أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد ناشيد - الجريمة بتفويض إلهي















المزيد.....

الجريمة بتفويض إلهي


سعيد ناشيد

الحوار المتمدن-العدد: 1957 - 2007 / 6 / 25 - 10:47
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجريمة بتفويض إلهي
الحداثة أو الهمجية
مرة أخرى وقعت الجريمة،تناسلت الجرائم ، في أقل من شهر واحد أربع انتحاريين يفجرون أنفسهم ، اخرون تحولوا إلى قنابل هاربة،صدرت البيانات الشاجبة و المنددة، احتج المواطنون، استنكروا، صرخوا ملء أفواههم، نال بعض الجناة عقابهم، و آخرون في انتظار أن تطالهم يد العدالة، لكن هل بوسعنا أن نقول بأننا قد وفرنا الضمانات الكافية هذه المرة، حتى لا تتكرر المأساة؟
مارسنا حقنا في الغضب، إذ لسنا مجرد حواس للإدراك و أدمغة للتحليل، لكننا نشعر اليوم بأنه ربما حان الوقت لكي نمارس حقنا في الفهم، و ذلك بالرغم من صعوبة التحرر من الألم ومن الإحساس بالألم. لنعترف إذن بأننا لم نكن من الجلد بما يكفي لكي نحذق في صور اللحم البشري المتناثر فوق الأشياء، ومع ذلك فلا يجوز لنا أن نفوت على أنفسنا السؤال
كيف وصل التطرف الديني إلى هذا القدر من الفظاعة؟
تدعونا هذه الجرائم التي ابتلينا بها، وقد أخذتنا على حين غرة، إلى مساءلة تلك الفرضية التي تقول بأنه يمكننا دائما أن نراهن على الحركات الدينية، حتى حين نود أن نحارب الإرهاب الديني، وتحديدا حين نود ذلك ، انها الإستراتيجية الخطيرة الثي تراهن عليها الإدارة الأمريكية اليوم ، و تدعمها العديد من المؤسسات و المنظمات الدولية.
فإلى أي حد يمكننا المراهنة على ما يسمى بالمعتدلين الإسلاميين، كما ترى بعض السياسات الدولية و الإقليمية؟
هل تكفي المراهنة على الزوايا و التصوف، كما ترى سياسات أخرى ؟
هل يكفي التعويل على إصلاح الحقل الديني ؟
أم ثمة قبل هذا و ذاك ما يعد من الأولويات التي لا يمكن القفز عليها نحو معارك تتعلق بتصحيح صورة الإسلام لدى الأخر؟
من الأهمية بمكان أن نناقش فرضية المراهنة على الحركات الدينية، لكن نود أن نبدأ أولا بسؤالنا الأساسي،
كيف وصل إلينا الإرهاب الانتحاري؟ كيف تسرب إلينا هذا الكم الهائل من اليأس و من العبث بأرواح الناس؟ أهي الحريمة في ثوب الدين أم هو الدين حين يفشل في الجواب عن سؤال المعنى فينشد المعنى في الموت من أجل لا شىء؟

إذا كانت الجزائر ترزح منذ مايقارب خمسة عشر عاما تحت نير حرب أهلية أكلت اليابس و الأخضر، و اقترف فيها المتطرفون الدينيون العديد من المجازر في حق الأبرياء، فالجدير بالملاحظة أن هؤلاء المتطرفين لم ينفذوا أية عملية انتحارية ضد أي كان.
و إذا كانت مصر تعد من الدول العريقة في التطرف الديني و فتاوى التكفير و استباحة الدماء، إلا أن أيا من المتطرفين هناك لم يلجأ إلى أسلوب العمل الانتحاري.
و مع أن العنف الديني في المغرب لا يمكن مقارنته مع مصر و الجزائر، إلا أنه سيعبر عن بزوغه من خلال صيغته القصوى، و هي الإرهاب الانتحاري.
و هنا فنحن أمام سؤال دقيق.
إذا كان الانتحار هو تعبير عن حالة اليأس و انعدام أي أمل في الحياة، وهي الحالة التي ربما لم يبلغها التطرف الديني في كل من مصر و الجزائر، حيث ما يزال وهم الدولة الدينية ساريا، أفلا يكون التطرف الديني قد حل ببلادنا ، و قد دب في أوصاله اليأس من إمكانية تحقيق أي خطوة نحو الدولة الدينية؟
عادة ما تأتي العمليات الانتحارية تعبيرا دالا على مرحلة اليأس التي تدركها بعض الحركات السياسية من إمكانية تعديل موازين القوى و تحقيق أي تقدم أو إنجاز، و يمكننا بهذا الصدد أن نفكر في كم هائل من التجارب، من قبيل تجربة الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية ، وكذلك تجربة المقاومة الشيشانية خلال العقدين الماضيين، و أيضا تجربة حركة نمور التاميل بسيريلانكا ، دون أن ننسى تجربة حزب العمال الكردسناني في تركيا ، و حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين.
في كل هذه التجارب و غيرها ، إذا كانت العمليات الانتحارية، هي محصلة سياق من الصراع العنيف و المواجهات الدموية، فالملاحظ أن الإرهاب الانتحاري الذي حل بيننا فجأة ، لم يكن مسبوقا بأي سياق من العنف الدموي، كما أن العنف و التطرف ، في كل من الجزائر و مصر، لم يسفر عن أية عمليات انتحارية ، و هو ما يجعل من الإرهاب الانتحاري حالة مختلفة نوعيا من حالات التطرف.
يتعلق التطرف الديني في كل من مصر و الجزائر بسياق صراع داخلي، يعود إلى ما قبل انبثاق ظاهرة الإرهاب العالمي، أما الإرهاب الانتحاري في المغرب فإنه يقع مباشرة على خط ما بعد الحادي عشر من شتنبر، تلك الواقعة التي جاءت لتعبر عن الحالة القصوى لليأس و الأفق المسدود الذي الذي بلغته الحركات الدينية،سيما في العالم الإسلامي.
إن السؤال المركزي الذي منه انطلق تنظيم القاعدة و عليه تتكئ السلفية الجهادية ، هو التالي
لماذا وصلت الحركات الإسلامية في العالم إلى الباب المسدود ، إذ أن أزيد من نصف قرن عن ظهورها لم تسفر عن تحقيق و لو الحد الأدنى من أي من أهدافها المعلنة، فلا شبر من الأراضي المحتلة تم تحريره، و لا بلدين تم توحيدهما، و لا حدا أدنى من العزة تحقق
لماذا أخفقت الحركات الإسلامية في جميع أهدافها ؟
انه السؤال الذي ينطلق منه أيمن الظواهري في كتاب الشهير، رجال تحت راية النبي ، و هو السؤال الذي طالما كان يردده منظر السلفية الجهادية بالمغرب ، محمد الفزازي ، قبل اعتقاله.
نحن هنا أمام تطرف في اليأس ينتهي إلى يأس من التطرف، و حيث لا عقل تمكن العودة إليه، يغدو السبيل الوحيد هو الذهاب بعيدا إلى ما بعد التطرف، و تحديدا إلى الانتحار.هنا تلتقي العدمية مع التدين، و القداسة تجتمع مع الجريمة.




تختلف دلالات الإرهاب الديني في المغرب عنها في الجزائر ومصر وباقي الدول الأخرى العريقة في التطرف الديني، ذلك أن ظاهرة الإرهاب الانتحاري في المغرب تعد جزءا من ظاهرة الإرهاب المعولم، تلك الظاهرة التي حلت بديارنا انطلاقا من تخليد مثال "اليأس البطولي" لواقعة الحادي عشر من شتنبر، ولعل المثال إياه لم يجد وهو في طريقه إلينا ما يكفي من مقومات المقاومة الثقافية، وهذا موضوع لنقاش آخر.

من البديهي أن نقول بأن الإرهاب الديني في مصر هو منتوج مصري، له امتداد محلي، وإن الإرهاب الديني في الجزائر هو الآخر منتوج محلي، يرتبط بسياق سياسي داخلي، لكن ليس على نفس القدر من البداهة أن ندعي بأن الإرهاب الانتحاري في المغرب هو منتوج مغربي خالص، ولا علاقة له بالإرهاب العالمي.

والواقع من يسمع بعض المسؤولين المغاربة ينكرون أية علاقة بين اعتداءات الحادي عشر من مارس بالبيضاء ومنظمة القاعدة، سيذكر كيف أن المسؤولين الإسبان قد سبق لهم في أعقاب الحادي عشر من مارس بمدريد إن نفوا أية علاقة للاعتداءات مع منظمة القاعدة، وقد دفع رئيس الوزراء الإسباني السابق، خوسي ماريا ازنار، ثمن هذا الإنكار المتسرع.

وبالمناسبة أعيد التذكير باعتداءات 7 يوليوز 2005، والتي شهدتها لندن، ذلك أنه على الرغم من عدم إثبات المخابرات البريطانية لأية علاقة تنظيمية بين منظمة القاعدة والاعتداءات، إلا أن الجميع كان يدرك بأن القاعدة قد تحولت من منظمة إلى حركة ذات وجود افتراضي، وأن الحادي عشر من شتنبر قد تحولت إلى مثال يشبه الباراديغم. ولنفكر فقط في متتالية الرقم 11، والذي هو شكل برجي مركز التجارة العالمي، بدءا من 11 شتنبر، ثم 11 مارس بمدريد وأخيرا 11 مارس بالبيضاء.

وإذا كان معدل عمر الإرهابيين الانتحاريين في المغرب، حسب التصريحات الأمنية، يتراوح بين 17 و 25 سنة، فمعنى ذلك أن معدل أعمارهم، حين رأوا لأول مرة مشهد انهيار مركز التجارة العالمي، كان يتراوح بين 11 و 18 سنة. إنه السن الذي يتحدد فيه تموقع الوعي في الزمان والمكان، وهي المرحلة التي يكون فيها للصورة أثرا بليغا في تكوين الشخصية، سيما حين يتعلق الأمر بصورة ما فتئت تتكرر لعدة سنوات في مختلف وسائل الإعلام العالمية.

ومن باب التأكيد نود التذكير بما سبق أن تناولته وسائل الإعلام، عقب شيوع صورة إعدام الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، من قيام العديد من الأطفال اليافعين في مختلف أنحاء المعمور، بالانتحار في محاولة منهم تقليد مشهد بدا بطوليا في تقبل الموت. هنا يتعلق الأمر بأثر فوري للصورة، لكن الأثر قد يأخذ أحيانا بعض الوقت، وقتها سيكون بليغا، كما هو الحال بالنسبة لجيل ما بعد الحادي عشر من شتنبر.
الإرهاب الانتحاري، هو تعبير عن الإرهاب المعولم، حيث يلتقي التطرف الديني مع العدمية، إنه أيضا تعبير عن إفلاس أية إمكانية للمراهنة عن الحركات الدينية، سواء من أجل بناء الدولة، أو دعم المقاومة أو الثورة، أو من أجل التضامن الاجتماعي مع المعوزين والضعفاء، أو من أجل تخليق الحياة السياسية.

2- لماذا لا يمكننا أن نراهن عن الحركات الدينية ؟

منذ بضع سنوات خلت، كنت أعتقد أن الحركات الدينية ليست على نفس الدرجة من السوء، وإن بعضها قد يكون مفيدا في دعم جهود مقاومة استبداد الأنظمة العربية، مناهضة المشروع الصهيوني، واستئناف المشروع النهضوي العربي، كنت أتمسك بفرضية مؤداها أن الحركات الدينية، وإن اثبتت العصور الخوالي ضررها على الدولة، وقدرتها على إفسادها، إلا أنها قد تكون نافعة خلال مرحلة المقاومة، المعارضة أو حتى الثورة.

كنت اعتبر بأن العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة وليس عن الثورة، وقد كان هذا الموقف الذي يتبناه العديد من اليساريين والتقدميين العرب والغربيين، يجد صياغته البرغماتية الواضحة في عبارة شهيرة للمناضل البريطاني كريس هارمن، يرددها معه معظم التروتسكيين في العالم، وهي العبارة التي تختصر الموقف من الإسلاميين في الشعار التالي : مع الإسلاميين أحيانا يكونون في المعارضة، لكن أبدا حين يكونون في السلطة.

أحيانا قد توحي بعض الفرضيات بأنها صحيحة بالبداهة، لكن فقط قبل أن نخضعها للتجربة، وهو ما يصدق على فرضية كريس هارمن، حيث جاءت ظاهرة الإرهاب العالمي اليوم لتثبت أن الحركات الدينية قد تفسد الدولة والثورة معا، بمعنى تفسد قواعد الصراع السياسي برمتها.

كنا مخطئين إذن، وتحديدا فقد كنا مخطئين في المراهنة على ثلاثة أهداف أساسية بتنا نطمح إلى تحقيقها من وراء المراهنة "الثورية" على بعض الحركات الدينية :

أولا : فقد راهنا على أن رأس الدين لا يقطعه إلا سيف الدين، وكنا نقول إذا كانت إسرائيل دولة دينية قامت على نظرية الحق الإلهي، فإن مقاومتها لن تتأتى إلا من خلال مشروعية دينية مضادة، وإذا كان الاستبداد العربي، في معظمه، لا يقوم إلا على المشروعية الدينية، فإن التغيير سيحتاج إلى مشروعية دينية مضادة، وقد كنا مخطئين، فقد لايكون السيف أقوى من الرأس.

ثانيا : راهنا على أن بعض الحركات الدينية قد تكون مفيدة في أعمال الخير والإحسان، ومن ثمة التخفيف من وطأة الفقر، والتهميش والإقصاء.

وقد كنا مخطئين، فانتشار الحركات الدينية في عالم اليوم هو أيضا البيئة الملائمة لانتصار الإيديولوجية النيوليبرالية.

ثالثا : اعتقدنا أن بعض الحركات الدينية قد تكون مفيدة في تخليق الحياة السياسية، طالما أن عامة الناس سيظلون في حاجة إلى نوع من الوازع الديني لكي يحافظوا على مقدار معين من صدق القول، وحفظ الأمانة والتضحية من أجل الخير العام، وقد كنا هنا أيضا، مخطئين، فالدين حين لا يتم تنزيله على أخلاق يتمم مكارمها، فإنه قد يتمم الجريمة والانتحار.

لقد أثبتت الوقائع بأن الحركات الدينية هي خطر على الدولة على الثورة وعلى الأخلاق.

كان نجاح الثورة الإيرانية، والتي يصنفها الإيرانيون ضمن ثالث ثورة شعبية في العصر الحديث، بعد الثورة الفرنسية والثورة البولشفية، مناسبة للاعتقاد بأن الدين الذي انفصل عن مفهوم الدولة في العصر الحديث، ربما لم ينفصل عن مفهوم الثورة، لكن المحصلة الأخيرة هي رأس أكبر من الدين نفسه، اسمه ولي الفقيه.

وأما في الجزائر فلقد انتهت الثورة الإسلامية التي بشرنا بها زعماء جبهة الإنقاذ الإسلامية، إلى طوفان من الدماء والمجازر التي لا أول ولا آخر لها، وانتهت جميع بطولات حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين، إلى ما يسمى بحكومة دفع الرواتب.

والآن يأتي الإرهاب العالمي ليبين أن المرجعية الدينية قد لاتكون مضرة فقد بالدولة، وإنما أيضا بالحركات الاحتجاجية، بالمعارضة، بالمقاومة، وبالجملة بالثورة.

تعد المقاومة العراقية اليوم في العراق نموذجا صارخا لمخاطر إقحام الدين في قضايا المقاومة، لأنه قد يفسدها، بل وقد يحولها إلى حالة من الموت المجاني والتقتيل العبثي، فليس انعدام وجود الله، هو الوحيد الذي قد يبرر به الإنسان بعض حماقاته، حسب زعم دوسيتوفسكي، وإنما أيضا وجود الله قد يبرر للإنسان حماقاته، فهل ثمة حماقة أعظم من أن يفجر المرء نفسه في سوق شعبي أو مستشفى عمومي !؟

ربما ليس من الإنصاف أن نقول بأن الأشياء هي دائما إما بالأبيض أو بالأسود، لكن يجب ألا نخجل من القول بأنها قد تكون أحيانا بالأسود فقط، وهنا لن يكون من الإنصاف أن نرى ألوانا غير موجودة.

أحيانا قد يرتبط الدين بالنضال من أجل الحقوق الاجتماعية والحريات العامة، ويمكننا أن نفكر في معارك القس الأمريكي مارثن لوتر كينغ، وكذلك يمكننا أن ننظر بتقدير إلى معارك القس الفرنسي أبي بيير، وربما تبدو هذه النماذج مغرية للادعاء بأن التحالف مع بعض الحركات الدينية قد يكون مفيدا للحركات اليسارية والتقدمية.

بيد أن تلك النماذج لايجب أن تنسينا بأن الكنيسة وقفت طيلة القرن العشرين بجانب الأنظمة الفاشية والنظام الناري والديكتاتوريات العسكرية، في أوروبا وأمريكا اللاتينية، لايجب أن ننس بأن الكنيسة الإنجيلية اليوم تدعم بقوة حرب بوش على العراق.

أما عندنا فلا يكاد المرء يعثر على أي استثناء قد نلتمس فيه الضوء وسط الحركات الدينية إذ لاوجود لمناضل حقوقي ينطلق من الدين كما كان يفعل مارتن لوثر كينغ، لاوجود لمناضل اجتماعي ينطلق من النص الديني، كما كان يفعل أبي بيير، لاوجود لحركة دينية تدعم الوظائف الاجتماعية للدولة، كما في البرازيل. وحين نتصفح البرامج الانتخابية للأحزاب الإسلامية فإننا لا نعثر على أي شيء يؤكد وجود ميول اجتماعية ولو في حدودها الدنيا، ولذلك يمكننا أن نفهم ملاحظة عالم الاجتماع الفرنسي الفييه روا، بأن الاسلاميين الجدد هم متوافقون مع روح الرأسمالية النيولبرالية.

إذا لم يعد بالإمكان المراهنة على الحركات الدينية، سواء من أجل بناء الدولة أو من أجل نجاح الثورة، فلماذا لم يعد بالإمكان أيضا أن نراهن عليها من أجل تخليق الحياة السياسية ؟

إذا كان الدين، حسب إحدى الأحاديث النبوية، لا يأتي إلا ليتمم مكارم الأخلاق، فهذا يعني أن معركة الأخلاق، وهي معركة ذات أولوية حتى بالمنظور الديني، ليست هي معركة الدين ولا معركة الحركات الدينية، وإنما هي معركة الفلسفة، الفلسفة السياسية، الحركات الاجتماعية والأحزاب التقدمية.

لا تتوقف الأخلاق على الدين، ذلك أن قواعد الأخلاق هي أعمق وأشمل من قواعد الدين، ولنتناول مثالا يبين ذلك.

لعل طاعة الوالدين هي من أبرز قواعد الدين في مجال المعاملات، لكن شرط الطاعة قد يتحقق من دون أن تتحصل قيمة الاحترام، أما الاحترام فإنه من القواعد الأخلاقية، والتي تعد ذات أولوية على قواعد الدين (جئت متمما مكارم الأخلاق).

إذن ما مصير القانون حين نريد أن نستمده من قواعد الدين، وهل بإمكانه أن يجيبنا عن أهم الأسئلة الأخلاقية المطروحة علينا اليوم ؟

نعم لا تتوقف الأخلاق على الدين، لكن الدين سيظل محتاجا إلى الأخلاق متوقفا عليها، حتى لا يتحول إلى أداء لتبرير النفاق، الجريمة والانتحار، ولقد رأينا كيف كان معظم الانتحاريين، قبيل الجريمة ينتهون إلى شتم الناس وسب الدين نفسه.

من مصلحة الدين إذن أن يراهن على أخلاق الحداثة والأنوار، بعيدا عن كل من الحركات الدينية والحركات العدمية، وبعد ذلك سيكون للدين مجد آخر، وهذا هو بيت القصيد فيما يجب أن ندعو الناس إليه.

أيها الناس !
أقيموا دينكم على الحداثة، ولا تقيموه على الهمجية.

*** صدر للكاتب مؤلفان : - ماوراء الإرهاب الفلسفة و ظاهرة الإرهاب العالمي
- اليسار الفرنسي و الإسلام



#سعيد_ناشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد ناشيد - الجريمة بتفويض إلهي