أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - والذين يزدرون حضارتهم














المزيد.....

والذين يزدرون حضارتهم


رضي السماك

الحوار المتمدن-العدد: 3034 - 2010 / 6 / 14 - 19:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يُعد كتاب "ألف ليلة وليلة" واحدا من عيون التراث الإبداعي العربي الذي ألهم أجيالا متعاقبة من الأدباء والمثقفين العرب على امتداد قرون منذ صدوره، مثلما ألهم ومازال يلهم أجيالا من الأدباء والمثقفين الغربيين ومن ضمنهم على وجه الخصوص المستشرقون والمستعربون وهو بهذا يُعد مفخرة لأي أمة ينتمي إليها هذا الأثر العظيم وتتمتع بحد أدنى من موفور الصحة النفسية والاستنارة العقلية، وباسم هذا الكتاب الذي تنمي مادته الخيال الخصب في الإبداع الغني بمضامينه المتعددة المختلفة غنت الفنانة الكبيرة المصرية الراحلة أم كثلوم إحدى أغانيها باسمه، كما غنت نظيرتها في القمة الإبداعية فيروز عن شهرزاد وشهريار في واحدة من أمتع أغانيها، وأطلق هذا الاسم على مسارح ومطاعم ومكتبات عربية لا حصر لها.
وصدرت طبعات متعددة منه على امتداد قرن ونيف من تاريخنا العربي الحديث في العواصم العربية العريقة في إصدارات الكتب وخاصة القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد هذا بخلاف العواصم العربية الأخرى.
وكانت الأكاديمية واستاذة الأدب الكبيرة الراحلة سهير القلماوي من أشهر من كتب عن هذا الأثر التراثي العظيم "ألف ليلة وليلة"، حيث إن رسالة الدكتوراه الخاصة بها كانت عن هذا الموضوع تحديدا بتشجيع من عميد الأدب العربي طه حسين الذي أشرف على الرسالة ووضع مقدمتها بعد اصدارها في كتاب.
لكن أوصياء الفضيلة والأخلاق الذين شنوا حملة شعواء على هذا الكتاب في أواسط ثمانينيات القرن الماضي بحجة ما يتضمنه من عبارات تخدش الحياء وخسروا معركتهم حينئذ أمام القضاء المصري برفض الدعوى المقامة لمصادرته من سوق الكتاب عادوا من جديد ربما بأسماء جديدة يحملونها لكن لا تختلف عقلياتهم عن عقليات أسلافهم في الثمانينيات ليشنوا حملة جديدة ضد صدور طبعة جديدة من الكتاب ضمن سلسلة الذخائر التي تصدرها "هيئة قصور الثقافة" في مصر، وجندوا لهذه الغاية أي لمعركتهم الجديدة التي يخوضونها ضد واحد من الآثار الحضارية المضيئة لأمتهم تسعة محامين ينتمون لمكتب محاماة واحد برفع بلاغ للنائب العام ضد "قصور الثقافة" التابعة لوزارة الثقافة.
وعلى الرغم من مضي أكثر من شهر على إثارة هذه الدعوى الاحتجاجية الجديدة فإن الحملة المضادة لتعرية تهافت ذرائع وحجج مثيريها مازالت متوالية ومستمرة بكل قوة فوق صفحات عدد كبير من الصحف المصرية وفي وسائل الإعلام وفي الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية الأخرى، ومازالت بيانات التنديد والاستنكار الجماعية والفردية ضد مصادرة "الليالي" في قاهرة المعز المعروفة بألف ليلة وليلة طوال عمرها الإسلامي الحافل بالإشعاعات الحضارية المبددة للظلام حتى في عصور ما قبل الكهرباء وهو الظلام الذي يحاول ان يقهر تلك الإشعاعات عبثا في عصر الكهرباء، مازالت مستمرة.
كانت حيثيات الحكم الذي أصدره القضاء المصري عام 1986 المعروف بنزاهته واستنارته خير رد على تهافت ذرائع مصادرة "ألف ليلة وليلة"، فهو لم يكتف بالاستشهاد برسالة الدكتوراه للراحلة سهير القلماوي الآنفة الذكر بل استشهد بما ورد من عبارات غزل في كتب تراثية عديدة لا تقارن في صراحتها بما ورد في "الليالي".
أكثر من ذلك فقد كان القاضي سيد محمود يوسف ليس ضليعا في القانون فحسب بل كان على درجة كبيرة من الثقافة العامة والذائقة الأدبية المستنيرة وهذا ما نتلمسه ضمن حيثيات حكمه عام .1986
"ومن حيث انه لما يؤكد ذلك ان مؤلف ألف ليلة وليلة كان مصدرا للعديد من الأعمال الفنية الرائعة ومنه استقى كبار الأدباء في العالم والعربي منه خاصة روائعهم الأدبية، الأمر الذي ينفي عنه مظنة اهاجة تطلع ممقوت أو الإثارة الشهوانية لدى قرائه إلا من كان مريضا تافها، وهو مما لا يحسب له حساب عند تقييم قيمة المطبوعات الأدبية الطبية".
لو أن أي شعب أو أمة من الأمم انتسب الى تراثها هذا الأثر الإبداعي الكبير الذي ألهم وأثرى خيال أجيال متعاقبة من المبدعين والكتّاب في العالم لما فتئوا يؤلفون آلاف الكتب افتخارا وتمجيدا به كآية من آيات عظمة حضارتهم، لا بل لخجل حتى التيار الظلامي المتشدد الحاكم في طهران من مصادرته، هو المعروف وسائر التيارات الفكرية بهوس وولع اعتزازهم القومي بكل أثر ايراني يحظى بشهرة عالمية غثا أم سمينا.. لكن لأننا نعيش في أشد عصورنا ظلامية كما يريد لنا روّاده ان نعيش من أوصياء الفضيلة والأخلاق الضيقي الأفق، فلا غرابة إذا ما ظهر بيننا من يزدري حضارته، وان يحاول عبثا التصدي لمن يحاول تسريب وإحياء إشعاعاتها من مخازن تراثنا العظيم الى الخارج لتسطع على ظلام الحاضر.



#رضي_السماك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس أسطول الحرية (2-2)
- دروس أسطول الحرية (1-2)
- جياع العالم.. والمقتدرون المقترون (2-2)
- حال أول بلد اشتراكي في العالم اليوم (1)
- التعددية في الأسرة الواحدة.. عبدالقدوس نموذجا
- مغزى الاحتفال الروسي بالانتصار على النازية (1)
- الطبقة العاملة.. همومها وعيدها
- كيف مر يوم المرأة العالمي؟
- الإرهاب بين روسيا والعراق
- المرأة والتجربة الديمقراطية الهندية
- من دروس الانتخابات العراقية
- هكذا أصبح حال الشعب الفلسطيني اليوم
- مجلس التعاون ودروس اغتيال المبحوح
- تلازم الإصلاحين السياسي والاقتصادي
- حقوق الإنسان العربي والإفلات من العقاب
- كيف أصبحت سويسرا في مواجهة الإسلام؟ (1 3)
- لكن الجوع صناعة رأسمالية
- الجمهوريات العربية وإشكالية التوريث
- تقرير جولدستون.. هل يتم إجهاضه مجددا؟
- أوباما و-نوبل-.. وآفاق التغيير


المزيد.....




- بايدن يرد على سؤال حول عزمه إجراء مناظرة مع ترامب قبل انتخاب ...
- نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق CNN في شو ...
- ليتوانيا تدعو حلفاء أوكرانيا إلى الاستعداد: حزمة المساعدات ا ...
- الشرطة تفصل بين مظاهرة طلابية مؤيدة للفلسطينيين وأخرى لإسرائ ...
- أوكرانيا - دعم عسكري غربي جديد وروسيا تستهدف شبكة القطارات
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- الشرطة تعتقل حاخامات إسرائيليين وأمريكيين طالبوا بوقف إطلاق ...
- وزير الدفاع الأمريكي يؤكد تخصيص ستة مليارات دولار لأسلحة جدي ...
- السفير الروسي يعتبر الاتهامات البريطانية بتورط روسيا في أعما ...
- وزير الدفاع الأمريكي: تحسن وضع قوات كييف يحتاج وقتا بعد المس ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضي السماك - والذين يزدرون حضارتهم