أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد زكريا توفيق - نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية















المزيد.....

نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية


محمد زكريا توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 3304 - 2011 / 3 / 13 - 09:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ثورة اللوتس بدون مبادئ وفلسفة واضحة تصبح مجرد زوبعة في فنجان. مجرد انقلاب لتغيير وجوه أو لتطهير البلاد من فساد. لكن لو تبنت الثورة مبادئ إنسانية نبيلة، تصبح ثورة خالدة وقبس من نور يهتدي به التائه في كل زمان ومكان.

كيف نحول ثورة اللوتس من مجرد هبة غضب لتطهير البلاد من فساد مستشري يفوق الوصف، إلى فكر راقي وفلسفة جديدة، تعلي شأن الإنسان المصري وتضعه في المكان اللائق به على سطح هذا الكوكب. هذا ما أريد توضيحه في مقالي هذا.

من أين نبدأ؟ هل من البداية ككل القصص والحكايات؟ لا، سوف نبدأ من النهاية. أو كما يقول العامة: "هات من الآخر". سوف نبدأ من الإنسان نفسه. ثورة اللوتس يجب أن تبدأ بالإنسان.

ثورة اللوتس هي بمثابة انفجار نووي أخرج الطاقة الكامنة داخل الشعب المصري منذ آلاف السنين. هذه الطاقة الجبارة لا يجب أن تذهب سدى، أو توجه في غير موضعها.

يجب أن نبني حضارة جديدة تشبه حضارة قدماء المصريين، تعتمد على الإنسان المصري. عمادها العلم والتجربة والتفكير العميق والعمل الجماعي والأخلاق وتوحد الإنسان المصري مع نفسه والعمل الذي يقوم به.

إمكانياتنا ومواردنا البشرية عظيمة، تاريخنا وموقع بلادنا ومناخها ليس له مثيل. آثارنا ومتاحفنا ثرية بدون حدود. لدينا الصحاري والبحار والواحات والجزر والنيل وسيناء والشمس الساطعة وتقريبا كل شئ نحتاجه لبداية نهضة عظيمة.

لقد بنينا الآهرامات وشققنا قناة السويس وبنينا السد العالي. وكان لنا السبق في بناء خطوط السكة الحديد قبل معظم دول العالم. وكان لنا السبق في صناعة السينما وزراعة وغزل ونسج القطن. الآن جاء دور ممر التنمية ومنخفض القطارة وتعمير سيناء وساحل البحر الأحمر.

جاء وقت استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الذرية وأي طاقة نجدها. جدودنا كانوا يستخدمون الحيوانات لتوليد الطاقة، وعملوا من هذه الطاقة البدائية المعجزات.

جاء وقت الاكتفاء الذاتي في الزراعة. وقيام صناعة متقدمة نتفوق بها على دول العالم. وجاء الوقت للتعاون الزراعي مع السودان بشطريه وأثيوبيا وباقي الدول الأفريقية في الزراعة والصناعة. وفتح أسواق جديدة في الدول العربية وأفريقيا وباقي دول العالم.

لكن لكي نفعل كل هذه الأشياء، لا بد من دستور جديد عظيم. يكرس المواطنة والحرية والمساواة والديموقراطية. اختلاف الأديان وتنوع العادات والأفكار لا يعتبر ضعفا للدولة. إنما قوة وصلابة. هذا ما يفعلة المهندسون في صناعة السبائك المختلفة.

المعروف أن الحديد يزداد صلابة ويسمى صلبا إذا أضيفت له نسبة من الكربون. الحديد الخالي من الكربون مرن، قد لا يصلح لصناعات كثيرة. صلابة الصلب أكثر بكثير من مجموع صلابة مكوناته. أي أكثر من مجموع صلابة الحديد وصلابة الكربون. من أين أتى الفرق الكبير هذا؟ الفرق في مقدار الصلابة أتى من تعاون الذرات المختلفة الخواص.

هذا ما يعرف عند العامة بالبركة. كذلك الشعوب التي تختلط فيها الأجناس والعادات والأديان، تكون أكثر حضارة وقوة وتقدم. دول المهجر مثل أمريكا وكندا وأستراليا خير دليل على ذلك. هذا يحدث بالطبع إذا توفرت حرية الأديان والمساواة في الحقوق والواجبات.

لذلك لا يجب أن تكون مصر دولة دينية بأي حال من الأحوال. شعب متدين نعم، لكن دولة دينية لا وألف لا. الأزهر لا يجب أن يخرج عن كونه مؤسسة تقوم بالدراسات والأبحاث الدينية وما شابه، وكذلك الكنيسة. لا يجب أن يتدخل رجل الدين ليحدد ما يجب أن نفكر فيه، أو في الصحافة والتأليف، أو الفنون بكل أشكالها، أوحرية الرأي والبحث العلمي والطب، أو لباس المرأة والرجل.

كما أن رجل الدين لا يجب أن يتدخل لكي يفرض علينا آراءه بالقوة. أو يفرض علينا بندا في الدستور غير دستوري. يتحول بمقتضاه قطاعا كبيرا من المصريين إلى درجة ثانية من المواطنيين، ويفتح علينا صندوق "بندورا"، ليشتت جهودنا في الدفاع والهجوم والنزاع والصراع بين مسلمين ومسيحيين إلى أبد الآبدين، هذا شئ لا نقدر عليه ولا يجب أن يكون.

أنا هنا أعني المادة الثانية من الدستور والتي يجب أن تلغى. ولكي أوضح ما أعنية سأقوم بعرض الآتي:
يقسم أفلاطون نظم الحكم إلى نظامين: نظام يكون فيه القانون هو السيد. ونظام تكون فيه القوة هي السيد. يأتي أرسطو بعده، لكي يُعّرف الدستور بأنه مجموعة القوانين التي تمنح السلطة لأفراد الحكومة المشكلة وفقا للدستور. ثم يشير أرسطو إلى الرجال الذين يقومون بتأسيس دول دستورية، بأنهم أعظم الواهبين والمانحين.

ماذا يعني أرسطو عندما قال أن "سولون" في أثينا، و"ليكورجوس" في اسبرطة هم أول من أسسوا دولا؟ وماذا كان يعني بوصفهم أعظم الواهبين والمانحين؟

مصر الفرعونية كانت تسبق أثينا واسبرطة بقرون عديدة. ملوك الفرس كانوا موجودين في الوقت الذي كانت توجد فيه أثينا واسبرطة. لماذا قال أرسطو أن الدولة لا توجد إلا مع الدستور. الإجابة تأتي من أرسطو نفسه.

بالنسبة لأرسطو، نظم الحكم الدكتاتورية والأبوية، لا ينتج عنها دولا. الدولة لا تتكون إلا إذا كانت الحكومة دستورية. أي عندما يظهر الدستور، ويُفعّل وتلتزم به الحكومة. فيه دستور، فيه دولة. مافيش دستور مافيش دولة. كده ببساطة شديدة.

لهذا اعتقد أرسطو أن "سولون" في أثينا و"ليكورجوس" في اسبرطة، هم أول من أسسوا دولا، بوضعهم دساتير لمدنهم. بقيام الدولة والدستور والحكومة الدستورية، يظهر المواطن والمواطنة للوجود. قبل ذلك، ما كان فيه مواطنة ولا يحزنون.

إختراع الإغريق للدستور يعتبر أعظم تقدم في تاريخ البشرية. اختراع يقف في عظمته جنبا إلى جنب مع إكتشاف النار وإختراع العجلة وترويض الحيوانات وإتقان الزراعة. قبل إختراع الدستور، كانت الناس تحكم، كرعايا أو كعبيد. لكن لا يوجد مواطنين في أي دولة من الدول.

لم يكن الدستور الأمريكي هو أول الدساتير، ولم يكن من إختراع الآباء المؤسسين للولايات المتحدة. بعد الدستور الأمريكي بسنوات قليلة، جاء الدستور الفرنسي، لكي ينهي حكم الإستبداد لملوك البربون. وينشئ أول جمهورية فرنسية، ويعطي مفهوم "المواطنة" بعدا ثوريا جديدا.

الجمهوريات وجدت في العالم القديم. في اليونان وفي روما. الحكومة الدستورية لم تكن الأولي في الولايات المتحدة عام 1787م.

الحكومة الدستورية، بدأت في إنجلترا عام 1215م، مع "الماجنا كارتا"، التي كانت أول الخطوات في تقييد سلطة الملك، وزيادة سلطة نواب البرلمان. والتي جعلت الناخبين، مواطنين إلى جانب كونهم رعايا الملك.

لكن ما هو الدستور؟ هل يمكن أن آتي بصفحة من دليل تليفونات، أو مجموعة قوانين كيفما تكون، وأقول هذا هو الدستور؟ الدستور الذي يحولنا من مجرد رعايا وعبيد، إلى مواطنين محترمين، يجب أن يحمل في طياته ما يحافظ على حقوقنا كبني آدمين.

إذن، الدستور وسيلة وليس غاية. نبدأ بالأهداف التي نبغيها لكي نكون مواطنين صالحين، ثم نطلب الدستور الذي يحمي ويصون هذه الأهداف. الأهداف تختلف من شعب إلى شعب، ومن زمن إلى زمن، ومن مواطن إلى آخر، لكن هناك أهدافا عامة أساسية لا يمكن بدونها أن نكون بني آدمين أو مواطنين صالحين.

هذه الأهداف الأساسية هي:
- المساواة
- حقوق الإنسان الطبيعية والمدنية
- حق كل فرد في طلب السعادة
- حق الإنسان في المعارضة

ماذا نعني بالمساواة بين المواطنين؟ المساواة تعني أن لا أحد من المواطنين، له ميزة طبيعية بالمولد، تجعله أكثر أو أقل من الباقين. كلنا ننتمي إلى نوع واحد من البشر يسمى "هومو سيبين". لا فرق بين رجل وامرأة، أو بين أبيض واسمر، أو بين مسلم ومسيحي، أو بين مدني وعسكري، أو بين أهلاوي وزمالكاوي.

نفس عدد الجينات، وعدد الكروموزومات الثلاثة والعشرين. كل منا إن اختلف، فهو يختلف فقط عن باقي الحيوانات والمخلوقات. أما بالنسبة للبشر، فكلنا متساوين. أو كلنا في الهم سويا.

التباين يكون فقط في النشأة والتربية والتعليم. هي كلها أشياء مكتسبة وليست طبيعية. لذلك، كل منا له شخصيته وكيانه الخاص به، الذي لا يشاركه فيه أحد.

إذا كانت الجينات والكروموزومات، تساوي بيننا وتوحدنا جميعا تحت علم واحد، فعلينا ألا ننكر هذا ونحترم هذه الحقيقة التي لا يقربها الشك. العكس غلط وخاطئ وقميئ ولا يقبله العقل. العلم والفلسفة والأخلاق كلها تثبت إننا متساوون ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى.

لا فرق في القدرة الذهنية بين المرأة والرجل. أنظروا إلى أوائل الثانوية العامة. جلهم من البنات. من قال أن المرأة لا تصلح أن تكون عالمة ذرة، ماري كوري وعايدة نوداك وليز ميتنر وسميرة موسى، وغيرهن كثيرات. ومن قال أن المرأة لا تصلح أن تكون فيلسوفة، هيباشيا من الزمن القديم، وسيمون بوفوار وهانا أرندت وغيرهن كثيرات من الزمن الحديث، ومن قال أن المرأة لا تصلح قاضية، تهاني الجبالي وغيرها كثيرات.

كلنا كجنس بشري متساوون كأفراد. لذلك، يجب أن نكون متساوين في الحقوق والواجبات، متساوين في الفرص المتاحة، متساوين أمام القضاء، متساوين في المعاملة، متساوين في حق التعليم، في الفرص الإقتصادية، متساوين كمواطنين لهم حق الإقتراع والمشاركة في الحكم.

إذا لم يتحقق ذلك، يكون من المستحيل التطلع إلى مساواة سياسية وإقتصادية يكفلها الدستور. منذ 220 سنة، كانت هذه المطالب مع مطلب الحرية، هي أسلحة الثورة الفرنسية التي ساعدت على نجاحها.

الحقوق الطبيعية لا يمكن سلبها من الناس. لأنها جزء من طبيعتهم الإنسانية. لذلك يجب حمايتها بكل السبل. أول واجبات الحكومة، هو حماية حقوق الإنسان الطبيعية.

تدمير هذه الحقوق أو إهمالها، يعتبر ظلما، هو من شيم نظم الحكم الإستبدادية. هذا هو الفرق بين حكومة إستبدادية جاءت بقوة الجيش، وحكومة جاءت بقوة القانون.

لكن، كيف يتسنى لحكومة، أن ترعى وتحمي حقوق الإنسان الطبيعية؟ الإجابة تكون عن طريق فرض وحماية حقوق الإنسان بالقانون. قوانين تمنع القتل والتعذيب الذي يهدد حياتنا وصحتنا الجسدية والنفسية. قوانين تمنع الإختطاف والإعتقال والسجن بدون محاكمة.

هذه القوانين، وإن كانت تحمي حقوقنا الطبيعية، إلا أنها لا تؤسس حقوق الإنسان المدنية. لكي نؤسس الحقوق المدنية ونؤكدها، يجب أن نذهب إلى الدستور. حتي لا تأتي حكومة لكي تقوم بالسيطرة على مجلس الشعب، ثم تقوم بإصدار القوانين التي تسلب الناس حقوقها المدنية كما كان يفعل مبارك. لذلك يجب أن ينص الدستور على الآتي:

- لا يجب إصدار قوانين تناصر دين معين على دين آخر، أو تمنع أتباع دين معين من مزاولة شعائره بحرية وسلام.
- لا يجب مصادرة حرية التعبير بكل اشكالها المسموعة والمرئية، أو مصادرة حرية الصحافة وحق إصدار الصحف.
- لا يجب منع الناس من التظاهر للتعبير عن مظالمهم وبث شكواهم.
- الجيش، إلى جانب حمايته لأرض الوطن، عليه أيضا حماية الدستور الذي يكفل حقوق الإنسان.
- ليس من حق الحكومة أن ترسل جنودها لكي تقتحم البيوت إلا بسند قانوني من الهيئة القضائية.
- من حق الإنسان أن يكون آمنا على نفسه ومسكنه وممتلكاته وأوراقه الخاصة.
- لا يجب القبض على أي إنسان، إلا بسند قانوني من الهيئة القضائية.
- من حق المتهم، سرعة التقاض. ومن حقه الدفاع عن نفسه وتوكيل محام للدفاع عنه. ومن حقه أيضا سماع شهود النفي ومواجهة شهود الإثبات.

هناك حق آخر من حقوق الإنسان إلى جانب حقوقه الطبيعية والمدنية. هو حقه في الحياة كما يريد، وحقه في طلب السعادة كما ينشدها.

كل إنسان يبغي السعادة لنفسه. هذه حقيقة واضحة. السعادة تختلف عن الثروة أو السلطة أو المجد أو الشهرة، في أنها غاية وليست وسيلة. الناس تبغي السعادة لكي تعيش سعيدة. إنما تطلب الثروة لغاية. أي لكي تعيش سعيدة. السعادة في الدنيا والآخرة هي غاية ما يرجوه كل منا.

السعادة، فضلا عن كونها هدفا في حد ذاته، هي شئ جميل كامل. بعكس الثروة أو السلطة أو العلم أو الشهرة أوغيرها. لأننا عندما نحصل علي الثروة مثلا، نريد معها أشياء أخري مثل السلطة والشهرة. لكن، عندما نصل إلى السعادة، لا نريد معها شيئا أخر.

السعادة من الناحية السيكلوجية، هي لحظة تحقيق هدف ما، كنا نأمله ونتوق إليه. هي أيضا حسب تعريف القدماء، الحياة السعيدة التي تأتي بالإلتزام بالقيم والآخلاق وطلب العلم والحكمة. وهما في الواقع، شئ واحد. لأن الرجل صاحب العلم والأخلاق، يشعر دخليا أنه يحقق الهدف الذي يصبو إليه كل لحظة تمر به.

حقنا في طلب السعادة، هو إلتزام خلقي نحو حياة أفضل. وهذا يعني حقنا في حياة خالية من الخوف والعوز والفاقة والبطالة والمرض والجهل والتلوث والفوضى والزبالة. تحقيق هذه الأمور للناس، ليس منة من أحد، إنما هو حقها في أن تحيا حياة سعيدة.

الحكومة ليس من واجبها أن تسعد فئة من الناس على حساب فئة أخرى. الفقراء على حساب الأغنياء، كما كان الحال في عصر المد الإشتراكي، أو الأغنياء على حساب الفقراء كما كان الحال في عهد مبارك. إنما وظيفة الحكومة، أن تخلق المجال الذي يسعد فيه الجميع دون أن يعتدي أيا منهم على حقوق الآخر.

الحكومات التي تشكل لحماية هذه الحقوق، تستمد شرعيتها من رضاء وموافقة المحكومين. هي حكومات تحكم بالحق، لا بالقوة. شرعية الحكومة تتوقف على مدي حمايتها للحقوق الطبيعية لمواطنيها.

نأتي الآن إلى موضوع آخر وهو، هل ما يناسبنا هو النظام الرئاسي أم الحكومة البرلمانية؟ هنا سوف أستشهد بحكاية من حكايات أيسوب توضح الفرق:
كانت الضفادع تعيش حياة سعيدة هانئة في مياة مستنقع دافئة، غنية بيرقات الحشرات، ومحاطة بنباتات البوص والأعشاب. وكانت الضفادع تقضي وقتها في الغوص والقفذ والنط والتهام غذاءها الوفير أثناء النهار، والغناء والغزل والحب أثناء الليل. لكن ظهر بينهم من وجد أن هذه الحياة ليست على ما يرام، ولا يجب أن تكون. بسبب عدم وجود ملك يرعى شؤونهم ودستور ينظم أمرهم. لذلك قرروا أن يرسلوا إلى الإله جوبيتر إلتمسا جاء فيه:

"يا جوبيتر العظيم، اعطنا ملكا يحكم بيننا وينظم شؤوننا." ضحك جوبتر من سذاجتهم، وألقى إليهم فى المستنقع بجذع شجرة كبيرة.

عند سماع الضفادع لصوت إرتطام الجذع بالماء، أصيبت بالرعب وفرت هاربة من المستنقع في كل اتجاه. ظلت من بعيد تراقب الجذع وهي تظن أنه وحش كاسر. لكن بعد فترة، إكتشفت أن الجذع ميت لا حراك فيه. تقدم أشجعهم وقفذ على الجذع وأخذ في الرقص والغناء. عندئذ، تبعته باقي الضفادع وفعلت مثل ما يفعل.

عادت الضفادع إلى أسلوب حياتها اليومي، دون أن تشعر بوجود ملكهم الجديد بينهم. لكنهم لم يقتنعوا. ووجدوا أن هذا ليس طلبهم وما يبغون. لذلك، قاموا بإرسال إلتماس جديد، يطلبون فيه ملكا بحق وحقيقي. ملك يستطيع أن يحكمهم كما يجب أن تحكم الشعوب، أو علي الأقل كما تحكم الشعوب العربية.

لكن هذا الطلب السخيف أصاب جوبيتر بالغضب. فأرسل إليهم على الفور طائر اللقلق كبير الحجم. سرعان ما أطلق لشهيته وجشعه العنان، وبدأ في إلتهام الضفادع واحدا بعد الآخر.

الحكمة من هذه القصة، هي أننا يجب أن نكون حذرين في إختيارنا لنظم الحكم التي نحلم بها. النظام الرئاسي لا يصلح للدول الضعيفة ذات النسب العالية من الأمية، والتي يسيطر علي عقول شعوبها رجال الدين. لأن الحاكم يستعبد شعبه بدنيا، ورجل الدين يستعبدهم روحيا.

ما يصلح لهذه الشعوب، هو النظام البرلماني والحكومة البرلمانية. الذي يكون فيه الرئيس يملك ولا يحكم. مثل النظام الجمهوري في الهند أو في إسرائيل، أو النظام الملكي عندنا قبل الثورة، أو النظام الملكي الإنجليزي، أو مثل جذع الشجرة الذي ألقاه جوبيتر للضفادع ولم يرتضوا به.

هذا هو تصوري لدستور جديد يليق بالشعب المصري العظيم بعد ثورته الخالدة، ثورة اللوتس، حتى يستطيع أن ينهض ويتبوأ مكانه تحت الشمس.



#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعد ثورة اللوتس، هل هناك أمل في التحرر من السلطة الدينية؟
- ثورة اللوتس المصرية
- الفلسفة النفعية
- شوبنهور فيلسوف التشاؤم
- مشكلة الأقباط وحادث الإسكندرية
- نيتشة والرجل السوبرمان
- كارل ماركس
- حتى لا نكون رعايا وعبيد لحاكم مستبد
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 04 - عالم النحل
- جرب فكري ودعارة خلقية
- عدم اليقين في العلوم الحديثة
- جان بول سارتر والفلسفة الوجودية
- سيجموند فرويد والتحليل النفسي 1
- قصص وحكايات من عالم الأحياء 03
- الديموقراطية والحالة المصرية
- فولتير رائد من رواد فلسفة التنوير فى القرن الثامن عشر
- قصص وحكايات من عالم الأحياء – 02
- قصص وحكايات من عالم الأحياء - 01
- الإمام محمد عبده - رائد من رواد الإصلاح والنهضة المصرية الحد ...
- مونتسكيو وروح القوانين


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد زكريا توفيق - نحو دستور جديد خالي من المادة الثانية