|
مفارقات مع الحلال والحرام من الطعام
زيد ميشو
الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 08:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لما آلت إليه مجتمعاتنا من تفرقة وتعصب ديني مقيت ، لم يعد بإستطاعتنا أن نأخذ الأمور التي تخص علامات التدين بشكل عفوي ، بل نفكر أحياناً بابعاد الكلمة ومدلولاتها ونتائجها على فئة من الناس . وكلمة حلال التي تكتب على الطعام تستحق التوقف عندها " والتفحيص والتمحيص " بتأثيرها الإيجابي والسلبي . إذ كثرت هذه الكلمة على شتى أنواع الطعام الشرقي ( وليس العربي ) وعلى واجهة المحلات للدلالة على إن هذا المنتوج والسلعة المتواجدة داخل المحل هي حلال لإخوتي المسلمين . أوليس في هذه الكلمة إجحاف لحقوق الآخرين لمن لايعنيهم تطبيق الشرائع الدينية الإسلامية ؟ جرت العادة عند المسلمين على أن تكون ذبائحم متجهة نحو قبلتهم ، وعند نحرها يسمون بإسم الله ويتم إفراغها من الدم ، وبذلك يحلّ لهم لحم الضحية ، وهذا يسمى ذبح على الطريقة الإسلامية ، وخلافه يحرّم أكله من قبلهم إلا بحكم فتوة . إذن الحلال والحرام يخص شريحة من الناس وليس جميعهم ، وبما إن هذا القانون خاص ، لذا يجب إختيار تعابير تخص تلك الشريحة ، أما أن يكتب على الطعام حلال وكأن أي طعام آخر حرام ، فأعتقد بأن هناك خطأ وجب تصحيحه . فالعالم ليسوا جميعاً مسلمون يخضعون جميعاً للقانون نفسه . لذا أرى من الأصح كتابة للمسلمين بعد كلمة حلال ، أو مذبوح حسب الشريعة الإسلامية كما كنا نقرأها سابقاً على اللحوم المستوردة . كمسيحي ، ليس لي أي ممنوعات على أنواع الطعام والشراب ، كما يقول بولس الرسول " كل شيءً يحل لي لكن ليس كل شيء ينفع ، كل شيء يحل لي لكن لن أدع شيئاً يتسلط عليّ " ، لذا لاأستسيغ مصطلح حلال لأنه يدل على إن الطعام الذي أتناوله حرام . وبالمقابل لو كتبت على لحم الخنزير حلال وأقصد بذلك حلال للمسيحيين ، أو أن أبيح أنواع المشروبات الروحية وأكتب ، ويسكي جوني ووكر حلال ، وفودكا أبسلوت حلال ، وعرق هبهب حلال ، أفلا يعتبر البعض ذلك تعدياً ، بالمقابل ، اليس هناك تعدي عندما يقول أحدهم بأن طعامي حرام ؟ وما يدعوا للسخرية بأن غالبية المسيحيين في المهجر من أصحاب المحلات يكتبون لحم حلال على واجهات محلاتهم بالخط البارز والعريض ، وبهدف إستمالة المسلمين للتبضع منهم ، وأن سميّ ذلك شطارة تجار ، فسأضيف عليها صفة التملق ، لتصبح شطارة وتملق التجار . جميل أن يكون للمرء إلتزام ديني أو غيره ، لكن على ان يحسن إختيار الألفاظ التي تدل على إلتزامه ، وأن يتأكد من إن ذلك فيه صالحٌ له لاأن يصل لدرجة الوسواس . البعض من أصحاب المخوخ المقفولة يضحكوني أحياناً ، وخاصة من جنوب أسيا ، يسألون عن الخبز إن كان حلالاً وأقسم بان ذلك حصل معي مرتين ، وسألوني نفس السؤال عن الحلويات وأنواع الكعك ، وقد أصبح ذلك من الموضويع الفكاهية الممتعة والمستهجنة في عين الوقت لأصحاب المحلات الشرقية ( وليس العربية ) ، إذ لجميعهم تجارب معهم ، فهناك من يسأل عن البازلاء والباقلاء والطيحن والرز ، وآخر صيحة كانت من محل يملكه أحدهم حيث يبيع قلم جاف كتب عليه حلال . والأغرب من كل ذلك هو التمر الإيراني والذي كتب عليه تمر حلال وكذلك زيت الزيتون التركي نوع سلطان ، صدقوني ماأقوله ليس فيه مزح ، ولاتستغربوا إن قلت بأن هذا المصطلح كتب أيضاً على نوع من أنواع الصابون !! . ومع ذلك فكلمة حلال لوحدها لاتعني كامل مصداقيتها عند البعض ، إذ للسنة شروط وللشيعة شروط أخرى . أذكر يوماً شخص أراد أن يتأكد من اللحم الموضوع في الكبة العراقية المصنعة في كندا وقد كتب عليها حلال ، فسأل هذا الشخص من أين يأتي باللحم ، وبعدها علمت من إنه لايقبل باللحم إلا إذا كان هناك قصاباً من طائفته يتعهد بأنه من ذبح الذبيحة أو أشرف عليها ، بينما أتذكر قبل أكثر من عشرين سنة عندما قطعت رأس دجاجة ، طلب مني أخي المسلم ان اوجهها للقبلة وأسمي ، لم أكن متديناً حينها ، فقلت له ، من السهل أن أوجهها للمكان الذي تريد ، وأن أقطع رأسها ، إنما أن أسمي فهذا الطلب مرفوض ، فذبحتها وهو تكفل بشرعيتها الإسلامية وأكل منها الجميع بإختلافهم بفرح دون أي توجس ، وكان ذلك في أيام الطيبة والعيش المشترك والتي سوف لن يفهمها ويدركها الأجيال القادمة في شرقنا العزيز ، بل ستكون لهم من أمجاد التاريخ . لذا أقترح أن يوضع على الطعام رسم أو شعار يدل على إنه يحق للمسلمين أكله ، لأن ذلك يخصهم وحدهم فقط ، أفضل من الإختصار الغير مبرر بكلمة تهين الآخرين بطعامهم .
#زيد_ميشو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جائزة لكل ملحد يؤمن
-
أريد معلماً مختصاً بفن تغيير الوجوه
-
رجل الدين في زمننا
-
شتان بين كلاب وكلاب
-
لمن التصفيق ؟
-
أمل
-
عذراً أيها الحكيم البابلي – لقد كنت صغيراً جداً حينذاك ، ولم
...
-
لاأثق بهم ولاأستلطفهم ، فهل أنا على خطأ ؟
-
الله و الله وأكبر والرب وأودوناي
-
الله حسب الطلب
-
العلم العراقي وعلاقته بقتل المسيحيين
-
نحن كنّا ، وماذا عن الآن ؟
-
سمير إسطيفو شبيلا - يدي بيدك من أجل شعبنا المضطهد
-
رأيي شخصي - الكتابة بإسم مستعار
-
لاس فيغاس عراقي ، كفيل بتقويمه
-
زماننا وزمانكم
-
تعال يا حمار . . ميخالف - روح يا حمار . . ميخالف تعال ( أركب
...
-
حتى آدم وحواء شتمهم حرام !!
-
إسمحوا لي أن أشتم - حلقة أخرة من سلسلة تنفيس
-
بدل أن نطلق صفاة لإله واحد ، فليكن لنا أسماء لعدة آلهة
المزيد.....
-
أغنيات وأناشيد وبرامج ترفيهية.. تردد قناة طيور الجنة.. طفولة
...
-
-أزالوا العصابة عن عيني فرأيت مدى الإذلال والإهانة-.. شهادات
...
-
مقيدون باستمرار ويرتدون حفاضات.. تحقيق لـCNN يكشف ما يجري لف
...
-
هامبورغ تفرض -شروطا صارمة- على مظاهرة مرتقبة ينظمها إسلاميون
...
-
-تكوين- بمواجهة اتهامات -الإلحاد والفوضى- في مصر
-
هجوم حاد على بايدن من منظمات يهودية أميركية
-
“ضحك أطفالك” نزل تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ج
...
-
قائد الثورة الإسلامية يدلى بصوته في الجولة الثانية للانتخابا
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تقصف 6 أهداف حيوية إسرائيلية بص
...
-
-أهداف حيوية وموقع عسكري-..-المقاومة الإسلامية بالعراق- تنفذ
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|