|
الملائكة يصلّون عليكِ ، والخائبون والخائبات ..
عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 3298 - 2011 / 3 / 7 - 23:49
المحور:
الادب والفن
في عيد المرأة العالمي : مجتءات من عمل شعري طويل ..
......................................................................................
" إن على الجَمال أن يكون متشنجا ، أو لا يكون .. "
بريتون
1
أشتاقكِ حتى وأنا أشتاقكِ ، وبعد أن أشتاقكِ يحصل أن يحاصرني الشوقُ ثانية ، كأنني لم أفِ اشتياقكِ حقَّ أن يكون شوقا يعكسُ نورَ صعقتي بجمال اشتياقكِ ..
2
لأنكِ صحو العصافير على البراري ، ويقظة اللمعان على البلور . لأنكِ تمطرين طفولة وموسيقى ، طفولة وأنهار ، طفولة ويأس ، طفولة وحيرة . لأنكِ صباح يجذب إليه حنان العطور ، ونكهة الأعياد . لأنكِ وعي بكر ، ونبوغ حار .
لأنكِ امرأة . لأنكِ امرأة وامرأة اخرى ، وثالثة ورابعة .. حتى ينتهي العد ، ويتحول الكون إلى أصفار ..
لأنكِ ميادين من النوم ، وشوارع من الرغبة . لأنكِ ذاهبة لأنكِ قادمة لأنكِ لابثة في مكانكِ ، لأنكِ متوارية ، لأنكِ شاخصة ، لأنكِ كل هذا ونقيضه ، لأن كل هذا لا يشبهكِ ، لأنكِ أنتِ ..
لأنكِ قوية كساق زهرة ، لأنكِ مكسورة كريح . لأنكِ تبتكرين الأعياد والشبابيك والمصابيح . لأنكِ تشرقين على القلب من جهته العميقة . لأنكِ تلاطفين المحزون ، وتلاعبين قلق العالم . لأنكِ ناصعة اليقظة . لأنكِ الجمرة التي تأتي عارية لتطرد البرد . لأنكِ الخيال الذي يُفسد على الموت أعماله . لأنكِ انشقاق الندى عن الماء . لأنكِ سنوات من السنابل ، وشعركِ قرون من القمح . لأنكِ عاصمة الدهشة ، ووطن السائرين في نومهم . لأنكِ قتيلة تقتلُ كلّ قتل ، وتذرفُ الدموع على قاتليها . لأنك مغفرة متاحة للجميع . لأنكِ وردة هائمة ، وعاصفة من العطر تنهض من قدميكِ . لأنكِ خاطفة كعمر ، لأنكِ أزلية كلحظة سُكر . لأنكِ ذاهبة إلى قدميكِ وعائدة بمواكب من النسيم . لأنكِ تجدلين من قبلاتكِ مجرة من النيازك ، وسلالا من النجوم .
3
لأنهم يقتلونكَ عندما تُشعرينهم بالهزيمة . لأنهم يشعرون بالقلق من نبوغ حواسكِ . لأنهم يجدونكِ أمامهم : هم الذين وضعوكِ الخلف. لأنهم يقايضون بكِ رضا النثر ، ويسلبونكِ حرّية الموت حبا في القصيدة . لأنهم يساومون بكِ الأفكار ، ويسممون حياتكِ بأفكار اخرى . لأنهم يتلصلصون على حرية نومكِ . لأنهم يعتقلون الأحلام ، والرغبة ، والحب . لأنهم يعرضونكِ كإنسان ، ويصفعونكِ كطفلة وقحة . لأنهم يطاردون ضحكتكِ . لأنهم يجرحون وحدتكِ ، ويعزلون عزلتكِ عن عزلة المتوحد ..
أضمكِ إلى القلب ، فأنتِ قلبه . أسكنكِ لأنكِ مأهولة بي . افرّقكِ لأنكِ الشعاع الذي يضيء الباطن . أتبعكِ لأنكِ هائمة في مرايا تعكسني عاشقا يلملم آثاركِ في الكتب ، في الممكن ، وفي غياهب المطلق . أهربُ مني فأجدني نائما في أحضانكِ . أكتبكِ وأمحوكِ ، فلستُ أعرف كيف أكتبكِ ، فأنتِ الشعر ومأزق الكتابة . لا أعرفُ كيف احبكِ وأنا ملطخ ببياضكِ . اريدُ أن أكتبكِ بقلم الرصاص ، ثم أنكسرُ مثل قلم الرصاص . اريدُ أن أنكسرَ وأنا أرسمُ حقول الحنان في صوتكِ : اريدُ أن أنكسر انكساركِ : اريدُ أن أنكسر مثل جرّة ، وانكسر مثل مكسور ينكسر ، ولا يجمعني إلا بياضكِ .
4
كلُّ عصفور تقولينه يأتي بالصباح مغسولا بنشوة العشب ، إذ يلاعب الندى . كلُّ عصفور تقولينه يكسر القفص ، ويفتح الافق للمحزون وللأسير .. كلُّ شجرة تقولينها تكسو النظرَ بالجنة . كلُّ جنة هي شجرة تقولينها : هي شجرة تقولينها فتصير جنة لا يقوى على العيش فيها إلا مَن شاهدك تقولين قولكِ .
كلُّ ما تقولينه سفرٌ في الينابيع ، ووصولٌ إلى المطلق . كلُّ مطلقُ له براءة وجهكِ . كلُّ جمال هو وجهكِ ، وكلُّ وجهكِ قول لا يمكن كتابته .
حافظي على العاصفة التي تلعبُ بين ذراعيكِ ، فبين طياتها ريشتي التي لا يهمها سوى أن تكتب قولكِ ، ولأنكسر بعدها ، فكلّ نبي مكسور ، كلُ نبيل مكسور ، كلُّ عصفور مكسور ، وكلُّ عاشق مغامر مكسور ، وكلُّ مكسور ينتصرُ على انكساره عندما يشرقُ وجهكِ ..
5
حفيفُ غرائزكِ ، يأخذني إلى حدائقكِ المسحورة ، حيثُ فمكِ الذي يتّقن غرس القبلة تلو القبلة ، فيخرج البستان عن طوره . يخرجُ البستان عن طوره ، فيصير شجرة . الشجرة تصير غصنا . الغصنُ ينقسم بين الورقة والثمرة ، بفمكِ تقدّمين لي الثمرة ، وبفمكِ ، على الورقة ، أرسمُ فمكِ ..
فمكِ ينتظر أن أكون شريكه في خلق أطورا اخرى : طبقات اخرى من الأرض ، لتنبتُ شجرة الرغبة ، عالية جدا ، لكنها سهلة الصعود مثلكِ ، وعصية على السهولة ، مثلكِ أيضا .
نومكِ ناصع البياض ينتظر أن اكون فارسا . ينتظر أن اكون فارسا يضع رأسه على كتفيكِ ، ويبكي . ينسى روحه عندكِ ، ويذهب إلى الميدان ، فلا يُقتل ، ولا يموت ، ولا يعيش .
في القليل من النشوة : نشوتكِ في الأقل من العراك : عراك عصفور مع قشة ، يمكن أن ينبجس الماء من ينابيع تنتظر إيقاظها بلمسة عبقرية ، تعرفُ يداكِ كيف تصوغها ، ونحن غارقين في صحراء يأسنا .
6
أنتِ الدرّة التي يعجز اللمعان ، كلُّ اللمعان ، أن يشي بجوهرها : مركزُ الرغبة ، والباقياتُ الصالحات من الحب ، أنتِ . سفكٌ لدم النشوة ، وإباحة الطيران في فضاء الروح ، أنتِ .. أنتِ مختصر سلالات من العشق : تكثيفٌ للدوار ، أنتِ . أنتِ كتبٌ غير مقروءة ، يحفظها الأميون عن ظهر قلب : جرعاتٌ قليلة يأخذها العالم منكِ فيعود طفلا : بللٌ منكِ ويفورُ التنورُ ، ويبدأ الطوفان : طوفان جمالكِ . شوارعٌ خلفية أنتِ ، وهذيان أزقة منسية تجلسُ الصبايا تحت نور مصابيحها .
7
كلّ شجرة تدّعي أنكِ الثمرة التي نفختْ فيها من روحها . كلّ عاصفة تدعي أنكِ وكرُ نسورها . كلّ ريح تدعي أنكِ رئة الهواء . كلّ غيمة تدعي انكِ من أمطارها . كلّ مطر يدعي أنكِ دموعه . كلّ نار تدعي انكِ شعلتها . كلّ شعلة تدعي أنكِ الشرارة . كلّ قصيدة تدعي أنكِ المعنى . كلّ النساء تدعي أنكِ حبيبتي . كلّ حبيبة تدعي أنكِ محض فكرة . كلّ فكرة تدعي أنكِ جوهرها . كلّ جوهر يدعي أنكِ قلبه . كلّ قلب يدعي أنكِ مركز ثقله .
8
لأن صوتكِ يأتي من براري البساطة . لأنه يشع كنوم أبيض . لأنه يمسكُ بخيط البراءة ، كما يمسك العصفور بجناحيه . لأنه طليق كريح تنحتُ الطريق الذي تسلكه الريشة إلى قلب الهواء . لأنه حقل يغزو مناجل حصاده . لأنه يترنم بالأقاصي ، ويجتمع بالبعيد . لأنه مما يجعل المشي ممكنا تحت منع التجوال ، وفي ساعة الخطر . لأنه الوصول إلى الدليل .
9
لأن ضحكتكِ جميعُ اللغات ، وحزنكِ جميعُ الصمت . لأن شرقكِ ينقله عصفورُ إلى الغرب ، ويأتي بغربكِ عصفورٌ من الشرق . لأن في صوتكِ خلاصة الخجل ، وفي وجهكِ براءة الشيطان . لأن العشب يختلسُ النظر إلى مراعي ابطيكِ ، كي يطول الربيع . لأن السماء ، كل السماء ، تختصرها تلويحتكِ من بعيد . لأنكِ سفرٌ العاشق إلى كل مكان ، لأنكِ عودة المشتاق من كل مكان . لأنكِ أماكن مأهولة بأماكن لا تدل عليكِ . لأن أماكن وجودك نفسها أماكن غيابكِ . لأنني أجهل ما احبه فيكِ أحبكِ ،لأمارس جهلا يقودني إلى معرفة تقودني إلى غموضكِ . لأنني احبكِ اناديكِ من كل مكان ، وأعرف أنكِ لستِ في مكان ، رغم أن كلَّ مكان يناديكِ ..
10
أشتاقكِ حتى وأنا أشتاقكِ ، وبعد أن أشتاقكِ يحصلُ أن يحاصرني الشوقُ ثانية ، كأنني لم أفِ اشتياقكِ حقَّ أن يكون شوقا يعكسُ نورَ صعقتي بجمال اشتياقكِ ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لحظة جان دمو ..
-
اعجوبتكِ ..
-
شاسعة جدا ، كالبياض ..
-
قصيدة العصفور
-
كن عاشقا عالميا ، كالتراب ..
-
رأيتُكِ في البلدة التي لا اسم لها ..
-
احبكِ قبل أن يبتكروا الكتابة ..
-
كيف تولد المعجزة .. ؟!
-
كان عليَّ أن أهربَ منكِ ..
-
الشاهد .. !
-
قصيدة نثر عن الحب والزمن
-
اغنية جان دمو
-
اغنية السيدة ذات القلب الأعظم ..
-
نظفوا الورقة .. !
-
ديموزي : بورتريه شعري
-
لا ملاك ، لا شيطان ، لا أحد ..
-
لعبتُ معكِ لعبة الغرق ..
-
عشتار : بورتريه شعري ..
-
المثقف النظير ، الشاعر النظير ، الصعلوك النظير .. إلخ
-
تعَ ولا تجي / في الذكرى السنوية لعيد ميلاد السيدة فيروز ..
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|