علي الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 3200 - 2010 / 11 / 29 - 01:03
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
((أبوب التغييرالديمقراطي لا زالت موصدة بوجه العراقيين))
بعد مضي أكثر من أربعة عقود والعراقيين يحدونهم الأمل في الوصول الى حلم الديمقراطية, في إيجاد مخرج لأزماتهم السياسية والاجتماعية التي ظلوا يعانون منها في ظل حكم النظام السابق,فقيادات الداخل المعارضة لم تكن موجودة في الأرض العراقية وان وجد البعض منها فهو غير فعال لعدم امتلاكه قاعدة شعبية عريضة يستند عليها لإحداث التغيير المرتجى,شدة البطش و الإرهاب ألصدامي ,أضطر الكثير منها الى الهروب الى دول الشتات.الساحة السياسية العراقية كانت شبه فارغة من إي تنظيم معارض للنظام سوى بعض أصوات المثقفين المتفرقة هنا وهناك,المرجعية الدينية في حينها كان كثيرا ما يهمها هو ديمومة بقائها والحفاظ على مصالحها لغرض كسب المزيد من المال والثروات على حساب الفقراء والمحرومين غير مكترثة لصرخات الجياع من الشعب ,وفي أحيان كثيرة الجأت تابعيها الى التمسك بالغيبيات والقضاء والقدر وأحيانا أخرى بالمنقذ الذي سيخرج قريبا ليملأ الأرض عدلا وقسطا بعد أن ملأت ظلما وعدوانا ويخلصهم من واقعهم المزري,فهي تساير النظام السابق في جميع خطواته ,وقد أستطاع النظام أن يجند الكثير منهم للسير في فلكه مبررين ذلك بتمسكهم (بمبدأالتقية)
وهناك أحزاب أسلامية نشأت وتكونت برعاية مخابرات الدول المستضيفة لها,فهي تحاول العودة للعراق بأي ثمن لتنفيذ أجندات الدول التي صرفت عليها الكثير من الأموال وحمتها من بطش النظام السابق,
أما في شمال العراق فكان حزبان كرديان ثيوقراطيان لايمتلكون من الثوابت الوطنية بقدر ما يمتلكون من القدرة على اللعب على حبال مختلفة فتارة مع النظام ويقومون بضرب القوى الوطنية المتواجدة في جبال كردستان وتارة عندما تسنح الفرصة لهم ينقلبون عليه فالفرسان والجحوش قاموا بعمليات إجرامية ضد أبناء جلدتهم مقابل الحصول على الامتيازات والأموال من الطاغية,وعندما فرض الحظر الجوي على العراق كانوا أول المتعاونين مع القوات الأمريكية ليحظوا بالحماية الولية وعلى أثرها قاموا بارتكاب مجازر وحشية ضد المعارضين الوطنيين المتواجدين الهاربين من بطش النظام هناك من خلال السماح لقوات الطاغية وبموجب اتفاق خاص للدخول الى أراضي كردستان وقتل واعتقال قيادات المعارضة..وأخيرا جاء الحل من الخارج لإسقاط النظام الديكتاتوري القمعي.
أمريكا التي احتلت العراق ,من خلال أعلامها وتبريرا لفضاعاتها التي تزامنت مع الاحتلال كانت تقول بان العراق سيكون منطلقا للديمقراطية لشرق أوسط كبير,وهي توحي بذلك الى أنها سوف تقوم بتسليم مقاليد الأمور في العراق الى أناس يؤمنوا فعلا بالديمقراطية والتغيير ,لكنها فضلت مصالحها على ديمقراطيتها الموعودة وقامت بتسليم الأمور الى عملائها ولأحزاب ثيوقراطية تريد العودة بالعراق الى زمن الديكتاتورية والتخلف والانحطاط,,وهذا المنطق ليس غريبا على أمريكا ,فالنظام السعودي التوريثي هو من اقوى حلفائها في المنطقة.
إن أحزاب الإسلام السياسي لا تؤمن بالديمقراطية وهي تمارسها لغرض الوصول للسلطة والتمسك بها , وعند وصولها اليها كانت أولى خطواتها إبعاد وتهميش القوى الوطنية المؤمنة والسائرة على النهج الديمقراطي عن الساحة السياسية وأفساح المجال لتيارات واحزاب ذات افكار سوداوية وتوجهات طائفية متخلفة, كو نها لا تريد التغيير الحقيقي لواقع المجتمع العراقي ,حيث عمدت منذ وصولها للسلطة وليومنا هذا بنشر ثقافةالارهاب والعنف الدموي والتشدد من خلال سطوت مليشياتها ,بدلا من ثقافة التسامح والألفة والمحبة,ثقافة التخلف والتمسك بالغيبيات التي تحجر على الفكر الإنساني الخلاق,لو كانت فعلا مؤمنة بالتغيير نحو الأفضل عليها أن تقوم بمكافحة الفساد والأفكار البالية,بل عليها أن تبث ثقافة الديمقراطية وتعليمها للأجيال من خلال المناهج الدراسية ومنظمات المجتمع المدني ,عليها ان تحترم الدستور وعدم خرق بنوده في القضايا التي تكون ليس في مصلحتهم,عليها أحترام الحريات العامة والخاصة لكل مكونات المجتمع العراقي المختلفة,عليها أيقاف الإرهاب المنظم ضد الأقليات العرقية والدينية المتواجدة منذ الآلاف السنين وساهمت بشكل حيوي في بناء حضارة وادي الرافدين.عليها رعاية الطبقة المثقفة وتوفير الأجواء الآمنة لها لا اغتيالها لمجرد التقاطع في المفاهيم معها.عليها أن تلزم الجميع باحترام القانون والنظام وعدم فسح المجال لدعاة الدين ورجالاته بالتسيد على المواطنين والتمتع بالامتيازات الخاصة وتجاوزهم على كل القيم والأعراف الإنسانية.,ونهبهم لأملاك الدولة وأراضيها بحجة بناء مؤسسات دينية وجوامع وحسينيات عليها.على الدولةالتي تتبنى الديمقراطية طريقا لها القيام بمنع الأحزاب الدينية بفتح المدارس الخاصة التي تتقاطع برامجها التعليمية مع برامج التعليم للدولة العراقيةوالتي أصبحت مصانع لحشوا العقول طائفيا؟أن غض الطرف عنها يعني خلق طبقة أستبدادية دينية بدلا من الطبقة القومية الاستبدادية التي كانت سائدة في النظام السابق.
أن الديمقراطية تعني التوزيع العادل للثروات وليس الوصول الى حالات الفقروتحت خط الفقر لأكثر من ثلثي العراقيين,الديمقراطية تعني إعطاء الحريات العامة والخاصة ومنها حرية التعبير والاعتقاد والتعبد ,والتظاهر وتنظيم المسيرات الجماهيرية المطالبة بحقوقها وخدماتها التي نص عليها الدستور,وليس أخذ التراخيص من الجهات الأمنية, الديمقراطية تعني حماية الصحفيين الذين يمثلون السلطة الرابعة من الإرهاب وليس قتلهم فهذامؤشر خطير على تراجع مسيرة الديمقراطية ,المخبر السري وتهمه الكيدية للآخرين وامتلاء السجون والمعتقلات لفترات طويلة دون تحقيق أنتهاك صارخ لحقوق الإنسان وتراجع خطير عن مسار الديمقراطية,تقاسم المناصب والثروات من قبل أحزاب السلطة دون رعاية مصالح الشعب وأهمال مشاريع البناء والخدمات مؤشر أخر للعودة الى النظام الاستبدادي .فهل قرار تجميد عمل النقابات العمالية من أليات الديمقراطية؟؟؟؟وهل أنتشار البطالة والتسول والاتجار بالاعضاء البشرية ,وانتشار المخدرات والاتجار بها,وبيع النساء .صور من الديمقراطية الموعودة؟؟؟؟
توفير الفرص المتكافئة لعموم الشعب في العمل والتوظيف هو من المبادئ الأساسية للديمقراطية ,تطبيق القانون على الجميع دون تمييز ومراقبة السلطات التنفيذية هو من صلب الديمقراطية ,تشريع القوانين لصالح عموم الشعب ,مثل توفير السكن اللائق للجميع وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية .والحفاظ على المال العام وثروات البلد من خلال مكافحة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة العراقية ,كلها من أخلاقيات المسيرة الديمقراطية التي ظل يحلم بها المواطن العراقي لعدة أجيال.وذاق جزئيا من طعمها أيام ثورة 14 تموز عندما أصدرت الكثير من القرارات والقوانين التي شملت شرائح واسعة من الشعب العراقي(الاصلاح الزراعي,قانون الأحوال الشخصية,قانون حماية الصحفيين,التقاعد والضمان الاجتماعي,تشكيل النقابات العمالية,الخروج من حلف بغداد ,تأميم النفط, ,وغيرها الكثير)
فهل أحزاب السلطة الحالية سائرون على نهجها؟هل هم مقتنعون حقا بانهاطريق الخلاص والمنقذ للعراقيين من مشاكلهم وأزماتهم؟هل العراقيين أدركوا جيدا خطورة مسيرة الإسلاميين وما ألت إليه حالة العراق المزرية جراء سياسة النهب والاستحواذ على مراكز النفوذ والمال العام؟
هل لديهم النية في اتخاذ منحى أخر للمسير نحو ديمقراطيتهم المنشودة من خلال العدول عنهم واللجوء الى من هم يؤمنوا بالديمقراطية الحقة؟؟؟
أم أنهم سينامون لعقود أربعة أخرى من الضياع والقمع الفكري والبطش والبؤس والشقاء على الطريقة الإسلامية....وان الأبواب ستبقى موصدة ومفاتيحها بأيدي الشلة الحاكمة من الإسلاميين الجدد؟...
#علي_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟