أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - أخلاقيات القتال















المزيد.....

أخلاقيات القتال


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 201 - 2002 / 7 / 26 - 11:03
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                

 

  ربما بدا هذا العنوان متناقضا في نظر البعض ، على اعتبار أن القتال ( وجذر الكلمة اللغوي هو: قتل ) والأخلاق هما على طرفي نقيض . وهذه نظرة على قدر كبير من السطحية و مجافاة الواقع .صحيح أن أسوأ اختراع  و مهنة اخترعها الإنسان هي الحرب بوصفها فعل قتل ،ولكنها أيضا فعل دفاع مشروع عن النفس ، بمعنى أنها فعل دفاع عن الحياة . هنا فقط تستقيم وتنفح جدلية أخلاقية ولا أخلاقية الحرب .رغم ذلك ،وبسببه عموما، يمكن الاعتقاد  بأن الحرب  ،وبالتالي القتال ، تنطويان ضمنا على قدر كبير من الوعي الزائف الذي ندعوه أدلوجة ( حسب تعريب المفكر المغربي عبد الله العروي لكلمة أيديولوجيا ) لأن كل طرف من الأطراف المشاركة في الحرب تزعم و تثبت  الحق لنفسها وتنفيه عن الطرف أو الاطراف الأخرى . ومع ذلك ،وفي لغة التفاصيل الدقيقة يمكننا الكلام عن البعد الأخلاقي للحرب بوصفها شرا لا بد منه أولا ، و بوصفها ممارسة لأرقى درجات التضحية بالذات من أجل الآخر الذي قد يكون اسمه الوطن أو الشعب أو المعتقد ثانيا  . إن الخبرة البشرية المتراكمة من ميادين القتال طوال قرون وقرون ولدت آلاف القواعد والأعراف التي أصبحت في عصرنا الحاضر معاهدات ملزمة و واجبة الاحترام والمراعاة غير أن الخروقات المسجلة لا تدل على أن البشر قد انهوا عصر الوحشية تماما،  لا بل أن أقوى دولة في العالم طالبت المجتمع الدولي وأعلى مؤسسة رسمية فيه وهي الأمم المتحدة قبل أيام  بأن يعفى جنودها وضباطها من المتابعات القضائية في حال ارتكبوا جرائم حرب أو تجاوزات معينة للقواعد والمعاهدات الدولية ولقد كان لها ما أرادت فقد أجيبت الى مطلبها وأعطي عسكريوها  فترة حصانة لمدة عام قابلة للتجديد .فإذا كانت هذه الدولة ،وهي الولايات المتحدة ، تزعم لنفسها دور الرائد والمثال الديموقراطي و "محور الخير" الذي ينبغي أن يدور الكون حوله وتطالب علنا بحصانة دولية لمجرميها  فكيف ينبغي أن يتصرف أعداؤها ؟ إن صغار المحاربين من عناصر المليشيات والعصابات والمنظمات الثورية والدينية لهم خروقاتهم أيضا حين يخوضون حروبهم، وليس ثمة ما هو  أبشع من ممارسات القتل الدموي للأطفال والناس والشيوخ ذبحا على أيدي متعصبين متدينين أو غير متدينين  مهووسين بالدم البشري وإلحاق أقصى درجات الألم والإذلال بضحاياهم والتلذذ  بتلك الممارسات .وحتى هنا ، في حروب الصغار ، لا نعدم أن نجد أمثلة مرموقة على الشفافية الانسانية والقلبية الرحيمة والروح الجميل الذي يرفض تجاوز الخطوط الحمراء الذي خطها الشرف والجمال والحق . هاك – عزيزي القارئ – هذا المثال المفعم بالمعنى والعمق الأخلاقي :

  قامت الفدائية اللبنانية اليسارية سهى بشارة سنة 1988بعملية فدائية في المناطق التي كانت تحتلها الدولة الصهيونية في جنوب لبنان ،حاولت فيها اغتيال قائد المليشيات العميلة لإسرائيل أنطوان لحد أصابته فيها بجراح بالغة ، ثم أمضت عشرة أعوام  من عمرها في سجون الاحتلال . تروي سهى في كتابها ( مقاوِمة / ص122) أن فرصة رائعة قد سنحت لها قبل بضعة أيام من الموعد المحدد لتنفيذ العملية وكانت قد تسللت الى دار المستهدف كمدرسة للتمارين الرياضية  . تقول سهى أن الجنرال لحد كان  يجلس ذات يوم أمامها يتناول طعامه وقد أعطاها ظهره وكان سلاحها في حوزتها (أدخلتُ يدي في المحفظة التي أحملها الى جانبي وأخرجتُ .. منديلا . تحسستُ حجم المسدس الثقيل لصق خاصرتي ، غير أني ألفيتني عاجزة عن التماسك . ليس هكذا ، ليس وهو يتناول الطعام ،أيا يكن ،ليس من الخلف ، من الظهر . كنت عاجزة عن قتل عدوي في  ظروف مماثلة ..) رفضت الفدائية قتل عدوها مع أن الظروف كانت لصالحها ،وأن احتمال قتله كان أكيدا جدا لسبب بسيط هو أنها لا تريد تلويث صورة المقاتل الأخلاقي من أجل قضية عادلة بالغدر والطعن من الخلف . كل قوانين الحرب كانت تجيز لها قتله في تلك الظروف ولكنها رفضت وقالت : لا . أيا يكن ،  ليس وهو يتناول الطعام ، ليس من الخلف ، ليس من الظهر !!

ما رأي الذين يدافعون عن بشاعات القتل المنتشرة اليوم في الأسواق الشعبية والقرى النائية ويحاولون تبريرها دينيا  أو دنيويا بهذا المثال الإنساني المتألق ؟ ما رأي المهووسين بقوة المثال المقدس والراغبين بدخول الجنة على جثث الأطفال والنساء والشيوخ ؟ 

 



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عسكر وحرامية ومناضلون !
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : المقياس الديموغراف ...
- المسودة الكردية للدستور العراقي المقترح : توسيع كردستان حتى ...
- الوهراني والسخرية السوداء
- حق العودة الفلسطيني هو قلب الصراع :اتفاقيات جنيف تمنع الفلسط ...
- استطلاعات الرأي الفلسطينية :توازن نسبي بين فتح والإسلاميين و ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في "إعلان شيعة العراق " -الجزء الث ...
- حساب الإيجابيات والسلبيات في -إعلان شيعة العراق - : آليات ال ...
- عروبة العراق وحقوق الأقليات :حول التناقض المفتعل بين هوية ال ...
- الى موقع عراق نت والمسؤولين عنه
- باقر الصراف وجماعة - التحالف الوطني- : محاولات بائسة لتشويه ...
- ردا على كوردة أمين :حول الابتزاز باسم العداء للكرد والشيعة : ...
- النزعة العراقوية من الجاحظ إلى عبد الكريم قاسم .
- كركوك والموصل في الكعكة السياسية : حين تتحول الأوهام الشوفين ...
- توجان الفيصل ..سلاما !
- ثقافة المقاومة في مواجهة ثقافة العبودية :قراءة في رسالة مفتو ...
- ثقافة الذبح العشائرية : و نقتل الأكراد مجانا..!!
- لتكن "كركوك" أنموذجا لعراق المستقبل والسلام والمواطنة الحقة
- بعد السماح للعراق باستيراد الفؤوس والرماح : هل سينتهي العراق ...
- الإسلامي "عبد الله نمر درويش " والتنازل عن حق العودة :لمصلحة ...


المزيد.....




- شاهد: إنقاذ سائح ألماني مسن سقط على جبل في جنوب إيطاليا
- أمين عام منظمة التعاون الإسلامي يدعو لوقف حرب الإبادة في غزة ...
- -كتائب الأقصى- تقصف تجمعا للقوات الإسرائيلية في محور نتساريم ...
- خبير مياه مصري: بحيرة فيكتوريا تحقق أعلى منسوب في تاريخها
- طريقة مبتكرة لجعل البطاريات أرخص وأكثر كفاءة
- الشرطة تفض اعتصام جامعة فرجينيا بالقوة وتعتقل عددا من الطلاب ...
- القسام تنعى شهداءها بطولكرم ومظاهرات غاضبة تطالب المقاومة با ...
- تحذيرات من كارثة صحية غير مسبوقة في غزة ومخاوف أممية من -مذب ...
- حالة طوارئ طبية -غامضة- تصيب عشرات الركاب في رحلة جوية
- بالفيديو: أمطار غزيرة تتسبب بمقتل العشرات في البرازيل


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء اللامي - أخلاقيات القتال