أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الصَّوتُ الشِّعريّ















المزيد.....

الصَّوتُ الشِّعريّ


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 934 - 2004 / 8 / 23 - 11:41
المحور: الادب والفن
    


لا نملك في الشّعر العراقيّ الذي وُلِدَ بعد تجارب بدر أصواتاً كثيرة .
نملك شعراءَ عديدينَ ، خرجوا من صدى صوت بدر.
لم يستقلّ بصوته الشخصيّ ، في ما بعد ، إلاّ عددٌ قليلٌ من الشعراء.
في ذهني الآن ثلاثةٌ ، تداخلت أصواتهم الشعرية في ما بينها كثيراً ، هم : عبد الوهاب البياتي وسعدي يوسف وحسب الشيخ جعفر.
كتب البياتي أربع قصائد تقلدُ السيّاب كلها في أباريق مهشّمة الصادر عام 1954، وكتب سعدي قصيدتين في ديوانه " أغنيات ليست للآخرين " الصادر عام 1955 مؤرختين بعام 1953 ، الأولى " غضب حزين " لاعلاقة وطيدة لها بتجربة البياتي والثانية " تخطيط أوّلي عن حصار غرناطة " وهي قريبة من شعر البياتي اللاحق ، واذا ثبت تأريخياً انّ سعدي قد كتبها قبل أن يكتب البياتي شعراً حديثاً سنكون حقاً أمام نكتة نقدية ثبِّتتْ بحيلٍ مرةً و بغباء مرةً أخرى في النقد العراقي .. ممّا يستدعي معها ومع القصيدة الأولى وقفة لترتيب الرأي النقدي القائل بتبعية سعدي في البدء للبيّاتي.
لقد اشتبكت تجربتا البيّاتي وسعدي في الدواوين الأولى كثيراً.. قبل أن تنفصلا عن بعضهما.
وتعلّقت تجربة حسب الشيخ جعفر بتجربة البياتي حدّ التأثر الواضح ، وبحدّة أقلّ بتجربة سعدي ، قبل أن تنفصل عنهما الإنفصال المعروف فنيّاً في الشعر العراقي ، بل انّ البياتي و سعدي ، تأثّرا بتجربة " حسب " في بعض قصائدهما لاحقاً..
لا تُقرأُ تجربة التجديد في الشعر العراقيّ في البدء بدون انتباه قويّ الى العروض ، فقد كان الشغل الأول شغلاً عروضياً في الدرجة الأساس، كان تأسيساً لعروض جديد للشعر العربي .
كان السيّاب يجرّب في العروض من بحرٍ إلى آخرَ ، ليخلق عروضاً للشعر الحديث ، وكان الآخرون متأثّرين لا محالة بما يفعل..
قصائد البياتي الأربع- كلها من بحر الكامل - في ديوانه الصادر1954 كانت تقليداً لقصيدة السياب " في السوق القديم " والتي كانت من بحر الكامل ، يبدأ السياب قصيدته البداية التالية :
الليل ، والسوقُ القديم
خفتت به الأصواتُ إلاّ غمغمات العابرين
وخطى الغريب وماتبثّ الريحُ من نغم حزين
ويبدأ البيّاتي قصيدته : " سوق القرية " - لاحظوا العنوان - البداية التالية :
الشمس ، والحمر الهزيلة ، والذباب
وحذاء جنديّ قديم
ويبدأ البياتي قصيدته :" القرصان" - لسعدي قصيدة من الشعر العموديّ ، بالعنوان ذاته ، وهي كتابه الشعريّ الأوّل ، وقد صدر عام 1952 - البداية التالية :
غليونه القذر المدمّى والضباب ،
وكوة الحان الصغير
ويبدأ البياتي قصيدته " الأفّاق " البداية التالية :
سكتت وأدركها الصباح ، وعاد للمقهى الحزين
ونقرأ في القصيدة الرابعة " مسافر بلا حقائب " من بين شواهد عديدة فيها :
مستنقع التاريخ والأرض الحزينة والرجال
عبر التلال
هذا يعني انّ البياتي قد جاء الى الشعر الحديث عندما كان السياب قد أنجز قسطاً وافراً من رسالته ، ولنتذكّرْ هنا أمراً آخرَ، هو انّ السيّاب قد كتبَ في العام 1954 قصيدته" أنشودة المطر" وهي من بحر الرجز ، ليُدخِلَ هذا البحرَ في الخدمة فعلياً حاله حال البحورالأخرى كالرمل والكامل والمتقارب والمتدارك..إلخ و" أنشودة المطر " تمثل مرحلة فنية متطورة في الشعر الحديث كما نعرف جميعاً.
ويبدو سعدي في قصيدتيه اللتين أشرت إليهما سيابياً في الأولى وسيابياً وبياتياً في الثانية ، وللتدليل على بياتيته ، نقرأُ من الثانية " تخطيط أوّلي عن حصار غرناطة" ، وهي قصيدة من بحر الكامل ، كتبت عام 1953 في بغداد كما يقول ديوان " أغنيات ليست للآخرين " :
رمياً ! وتنطلق السهام
رمياً ! ويسقط قائد الأعداء تسحقه الخيول
لكن ماذا لو انّ سعدي كان قد كتب قصيدته هذه قبل أن يقرر البياتي دخول الشعر الحديث ؟
سنؤخّر الجواب قليلاً.
أمّا قصيدة "غضب حزين " التي هي من بحر الرمل فهي تعلن انتماءً واضحاً الى بدر:
لا تعودي
غَضِبَ البحرُ وجرحي
والرياح
وفي هذه القصيدة يشذ سعدي في التقنية قليلاً عن غيره ، لكن لا أحد على حدّ علمي قد انتبه إلى ما فعل.
لننتبه كيف تنتهي القصيدة :
واحتواني المعبر المظلمُ ، والنهر ُالبخيل
شاحب الأمواجِ.. ألحانُ مضاء
ثمّ أغمضت عيوني
والرذاذ...
فقد جاءت الرذاذ وحيدة بدون قافية شبيهة سابقة ، وفي الأعراف الشعرية لعام 1953 ، كان هذا الأمر خروجاً مّا.
انك لا ترى البياتي في هذه القصيدة ، لكنك كنت رأيتَهُ في القصيدة الأخرى والتي قد تكون سابقة على البياتي ..!
سيكون لزاماً علينا هنا أن نتذكّر على الدوام الصوت الأصل ، صوت بدر شاكرالسيّاب المتشظي في الشعراء.. وانَّ البياتي الذي رأيناه في سعدي قبل أن يكتب البياتي شعراً حديثاً انما كان صوتاً متفرعاً من الصوت الأول : صوت بدر.
وينسحب الأمر ذاته إلى حسب الشيخ جعفر،الذي أخذ صوته الشعريّ من البياتي مباشرةً .. نقرأ له في قصيدة الكهف القديم " من الرمل " من ديوانه " نخلة الله " :
أيها الكهفُ القديم
ها أنا أعوي على بابك كالذئبِ ، طريداً أستجير
ها أنا في نزعِ الروح الأخير
في يدي النارُ التي تنفخُ روحاً في الهشيم
غير انّ استقلاله سيتمّ لاحقاً عندما يبدأ الكتابة الشعرية المدوّرة ، نقرأ له في الرباعية الأولى " وهي من الرجز" من ديوانه " الطائر الخشبيّ " :
الزمنُ اليابسُ ياحبيبتي كالقشّ في أصابعي . أرتجفتُ مثلَ الوتر المشدودِ في انتظار لون الثوبِ. وامتلكتُ في وجهكِ خفق النورسِ الغريقِ. وارتحلتُ في انزلاقةِ اليدينِ حتى العروة الأخيرة . اتكأتُ في الظلّ على انحناءة الشفاهِ . " هل أتركهُ ينصبّ كالجدول ؟ " فرَّ الشَّعرُ الثقيلُ كالنهر . إلخ
لقد دوّر حسب الشيخ جعفر صوته المأخوذ مباشرة من البياتي ، فامتلكه مستقلاً بموهبة ومهارة شعريتين ، شخصيتين .
نحن اذن هنا أمام حركة تنقلية للصوت الشعريّ الأوّل من شاعر إلى آخر.
لكنها حركة صعبة وقاسية .
فبمقدار ماتقتل التفرد الشخصيّ للشعراء وتجعلهم أشبه ببغاواتٍ تردّدُ صوت شاعر واحد فذ ، فإنها في الوقت نفسه قد تستقر في صوت شاعر بحُنوّ وتأخذ بيديه لامتلاك صوته الشخصيّ لاحقاً كما حدث مع البياتي وسعدي وحسب..عندما تتوفر الموهبة والمهارة الشعريتان،الشخصيتان.
لقد أدركت الحداثة الشعرية العراقية كلّ هذا وهي تشقّ الطريق الجديد في الشعر العراقي.واحتفظت لهذه الأصوات بالتحية ، والإستذكاربما يُشبه التكريم في كلّ خطوة خطتها و تخطوها في طريقها الطويل..



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المَجْزَرَةْ
- موتُ سبتي الشيخُ ابراهيم
- خمريات.. 2- في حُلَّتي جسمُ فتىً ناحلٍ
- كلمات إلى مقتدى الصدر
- حتى يعرف أدونيس..
- الطريق إلى الحرب.. والإعلام العربي
- أخاف على شعبي من الإحتلال والمقاومة
- أميريكا والبعث
- تحية إلى الحزب الشيوعي العراقي في مدينة الناصرية
- في رسالة شخصية إلى كمال سبتي : المعماريّ العراقيّ خالد السلط ...
- نصوصٌ من - بريدٌ عاجلٌ للموتى
- ثلاثة نصوص من - بريدٌ عاجلٌ للموتى
- الشّاعرُ وَأُخْوَةُ يوسُف..
- شيءٌ عن السّيّاب : صِلَةُ قُربى..
- حكاية في الحانة
- الشاعر شهيدا ..
- مكيدةُ المصائر
- آخرونَ قبلَ هذا الوَ قت
- حكاية في الحانة
- مكيدةُ المصائر


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - الصَّوتُ الشِّعريّ