أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - علي شكشك - حالة أسر














المزيد.....

حالة أسر


علي شكشك

الحوار المتمدن-العدد: 3215 - 2010 / 12 / 14 - 17:26
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


حالة أسر
علي شكشك
مكابدةٌ من المكابدات العميقة هي حالة الأسْر, وهي مجرد عَرَضٍ للحالة الفلسطينية, فحين تتلخص المسألة برمتها كحالة أسر, يصبح اعتقالُ الفلسطينيُّ الإنسان أحدَ شروط قيام واستمرار وجود الكيان الغاصب, ذلك أنَّ جوهر المشروع الصهيوني هو الأسر, ويصبح الأسرُ هو الجذر المعنويَّ لكل المشتقات اللاحقة التي تشكل الطيف الفلسطيني منذ أكثر من قرن, ويصبح ما عداها مرادفاً لها, وإلا فما معنى الاستيطان والاحتلال والاغتصاب والنهب والمصادرة والهدم والتهويد والتزوير والادّعاء والتهجير, ماذا يمكن أن يكون جوهرها إلا الأسر,
هو حالةٌ عامّة يتغير طعمها وعنفوانها وِفق ظرف الأسير وظرفِ المكان, فحين يتعلق الأمر بالأرض يكون الأسر اغتصاباً واستيطاناً واحتلالا, ويكون جوهرُ المسألة أنّ الأرضَ الفلسطينية أسيرة ومكبّلة,
وحين يتعلّق الأمر بالإنسان, فقد جرى المصطلح ليصف حالَ أولئك الذين يُزَجُّ بهم في السجون, وهي حالة تمثل ذروة الامتهان والعذاب,لأنها تصادر الحرية, أخصّ خصائص الإنسان, وشرط التكليف من رب العالمين, الذي وهبها له فيما وهب, كما وهب للأجرام أفلاكها, وللأطيارِ انعتاقها, وللريح كلّ هذا الفضاء,
والأسرُ يكسرُ أعمق ما في الحياة من اطمئنان, ويشرخ الانسجام ودعَةَ الروح, ويقطعُ تواصل الرحمة وتفاعل المودّة وراحة الروح,
والأسرُ داخل جدرانٍ يمثّل ذروة حالة الأسر, إلا أنَّ حالة الأسر هذه تتسعُ لِتشمل كلَّ فلسطينيّ, بما أنّه مقموع بدرجةٍ ما, ومقيَّدٌ بشكلٍ ما, وممنوعٌ بشكلٍ ما من ممارسة حريته الفطريّة وحقّه الإنساني في انطلاقه وتنقّله وتواصله مع مكانه وشعبه وثقافته, بما أنّ الغاصب المحتلّ يأسِر حركته, ويسجن حقوقه,ويمنعه عنوةً من أرضه وبيته وسياقه وفضائه,
وتصل الأمور إلى ذروة العبث حين يطلب الآسِرُ من الفلسطيني الأسير أن يُقرَّ له بيهوديّة الأرض والتاريخ, في محاولةٍ عدميّة لأسرِ عقلِه ووجدانه, كأنّ القناعاتِ وذلك العميق في الوجدان يمكنُ أن يُساسَ بالقوة, لكنّه عمى البصيرة وتخبّطَ الخطيئة, تلك التي تبحث عن صكِّ غفرانٍ من الضحية تبررُ كلَّ أخطائها وتغسل كلَّ خطاياها, ذلك هو التمادي في محاولة أسرِ الفلسطيني حتى متن العقل وأعماق الوجدان, بل ويصلُ الإيغال في الأمرُ إلى محاولة أسر المشاعر حين يصبح ممنوعاً أن تحزن في ذكرى نكبتك,
إنها ليست فقط حالة الأسير, بل هي أيضاً حالةُ الآسِر, المغتصِب, الذي أوصلته حالته إلى هذا الحدّ من المرض والعمى والغطرسة والجنون وأصبح أسيراً لحالته تلك, كما لو أنّه توحّدَ مع مضطهِديه وتقمّصهم وأدمن دورهم مخدّراً بإرثِ الجنون, وأسيراً لمهنة الأسر والغصبِ, ومتفوّقاً على ذات الفعل ومتمادياً إلى الحدّ الذي قد يطالبنا فيه مستقبلاً بالاعتذار عن مجرد وجودنا هنا منذ التاريخ, إنها حالةُ أسرٍ عمياء, تقابل حالة الأسر الفلسطينية, وتمثّلُ وجهها النقيض,
الحالة الفلسطينية حالة مظلومية, وحالةٌ مفروضة, تميل بفطرتها إلى كسر قيدها, ومقاومة أسرها, وتستدعي التحرر منها لتنسجم مع جمال وكمال الإنسان, والحالة الثانية تمثل نزقاً وميلاً مرضيّاً إلى أسرِ الآخرين واستباحتهم وسلبهم مطلق وجودهم, وهي حالة تميل إلى التفاقم والتضخم والتسرطن, ولا مدى لها, وتستعصي على الشفاء, ومآلها الجنون والدمار والاندثار.

[email protected]



#علي_شكشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأشياء
- هذه الليلة
- رمضان الفلسطيني
- سيرياليزم
- كيف حدث كلُّ هذا؟
- حالة ذهان
- ليس غريبا
- يحدث كلَّ يوم
- مذاق الاستقلال
- كتاب في الذكري ال 48 لاستقلال الجزائر
- قوانين نهايتها
- دائرية كالتاريخ
- لِيسوؤوا وجوهَكم
- طاسين الأسر
- نكبتة الآتية
- هي هي
- كأن ليس هناك أحد
- موعد وراء الجدار
- تمام الكلام
- الخروج من الذات-حالة منفي-


المزيد.....




- الرئيس السوري يؤكد أهمية المحاسبة داخل حزب البعث العربي الاش ...
- التصور المادي للإبداع في الادب والفن
- حوار مع العاملة زينب كامل
- شاهد كيف رد السيناتور بيرني ساندرز على انتقاد نتنياهو لمظاهر ...
- وثائق: تأييد عبد الناصر لفلسطينيي غزة أزعج بريطانيا أكثر من ...
- شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام ...
- بمناسبة ذكرى الثورة السورية، السويداء شرارة ثورة تعيد امجاد ...
- م.م.ن.ص// 138 سنة مضت والوضع يعيدنا لما مضى..
- ربيع کوردستان، تلاحم المأساة والهبات الثورية
- لماذا لا يثق العمال بقوتهم؟ حركة سلم الرواتب نموذجا


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - علي شكشك - حالة أسر