أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سعيد ناشيد - الاعتذار عن الاستعمار: هل نستحق الاعتذار؟














المزيد.....

الاعتذار عن الاستعمار: هل نستحق الاعتذار؟


سعيد ناشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3108 - 2010 / 8 / 28 - 09:59
المحور: بوابة التمدن
    


انضمت الجزائر رسمياً إلى موكب المطالبين بالاعتذار عن الاستعمار، وهي لا تترك مناسبة تمضي من دون أن تؤكد مطالبتها لفرنسا بالاعتذار عن جرائم الحقبة الاستعمارية.
يتعلق الأمر هنا بمطلب إنساني وأخلاقي مشروع، سواء بالنظر إلى حجم المجازر التي شهدتها الجزائر وغيرها من سائر المستعمرات الفرنسية السابقة، أو بالنظر إلى اتجاه الكثير من المجتمعات والدول نحو ترسيخ قيم وثقافة الاعتذار عن جرائم الاستعمار:
فلقد اعتذرت إيطاليا لليبيا عن المرحلة الاستعمارية ومنحتها تعويضا ماليا، واعتذرت اليابان لكوريا الجنوبية، وتطالب كوريا الشمالية بنفس الاعتذار، واختار الكثير من رجال الدين الكاثوليك الاعتذار للمسلمين عن جرائم الحروب الصليبية، وينتظر البعض اعتذار البابا عن تلك الحروب، وفي زمن آخر، قد يفتح ملف اعتذار الولايات المتحدة الأميركية عن جرائم احتلال العراق، إلخ.
وفي كل الأحوال، ثمة خيط رفيع من الأمل حول إمكانية تطور الأمور مستقبلا نحو صياغة قانون دولي يجرم الاستعمار، ما سيفتح أمام الإنسانية منعطفا جديدا في العلاقات الدولية، قد يكون شبيها بتلك الأجواء والآمال التي صاحبت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وبالنظر إلى المناخ الدولي الجديد، فيبدو جليا أن فرنسا اقترفت خطأ جسيماً، حتى في حق أصدقائها، عندما حاولت أن تقطع مسبقاً خيط الأمل، فأصدرت تشريعا لا يكتفي فقط بقطع الطريق أمام إمكانية الاعتذار، وإنما يدعو، وبنحو صادم للذاكرة ومعاكس للتاريخ، إلى الاعتراف بـ«إيجابيات» الاستعمار، وترسيخ ذلك الاعتراف داخل المقررات الدراسية.
فبتاريخ 5 آذار 2003، وضع مجموعة من البرلمانيين الفرنسيين أمام أنظار المجلس التشريعي مقترح قانون يهدف إلى الاعتراف بالدّور الإيجابي للاستعمار الفرنسي في كل من الجزائر والمغرب وتونس والهند الصينية. وفي يوم 23 شباط، 2005، صادق البرلمان الفرنسي على مقترح القانون، والذي جاء في أهم بنوده ما يلي:
البند الأوّل: تعتز الأمة بالنساء وبالرجال الذين ساهموا في تحقيق منجزات فرنسا داخل مستعمراتها القديمة في كل من الجزائر، المغرب، تونس والهند الصينية.
البند الرّابع: تعترف البرامج التعليمية على وجه الخصوص، بالدور الإيجابي للتواجد الفرنسي في ما وراء البحار، وتحديدا في أفريقيا الشمالية، وهي تمنح لتاريخ وتضحيات المقاتلين بجانب فرنسا والمنحدرين من تلك البلدان، المكانة التي يستحقونها.
أربع ملاحظات أساسية حول القانون الاستعماري الجديد:
أولاً؛ إننا أمام برلمان يصادق على قانون يتدخل في مجال أبحاث التاريخ ليحدد للمؤرخين وأساتذة التاريخ ما يمكنهم قوله وما لا يجوز لهم قوله. فمتى كانت فرضيات علم التاريخ موضوعاً للتصويت أو الاستفتاء؟
ثانياً؛ إننا أمام قانون يصدر أحكام قيمة في مجال التاريخ؛ وكأنه يقول: في هذا الأمر كان التاريخ إيجابيا، وربما كان في قضية أخرى سلبيا. وهو ما يغلق الباب أمام موضوعية البحث التاريخي.
ثالثاً؛ إن القانون يحكم على الاستعمار الفرنسي بأنه ظاهرة إيجابية.
رابعاً؛ أنه لا يعتبر الاستعمار أكثر من مجرّد تواجد.
لم يتأخر الردّ الجزائري على القانون، إذ سارع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تجميد مبادرة للتوقيع على معاهدة الصداقة الفرنسية الجزائرية، وانتقد القانون واصفاً إياه بالعمى الذهني، قبل أن يطالب السلطات الفرنسية بالاعتذار عن جرائم المرحلة الاستعمارية.
الكثير من منظمات المجتمع المدني في كل من المغرب وتونس، باتت تدعو إلى مطالبة فرنسا بالاعتذار عن جرائم المرحلة الاستعمارية، ما يعني أن القانون الفرنسي حول «إيجابيات الاستعمار» جاء بنتائج عكسية، حيث أنه، وبدل الالتفاف على خيط الأمل، فقد أعاد فتح الصفحات السوداء لجرائم حقبة الاستعمار.
كان رد ساركوزي على المطلب الجزائري الرسمي بالاعتذار صريحاً لكنه جاء ناقصاً، حين أجاب بالكلام المباح: «لا يمكن للأبناء أن يعتذروا عن جرائم الآباء».
نعم لا يمكن للأبناء أن يعتذروا عن جرائم الآباء، عندما يكون «أبناء الضحايا» في خصومات تتنكر للذاكرة الوطنية المشتركة وتعبث بالوحدة الترابية لدولهم، وتسيء لثورة المليون شهيد في الجزائر، ومثلها عدداً في المغرب، إذا ما أضفنا ضحايا الاستعمار الإسباني في منطقة الشمال. ولعل عقلية التنابذ والتباغض بين أبناء الضحايا، ليست سوى خيانة عظمى لإرث الآباء، وتبييض لتركة المرحلة الاستعمارية.
يحتاج ملف الاعتذار عن جرائم الحقبة الاستعمارية، إلى أبناء أكثر نضجاً مما هم عليه الآن.
نعم يجب على فرنسا أن تعتذر لنا عن جرائم الاستعمار.





السفير



#سعيد_ناشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النّار والمَعبد
- هل العلمانية مجرّد خدعة بَصرية؟
- ما نتعلمه من سيون أسيدون وما تعلمناه
- الحادي عشر من شتنبر.. مرتين: أضواء على معمار ما بعد الحاثة
- هل ستكون هناك حرب عالمية خامسة؟
- العلمَانية المَعْطوبَة بين الهَوَسُ الجِهَادِي والهَوَسُ الص ...
- حوار لم يكتمل مع قيادة حزب البديل الحضاري المنحل
- سعيد ناشيد في برنامج حواري حول اليسار الفرنسي و الإسلام
- اليسار الفرنسي و الإسلام .....دفاعا عن العيش المشترك
- إعادة بناء مركز التجارة العالمي
- تحالف الأصوليات
- أزمة اليسار، أزمة مابعد الحداثة أم أزمة القلسقة المعاصرة
- لكي لا تكون الديمقراطية ضد الحداثة
- اليسار و سؤال الإسلام في فرنسا
- المسألة الدينية عند نيكولا ساركوزي
- الجريمة بتفويض إلهي


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سعيد ناشيد - الاعتذار عن الاستعمار: هل نستحق الاعتذار؟