أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عربي الخميسي - ديموقراطية الزعيم عبد الكريم قاسم واستحقاقات العالم الصابئي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله















المزيد.....


ديموقراطية الزعيم عبد الكريم قاسم واستحقاقات العالم الصابئي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله


عربي الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3081 - 2010 / 8 / 1 - 10:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


عندما يشتد الجدل، ويحتدم النقاش ، وتضعف الحجة ، بين المتحدثين عن الديمقراطية، وأحقية ابناء الاقليات القومية والطائفية والدينية التي تدخل في صميم مكونات الشعب العراقي، من أجل منحهم حقوقهم ومستحقاتهم القانونية ، وإقرارها من قبل رجال الحكم في الدستور ، يصار الى ضرب المثل بموقف الزعيم عبدالكريم قاسم قائد ثورة الرابع عشر من تموز/ 1958 ، من تبؤ عالم الفيزياء العراقي الصابئي المندائي عبد الجبار عبد الله كأول رئيس لجامعة بغداد ، هذا ما كنا نقرأه في تلك الايام وما كتب او يكتب عنه الكتاب حتى الان ، و بين ما يدور الحديث عنه وتتناقله جماهير الشعب آنذاك ، واللجان والافراد التي كانت مكلفة بصياغة مسودة الدستور الجديد في دولة العراق الجديد ، وكأن الامر يبدو غريبا ومدهشا ونشازا ، لحدث غير معهود كان قد حدث منذ خمسين سنة ونيف خلت . وحين يعد موقف الزعيم عبد الكريم قاسم مثالا رائعا لتطبيق الديمقراطية ومكسباً لمبدئيً العدل والمساواة .

لا يمكن النكران أبدا أن المعلومة المذكورة كانت نقطة بيضاء و مضيئة بتاريخ العراق المعاصر، وهي جديرة بالملاحظة والاهتمام لما تعكسه من دلالات ديموقراطية ، وتصرف حكيم من قبل الحاكم و ذي الشأن وصاحب القرار آنذاك الزعيم الركن عبد الكريم قاسم . فيقول المربي الكبير الدكتور الاستاذ نجيب محيي الدين في ايضاحه على مقال الاستاذ عزيز الحاج الموسوم الذي نشر في وقت سابق ( هكذا كان مجتمعنا ) وهو يستشهد بموقف الزعيم من تولي الدكتور عبد الجبار عبد الله منصبه المذكور - واقول لا يزال للدكتور نجيب - (فأثارت في نفسي خواطر وذكريات جميلة لعهد كنا ننعم فيه بجو فيه قدر غير قليل من الحرية السياسية والاجتماعية ، صرنا ويالاسف نفتقده منذ عقود عدة ،منذ ان اغتصب البعثيون السلطة في بلادنا وتسلط المجرمون منهم على شؤون البلاد ومصائر العباد) وكان الاستاذ عزيز الحاج يشيد بديمقراطية الزعيم عبد الكريم قاسم عندما لم يعترض الاخير في حينه شخصيا على تبؤ الدكتور عبد الجبار عبد الله هذا المنصب العلمي والثقافي الرفيع رغم ان الاخير ينتمي الى طائفة الصابئة المندائيين في دولة اسلامية ينص دستورها ( الاسلام دين الدولة الرسمي ) انتهى القول..... ) .

واقول انا ..الحقيقة لا يعلم معظم المتحدثين عن طبيعة هذا الحدث والملابسات التي رافقته ، إلا من تعايش معه عن قرب . وكما أن البعض تجاهل ويتجاهل عن قصد المنزلة العلمية لهذا العالم على النطاق العالمي والمحلي ، ثم وما هي مستحقاته على الدولة العراقية ؟ وما هو دوره في النهضة العلمية والثقافية أبان ثورة 14 / تموز قبلها وما بعدها ؟ و من هو الدكتور عبد الجبار عبد الله ؟؟ وأخيرا لماذا لا توظف هذه التجربة الرائدة اليوم في عملية صياغة دستور يقال له دستور حضاري ديموقراطي يحوي كل أطياف الشعب العراقي دون تمييز أو تفريق ؟؟ واعود للاستاذ نجيب محيي الدين في نفس التعليق أعلاه عندما يرد على الاستاذ عزيز الحاج (إن الفقيدعبد الكريم قاسم لم يعين المرحوم العالم عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد آنذاك.إذ كان قانون الجامعة النافذ لا يسمح له بذلك . بل كان ينص في حالة تعيين رئيس للجامعة أن يرشح مجلس الجامعة بالانتخاب ثلاثة أشخاص من أعضائه الى مجلس الوزراء ليختار واحدا منهم ....... الخ .. ثم يستمر بقوله ( وقد أجرى مجلس الجامعة الانتخاب فعلا وفق أحكام القانون .. وكان أعلى من حاز بنتيجة هذا الانتخاب من الاصوات هما المرحوم الدكتور عبد الجبار عبد الله -- إستاذ الفيزياء المعروف -- والدكتور عبد العزبز الدوري ----- الاستاذ المتميز المعروف باختصاصه في التأريخ الاسلامي ..... الخ.

وفي مكان آخر يستطرد الاستاذ نجيب في قوله ..
التزم الفقيد عبد الكريم قاسم التزاما تاما بأحكام قانون الجامعة ، وعرض الامر على مجلس الوزراء من دون أن يبدي ميلا الى هذا أو ذاك .فطلب المجلس من الجهات المعنية تقريرا مفصلا عن تاريخ حياة كل منهما وانجازاته العلمية ..وعندما إكتمل هذا إجتمع مجلس الوزراء للمناقشة والتصويت على هذا الامر ،.... الخ .. وعند المناقشة كان هناك من الوزراء من رشح هذا وآخرون عارضوا هذا ورشحوا ذاك . ثم كان التصويت فكانت نتيجته تصويت اكثرية أعضاء مجلس الوزراء الى جانب تعيين المرحوم الدكتور عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بعداد .. وفعلا فقد قوبل هذا التعيين بأستحسان وتقدير واسعين . ولعل من المناسب أنه كان من بين المتحفظين أو المعارضين لهذا التعيين هو المرحوم الفريق الركن نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة حيث كان يحرص على حضور إجتماعات مجلس الوزراء ولا سيما الاجتماعات التي يرى ضرورة وأهمية في الامور التي تناقش خلالها . فكان مبعث تحفظه ومعارضته هو - حسب رأيه - أن الدكتور عبد الجبار عبد الله صابئي وقد لا يكون ذلك مناسبا - حسب رأيه أيضا - في بلد اسلامي، برغم تقديره لمزاياه الشخصية ومكانته العلمية ، فأجابه المرحوم احمد محمد يحيى وزير الداخلية آنذاك - باشا إحنا الان مجتمعين لأنتخاب رئيس للجامعة وليس لأنتخاب إمام يصلي أمام المصلين في جامع ، فسكت الباشا ،وكان رجلا متدينا فاضلا ووافق.. .. الى آخر مقالة الاستاذ نجيب المنشورة في جريدة الزمان العدد 1535 / في 19/20 / ت2 / 2003 من يدقق المعلومة أعلاه بشكل موضوعي ، ويتجرد عن الميول والاهواء والانتماءآت الضيقة، يخرج بنتائج قد لا تسر القارئ الكريم ، ولا ترضي كل ذي ضمير يؤمن إيمانا حقيقيا بمبادئ الديمقراطية والمساواة والعدل وتكافؤ الفرص والتنافس الشريف ، بين أبناء العراق بمختلف قومياته وطوائفه دون تمييز أو تفريق ووضع مصلحة البلد فوق كل المصالح !! .

صحيح أن موقف الزعيم عبد الكريم قاسم في هذه القضية كان ديمقراطيا ، وأن ديمقراطيته تتجسد بأمرين اثنين : أولهما تمسكه بتطبيق قانون الجامعة نصا وروحا ، ولم يتدخل بالقضية المطروحة لا علنا ولا سرا كما تثبت الوقائع . وثانيهما أن الزعيم لم يعترض على إجراء التصويت أمام مجلس الوزراء ، ولم يعط أية أهمية على إعتراض رئيس مجلس السيادة الفريق الركن نجيب الربيعي على فوز الدكتور عبد الجبار عبدالله بالتصويت ، رغم أن الفريق نجيب كان يشغل أقدم الرتب العسكرية وأعلى المناصب في الدولة العراقية آنذاك ، الا أن الزعيم عبد الكريم قاسم بموقفه هذا قد وضع مصلحة البلد فوق كل المصالح كما يتوضح ادناه .

أما من جهة الاعتراض ، الذي أبداه رئيس مجلس السيادة الفريق نجيب الربيعي على فوز الدكتور عبد الجبار في التصويت ، ومن ثم رد وزير الداخلية آنذاك الزعيم الركن أحمد محمد يحيى على هذا الاعتراض ، لهو أمر غاية في الاهمية ، لأنه يعبر عن عقلية رجعية كانت كامنة في ذهن الشخص المقابل ، لا تبغي الخير لهذا البلد وهي بعيدة كل البعد ، عن العدل والمساواة والديمقراطية وبأسم الدين مع الاسف الشديد .

يصعب على الباحث الالمام التام بكل ما قدمه هذا العالم المعاصر لجامعة بغداد من خدمات وأعمال وأفكار جليلة للجمهورية العراقية الفتية وللعالم أجمع ، وذلك لما تحتويه تلك العلوم من بحوث ونظريات غاية في الدقة والتعقيد ، تدخل بأعماق بحورالمعرفة الكونية والفضاء الخارجي ونظريات الانواء الجوية ، لا يفهم كنهها إلا ذو الاختصاص من العلماء ، وعليه أترك البحث والتنقيب لمن يروم المزيد لمعرفة تلك البحوث العلمية التي ليست من أهداف موضوعي هذا . ولكن لا بد لي أن أدعم طروحاتي هذه بالاستشهاد ، ببعض ما قاله عنه زملاؤه واصدقاؤه من الاجانب والعراقيين على حد سواء ، ليطلع عليها القارئ وليتعرف من خلالها على هذه الشخصية الوطنية العراقية العبقرية والفذة . ومنها على سبيل المثال ما يلي :
قول تلميذه وصديقه فيما بعد ، الدكتور عبد الكريم الخضيري في مقالته ( عبقري الجيل ) المنشورة في مجلة الثقافة الجديدة العدد 261 لسنة 1994/ 1995وهو يروي لنا أول مقابلة حصلت له مع الراحل الدكتور عبد الجبار عبد الله ( ... شكرته على هديته وانا آلهج بالثناء على لطفه ، وقد ظلت صورة الاستاذ عبد الجبار قوية في ذاكرتي ، كان فائق الذكاء ، لدرجة العبقرية بحفظ الارقام ، والمعادلات الرياضية من النظرة الاولى،وكان محبوبا من طلابه ومحترما من زملائه ) .وفي معرض حديثه حول إصدار مجلة علمية على مستوى عالٍِِِِِِ في العراق هي : ( proceeding of Iraqi Scientific Socientes ) حيث يقول ( - وكان المحفز على لهذه الفكرة ومحركها الاول الدكتور عبد الجبار عبد الله ، الذي إنتخب رئيسا لتحريرها بالاجماع .وشرعت تصدر المجلة باللغات الاوربية الحديثة مع خلاصة بالعربية . ولم يأت إختيارنا لرئيس التحريرإعتباطا ، فقد كان الدكتور عبد الجبار عبد الله يتألق بين المثقفين وأساتذة العلوم لجدارته العلمية وطيب أخلاقه . فهو من خريجي جامعة ( MIT ) المشهورة عالميا ، وكان خبيرا بالنشر العلمي ، وقد سبق أن نشر أبحاثا عديدة في المجلات العلمية العالمية ، وقديرا على إدارة الجلسات ، وكان ضليعا بالعربية حافظا للشعر ، كما كان ضعا باللغة الانكليزية ولغات أوربية إخرى .......) ويسترسل الدكتور عبد الكريم الخضيري في كلامه الممتع والموضوعي في أمور كثيرة رائعة ، حول أعمال ومنجزات الدكتور عبد الجبار حتى يصل به الحديث عن ثورة 14 تموز 1958 ( وما حملته من تغيرات كبيرة نتيجة التحولات السياسية والاقتصادية ، والشروع بالتصنيع وبالمشاريع الانمائية، لتؤكد الحاجة الى كادر متعلم ينهض بهذا البناء .. والى تطويرالتعليم العالي والفني ليشمل تخصصات جديدة علىالبلاد، كالهندسة الكيماوية وهندسة النفط والحاسبات الالكترونية والتخطيط وغيرها ، وكان تأسيس جامعة بغداد إستجابة لهذه الحاجة ، وإنتخب الدكتور عبد الجبار عبد الله لتولي رئاستها . كانت مهمة الرئيس صعبة في جمع شمل الكليات التي كان لكل منها تأريخها الخاص ، كما كان على الرئيس اختيار كادريتسم بالكفاءة العلمية والاداريةلادارة الجامعة وكلياتها ) ..... الخ ..ثم يذكر عن صديقه الراحل قوله ( كان يسابق الزمن للنهوض بمشروع الجامعة ، ولذلك شجع الاساتذة العراقيين في الخارج للعودة للوطن ليشغلوا مواقعهم في الجامعة الوليدة، وفي ذات الوقت نشْط حركة إرسال البعثات العلمية الى الخارج بالتعاون مع مجلس الوزراء ومديرية البعثات ) .ثم يتطرق الدكتور عبد الكريم الى خطط وبرامج الراحل حول الكادر الوسطي او الفني ، وإعتبرها مهمة أساسية من مهمات الجامعة ، وأنصرف في الجانب المقابل الى العناية بقمة الهرم ، وإعداد دراسات الماجستير والدكتوراه ، ويقول : (ان الفقبد حريصا على إشاعة التقاليد الديمقراطية في الجامعة ، فقد منح عمداء الكليات ومجالسها صلاحيات كبيرة ..... الخ ..كما كان الدكتور عبد الجبار حريصا على تحفيز البحث العلمي والنهوض بالحركة العلمية.لذلك بادر إلى تنظيم عقد المؤتمر الاول لجامعة بغداد ...... الخ.. ويأتي الثامن من شباط 1963 ويتعرض كل هذا البناء الى صدمة عنيفة !! فقد عزل رئيس الجامعة وعمداء الكليات ، وفصل عدد كبير من أساتذتها وهكذا خسرت الجامعة اكثر من مئتين من الاساتذة المتخصصين المشهود لهم بالكافاءة... )
(إتجه الفقيد الى الولايات المتحدة وإنضم الى مركز أبحاث الفضاء في كولورادو . وبعدها عين إستاذا في جامعة نيويورك في ( آلبني )عاصمة ولاية نيويورك .... )
ويختتم الدكتور عيد الكريم الاخضيري مقالته المؤثرة بحق هذه الشخصية الفذة بكلماته التالية :-
( كان عبد الجبار عبد الله يذكرني بغاندي . كان هادئاَ في مشيته وطباعه ، قليل الكلام ، ولكنه إذا تكلم نطق بالحكمة . كان وطنيا غيورا ، وحريصا على عروبته . لذلك سمى أولاده بأسماء علماء عرب ، سنان وهيثم وثابت . كان متواضعا ، لا يعرف الكبرياء ، رغم أنه قد بلغ قمة الانجاز العلمي والآكاديمي ، مقتنعا في مناقشاته بمنطق سليم ورأي سديد . بدأ في خدمة بلاده كأختصاصي في الانواء الجوية في ميناء البصرة ومدرسا في الثانوية ليغدو إستاذا ورئيسا لجامعة بغداد . لقد إزدهرت جامعة بغداد في عهده كازدهار ( دار الحكمة ) في عهد المأمون . رحم الله أبا سنان ..فقد كان نعم الاخ والصديق . ) الى هنا ينتهي حديث الدكتور عبد الكريم الخضيري . واليكم شهادات إخرى لأثنين من زملائه من الاساتذة الاجانب وهذه الشهادات هي :
عبارة عن بعض ما ورد في نص نعي وفاة الدكتور عبد الجبار عبد الله الذي نشرته جمعية الانواء الجوية الامريكية ، الصادرة في تشرين الثاني 1969 ، وقد وضع النعي إثنان من العلماء الامريكين المعروفين في حقل علم الانواء الجوية الاول ( هورتز ) وكان إستاذا معه في جامعه ولاية نيويورك في آلبني . والثاني وهو( جيمس ابرين ) تلميذه في دراسة الدكتوراه وهو الان إستاذا في جامعة فلوريدا .
لم تكن صيغة هذا النعي مشابهة لما إعتدنا عليه نحن العراقيين ، ووفق عرفنا السائد ، بل هو سرد دقيق ومرًكز لمجمل انجازات الدكتور عبد الجبار عبد الله العلمية ، في مجال علوم الانواء الجوية المعقدة ، والتي لا أفهم كنهها مطلقا ، كما وأن هذا النعي قد إرفقت به قائمة طويلة بعناوين بعض بحوثه باللغة الانكليزية ، والتي كان قد أغنى بها علوم الانواء الجوية ، على نطاق عالمي ، كما يشهد له هذان العالمان في نص نعيهما وما ذكراه حولها بقولهما (: إن القائمة الملحقة ، والتي تتضمن الابحاث المنشورة ، تظهر ان ما ألمحنا اليه هنا لا يعالج سوى جزء من أعمال الدكتور عبد الله ، إن إهتماماته الواسعة وقدراته العلمية مكنٌتاه من ان ُيسهم في كل جانب من جوانب علم الانواء الجوية بأسهامات مهمة. )
ومن ثم يدليان بشهادتهما الخاليتين عن كل قصد او غرض بقدر ما هي الحقيقة عندما يقولان :
( إن معظم العلماء الامريكيين على دراية بمساهماته المهمة في علم الانواء الجوية في نهاية الاربعينيات ومطلع الخمسينيات في ( MIT ) أولا ، وفي جامعة نيويورك من بعد ، وقد لاحظوا مساهماته الكثيرة في عام 1966 حين عاد الى الولايات المتحدة - كعالم أقدم في برنامج الدراسات المتقدمة للمركز الوطني للابحاث الجوية في بولدر ، كولورادو ) ومن ثم كأستاذ للعلوم الجوية لجامعة ولاية نيويورك في ( آلبني ) ومع ذلك فأن كثيرين من علماء الولايات المتحدة لم يطلعوا على جهوده التعليمية المتفانية في وطنه الام - العراق ، فمنذ عام 1947 حتى عام 1963 وضع وترجم خمسة كتب تدريسية في الفيزياء وعلم الانواء الجوية باللغة العربية لكي تستخدم في بلاده . ومنذ 1959 حتى عام 1963 شغل منصب رئيس جامعة بغداد الفتية ، وفي الفترات التي يزور فيها الولايات المتحدة كان زملاؤه يعرفون انه يعتبر بغداد هي الوطن بالنسبة له ، وحتى في الوصف الاخير الذي ادرجته عنه نشرة ( رجال العلم ) جاء ان بغداد هي وطنه مع مكتب له في ( المركز الوطني للبحث الجوي ) في بولدر، كولورادو
.
لقد فقد وطنه ، العراق ، بموته واحدا من أبرز علمائه وأن زملاءه الذين أسعدهم الحظ للتعرف عليه شخصيا كزملاء في المهنة وكأصدقاء ، سبذكرونه ليس فقط لمساهمته في علم الانواء الجوية ، وإنما أيضا لخصاله الانسانية الرفيعة . الى هنا ينتهى بعض ما جاء بنص النعي
.
عين الاعصار -- هذا عنوان ما كتبه الدكتور الاستاذ ابراهيم الخميسي بالمناسبة نفسها ، عن العالم الراحل الدكتور عبد الجبار عبد الله حيث ورد مما كتبه -- ( من المعروف أن هذا الاستاذ الجليل شغف بالعلوم ، والفلسفة العربية ولاسلامية ،إضافة الى حبه للغة العربية والشعر والادب ) . ثم يسترسل في حديثه ويقول ( نشر عبد الجبار بعض مقالاته ، عند ما كان في امريكا ،ومن يطلع على أعماله العلمية يرى أنه كان في قلب الجبهة الامامية لعلوم الانواء الجوية في ذلك الوقت . وأن المرء ليعجب كيف أستطاع مدرس ثانوية من بلد ، أقل ما يقال فيه ، إنه خال من الجامعات ومعاهد البحث العلمي ، الوصول الى هذا المستوى العلمي الرفيع ، وفي بلد يعتبر من أكثر البلدان تقدما علميا وتطورا تكنولوجيا ؟؟ ) ويتسائل الكاتب ( ترى أي جهود مضنية بذلها دكتور عبد الجبار ، وأي ذكاء كان يتمتع به ، وأي اصرار على تحدي الصعاب والمضي في طريق العلم ، وصعود درجاته درجة درجة ، وامتلاك ناصيته خطوة خطوة ! ؟) إن قرأءة أبحاثه ومقالاته العلمية تشير الى خيال خصب ، وإفق واسع، وإطلاع وفير لهذا العالم الجليل في مجال تخصصه ) أما عن طبيعة هذا الاختصاص يقول _ ( معظم أبحاثه كانت حول الاعصار ، والرياح القوية والزوابع . درس أسباب وكيفية تولدها ، والعوامل التي تساعد على نموها وأخذها أشكالها النهائية . الخ والاهم من ذلك كله، هو وصفه لما يحدث بمعادلات رياضية، يستطيع الباحث بواسطتها التنبؤ بحالات هبوب الاعصار ..الخ ) )
وبعد ثورة 14 تموز عين دكتور عبد الجبار عبد الله رئيسا لجامعة بغداد . ومن موقعه هذا قدم لبلده خدمات جلى ، فاهتم بالمناهج التدريسية والتربوية وبالكادر التدريسي ، وبذل جهودا كبيرة للاهتمام بأرساء اسس البحث العلمي ، ولعب دورا كبيرا في تأسيس العديد من الكليات والمعاهد في بغداد وغيرها من مدن العراق الرئيسية . وأسس جمعية العلوم العلوم الرياضية والفيزياء وأصدر ، سوية مع زملائه الاساتذة الاخرين ، أول مجلة علمية كان هو رئيسا لتحريرها ، كما عمل جاهدا على عقد المؤتمر العلمي الاول لجامعة بغداد ) وقد إتختتم دكتور إبراهيم الخميسي مقالته قائلا :
( لقد فقد العراق الدكتور عبد الجبار عبد الله ، العالم الفيزيائي ، والاستاذ الفاضل ، والمربي الكبير ، وهو لما يزل في ذروة نشاطه العلمي والتعليمي والتربوي ، وفي أوج حماسه لتحقيق أهدافه بخدمة العلم في بلادنا ، وفي قمة تألقه الفكري ولمعان افكاره الجديدة بمجال تخصصه. كان يمكن لتلك الافكار أن تفيد العلم والناس وأجيالنا القادمة التي ستذكره وتقدره أجمل تقدير ، وتعظمه بما يستحق ، وستستفيد أجيالنا حتما من قصة حياة وكفاح وتألق هذا الانسان الكبير في علمه ، العظيم في عمله ، المتواضع في حياته وسلوكه .هذا الانسان الذي انتقل بكل اصرار وتصميم وجد ومثابرة من مدارس محافظة العمارة في جنوب العراق الى ذرى العلم السامقة.
هذا بعض ما جاء بشهادة رجل العلم القدير الدكتور ابراهيم الخميسي الموسومة ( عين الاعصار ) عن العالم الراحل الدكتور عبد الجبار عبد الله شهادة عينية موثقة اضيفت الى كثير من الشهادات لعلماء واساتذة افاضل .
واخبرا كلمة لا بد منها :
يمكن للفرد أن يستخلص العبر من هذه الواقعة ، فولا حكمة صاحب القرار الزعيم الركن عبد الكريم قاسم لما تبؤ الدكتور عبد الجبار عبد الله منصب رئاسة جامعة بغداد ، رغم كل مؤهلاته واستحقاقاته التي ممرنا بها خلال هذا العرض البسيط . وفي المقابل، يستبان جليا أن النعرات الدينية والطائفية ، تبقى في قلوب وأذهان اؤلئك الافراد مهما وصلت بهم الرتب والمناصب ، طالما لا يؤمنون بالديموقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص ، إنطلاقا من نظرة ضيقة تضر بحقوق المواطنيين كما تضر بمصلحة البلد وتقدمه . و قد يظهر هذا التوجه البغيظ حينما ُتفتقد القوانيين ، التي من شأنها حماية حقوق الناس دون تفريق أو تمييز، مستندة الى دستور وطني تقدمي في دولة عراقية ذات مؤسسات قانونية ومجتمع مدني ضامن .
عربي الخميسي



#عربي_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الكريم قاسم ومطالبيته بالكويت .. واشياء اخرى - القسم الث ...
- عبد الكريم قاسم ومطالبته بالكوت واشياء اخرى
- مقعد تعويضي للبرلمان العراقي القادم معروض بالمزاد العلني ... ...
- ماذا يعني تخصيص مقعد في البرلمان العراقي بالنسبة للصابئه الم ...
- العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر ...
- العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر ...
- العلاقات الدوليه وضيق الافق السياسي وقصة حبس الجواهري الشاعر ...
- يا اهل اوكلاند ماتت كاشين ....؟
- العالم عبد الجبار عبد الله يوم التقيته
- العراق خسر الصابئه المندائيين ، ولكن الصابئه المندائيين لم ي ...
- المراة المندائيه حررها الدين المندائي وظلمها المجنمع
- أنا شاهد عَيّان على ثورة 14 / تموز
- القسم الثاني والاخير - كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المن ...
- كاظم فرهود ابو قاعدة ذلك الشيوعي المناضل يوم عرفته
- هذا هو موقف الاخيار والشرفاء
- جريمة الطوبجي ضد الصابئه المندائيين وموقف الشرفاء المطلوب لل ...
- القسم الثالث - يوم تأسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من ...
- يوم تاسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من حرب الاحتلال
- يوم تأسيس الجيش العراقي والدروس المستنبطه من حرب الاحتلال
- من مذكرات الراحل طيب الذكر المحامي داوود حبيب يلدو سيبا


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عربي الخميسي - ديموقراطية الزعيم عبد الكريم قاسم واستحقاقات العالم الصابئي المندائي الدكتور عبد الجبار عبد الله