أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - في الذكرى السادسة لرحيل وضاح















المزيد.....

في الذكرى السادسة لرحيل وضاح


كفاح حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3184 - 2010 / 11 / 13 - 00:55
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في الذكرى السادسة لرحيل وضاح
"يا كاع ترابج كافور!"

تمر السنين و الجرح لا يندمل. فلقد إمتزج جرح وضاح بجرح الوطن، بجروح كوكبة الشهداء المختلطة دمائها بتراب الأرض. فإمتزج الكافور برائحة التربة، حتى بات عصيا على المرء أن يعزل رائحة التربة عن رائحة الدم عن رائحة الكافور.

إن الجراح و الدماء التي سطرت تأريخ أرض الرافدين، تثخنت في السنين السبع الأخيرة. عندما أطلق المحتل العنان للعداوات الطائفية و العرقية لتدير دفة الأحداث في البلد. و كأن أرض الفراتين لم ترتوي بعد من دماء أبناءها. فبدلا عن أن تكون أرض الرافدين مقبرة للغزاة، تحولت إلى مقبرة لأبناء هذه الأرض المغلوبين على أمرهم.

وضاح كان واحد من هؤلاء العراقيين الذين حداهم الأمل كغيره في بناء عراق حر يهنأ شعبه بالسعادة. و هو حلم بسيط و مشروع و لكنه عصي عن التحقيق. فمعضلة أهل الرافدين تأريخية, منذ مطلع الحضارات التي مرت عليها. لقد حكم البلاد الغزاة تلو الغزاة، من كل أطراف المعمورة، و كان همهم الوحيد هو إغتصاب أرض الرافدين و تذبيح أبنائها. و هذا أدى إلى زرع القسوة و العنف في أخلاق أهل البلد. فلم ينجح في حكم العراق سوى الجلاوزة و الغاصبين، و بات عصيا على القادة المتياسرين من حكم البلد. فتأريخ ولايتي الكوفة و البصرة غني بالأمثلة، منذ أيام الإمام علي و مرورا بنجله الحسين و ثورة مصعب زوج بنت الحسين و إستمرارا إلى يومنا هذا.

لم يعتاد العراقيون على أن يحكموا أمرهم بأنفسهم، فكان عليهم دوما الإنصياع للإرادة الخارجية منذ أيام البابليون و خلال الإمارات المتعاقبة على البلاد و إنتهاءا بالعصر الحديث، بعد أن حطم الجيش الدولة الملكية ليرمي البلاد في مذابح لا تنتهي.

أما وضاح و رفاقه فكانوا يحلمون بالدولة الفاضلة التي تمنح الإنسان قيمته و تعيد للوطن عافيته. والأحلام هي ثروة لمن لا ثروة له.

فمن قتل وضاح؟ و من نشر القتل في العراق اليوم؟

إنهم نفسهم من ضحى وضاح بحياته في سبيلهم. و هنا الحال يذكرني بمقام الحمزة في الديوانية. فالحمزة المدفون هناك، رجل دين ورع قصد من البحرين كربلاء لزيارة قبر الحسين. و عند عودته حمل ماقدر عليه من "ترب الصلاة" ليوزعها على أهالي البحرين. و عند مروره في المنطقة الذي دفن بها، تصور أهاليها بأنه يحمل قطع من الذهب و هم يسمعون رنين "الترب" فقتلوه طمعا في الذهب. و لكنهم عندما إكتشفوا ماكان يحمله دفنوه في موضع قتله، و جعلوه إماما يزورونه طالبين المغفرة و الثواب.

و في سنين طفولتة في كربلاء، إمتزجت أحلام وضاح بالتحدي الذي أفضته ثورة الحسين و تفانيه، لتدفعه مضيا إلى سفوح جبال العراق، ليقضي فيها سنوات شبابه مقاتلا عنيدا. فقد هناك العديد من أصدقاء طفولته كالشهيدين صفاء أبو طحين و علي جبر. و تعرف على الكثير من المقاتلين الشجعان الذين شاركوه أحلامه. في تجمع ضم أهل الرافدين من مختلف المشارب و الأعراق. لقد بنوا في الجبال جمهوريتهم الفاضلة.

و لم تكن هذه الجمهورية معزولة عن أبناء المنطقة. بالعكس لقد نظر إليها الناس بإفتخار، رغم إنهم حملوا سلاح السلطة في الأفواج الخقيفة (الجحوش) التي شكلت لمحاربة الجمهورية الفاضلة. و لسان حالهم يقول.."قلوبنا معكم .. و سيوفنا عليكم". و هذا الأمر إستدعى الطرفين إلى هدنة و تعاون.

و مما أثار إستغرابي، مقال نشره أحد ضيوف مقرات الأنصار في تهجمه على أحد قادة هذه الأفواج، و يضعه في نفس قفص الإتهام الذي جلس فيه المقبور علي حسن المجيد. رغم إن هذا الشخص - و الحق يقال - لم يعادينا، بل ساعدنا و حمى رفاق لنا عملوا في التنظيمات الحزبية السرية. وحين هجم على أحد مفارزنا في جبل كوسره ت، أرسل تحذيرا لنا بترك المنطقة. إلا إن عميل مزدوج كلف بإيصال التحذير لمفرزة كوسره ت، لم يوصل التحذير. إن المقال المنشور يعتبر نكرانا للجميل و ليس كشفا للحقيقة.

و لقد نجح وضاح في عمله كقائد أنصاري من خلال فهمه للعلاقة مع أبناء المنطقة الذي إنضم أغلبهم إلى الأفواج الخفيفة. فلم يستعديهم، بل حافظ على علاقة طيبة معهم. فلم يكن من الممكن إستعدائهم، فهم أبناء المنطقة. وكان من ضمن مهمتنا كسبهم. كما كنا في إعلامنا نناشد الجنود و ضباط الصف و الضباط لترك جبهة صدام و الإلتحاق بجبهتنا. و سعينا على أن نحتفظ بعلاقة طيبة معهم، رغم إننا كنا نحمل السلاح ضدهم. و لكن هذا السلاح لم يكن ضدهم كأشخاص بل كان ضد النظام الدموي الغاشم. و من غريب الصدف، إنه في معركة كوسره ت التي أشرت إليها، كان ضمن المقاتلين الأنصار رفيق إستشهد فيما بعد عند معارك تحرير كركوك عام ٩١ ، وكان ضمن القوة المهاجمة علينا أخوه الشقيق. فحالهما كحال والد الحجاج الذي قاتل مدافعا عن مكة حتى إستشهاده في وجه الجيش الأموي بقيادة إبنه الحجاج.

لقد عانى وضاح و رفاقه في جمهوريتهم الفاضلة من الغدر و نكران الجميل. فلم يكن الخطر يأتي مباشرة من العدو، بل من أطراف وقفت إلى صفنا في وجه العدو، لتنقلب علينا بغدرها. ونفس هذا الغدر هو الذي أنهى حياة وضاح و أحلامه. فالغدر لم يكن من قبل من نفذ جريمة تصفيته، بل الغدر كان في من أوصل إليهم سر مروره بمكان إستشهاده. لقد كنا نخاف من الغدر أكثر من خوفنا من العدو. ولا زال خطر الغدر محدقا برقاب شعبنا، غدر من يدعي ود الشعب، و يحمل السكينة ليتحين فرصة طعن هذا الشعب المغلوب على أمره.

و أنا الذي رافقت وضاح في مختلف مراحل حياته منذ الطفولة و في جبال العراق و حتى إستشهاده، تأخذني الغصة و أنا أستذكر إستشهاده. نعم.. بقى وضاح محافظا على نقاوته و مثاليته حتى الرمق الأخير مضحيا بالعائلة و الروح من أجل القيم السامية. و تزداد الغصة، و أنا أعايش في أربيل و بغداد و كربلاء و سائر المدن العراقية الدمار الذي حل بالبلاد، فأيه جريمة ترتكب بحق الرافدين و أهله..و أية مسؤولية نتحملها نحن جميعا في السكوت..وليس لدينا سوى ترديد إهزوجة قديمة
"يا كاع ترابج كافور!"

كفاح حسن
ليلة الثالث عشر من تشرين الثاني 2010



#كفاح_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحة مطوية من تاريخ العنف السياسي
- لاحت رؤوس الحراب - في الذكرى الخامسة لأستشهاد وضاح
- وداعا أخت الشهداء و أم الشهيد
- مقاتلات عنيدات
- - يا ليت الليالي تجمع شملنا!-
- أزمة..أم إنهيار!
- غفار كريم .. جندي مجهول في صحافة الحزب الشيوعي
- خالد يا خالد
- غانم..ياستار
- ملا حسن -أبو ئاسو-..وداعا!
- الأشجار تموت واقفة
- شامي غريبون -عشاء الغرباء-
- مناجاة لفتى الفتيان
- أحلام كالأوهام..و أوهام كالأحلام
- الجموع تصيح ..إعدم!!؟
- من لم يمت بالسيف مات بدونه
- نفتح قلوبنا لنلقاك ياوضاح
- أستاذنا العزيز..وصلت الوصية، ولكن ما باليد حيلة! - تعقيب على ...
- في وداع النصير أكرم
- وضاح..كفاك جيلان محمولان على سفر!


المزيد.....




- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...
- ضد تصعيد القمع، وتضامناً مع فلسطين، دعونا نقف معاً الآن!
- التضامن مع الشعب الفلسطيني، وضد التطبيع بالمغرب
- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - كفاح حسن - في الذكرى السادسة لرحيل وضاح