أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 14 ) - كيف تكون متبلدا ً و مستسلما ً ؟!.















المزيد.....

الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 14 ) - كيف تكون متبلدا ً و مستسلما ً ؟!.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3113 - 2010 / 9 / 2 - 07:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نردد فى مصر بعض العبارات الساخرة مثل " طنش علشان تعيش " .." عادى يا بلادى فيه ناس على راسها ريشة " - " اللى ليه ظهر ماينضربش على بطنه " .." إنت عارف ده إبن مين ". - "طنش " تعنى لا تهتم ولا تبالى "
هذه العبارات تعبير عن نقد ساخر لأوضاعنا المعيشية حيث هناك القهر والمحسوبية والواسطة ..حيث هناك من هم مميزون وآخرون مهمشون ..حيث هناك من يخترق القانون ويخرج لك لسانه ليقول : إنت عارف أنا ابن مين ..وهناك أيضا ًمن يتم صفعهم على وجهوهم ومؤخراتهم وقفاهم لأنهم ليس لهم ظهر ولاسند ... هناك أسياد وعبيد .

لماذا تنفرد منطقتنا العربية بهذه الثقافة الموغلة فى التمايز والتعالى ..لماذا تنتج ثقافتنا العربية مفاهيم الرضوخ أمام الإستبداد وتَقبله بنفس مُنسحقة راضية ..لماذا نمجد طغاتنا وجلادينا ..لماذا نستسلم للإستبداد والظلم ولا نقاومه ..لماذا نحن متخلفون ؟!!

الإستبداد نتاج طبيعى للفكر والموروث الدينى وكلما كان التراث حاضرا ً ومهيمنا ً تجلت منهجية الإستبداد والتمايز البشع لذلك نجد أن كل منطقة فى العالم قديما ً أوحديثا ً هيمنت فيها المنظومة الدينية تكون مرتع خصب للتسلط والإستبداد والقهر ..ووجود أصحاب الحظوة والصفوة .
لا يقوم للإستبداد قائمة بدون أن يصاب الشعب بدرجة عالية من التبلد واللامبالاة والإستسلام للأوضاع البائسة والقبول بها .

التبلد واللامبالاة والرضوخ لما هو قائم هو مبعث إهتمامنا فى هذا المقال والذى من نتاجه يأتى الإستبداد وتسلق الطغاة على أعناقنا .
لا يكون هناك مُخطط فى الفكر الدينى لإصابة الإنسان بالتبلد بل هو يأتى فى سياق تناقضات تنتاب الإنسان فلا يملك من أمره شيئأ أمام إدمانه للمقدس سوى أن تنهار فى داخله القيمة والمثالية ليحل مكانها عدم الإكتراث وتصبح كل الأمور على شاكلة "عادى يا بلادى فيه ناس فوق راسها ريشة " .."ودعنا نطنش علشان نعيش ".

التراث الدينى حافل بعشرات القصص التى تصطدمك فى مُثلك وقيمك الإنسانية ..لذا دعونا نمر على بعض هذه القصص ونتأمل فعلها وتأثيرها على النفس الإنسانية .

* إبراهيم وسارة وفرعون .
نبدأ بقصة أبو الإنبياء إبراهيم عندما تقع عيوننا على موقفه من زوجته سارة عندما دخل بها أرض مصر وخشي على حياته من الإهدار فإدعى بأنها أخته بدلا ً من زوجته فلا يصيبه أذى من فرعون ورجاله بل ينال خيرا ً من ورائها .!!
* 10 وَحَدَثَ جُوعٌ فِي الأَرْضِ، فَانْحَدَرَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبَ هُنَاكَ، لأَنَّ الْجُوعَ فِي الأَرْضِ كَانَ شَدِيدًا. 11 وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12 فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13 قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي، لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ».
14 فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوْا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15 وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ، فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ، 16 فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا، وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ. 17 فَضَرَبَ الرَّبُّ فِرْعَوْنَ وَبَيْتَهُ ضَرَبَاتٍ عَظِيمَةً بِسَبَبِ سَارَايَ امْرَأَةِ أَبْرَامَ. 18 فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَبْرَامَ وَقَالَ: «مَا هذَا الَّذِي صَنَعْتَ بِي؟ لِمَاذَا لَمْ تُخْبِرْنِي أَنَّهَا امْرَأَتُكَ؟ 19 لِمَاذَا قُلْتَ: هِيَ أُخْتِي، حَتَّى أَخَذْتُهَا لِي لِتَكُونَ زَوْجَتِي؟ وَالآنَ هُوَذَا امْرَأَتُكَ! خُذْهَا وَاذْهَبْ!». 20 فَأَوْصَى عَلَيْهِ فِرْعَوْنُ رِجَالاً فَشَيَّعُوهُ وَامْرَأَتَهُ وَكُلَّ مَا كَانَ لَهُ

هذا سلوك أبو الأنبياء أراد أن يستفيد من وراء حسن وجمال زوجته ويحتفظ بحياته بإنكاره أنها زوجته بل أخته فلا يغتاله فرعون بل يهديه غنم وبقر وحمير.!
ماذا يكون وقع هذا الكلام فى نفوسنا عندما نرى أبو الانبياء يساوم على إمرأته ويعرضها لفرعون لينقذ حياته وينال خيرا ً من ورائها ..وتكون مصيبتنا كبيرة عندما نعلم بأن إبراهيم هو كليم الله وله معه حوارات كثيرة وأحداديث ودية , بل وعود وعهود من الرب بأن يهبه البركة والأرض الموعودة .
ماذا نتوقع من المؤمن بهذه القصة الذى يكن لإبراهيم قداسة وتقدير هائل ..فإما يصرخ برفضه لهذا السلوك الذى لا يقدم عليه أى رجل عادى محترم أو يحاول التبرير فيفشل فيأثر السلامة بالتبلد , "ويا عم طنش " .

* داود قيثارة الرب .
أراد داود أن يتزوج ابنة الملك شاول فماذا طلب منه الملك من مهر لابنته (وطلب داود أن يكون زوجًا لابنة شاول الملك اشترط عليه أن يكون المهر 100 غلفة من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك. فحسن الكلام في عيني داود. فذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مائة رجل، وأتى داودَ بغلفهم وقدّمها لشاول فأعطاها شاول: ميكال ابنته) (1صمو 18: 25).
كنت أتعجب من هذه القصة عندما سمعتها لأول مرة فى طفولتى فلم أفهم معنى " غلفة " لأسأل أبى فيقول أنه جزء من العضو الذكرى .!! ..بالطبع من الممكن أن يستوقفك هذا الطلب الغريب والعجيب والمثير للضحك والذى يحتاج إلى تحليل عميق فى شخصية مبدع القصة !! ..ولكن إستوقفنى بشدة حكاية قتل 100 فلسطينى للحصول على أغلفتهم وتقديمها مهرا ً وكأنهم فئران وأرانب ..وأتعجب من هذه القسوة والبلادة الغريبة والذى قام بها داود ..كما أسأل هل شريعة الله توقفت وتعطلت فلا تقتص من داود الذى مارس القتل من أجل الحصول على الأغلفة الذكرية .
مارأيك لو مرت هذه القصة أمامك فهل تلعن مثل هكذا سخافة أو تمارس التبلد والتطنيش إذا كنت عاشقا ً لداود .

* داود يزني ويخطط للقتل .
2Sa 11:2
وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدّاً.
2Sa 11:3
فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هَذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟»
2Sa 11:4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.

شدنى أيضا هذا المشهد فداود النبى والذى عاش ملكا ً وعاشقا ً للإله بمزاميره الشهيرة يمارس فعل الزنا ولا يكتفى بذلك بل يرسل زوجها أوريا الحثى الذى أعلن الوفاء له والتفانى فى خدمته والزود عن مملكته ولكنه يقابل إخلاصة بندالة شديدة فيدفع به فى مقدمة صفوف الحرب ليلقى حتفه ليستأثر على إمرإته .!!
إذن هو زنى وخطط للقتل والغريب أنه لم يعاقب ..فأين ذهبت شرائع الرب ؟!..وهل شرائع الرب تقام على الغلابة والمهمشين فقط .؟..ولماذا إكتفى الرب بتأنيبه وعتابه ؟!
إذا كنا نحمل عشقا ً لداود فسنطنش ونتبلد وقد نقول فى داخلنا فيه ناس على راسها ريشة .

* موسى كليم الله والمصرى
يذكر لنا الكتاب المقدس بالإصحاح الثانى من سفر الخروج : " وحدث في تلك الأيام لما كبر موسى انه خرج إلى اخوته لينظر في أثقالهم فرأى رجلاً مصرياً يضرب رجلاً عبرانياً من اخوته. فالتفت إلى هنا وهناك ورأى أن ليس أحد فقتل المصري وطمره في الرمل "الآيات (11،12

تنتابنتى الدهشة من أن يقتل موسى النبى رجلا ً مصريا ً فى خصومة ..بصراحة كانت غيرتى على مصريتى هى التى فجرت الدهشة والسؤال ..فما معنى قتل المصرى على يد موسى ..فأين ذهبت النبوة ؟..وكيف تبددت الشرائع السماوية بألا تقتل ؟..وأين موقف الله من عملية قتل المصرى ؟..وكيف تم تجاوز الشريعة وناموس الله ولم يطبق على موسى حد القتل ...ولماذا لم يعاتبه الرب على فعله هذا .؟!
لم أحظى بالفعل على إجابة على سؤالى سوى أنه نبى وهو خارج هذه الحسابات ..." وعادى يا بلادى فيه ناس فوق راسها ريشة ".

* التراث الإسلامى وأم قرفة .
التراث الإسلامى حافل بالقتل وعلى أسباب تبدو لنا واهنة ..فما معنى أن تحارب الآخرين حتى يؤمنوا ..وما معنى أن تسبى البشر وتغتصب نساءهم وأموالهم عندما يقعوا فى الأسر طالما أنت تريد الإيمان !.. وما معنى أن تقتل إنسان لأنه إنصرف عن الإيمان ؟!... هناك قصص كثيرة لا تقل عن قصص التوراة الموغلة فى القتل الغير مبرر ولكن سأتطرق لقصة أم قرفة .
فنقرأ فى الطبقات الكبرى لإبن سعد .. باب سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بوادي القرى :
" ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرفة بناحية بوادي القرى على سبع ليال من المدينة في شهر رمضان سنة ست من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خرج زيد بن حارثة في تجارة إلى الشام ومعه بضائع لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان دون وادي القرى لقيه ناس من فزارة من بني بدر فضربوه وضربوا أصحابه وأخذوا ما كان معهم ثم استبل زيد وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فكمنوا النهار وساروا الليل ونذرت بهم بنو بدر ثم صبحهم زيد وأصحابه فكبروا وأحاطوا بالحاضر وأخذوا أم قرفة وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر وابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر فكان الذي أخذ الجارية مسلمة بن الأكوع فوهبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبها رسول الله بعد ذلك لحزن بن أبي وهب وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة وهي عجوز كبيرة فقتلها قتلا عنيفا ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين ثم زجرهما فذهبا فقطعاها وقتل النعمان وعبيد الله ابني مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك فقرع باب النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه عريانا يجر ثوبه حتى اعتنقه وقبله وسايله فأخبره بما ظفره الله به "

بالطبع لنا أن نسال عدة أسئلة ..أين موقف نبى الرحمة من هذا القتل البشع ..أين حد القتل من التطبيق على من مارس القتل ..ألا يستحق هذا الأمر من نبى الإسلام أن يزجر زيد ويوبخه بل يوقع عليه الحد بإعتباره قاتل نفس ..وهل هناك مبرر لهذا القتل البشع حتى لو إنتقدت أم قرفة نبى الإسلام فأين الرحمة المهداة وأحسن الخلق .

هذه بعض اللمحات من التراث الدينى الحافل بالكثير من تناقضاته الداخلية وتناقضاته مع قيم عصرنا وحضارتنا ..ولكن ماذا تعنى هذه المشاهد وماهى تأثيرها على نفسية وعقلية المُتلقى ؟
المُتلقى والمُستقبل لمثل هذه المشاهد غارق فى تقديس وتوقير وتعظيم الأنبياء والرسل بإعتبارهم شخصيات مميزة نالت شرف النبوة والرسالة ..فهم من منحهم الإله الإصطفاء والمعجزة والإعجاز ..ويكفى أن الرسالة موصومة وموصوفة بهم وبفعلهم وبكل خلجاتهم ..فمن وسط هذه الهالات والتقديسات تغزل معانى المثالية والنقاء والقيمة .
بداية ماهى الإشكالية التى نواجهها عندما تمر علينا مثل هكذا قصص ..المشكلة أننا كونا صورة مثالية عن الأنبياء وفى نفس الوقت ترسخت لدينا من خلال الحضارة والمدنية الإنسانية مفاهيم راقية عن الحرية وحقوق الإنسان والإنسانية الرحيمة .

الإنسان الدينى المشبع حتى الثمالة بإحترام وتوقير وتعظيم هذه الشخصيات والتى تصل للقداسة والمثالية ماذا سيحدث له عندما يمر على مسامعه أن نبيه المحبوب قتل إنسان فى مشاجرة بدون داعى ولم ينل عقاب ..وهذا النبى الذى يلقب بقيثارة الرب وقد زنى ولم يكتفى بذلك بل ورط زوجها فى معركة حربية حتى يستأثر على
أنثاه ..ماذا يعنى أن يقتل الملك المبارك من الرب مائة فلسطينى ليضع أجزاء من أعضائهم الذكورية على صينية مهرا ً لعروسه .. وبماذا نصف سلوك أبو الأنبياء فى أن يساوم على إمرأته والذى يرفضه أى رجل حر لديه القليل من النخوة والشرف .
وماذا يعنى أن يرحب نبى الرحمة بمقتل عجوز وبطريقة بشعة فبدلا ً من أن يقيم القصاص على قاتل النفس نجده يمدح فعله وهمجيته .

ماذا يحدث عندما تمر أمام عيوننا مثل هذه السقطات للأنبياء الذين كللناهم بأكاليل التقدير والعظمة وإعتبرناهم قدوة نأمل أن نحتذى بهم .؟
لن أقول بأننا سنلعن تصرفاتهم تلك أو ننقدها بعقل محايد ومتوازن فلن نقدر على هذا , فمن تحت وطأة القداسة والعاطفة المتأججة سنحاول أن نتناسى أو نبحث عن مبرر واهى يخفف من توترنا .
محاولة التناسى والإغفال عن أى تناقض لن يمر هكذا دون أن يكتسح فى طريقه مفهوم القيمة والمُثل والقدوة لترتبك وتتشوه ..وإذا حاولنا ان نتماسك فسنصاب بلا شك بإنهيار المصداقية .

الإنسان كائن يمتلك الإحساس والمشاعر وهو يربط أى حدث ومشهد فى حياته بإحساس وإنطباع معين ..فلا تقول إن قصص الإرهاب والعنف فى الأديان تمر على ذهنه هكذا بدون أن تتصادم مع تراثه الحضارى الذى تشبع به ... سيكون بالفعل هناك تفاوت فى إستقبال التناقض ولكن لن يمر مشهد دون ان يترك إنطباع ولو بسيط .
هنا يحاول أن يتناسى الحدث ولكن الحدث لن يتم مسحه من الذاكرة إلا بخلق منحى فكرى جديد ينتهجه فيكون مخدر لهذا الحدث من الصعود ثانية.. لذا هو يتبنى منهج التبلد ولتجعل الأمور تمر ..وعادى فهناك من هم مميزون ولهم الإستثناء ..ولنطنش حتى نعيش .
سيتم خلق مفاهيم سلبية تتسلل فى داخلنا عن وجود فئة من المميزين وأصحاب الحظوة والصفوة وسنقر بأن هناك من هم خارج الشريعة والقانون وفوق المحاسبة لتصبح منهجية حياة يتم التعاطى بها مع الواقع المعاصر فنقبل كل الطغاة وأفعالهم البشعة.. ونمارس الإنبطاح أمام المستبدين بعد أن إنبطحنا أمام أفعال التراث المخجلة ولم نثور أمامها فيكون بالحرى إستسلامنا لجلادينا وتبلدنا ولا مبالاتنا أمام أفعالهم الإجرامية والحمقاء شئ منطقى يأتى فى نفس المنحى .

عندما تخلص الغرب من الموروث الدينى بكل تبعاته عرف طريقه نحو مقاومة الطغاة والمستبدين ..فليس هناك من هو مُحصن ضد النقد والمحاسبة ..فقد حاكم نصوصه الدينية و كهنتها .. فعرف أن يقول " لا " لرؤسائه ومحكوميه ..عرف كيف أن الجميع أمام القانون سواء فليس هناك فرق بين رئيس وغفير ..عرف أن يحاكم أى تجاوز لمفسديه فليس هناك من فوق رأسه ريشة ...وليس هناك من هو محصن بالقداسة .
لم يحمل أصحاب الفكر العلمانى اى قداسة مزعومة لشخصيات مارست فعلا ً إنسانيا ً بكل عظمته وقوته ..فلم يعد هناك من هو مستثنى وفوق القانون والمحاسبة والنقد .

نحن الغارقون فى وهم المقدس مازلنا نحمل تعظيم لشخصيات إنسانية ولكن مع أفعالهم التى تجاوزناها بنظرتنا ورؤيتنا الإنسانية لم نملك شيئأ حتى نمررها سوى أن نهدم فى داخلنا المصداقية ونهدر قيم ومُثل ليحل مكانها التبلد والواسطة والمحسوبية لأن هناك مميزون لهم الحق فى تجاوز القانون كما تجاوز أنبيائنا .

نصاب بالتبلد أمام حقوقنا المغتصبة ..نصاب بالامبالاة أمام كل المتجاوزين والذين ينتهكون حقوقنا ويخرجون لنا ألسنتهم فقد إنهارت القيمة فى داخلنا وحل محلها " عادى يا بلادى فى ناس فوق راسها ريشة " .." واللى ليه ظهر ما ينضربش على بطنه ".

هيمنة القداسة والإنبطاح أمام التراث الدينى بدون إعادة تقييمه ونقده بمنهجية وحيادية وجرأة سيعلمنا ألف باء إنبطاح وتبلد ..تبلد تام على المستوى الفكرى ليمتد بدوائره الثقيلة لكل مناحى الحياة فلا نستطيع ممارسة حق وحرية النقد لأننا أدركنا بأننا يجب أن " نطنش علشان نعيش ".

دمتم بخير .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 4 ) - وهم الخطيئة والذنب ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 3 ) - هل يوجد شر ؟!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 13 ) - إنهم يشوهون الطفولة ويم ...
- نحن نخلق الأسطورة والميثولوجيا والحلال والحرام ويمكن أن نسرق ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 8 ) - إستحضار العنف الكامن وتف ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 7 ) - ما بين وطأة الموت وما بي ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 12 ) - الأم ماتت والجنين مات و ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 6 ) - إشكاليات الفكر الدينى وك ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 6 )
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 2 ) - زهور الله المقطوفة ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 5 ) - الرضاعة الحسية والشعورية ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 11 ) - نحن نزرع الشوك والمُر و ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 9 ) - الله يكون حافظا ً وعليما ً وعادلا ً ...
- تأملات فى الإنسان والإله والتراث ( 1 ) - الصلاة كثقافة للبرم ...
- لماذا يؤمنون .. وكيف يعتقدون ( 4 ) - كيف تربح المليون دولار ...
- أنا والله ويدى اليسرى .
- نحن نخلق ألهتنا ( 8 ) - الله خالقا ً للوجود فى ستة أيام .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 10 ) _ همجيتهم وهمجيتنا .. ياق ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 10 ) _ همجيتهم وهمجيتنا .. ياق ...


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية بالعراق تقصف ميناء حيفا الإسرائيلي بصاروخ ...
- المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها ...
- الطوائف المسيحية الشرقية تحتفل بأحد القيامة
- أقباط مصر يحتفلون بعيد القيامة.. إليكم نص تهنئة السيسي ونجيب ...
- إدانات لإسرائيل.. إسطنبول تستضيف مؤتمرا دوليا لمكافحة العنصر ...
- مفتي رواندا: المسلمون يشاركون بفاعلية في تنمية الدولة
- هاجروا نحو -الجنة- في أوروبا... أسر تونسية تبحث عن أبنائها ب ...
- تهديدات -كاذبة- تطاول 3 معابد يهودية في نيويورك
- تهديدات -كاذبة- بوجود قنابل تستهدف معابد يهودية ومتحفا في ني ...
- الكنائس الفلسطينية: منع وصول المصلين لكنيسة القيامة انتهاك ل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 14 ) - كيف تكون متبلدا ً و مستسلما ً ؟!.