والمخابرات، وعبر الرعب الجماعي، عقول المواطنين فقط عندما تريد هذه الأنظمة وبالشكل الذي تريد؟ وفيما عدا الشطحات السخيفة التي يتفوه بها العقيد القذافي تحت تأثير عُتْه أو عقار ما، ما الذي تختلف فيه بقية البلدان العربية، حكماً وأوضاعاً، عنه في ليبيا؟ وما الذي يمنع النار من الانتشار الى هذا البلد العربي أو ذاك؟ هناك عقلية للحكم مشتركة تمتد من المحيط الى الخليج مع اختلاف في التفاصيل والخصوصيات، ولهذا فان أسباب ثورة التونسيين والمصريين والليبيين موجودة في معظم البلدان العربية، واندلاع الثورة في هذه البلدان مسألة وقت.
ان حالة الطوارئ، وأيديولوجيا "كل شيء من أجل المعركة"، والمحاكم العسكرية والاستثنائية والى آخر مظاهر الحكم القمعي، لا تتطلبها في حقيقة الأمر أية حاجة اجتماعية أو سياسية أو أمنية للبلاد وإنما تلبي حاجة العصبة الحاكمة فقط. فاسرائيل في حالة حرب دائمة من عشرات السنين ومع ذلك ظل نظامها ديمقراطياً دون ان يؤدي هذا الى سقوط الدولة أو حتى يتسبب لها في هزيمة عسكرية. ان حالة الطوارئ التي تبرر عادةً بالخطر الخارجي أو المؤامرات الداخلية هي في حقيقتها وسيلة السلطة للبقاء في الحكم ولدوام سرقتها لخيرات البلاد ولحقوق المواطنين، هي وسيلة لحفط أمنها الخاص وبأضيق المعانى، وهي وسيلة مكشوفة وغدت عتيقة جداً ولهذا تحتاج الى ضخها بالتبريرات والأعذار كل يوم. ومن حسن حظ الشعوب ان مصر قدمت الدليل القاطع على ان كل حذلقة الكلام وكل أنواع التبريرلا تنفع حين يأتي يوم الحساب. قانون الطوارئ الذي حمى نظام مبارك به نفسه لزمن طويل لم يقدر أن يجنّبه حكم التاريخ وإنما فقط أن يؤجل هذا الحكم لبعض الوقت. وكل أساليب الوقاية من هذا المصير فشلت: فلا إتاحة حرية الاتصالات الالكترونية تنفع ولا منعها ينفع؛ لا السماح بحريات جزئية (كما في مصر) نفعت ولا قمعها كلياً (كما في ليبيا) نفعت، لأنه في جميع هذه الحالات ظلت الفئة الحاكمة هي التي تقرر كل شيء حتى إصلاح ذاتها، وهي التي تمنع وتمنح، وهي التي تملك المادة والسلطة، وهذا الوضع هو الذي تصر الشعوب العربية اليوم على وضع حد له.
ان الظروف التي أتاحت لأناس معتوهين ونرجسيين وسيكوباثيين أن يحكموا بلداناً بشعوبها بدلاً من أن يقيموا في مصحات عقلية، لم تعد موجودة. كما ان البيئة السياسية والثقافية، الاقليمية والعالمية، التي ساعدت زعماء محظوظين مثل الخميني أو صدام على أن يتحولوا الى طغاة، لم تعد موجودة هي الأخرى. ما يحصل اليوم في عالمنا العربي ان الطغاة أصبحوا عُزّلاً من القاعدة التي كانوا يقفون عليها والتي تنتمي الى عصر مضى. لقد أصبحوا عملة غير مغطّاة. وكل ما راكموه من الأسلحة الثقيلة والخفيفة ومن القوات الموالية لن تنفعهم في شيء اليوم، فالزمن، وهو أقوى القوى علىالاطلاق، قد سحب الكرسي من تحت أقدامهم وتركهم يتدلون بحبل المشنقة.



#سمير_طاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ديمقراطية أم جمهورية حنين الى الماضي؟ (رد على حازم صاغية ...
- في عيد ميلادكَ المجيد
- هيَ
- لن تغرقوا مافي مرمرة في بحار من الفساد
- عن موضوع الاحتلال في حوارية كاظم حبيب
- من الحرب الباردة إلى الحرب الخفية
- حول هزيمة اليسار العراقي .. شكراً لعبد الله خليفة !
- محاربة الارهاب بالفساد
- كلهم يستغلون دم مروة الشربيني
- الملتحي
- العراق 9 نيسان 2003
- العراق في وادٍ ومؤتمر ستوكهولم في وادٍ آخر
- هكذا تجري الانتخابات الاميركية!
- غباء الطغاة
- موقع لكشف الحقيقة
- أثر الأساليب التعليمية في شخصية الفرد العربي
- دعه يخطئ، دعه يتعلم !
- عن سعدي يوسف و الفلوجة


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سمير طاهر - الزمن حكم عليهم بالزوال