أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد أبو شرخ - هل للقدس مكانة في العهد القديم















المزيد.....

هل للقدس مكانة في العهد القديم


خالد أبو شرخ

الحوار المتمدن-العدد: 3218 - 2010 / 12 / 17 - 07:30
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لم تتوان إسرائيل ومنذ اليوم الأول لإحتلال مدينة القدس, عن البدء بعملية تهويد للمدينة, بحملة مسعورة لا تهدأ ولا تكل ولا تلين, من عمليات المصادرة والإستيلاء على الاراضي والمنازل العربية في المدينة, والتضييق على سكانها العرب الفلسطينين لإجبارهم على الرحيل من مدينتهم المقدسة, والقيام بعمليات حفر وتنقيب لإثبات التاريخ اليهودي للمدينة, في واحدة من أكبر عمليات التزييف والنصب والإحتيال على التاريخ والتراث شهدها العالم, وتتذرع دولة الإحتلال بالمكانية الروحية والقدسية والدينية والتاريخية والنفسية للقدس عند الشعب اليهودي, وبانها العاصمة الأبدية لإسرائيل, وقلب الشعب اليهودي الذي لا يحيا بدونه.
نتفهم مكانة القدس الدينية عند المسلمين والمسيحين, بسبب وجود المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين, ووجود كنيسة المهد وطريق الألام فيها, وهي أرض الإسراء والمعراج وقيامة السيد المسيح, ولكن ماذا عن الديانة اليهودية؟ ومن أين أتت المكانة الرفيعة للقدس فيها؟ وما هي حقيقة الهيكل المزعوم الذي لم يثبت وجده حتى اللحظة؟.....الكثير من التساؤلات تثار حول مكانة القدس في الدين اليهودي, حيث أن التوراة(الإصحاحات الخمس الاولى من العهد القديم) معتقد اليهود لم يأت ذكر القدس بها لا من قريب ولا من بعيد, وباقي اسفار العهد القديم لم تعط للقدس أي إمتياز عن باقي المدن الكنعانية.
تبدأ قصة بني إسرائيل مع أرض كنعان في سفر التكوين, بقصة الوعد الذي أطلقه الرب للأباء (إبراهيم وإسحق ويعقوب) أما يوسف فلم يتلق أي وعد, بل هو الذي قاد بني إسرائيل للخروج من أرض كنعان إلى مصر وترك الأرض الموعودة, وعلى الرغم من ذكر مدن مثل شكيم وحبرون وجرار وبيت إيل ولكن لا يوجد في سفر التكوين أي إشارة لأورسالم أو مدينة اليبوسين كمدينة مقدسة, لا من قريب ولا من بعيد, بل أن الأباء في ترحالهم المستمر بحثا عن المراعي لم يدخل أحدا منهم مدينة القدس, رغم بنائهم للعديد من المذابح للرب في أماكن مختلفة من أرض كنعان, وبإمكان القاريء العودة للكتاب المقدس ليتأكد من ذلك.
ومع بدء عصر الأبناء في سفر الخروج, ونفض الغبار عن الوعد بعد أن نسيه الرب مدة أربعمائة وثلاثين سنه...!!! أيضا لا نجد ذكر لمكانة خاصة للقدس, في وعود الرب لموسى, حيث ذكرت كأرض اليبوسين وكجزء من الأراضي الموعودة لا يحمل أي صفة مقدسة.
فنَزَلْتُ لأُنقِذَهُم مِنْ أيدي المِصْريِّينَ وأُخرِجهُم مِنْ تِلكَ الأرضِ إلى أرضٍ رَحْبةٍ تَدرُّ لَبَنًا وعسَلاً، إلى موطِنِ الكنعانيِّينَ والحِثِّيِّينَ والأمُوريِّينَ والفَرِزِّيِّينَ والحِوِّيِّينَ واليَبوسيِّينَ.(سفر الخروج ,8,3)
ومع كل تكرار للوعد لموسى لا نجد أي قدسية خاصة لمدينة القدس في هذا الوعد, وعندما أرسل موسى جواسيسه للتجسس على أرض كنعان, توجهوا إلى مدينة حبرون(الخليل), ولم يتوجهوا إلى القدس.
وفي باقي أسفار التوراة ( اللاويين والعدد والتثنية) لا يجد القاريء أي ذكر لمدينة إسمها أورشليم أو يبوس, وبذلك نستطيع أن نجزم بان التوارة لم تعط لمدينة القدس أي قدسية خاصة, بل تعاملت معها على أنها جزء متساوي مع بقية أجزاء أرض كنعان.
يبدأ ذكر القدس في الأسفار التي تلي التوارة في العهد القديم, حيث يحمل الإصحاح العاشر من سفر يشوع بن نون, ولكن ليس كمدينة مقدسة ولها مكانة خاصة, بل لأن ملك أورشليم تحالف مع أربعة ملوك
آخرين لمحاربة أهالي جبعون الذين استسلموا ليشوع بن نون, فقام يشوع بحمايتهم وهزم الملوك الخمسة ولكنه لم يدخل أورشليم.
ولمَّا سمِعَ أدوني صادَقَ مَلكُ أورشليمَ أنَّ يَشوعَ اَحتَلَ عايَ وهدَمَها وفعَلَ بِها وبِمَلِكِها كما فعَلَ بأريحا ومَلِكِها، وأنَّ أهلَ جبعونَ سالَموا بَني إِسرائيلَ وأقاموا فيما بَينَهُم، 2خافَ خوفًا شديدًا لأنَّ جبعونَ مدينةٌ عظيمةٌ كأيِّ مدينةٍ لها مَلِكٌ، وهيَ أكبرُ مِنْ عايِّ وجميعُ رِجالِها أشِدَّاءُ. 3فأرسَلَ إلى هوهامَ مَلِكِ حَبرونَ، وفِرآمَ مَلِكِ يَرموتَ، ويافِعَ مَلِكِ لَخيشَ، ودَبيرَ مَلِكِ عجلونَ، يقولُ لهُم: 4«تعالَوا إليَ وناصِروني، فنُهاجمَ جبعونَ لأنَّها سالَمَت يَشوعَ وبَني إِسرائيلَ». 5فاَجتمَعَ مُلوكُ الأموريِّينَ الخمسةُ وهُم مَلِكُ أورُشليمَ ومَلِكُ حبرونَ ومَلِكُ يَرموتَ ومَلِكُ لَخيشَ ومَلِكُ عجلونَ وتقَدَّموا بجميعِ جيوشِهِم وأحاطوا بجبعونَ وهاجموها (سفريشوع,10, الايات من 1 الى 5).
ويغيب ذكر أورشليم أو أورسالم أو يبوس في العهد القديم ليعود إلى الظهور في سفر قضاة, حيث استولى بني اسرائيل على المدينة بعد وفاة يشوع بن نون, وحسب توزيع الأراضي وتقسيمها الذي قام به يشوع بن نون كانت المدينة من نصيب سبط يهوذا, وهنا يبرز السؤال, إذا كانت التوارة قد أعطت الكهانة والشؤون الدينية لسبط لاوي, وإذا كان لأورشليم مكانة قدسية خاصة, ألا يعني ذلك أن المدينة يجب ان تكون حصة سبط لاوي وليس يهوذا؟!, وكما تبرز ملاحظة, وهي ليس موضوعنا في هذا المبحث ولكن لعلم القاريء, في سفر يشوع بن نون يذكر العهد القديم ان يشوع بن نون قد إستولى على كل أرض كنعان وقضى على الكنعانيين, وقام بتقسيم الأرض على بني اسرائيل, أما في سفر القضاة فيتضح من بدايته أن يشوع بن نون لم يستولي على أرض كنعان ولم يقض على الكنعانيين, بل ان الرب طلب من بني اسرائيل قائدا ليقوم بالمهمة, وان بني إسرائيل لم يستطيعو القضاء على الكنعانين وأقاموا بينهم, أي بجرة قلم يلغي سفر القضاة سفر يشوع بن نون, لعل القاريء يدرك هنا مدى التخبط الذي أصاب كتبة العهد القديم , ومقادر التناقضات التي يحتويها هذا الكتاب.
وبَعدَ وفاةِ يشوعَ سألَ بَنو إِسرائيلَ الرّبَ: «مَن مِنَّا يصعَدُ أوَّلاً لِمُحارَبةِ الكنعانيِّينَ؟»(سفر قضاة,1,1)
8وهاجَمَ بَنو يَهوذا أورُشليمَ فاَحتَلُّوها بِحَدٌ السَّيفِ وأحرَقوها بالنَّارِ(سفر قضاة,8,1)
نفهم من الاية السابقة أن الإسرائيلين قد أبادوا سكان أورشليم (اليبوسين), وقاموا بتدميرها وإحراقها, ليفاجئنا نفس السفر ونفس الاصحاح وفي تناقض واضح, بان سبط بنيامين اقام مع اليبوسيين بعد ذلك في مدينة أورشليم
21أمَّا اليَبوسيُّونَ المُقيمونَ في أورُشليمَ فلم يَطرُدْهُم بَنو بنيامينَ، فأقاموا معَ بَني بنيامينَ في أورُشليمَ إلى هذا اليومِ (سفر قضاة,21,1)
هنا يجب أن ندون ملاحظتين, الاولى في جملة (هذا اليوم) , التي تدل على أن العهد القديم تمت كتابته بعد الاحداث التي يرويها(لسنا هنا بصدد نقاش صحتها ) بزمن طويل, اما الثانية أن الإسرائيلين لم يتعاملوا مع المدينة كمدينة صاحبة قدسية خاصة, بل سكنوا بها واندمجوا مع اهلها ومن يطالع باقي اسفار العهد القديم يجد انهم تركوا عبادة يهوه واعتنقوا ديانات الكنعانين, ويستمر سفر قضاة في تناقضاته, حيث يقول لنا في الاصحاح التاسع عشر شيئا اخرا, أن أورشليم بقيت مدينة يبوسية ولم يدخلها بني اسرائيل, حيث خاف رجل من سبط لاوي دخول المدينة لعدم وجود اسرائيلين فيها.
10فرَفَضَ اللاَويَّ أنْ يَبـيتَ، واَنصرفَ حتـى وصلَ إلى قُبالةِ يَبوسَ الـتي هيَ أورُشليمُ، ومعَهُ زَوجَتُهُ وحمارانِ مَسروجانِ. 11وفيما هُم عِندَ يَبوسَ والنَّهارُ مالَ جِدُا إلى المغيبِ، قالَ الخادِمُ لِسَيِّدِهِ: «حوِّلْ بِنا إلى مدينةِ اليَبوسيِّينَ هذِهِ، فنَبـيتَ فيها». 12فقالَ لَه سيِّدُهُ: «لا ننزِلُ في مدينةٍ غريبةٍ لا أحدَ فيها مِنْ بَني إِسرائيلَ، لكِنْ لِنَعبُرْ إلى جِبعَةَ».(سفر قضاة,الاصحاح 18 الايات من10 الى12).
والمدقق في هذه الحادثة يجد انها حدثت بعد رواية حرق المدينة, أو إقامة سبط بنيامين فيها بثلاثة قرون, فأي رواية من الروايات الثلاث الماضية هي الصحيحة؟ إبادة اليبوسيين؟ أم الإقامة معهم؟ أم بقاء أورشليم يبوسية خالية من أي إسرائيلي ؟
ويغيب ذكر أورشليم مرة أخرى ليعود في سفر صموئيل الثاني متجاوزا سفرا راعوت وصومئيل الاول, فبعد أربع قرون من دخول يشوع بن نون أرض كنعان (حسب الرواية التوراتية), ينقل داود عاصمته من حبرون إلى أورشليم, ولكن كيف؟ ولماذا؟
ملَكَ بِحَبرونَ على بَيتِ يَهوذا سبْعَ سِنينَ وستَّةَ أشهرٍ، وملَكَ بأورُشليمَ ثَلاثًا وثلاثينَ سنَةً على جميعِ إِسرائيلَ ويَهوذا, وسارَ المَلِكُ ورِجالُهُ إلى أورُشليمَ لِمُحاربَةِ اليَبوسيِّينَ سُكّانِها، فقالَ لَه هؤلاءِ وهُم يَظنُّونَ أنَّه لا يَقدِرُ أنْ يَدخلَها: «لا يُمكِنُكَ أنْ تَدخلَ إلى هُنا، فحتى العميانُ والعُرْج يصدُّونكَ». 7لكنَّ داوُدَ اَحتَلَ حِصنَ صِهيونَ وهوَ مدينةُ داوُدَ 8وقالَ في ذلِكَ اليومِ لرجالِهِ: «مَنْ أرادَ أنْ يُهاجمَ يَبوسيُا، فليَدخلْ عبرَ قناةِ المياهِ إلى حيثُ أولئِكَ العُرْج والعُميانُ الذينَ تَعافُهُم نفْسي». فلذلِكَ يُقالُ: «لا يدخلُ بَيتَ الرّبِّ أعمى ولا أعرَج». 9وأقامَ داوُدُ في الحِصنِ وسَمَّاهُ مدينةَ داوُدَ، وبَنى حولَه سُورًا مِنَ القَلعةِ إلى الدَّاخلِ. 10وكانَ داوُدُ يَزدادُ عظمَةً، والرّبُّ القديرُ معَهُ ( سفر صموئيل الثاني, 5,من 5 الى 10)
اعتراف واضح وصريح أن اورشليم بقيت يبوسية إلى زمن داود, اي بعد دخول يشوع بن نون باربعة قرون, كما ان النص اعلاه لا يذكر أن داود قد دخل المدينة, بل احتل حصنا بجوارها, تربطه بالمدينة قناة, واعطى للحصن اسم مدينة داود, كما ان سفر صموئيل الثاني لا يذكر تعليمات ربانية لداود لاحتلال اورشليم, وبذلك حتى في زمن داود لم يكن للقدس مكانة دينية خاصة, ولم يدخلها أي سبط من بني إسرائيل, وما يذكره العهد القديم من نقل تابوت العهد الى اورشليم و زواج داوود من بنات اورشليم, لا يدلل الا على اندماج المدينتين, اورشليم ومدينة داوود, كمدينة يبوسية اسرائيلية مختلطه, ويؤكد هذا الإستنتاج سيرة الإبن الأخير من سلسلة الأبناء ألا وهو سليمان الذي بنى معابد لليبوسين في اورشليم, دليلا على بقائهم واختلاطهم مع الاسرائيلين, وان المدينة كانت متعددة الديانات, ولا مكانة لديانة مميزة فيها, وعليه لا نستطيع ان نجزم بان اورشليم احتلت مكانة روحية خاصة في عهد داود وسليمان, بل نستطيع جزم العكس.
الابن الاخير في سلسة الابناء هو سليمان الحكيم الذي ورش العرش من ابيه داود, ويخبرنا سفر الملوك الاول عن بناء الهيكل, وقصر سليمان
وفي السَّنةِ الأربَعِ مئَةٍ والثَّمانينَ لِخروج بَني إِسرائيلَ مِنْ أرضِ مِصْرَ، في السَّنةِ الرَّابِعةِ مِنْ مُلْكِ سُليمانَ على إِسرائيلَ، في زِيو وهوَ الشَّهرُ الثَّاني، بدأ سُليمانُ بِبِناءِ هَيكلِ الرّبِّ. 2وكانَ الهَيكلُ سِتِّينَ ذِراعًا في الطُّولِ، وعِشرينَ في العَرضِ، وثَلاثينَ ذِراعًا في العُلُوِّ (سفر الملوك الاول,6, ايات 1و2)
وبَنى سُليمانُ قصرَهُ في ثَلاثَ عشْرَةَ سنَةً. 2فبَنى قاعةً دَعاها غابةَ لبنانَ وطُولُها مئَةُ ذِراعِ، وعَرضُها خمسونَ ذِراعًا واَرتِفاعُها ثَلاثونَ ذِراعًا. بَناها على أربَعةِ صُفوفٍ مِنْ أعمِدَةِ الأرْزِ. وكانَ على الأعمدَةِ عَوارِضُ مِنَ الأرْزِ، 3سقَفَها بِالأرْزِ على الغُرَفاتِ الخمسِ والأربَعينَ التي على الأعمِدَةِ وكُلُّ صَفٍّ خمسَ عشْرَةَ غُرفَةً. 4وكانتِ النَّوافِذُ ثَلاثةَ صُفوفٍ، كُلُّ صَفٍّ خمسَ عشْرَةَ نافِذةً، وكُلُّ نافِذَةٍ مُقابِلَ النَّافِذَةِ الأُخرى. 5وكانَت جميعُ المَداخلِ والنَّوافِذِ مُربَّعةَ الأُطُرِ، وكُلُّ نافِذةٍ مُقابِلَ الأخرى على ثَلاثَةِ صُفوفٍ (سفر الملوك ,7, الايات من 1 الى 4)
لو سلمنا بصحة الرواية التوراتية نجد قصر سليمان كان أضخم وأفخم من الهيكل الذي هو بيت الرب,والهيكل بحجمه لا يتجاوز ركنا في مسجد أو كنيسة, كما ان كلمة هيكل كلمة كنعانية (هيكال) وتعني مذبح الالهة, فهل كان الهيكل لرب بني اسرائيل؟ أم لديانات اليبوسيين المقيمين في اورشليم؟ خاصة أن سليمان قد تزوج منهم المئات من النساء, وبنى لهم المعابد, وكما يخبرنا العهد الجديد عن وجود منذورات في الهيكل, والمنذورات هن بنات عذارى وهبن انفسهن للعبادة وخدمة الهيكل, وهذه كانت من طقوس الديانات الكنعانية القديمة, وكان الكنعانين يطلقوا عليهن اسم العشتاريات, نسبة الى الالهة عشتار, حقيقة قصة الهيكل, تضعنا في تساؤل أكبر حول جوهر الديانة اليهودية, إن كانت ديانة من الديانات الكنعانية وأن الشعب الاسرائيلي ما هو الا قبائل رعوية من قبائل المنطقة, والتوراة ما هي الا ميثولوجيا البحث عن الذات بين ممالك ارض كنعان .
بعد أن بنى سليمان الهيكل, غضب الرب عليه لانه تزوج من كنعانيات, وأبقى على التعددية الدينية في أورشليم, فحكم على ممكلته بالزوال, حيث انقسمت بعد وفاته كما تخبرنا التوراة الى دولتين, اسرائيل في الشمال وعاصمتها السياسية والدينية شكيم, ويهوذا في الجنوب وعاصمتها السياسية والروحية أورشليم, وبذلك وحسب التوراة نجد ان أورشليم لم تحتل مكانة العاصمة الروحية والدينية لبني اسرائيل سوى 33 سنه فقط من ما يقارب الأربعة قرون ونصف القرن, منذ أن دخل يشوع بن نون أرض كنعان, حتى وفاة سليمان, ولان اورشليم بقيت يبوسية طوال الوقت ولم يغادرها مواطنيها, ولم تمنع فيها دياناتهم, اتخذ بني اسرائيل مدن واماكن اخرى, كمراكز دينية وروحية, فيلاحظ القاريء لاسفار (عدد, قضاة, تثنية, صموئيل الأول, صموئيل الثاني) ترديدا لاسماء عدة تم اتخاذها مراكز دينية, مثل (الرامة, في شيلوة, جبعة شاؤول, الجلجال, بيت ايل) حيث كانت تقام الطقوس وتذبح الذبائح وترفع المحروقات للرب.
هل تكفي ثلاثة وثلاثون عاما من عمر الوعد البالغ ما يقارب التسع قرون؟ ومن عمر اجتياحهم لارض كنعان والبالغ ما يقارب الاربعة قرون ونصف, كي تجعل أورشليم روح وقلب بني لإسرائيل؟ فلنبحث عن الاجابة في العهد القديم.
فكما ذكرنا أو كما يذكر العهد القديم, أن دولة سليمان قد تمزقت إلى دولتين, إسرائيل ويهوذا, وكانتا متعاديتين, وشنتا الحروب على بعضهما البعض, واستعانت كل دولة بالفلسطينين على الاخرى, مما يدلل على بقاء القوة العسكرية للفلسطينين, فأين روايات سفر يشوع بن نون وسفر قضاة عن ابادة الفلسطينين؟!.. وفي حروب الدولتين نرى أن دولة اسرائيل لم تعترف بقدسية أورشليم, ودولة اسرائيل كانت تجمع عشرة اسباط مقابل سبط واحد في دولة يهوذا, وهو سبط يهوذا, فلنر ماذا فعل الاسرائيليون بأورشليم وبالهيكل.
12فاَنكسَرَت يَهوذا أمامَ إِسرائيلَ وهربَ كُلُّ واحدٍ إلى بَيتِهِ. 13وقبَضَ يوآشُ على أمَصْيا في بَيتَ شَمسَ، وجاءَ إلى أورُشليمَ وهدَمَ سُورَها مِنْ بابِ أفرايمَ إلى بابِ الزَّاويةِ، على أربَعِ مئَةِ ذِراعٍ. 14وأخذَ جميعَ الذَّهبِ والفضَّةِ والآنيةِ التي وجدَها في هَيكلِ الرّبِّ وفي خزائِنِ قصرِ المَلِكِ، ورجعَ إلى السَّامِرةِ ومعَهُ عدَدٌ مِنَ الرَّهائِنِ (سفر الملوك الثاني ,14, من 12 الى 14)
اين قدسية بيت الرب؟...ألا نرى الإستهانة وعدم الإعتراف بمكانة الهيكل في هذه الايات؟ ومن الذي فعل ذلك؟... بنو إسرائيل
كما انا بني يهوذا لم يبدوا أي احترام للهيكل, رغم أنه في عاصمتهم, فكانوا ينهبون آنية الهيكل وجواهره ليقدموها هدايا للملوك الكنعانين والاراميين, في سبيل تحالفاتهم ضد دولة اسرائيل
18فأخذَ آسا جميعَ ما تبَقَّى مِنَ الفِضَّةِ والذَّهبِ في خزائِنِ هَيكلِ الرّبِّ وقصرِ المَلِكِ وأرسَلَهُ معَ بَعضِ رِجالِهِ إلى بَنهَدَدَ بنِ طَبريمونَ بنِ حَزيونَ مَلِكِ آرامَ السَّاكِنِ في دِمَشقَ وقالَ لَه: 19«لِيكُنْ بَيني وبَينَكَ عَهدٌ. كما كانَ بَينَ أبي وأبيكَ، وهذا الذَّهبُ والفِضَّةُ هديَّةٌ منِّي إليكَ، فَاَنقُضْ عَهدَكَ معَ بَعشا مَلِكِ إِسرائيلَ فينصَرِفَ عنِّي» ( سفرالملوك الاول , 15,من 18 الى 19).
لعل المثالين السابقين يدللان على مكانة أورشليم بعد حكم سليمان, ويوجد الكثير من الامثلة في العهد القديم على شاكلة المثالين السابقين.
ومن هنا نجد ان تساؤلنا حول اذا كان للقدس مكانة في العهد القديم تساؤلا مشروعا؟... فما استعرضناه باختصار شديد هو مضمون لروايات عمرها الزمني تسعة قرون, لم تحتل القدس بهم مكانة خاصة سوى ثلاثة وثلاثين عاما, ولم تكن خاصة ببني اسرائيل خلال هذه السنوات. بل شاركهم بها اليبوسين ودياناتهم بشهادة واضحة من العهد القديم, وهناك مدن ومواقع في فلسطين وحسب الرواية التوراتية, احتلت مكانة دينية قبل القدس ولمدة أطول.
بعيدا عن مناقشة مدى صحة الرواية التوراتية, ومدى أهليتها كمصدر لدراسة التاريخ, أرى ان العهد القديم لا يمنح القدس أي مكانة خاصة في الديانة اليهودية , وينطبق عليه القول المأثور وشهد شاهد من أهله.



#خالد_أبو_شرخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنتفاضة الفلسطينية وإجابات الماضي على تساؤلات الحاضر
- العهد القديم..ممنوع لمن هم دون ال18عاما..
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية(5) إكمال الحبكة
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (4) الرب يطلق الوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (3) التمهيد للوعد
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية (ج2) لماذا فلسطين تحددا
- التوراة وفلسطين والدولة اليهودية


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خالد أبو شرخ - هل للقدس مكانة في العهد القديم